إشادات قوية من المؤسسات العالمية وصناديق الاستثمار الدولية عن أداء عبد الله
الرئيس عبدالفتاح السيسـي يجدد ثقته في حسن عبد الله محافظًا للبنك المركـزى
لماذا استمر حسن عبد الله محافظًا للبنك المركزي..؟«العقارية تجيب»
في لحظة فارقة تعكس ثقة القيادة السياسية واستقرار المؤسسات الاقتصادية في مصر، جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في 18 أغسطس 2025 بتجديد تكليف الدكتور حسن عبد الله محافظًا للبنك المركزي المصري لعام إضافي، هذا القرار لم يكن مجرد إجراء إداري اعتيادي، بل إشارة واضحة إلى نجاح السياسات النقدية التي قادها الرجل خلال الأعوام الماضية، وإلى الحاجة لاستمراره في إدارة ملفات شديدة الحساسية تمس حياة المواطن اليومية ومناخ الاستثمار على حد سواء.
عبد الله، الذي يوصف بأنه «رجل المهمات الصعبة» في القطاع المصرفي، بات يمثل ركيزة أساسية في مواجهة التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية، من تقلبات أسعار الصرف،إلى الضغوط التضخمية، وصولًا إلى إدارة الاحتياطيات النقدية والحفاظ على الثقة الدولية بالاقتصاد المصري، قرار التجديد الذي يعكس ثقة القيادة السياسية كما سبق الإشارة، استد أيضا إلى عدة عوامل وأسباب موضوعية تستعرضها العقارية في سياق السطور التالية.
القيادة السياسية تجدد الثقة فيه .. «عبدالله».. رجل المهام الصعبة
إعادة تمركز
يمكن القول إن حسن عبد الله أعاد تموضع البنك المركزي المصري في المشهد الدولي، وحوّله من مؤسسة تركز على الداخل فقط إلى لاعب نشط في النظام المالي العالمي هذه الشبكة من العلاقات لم تعزز فقط من ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، بل منحت البلاد أدوات عملية للتعامل مع أزماتها النقدية بمرونة أكبر. إنها واحدة من الركائز التي رسخت جدارة الرجل بالتمديد له في منصبه، وأظهرت أن الإدارة النقدية لا تنجح إلا حين تكون جزءًا من معادلة دولية أوسع.إعادة هيكلة السياسات النقدية والمالية
مجموعة تحديات
عندما تولى حسن عبد الله قيادة البنك المركزي المصري في أغسطس 2022، لم يكن المشهد الاقتصادي مجرد مجموعة من التحديات، بل كان أشبه بمفترق طرق شديد الحساسية والتعقيد، فكان الاقتصاد المصري يرزح تحت وطأة ضغوط مركّبة، نتجت عن تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على سلاسل الإمداد وعائدات السياحة، وتفاقمت بشكل حاد مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى صدمة عالمية في أسعار السلع الأساسية والطاقة. وجدت مصر نفسها في قلب هذه العاصفة، حيث ارتفعت فاتورة استيرادها بشكل هائل، وتزامن ذلك مع موجة من خروج «الأموال الساخنة» من الأسواق الناشئة بعد أن بدأت البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي، في رفع أسعار الفائدة بوتيرة متسارعة. انعكس هذا الواقع المرير في صورة مؤشرات مقلقة: تضخم جامح تجاوز في بعض الأشهر حاجز 35% وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وضغوط متزايدة على الجنيه المصري الذي كان يفقد قيمته في السوق الموازية بوتيرة تنذر بالخطر، وتراجع في تدفقات العملة الصعبة أدى إلى تراكم الطلبات المستحقة على المستوردين في البنوك.
