في تطور غير مسبوق منذ أكثر من ربع قرن، تشهد أسعار القهوة في الولايات المتحدة ارتفاعاً حاداً يهدد عادات المستهلكين اليومية وميزانياتهم، مع تسجيل أعلى قفزة سنوية منذ عام 1997، وسط ضغوط ناتجة عن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، واعتماد أمريكي شبه كامل على واردات القهوة من الخارج.
قفزة تاريخية في الأسعار
بحسب بيانات مؤشر أسعار المستهلك الصادرة الخميس، ارتفعت أسعار القهوة بالتجزئة في أغسطس 2025 بنسبة 21% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهي أكبر زيادة سنوية منذ أكتوبر 1997. كما قفزت الأسعار بنسبة 4% على أساس شهري، وهو أعلى معدل زيادة منذ 14 عاماً.
الرسوم الجمركية تشعل السوق
ترجع الزيادة الكبيرة في الأسعار جزئياً إلى الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب على واردات القهوة، في خطوة تستهدف الدول المصدرة الرئيسية، وتحديداً البرازيل، التي تُعد أكبر مصدر للقهوة إلى الولايات المتحدة.
وفرضت واشنطن رسوماً بنسبة 50% على القهوة البرازيلية، في خطوة سياسية مرتبطة بغضب ترامب من محاكمة الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، أحد أبرز حلفائه. كما شملت الرسوم:
10% على كولومبيا (ثاني أكبر مصدر)
20% على فيتنام (ثالث أكبر مصدر)
ويُذكر أن الولايات المتحدة تستورد نحو 99% من القهوة التي تستهلكها محلياً، وفقاً للرابطة الوطنية للقهوة.
شركات القهوة تدق ناقوس الخطر
بدأت الشركات الكبرى في تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين. فقد أعلنت شركة J.M. Smucker’s، المالكة لعلامات "Folgers" و"Café Bustelo"، أنها ستُجري ثالث زيادة في الأسعار هذا الشتاء، بعد زيادتين خلال مايو وأغسطس.
وفي نيو أورلينز، أقدمت سلسلة French Truck Coffee على فرض رسم إضافي بنسبة 4% على جميع الطلبات، لمواكبة ارتفاع التكاليف.
ستاربكس: التأثير مؤجل حتى 2026
في المقابل، قالت شركة ستاربكس إنها لم تشهد بعد التأثير الكامل لهذه الرسوم على تكاليفها، لكنها تتوقع ظهور التأثير تدريجياً حتى عام 2026، نظراً لآلية الشراء المتقدمة التي تعتمدها في شراء حبوب البن.
تحذيرات من موجة غلاء مستمرة
وقالت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في شركة KPMG، إن الرسوم الجمركية على القهوة "سترفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة" خلال الفترة المقبلة، مع انتقال التأثير الكامل إلى السوق الاستهلاكية.
هل نحن أمام أزمة طويلة الأمد؟
مع بقاء الطلب الأمريكي على القهوة مرتفعاً، واعتماد السوق بالكامل على الواردات، يُحذر محللون من أن موجة الغلاء الحالية قد تمتد لسنوات، خصوصاً في حال استمرار السياسة الحمائية والرسوم الجمركية في إدارة ترامب.