ترامب: الاحتياطي الفيدرالي فيه كثير من الطباخين


الاثنين 01 سبتمبر 2025 | 02:16 مساءً
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
وكالات

يرى الليبراليون في ولاية الرئيس دونالد ترمب الثانية كابوساً على الحوكمة بعدما هاجم المحاكم الاتحادية والجامعات الكبرى والصحافة وأقال رئيسة مكتب إحصاءات العمل.

أما مؤيدو ترمب في حملة ”لنعد لأميركا عظمتها"، فيرن أن ما يقوم به هو تصحيح طال انتظاره لنخب يقولون إنها تحكم قبضتها على السلطة دون تفويض ديمقراطي.

حتى وقت قريب، كانت الأسواق المالية غالباً ما تتجاهل هذا الأمر. على المدى القصير، يصعب عموماً تتبع الصلة بين المخاوف الطنانة بشأن حدود السلطة التنفيذية ومكاسب قطاع الأعمال. أما تلقي مسائل زيادات الرسوم وتخفيضات الضرائب وسلسلة اللوائح التنظيمية لمزيد من الاهتمام فهو أمر مفهوم.

الملاذات الآمنة ترتفع في آسيا وسط قلق بشأن استقلالية الفيدرالي

لكن هناك موقع واحد اصطدمت فيه قرارات الحوكمة مع مسار السوق وهو استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. في 25 أغسطس، نشر ترمب على موقع ”تروث سوشال“ (Truth Social) أنه يقيل ليزا كوك، إحدى محافظي الاحتياطي الفيدرالي، "بأثر فوري“.

يزعم ترمب أن إقرارات كوك في طلبات رهن عقاري قبل أن تصبح حاكمة تفي بمعيار سببية الطرد المنصوص عليه في قانون الاحتياطي الفيدرالي. أصدرت كوك بياناً عبر محاميها بأنها لن تستقيل. وبدأت الأسواق المالية تأخذ هذه الخطوة على محمل الجد، وهو ما نعتقد أنه ينبغي عليها فعله.

إذا تمكن ترمب من إجبار كوك على التنحي، فسيكون لديه أربعة معينين في مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويُرجح أن يقرب هذا اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تدريجياً من وجهة نظر ترمب القائلة بضرورة إقرار تخفيضات حادة في أسعار الفائدة. ولعل الأهم من ذلك، أنه سيفتح الباب أمام تهديدات جديدة دراماتيكية لاستقلال مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

في العام المقبل، سيُعاد تعيين جميع رؤساء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الاثني عشر. وتعين كل رئيس مجموعة فرعية من أعضاء مجلس إدارة مجلس الاحتياطي الفيدرالي التابع له، لكن يجب موافقة مجلس الإدارة في واشنطن على التعيينات.

بعبارة أخرى، فإن وجود أربعة مشاركين راغبين في مجلس إدارة واشنطن قد يمنح ترمب سيطرة قاطعة على لجنة الاحتياطي الفيدرالي بأكملها.

تاريخ الاستقلال

على مر عقود منذ عهد رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق بول فولكر -الذي كلفه الرئيس جيمي كارتر بترويض التضخم الجامح في نهاية السبعينيات- كان هناك احترام من الحزبين في الغالب لاستقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

السبب بسيط: إذا كان السياسيون هم من يحددون السياسة النقدية، فقد يغريهم أن يحفزوا الاقتصاد قبل الانتخابات، ويكون لسان حالهم يقول: استمتعوا بارتفاع معدلات التوظيف والنمو الآن، وتعاملوا مع التضخم المرتفع والتصحيحات المؤلمة في المستقبل. في مثل هذا الوضع، سيعاني الجميع باستثناء الساسة أصحاب التدخل.

بيل دادلي: "الفيدرالي" تحت الحصار.. لكنه سيصمد

هذا ما حدث في أوائل سبعينيات القرن الماضي، حين دعا الرئيس ريتشارد نيكسون -وهو ليس مثالاً يُحتذى في الحكم الرشيد- رئيس الاحتياطي الفيدرالي آرثر بيرنز لمساعدته في انتخابات عام 1972 من خلال إبقاء أسعار الفائدة منخفضة. نفذ بيرنز وعده وفاز نيكسون لكن التضخم استمر في الارتفاع.

بمساعدة كبيرة من تبعات الحظر النفطي العربي، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك نحو 15% في عام 1980. تطلب الأمر حزمة إجراءات تسمى صدمة فولكر -وركوداً اقتصادياً عميقاً- للسيطرة على مؤشر أسعار المستهلك.

لننتقل سريعاً إلى عام 2025، إذ تتعرض استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي لهجوم خطير. وصف ترمب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأنه "أحمق عنيد" و"غبي" و"خاسر كبير"، وطالب بخفض أسعار الفائدة بثلاث نقاط مئوية.

شاركه في الضغوط وزير الخزانة سكوت بيسنت ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت. ورُشح ستيفن ميران - الذي نشر ورقة بحثية تدعو إلى مزيد من مساءلة الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يعني تراجع استقلاليته؛ لمنصب محافظ، فيما تساهم محاولة إقالة كوك في توسع هذا التوجه وتضخيمه.