استراتيجية استباقية
في مواجهة هذا المشهد، كانت الحاجة ملحّة إلى إعادة صياغة كاملة لفلسفة السياسة النقدية، والانتقال من نهج رد الفعل الدفاعي إلى استراتيجية استباقية متكاملة، هذا هو المسار الذي اختارته الإدارة الجديدة للبنك المركزي ، لم تكن الخطة مجرد إجراءات متفرقة، بل كانت رؤية شاملة تقوم على تصحيح الاختلالات الهيكلية واستعادة الثقة كهدف استراتيجي أسمى ، الركيزة الأولى في هذه الاستراتيجية كانت تحقيق التكامل والتنسيق التام مع صانعي السياسة المالية والقيادة السياسية. تم إدراك أن قرارات البنك المركزي لا يمكن أن تنجح في معزل؛ فرفع الفائدة لكبح التضخم يفقد جدواه إذا كانت السياسة المالية توسعية بشكل مفرط، وتحرير سعر الصرف يصبح أكثر خطورة دون وجود شبكة أمان اجتماعي قوية. لذلك، شهدت تلك الفترة مستوى غير مسبوق من التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية، سواء في إدارة الدين العام، أو في ضبط وتيرة المشروعات الحكومية، أو في توجيه الموارد نحو الأولويات القصوى، مما منح السوق والمستثمرين صورة واضحة ومطمئنة حول وجود رؤية اقتصادية موحدة للدولة.
الركيزة الثانية
الركيزة الثانية كانت تبني إطار عمل مرن وقادر على التكيف مع المتغيرات العالمية المتسارعة، لقد ولّى زمن السياسات النقدية الجامدة؛ فالعالم أصبح أكثر تقلبًا، والصدمات الخارجية أصبحت أكثر تواترًا، ومن هنا، تم التركيز على بناء المرونة داخل النظام الاقتصادي، لم يعد الهدف هو تثبيت سعر الصرف عند رقم معين، بل إدارته بمرونة تسمح له بامتصاص الصدمات.
ولم يعد الهدف هو القضاء التام على التضخم فورًا، بل إدارته بشكل تدريجي يعيد التوازن دون خنق النمو الاقتصادي. هذا النهج تطلب استخدامًا ذكيًا ومتنوعًا للأدوات المتاحة، فلم يقتصر الأمر على أداة الفائدة التقليدية، بل امتد ليشمل عمليات السوق المفتوحة، وإدارة السيولة المصرفية بدقة، وتطوير أدوات مالية جديدة.
كانت الفلسفة الجديدة هي أن قوة السياسة النقدية لا تكمن في عنادها، بل في قدرتها على التكيف، وهو ما ساعد على امتصاص جزء كبير من المخاوف التي كانت ترافق عادةً القرارات الاقتصادية الكبرى، ووضع الاقتصاد المصري على مسار تصحيحي استعاد به جزءًا كبيرًا من توازنه وثقة الأسواق.
من هو حسن عبد الله ..؟
تخرج في الجامعة الأمريكية وبنى سمعته كأحد أبرز المصرفيين من خلال رحلته التحويلية في البنك العربي الأفري الدولي
لعب دور قيادي في تنفيذ برامج الإصلاح المصرفي في مصر الذي استهدف معالجة تركة القروض المتعثرة وإعادة هيكلة القطاع المالي
قاد عملية الاستحواذ على بنك مصر أمريكا الدولي معلنا عن رؤية مصرفية جديدة تقودها كوادر مصرية تفكر خارج الصندوق
لم يكن وصول حسن عبد الله إلى منصب محافظ البنك المركزي المصري في أغسطس 2022 مجرد تغيير إداري روتيني، بل كان بمثابة إشارة واضحة على أن الدولة المصرية تتجه نحو مقاربة مختلفة وأكثر عمقًا للتعامل مع واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث، في تلك اللحظة الحرجة، التي اتسمت بضغوط غير مسبوقة على الجنيه، وتضخم جامح، وشح في العملة الصعبة، لم تكن هناك حاجة لمجرد موظف بيروقراطي، بل كانت الحاجة ماسة إلى شخصية تجمع بين الخبرة المصرفية العميقة، والفهم الدقيق للأسواق العالمية، والسمعة الموثوقة التي يمكن أن تبعث برسالة طمأنة إلى الداخل والخارج.. وقد جسد حسن عبد الله هذه المواصفات بدقة.
