أكد وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري عبد السلام هيكل في لقاء مع CNBC عربية، أن بلاده بصدد الدخول في مرحلة جديدة من تطوير قطاع الاتصالات، عبر إطلاق مشاريع استراتيجية على مستوى البنية التحتية، تهدف إلى تحويل البلاد إلى نقطة اتصال محورية بين آسيا وأوروبا، وتوفير خدمات إنترنت فائقة السرعة للمواطنين والمؤسسات.
وقال الوزير إن مشروع "سلك لينك"، وهو المشروع الأضخم في تاريخ قطاع الاتصالات السوري، سيحوّل سوريا إلى ممر دولي بديل لنقل البيانات بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى أن المشروع أثار اهتمامًا واسعًا من كبرى شركات الإنترنت الإقليمية والعالمية. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن الشريك الرئيسي في المشروع خلال الأشهر القادمة.
وأوضح الوزير أن نقطة الإنزال الرئيسية للكابل ستكون في الساحل السوري، على أن يتم تمديده عبر الجغرافيا السورية نحو الحدود، ضمن رؤية استراتيجية لتحسين جودة الاتصال وتقليل زمن الاستجابة، ما يشكّل عنصرًا حيويًا لمستثمري تقنيات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في المنطقة.
مشروع "برق": الإنترنت إلى المنازل والمكاتب
وفي إطار البنية التحتية المحلية، أعلن الوزير عن قرب انطلاق تنفيذ مشروع "برق"، الهادف إلى إيصال الإنترنت فائق السرعة إلى 85% من المنازل والمؤسسات في سوريا خلال عامين. وقال إن المشروع سيبدأ على الأرض خلال أسابيع، ويعتمد على تقنيات الألياف الضوئية للوصول إلى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من العروض وصل للوزارة، بعضها من أكبر الشركات الإقليمية في قطاع الاتصالات، مؤكدًا أن المشروع سيعتمد على صيغة الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) لتسريع الإنجاز وضمان الكفاءة.
إصلاح البنية التحتية الخلوية بعد 15 عامًا من الجمود
أكد الوزير أن قطاع الاتصالات الخلوية في سوريا لم يشهد تطويرًا حقيقيًا منذ نحو 15 عامًا، في وقت شهد فيه العالم قفزة تقنية ضخمة. وقال: "ما كان يعد حداثة في 2011 أصبح اليوم بدائية. طريقة استخدام الإنترنت تغيرت، والبنية التحتية الحالية لا تواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين."
وشدد على أن الوزارة تعمل على إصلاح شامل في قطاع الاتصالات الخلوية والخدمات الثابتة بما يتلاءم مع التحول الرقمي العالمي، لتمكين المواطن السوري من الوصول إلى خدمات متقدمة تعتمد على الإنترنت عالي السرعة، سواء في التعليم أو الصحة أو الخدمات المصرفية.
لا مشغل ثالث حاليًا... ولكن مستقبل مفتوح
ورداً على سؤال حول إمكانية دخول مشغل ثالث إلى سوق الاتصالات السوري، أوضح الوزير أن البلاد ستستمر في الاعتماد على المشغّلين الحاليين خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن التركيز الآن منصب على تحسين جودة الخدمات وتوسيع التغطية.
بيئة داعمة لريادة الأعمال... ولكن التمويل ليس من الحكومة
وفي ما يخص دعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال، قال الوزير إن الوزارة تسعى إلى بناء منظومة متكاملة تدعم التأسيس والنمو، تشمل تهيئة البيئة التنظيمية، وإنشاء مسرّعات وحاضنات أعمال في الجامعات، وربطها بصناديق تمويل محلية ودولية.
لكنه أوضح أن الوزارة لن تموّل مباشرة هذه المشاريع، بل تعمل على تسهيل الربط بين المبتكرين والجهات التمويلية المناسبة.
لا أرقام رسمية... ولكن توقعات بنمو استثنائي
ورغم عدم وجود أرقام رسمية حول المساهمة المتوقعة للقطاع في الناتج المحلي، إلا أن الوزير أكد أن قطاع الاتصالات في سوريا مقبل على نمو استثنائي، بفعل المشاريع الإقليمية والمحلية قيد التنفيذ، والتي ستغير موقع سوريا على خريطة الإنترنت عالميًا.
وقال في ختام حديثه: "نحن نريد أن نعطي للشعب السوري البنية التحتية التي توازي قدراته وإبداعه. هذه المرحلة هي مرحلة تعويض، وإزالة المعوقات، وبناء مستقبل رقمي حقيقي."