قال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، إن القرارات الأخيرة المتعلقة بفرض رسوم جمركية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، تُعد فصلًا جديدًا من مشهد اقتصادي "عبثي" يُهدد الاستقرار العالمي، ويُعمّق من أزمة النمو والديون والتضخم.
وأوضح شعيب، خلال مداخلة هاتفية على قناة إكسترا نيوز، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض هذه الرسوم في إطار وعوده الانتخابية بخفض الضرائب، لكن النتائج جاءت عكسية، حيث فشلت الرسوم الجمركية داخليًا، وتسببت في تفاقم العجز في الميزانية الأمريكية، الذي تجاوز 1.4 تريليون دولار.
وأشار إلى أن الرسوم الجمركية التي استهدفت في البداية دولًا مثل الصين، كندا، والمكسيك، لم تكن بديلاً فعالًا للضرائب، بل أضافت أعباء جديدة على الاقتصاد العالمي، خاصة مع تزايد التضخم وتباطؤ معدلات النمو وضعف القوة الشرائية عالميًا.
حرب تجارية شاملة وديون قياسية
أكد شعيب أن ما نشهده اليوم هو حرب تجارية شاملة لها تأثيرات سلبية واسعة النطاق، موضحًا أن استمرار هذه السياسات يدفع نحو موجات جديدة من عدم اليقين الاقتصادي، ويزيد من تشدد مؤسسات التمويل والتأمين في تعاملاتها، مما يُفاقم من التضخم العالمي.
كما أشار إلى أن الديون العالمية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وفقًا لتقارير صندوق النقد الدولي، متجاوزة حاجز 316 تريليون دولار بنهاية عام 2024، متوقعًا أن تشهد رقمًا تاريخيًا جديدًا مع نهاية عام 2025.
الصين تبحث عن بدائل... والاقتصاد الصيني يتفوق
وعن موقف الصين، قال شعيب إن بكين نجحت في احتواء تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية، بل وحققت نموًا ملحوظًا في صادراتها، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الصيني تضاعف 18 مرة خلال آخر 24 عامًا، مقارنة بمرتين فقط في الاقتصاد الأمريكي خلال نفس الفترة.
وأضاف أن الصين بدأت في إعادة توجيه صادراتها إلى أسواق بديلة في إفريقيا وأوروبا، وتعمل على خفض الطاقات الإنتاجية لموازنة الأسعار والإنتاج، خاصة في ظل تراجع الطلب العالمي وتباطؤ النمو في بعض الأسواق.
وأوضح أن الصين تساهم بـ30% من الإنتاج الصناعي العالمي، في حين تساهم الولايات المتحدة بنسبة 15%، ما يجعل أي اضطراب في قدراتهما الإنتاجية يؤثر مباشرة على الاقتصاد العالمي بأكمله.
تبعات الرسوم تؤثر على الجميع
اختتم شعيب حديثه بالتأكيد على أن فرض الرسوم الجمركية بهذا الشكل يُعمّق من هشاشة الاقتصاد العالمي، ويُعيد العالم إلى حالة من اللايقين والتقلبات المتزايدة، محذرًا من أن هذه السياسات ليست إصلاحية بقدر ما هي محاولة لإحداث توازن مالي داخلي، يأتي على حساب استقرار الاقتصاد العالمي.