عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعا قصيرا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في بكين، في إشارة إلى قوة الروابط التي جمعتهما منذ اجتياح موسكو لأوكرانيا.
رحب شي بضيفه بوتين يوم الثلاثاء واصفا إياه بـ الصديق القديم. وأضاف أن العلاقات الصينية الروسية صمدت أمام اختبار تغير الظروف الدولية، معتبرا أنها نموذج جيد لـ حسن الجوار، والتنسيق الاستراتيجي الشامل، والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة.
وجه بوتين الشكر إلى شي على حفاوة الاستقبال التي حظي بها الوفد الروسي بأكمله، مضيفا أن التعاون الوثيق بين بلدينا يجسد الطابع الاستراتيجي للعلاقات الروسية الصينية التي وصلت إلى مستوى غير مسبوق.
اتفاق روسي–صيني بشان الغاز
بعد لقاء الزعيمين بوقت قصير، أفادت وكالة إنترفاكس أن أليكسي ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم، أعلن التوصل إلى اتفاق بشأن مشروع طال انتظاره، يقضي بتحويل إمدادات الغاز من الحقول التي كانت مخصصة لأوروبا لتتجه إلى الصين بدلا منها.
عمل شي وبوتين على دفع بلديهما إلى تقارب أوثق منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في مطلع عام 2022.
دبلوماسية العرض العسكري
يستغل شي اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون، إلى جانب عرض عسكري ضخم في العاصمة الصينية هذا الأسبوع، لتعزيز الروابط مع بوتين وزعماء عالميين آخرين، خصوصا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
يأتي هذا التحرك الدبلوماسي بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوما جمركية على صادرات دول عدة حول العالم، بما في ذلك الصين والهند.
تجني بكين وموسكو ثمار دفء العلاقات بينهما، فيما يواصل الاقتصاد الروسي مواجهة تداعيات العقوبات الغربية المفروضة عليها عقب غزوها لأوكرانيا.
سجل حجم التجارة الثنائية بين البلدين رقما قياسيا جديدا بلغ 245 مليار دولار في عام 2024، بزيادة نسبتها 68% مقارنة مع عام 2021، بحسب بيانات الجمارك الصينية.
يزور بوتين بكين لحضور عرض عسكري كبير بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية. وتأتي هذه الزيارة كرد للجميل بعد أن قام شي في وقت سابق من هذا العام بزيارة موسكو لحضور فعالية مشابهة إحياء لانتصار روسيا على النازيين. شارك جنود صينيون في عرض 9 مايو بالساحة الحمراء، ليشكلوا أكبر قوة أجنبية مشاركة فيه.
رواية مشتركة للحرب العالمية الثانية
كما حرص الزعيمان على توحيد روايتهما حول الحرب العالمية الثانية، بهدف إبراز إسهام بلديهما في المجهود الحربي، مع التقليل من شأن الدور الأميركي.
قال بوتين خلال لقائه مع شي يوم الثلاثاء إن قرار بلديهما إحياء ذكرى انتصاراتهما بشكل مشترك يحمل دلالة خاصة. وأضاف: إنها تكريم لإنجاز شعبينا-شعبي روسيا والصين- خلال الحرب العالمية الثانية، وتأكيد على الدور المحوري لبلدينا في تحقيق النصر في ميادين القتال بأوروبا وآسيا، ودليل على استعدادنا المشترك للدفاع عن الحقيقة التاريخية وإعلاء قيم العدالة.
أما الرواية التاريخية التي يروج لها بوتين- وتلقى انتقادات واسعة خارج روسيا- مفادها أن أوكرانيا ليست دولة ذات شرعية، وأن الروس والأوكرانيين شعب واحد.
كما حضر بوتين فعالية منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين القريبة من بكين خلال اليومين الماضيين. واستغل شي ذلك للتقارب مع أبرز حلفائه الدوليين.
يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة التوترات العالمية، مع اضطراب تدفقات التجارة الدولية جراء رسوم ترمب الجمركية، واستمرار اشتعال النزاعات الإقليمية.
انتقاد مبطن لواشنطن
ومن دون أن يسمي دولة بعينها، دعا شي منظمة شنغهاي للتعاون إلى التصدي لعقلية الحرب الباردة وصدامات المعسكرات، والممارسات التعسفية، في تلميح مبطن إلى ما تعتبره بكين أساليب قسرية تنتهجها الولايات المتحدة في حربها التجارية.
وخلال القمة، انتزع شي اتفاقا من الدول الشريكة على إنشاء بنك تنمية جديد. ورغم أن الصين لم تكشف عن مزيد من التفاصيل حول هذه المؤسسة، فإن الاتفاق يعد مكسبا لبكين، التي دأبت منذ عام 2010 على السعي لإنشاء مثل هذا البنك.