إن مسيرته المهنية الطويلة والغنية كانت بمثابة إعداد متواصل لهذه المهمة الصعبة ، تخرج في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبنى سمعته كأحد أبرز المصرفيين في مصر والمنطقة من خلال رحلته التحويلية في البنك العربي الأفريقي الدولي ،على مدى سنوات توليه منصب الرئيس التنفيذي، لم يكتفِ بإدارة البنك، بل قاده في عملية إعادة هيكلة شاملة، محولاً إياه من مؤسسة تقليدية إلى واحد من أكثر البنوك حداثة وابتكارًا في السوق المصرية، تحت قيادته، تبنى البنك أحدث التقنيات المصرفية، وركز على مفاهيم الحوكمة والاستدامة، ووسع من بصمته الدولية، مما أكسبه احترامًا واسعًا في الدوائر المالية المحلية والعالمية ،هذه التجربة منحته فهمًا عمليًا لا يقدر بثمن لكيفية إدارة المؤسسات المالية الكبرى في بيئة تنافسية، وكيفية الموازنة بين المخاطر والنمو.
تجربة «العربي الأفريقي»
حين نتأمل المسيرة المصرفية لحسن عبد الله قبل وصوله إلى منصب محافظ البنك المركزي المصري، سنجد أمامنا شخصية صنعت لنفسها تاريخًا ممتدًا من الإنجازات داخل القطاع المالي والبنكي، وتركزت معظمها في تجربة البنك العربي الأفريقي الدولي، الذي كان بمثابة المعمل الحقيقي الذي اختبر فيه عبد الله أدواته الإدارية وقدرته على صياغة سياسات مصرفية تتواءم مع التحولات المحلية والإقليمية والدولية، فمنذ أن التحق بالبنك في مطلع الثمانينيات عقب تخرجه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان واضحًا أن لديه طموحًا يتجاوز حدود الوظيفة التقليدية، إذ بدأ عمله في قطاع التداول، لكنه سرعان ما أظهر قدرة على قراءة الأسواق وإدارة المخاطر، ما أهّله للتدرج بسرعة لافتة حتى وصل إلى موقع المدير العام في أواخر التسعينيات، ثم أصبح نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي بحلول عام 2002.
المرحلة الأهم في تلك التجربة تمثلت في الدور القيادي الذي لعبه في تنفيذ أحد أبرز برامج الإصلاح المصرفي في مصر مطلع الألفية الجديدة، وهو البرنامج الذي استهدف معالجة تركة القروض المتعثرة وإعادة هيكلة القطاع المالي بما يجعله أكثر كفاءة وقدرة على الإقراض والنمو.
عصر جديد
عبد الله كان في قلب هذه العملية، واستطاع عبر موقعه في البنك العربي الأفريقي أن يحول التحديات إلى فرص للنمو، ففي عام 2005، قاد عملية استحواذ مصرفه على بنك مصر أمريكا الدولي، وهي الصفقة التي اعتُبرت الأولى من نوعها في القطاع الخاص المصرفي المصري، وأحدثت صدى واسعًا في سوق المال، حيث مثّلت بداية حقيقية لعصر الدمج والاستحواذ في الجهاز المصرفي ، هذه الخطوة لم تكن مجرد عملية استحواذ فنية، وإنما كانت إعلانًا عن رؤية مصرفية جديدة تقودها كوادر مصرية قادرة على التفكير خارج الصندوق.
ومع مرور السنوات، أثبت عبد الله أن نجاحه في هذه الصفقة لم يكن ضربة حظ، بل كان جزءًا من استراتيجية بعيدة المدى ، ففي عام 2015، عاد ليقود عملية استحواذ جديدة تمثلت في استحواذ البنك العربي الأفريقي الدولي على محفظة بنك سكوتيا الكندي في مصر، وهو ما عزز من مكانة المصرف في السوق المحلية وزاد من قدرته على المنافسة في محيط مصرفي بات أكثر انفتاحًا على الخارج وأكثر تنافسية، وفي كلتا التجربتين، أظهر عبد الله عقلية إدارية تقوم على المزج بين التحليل المالي العميق وفهم البيئة التشريعية والتنظيمية، إلى جانب مهارة التفاوض التي مكنته من إنجاز صفقات حساسة ومعقدة في أوقات دقيقة.
حضور دولي واسع
إلى جانب تجربته التنفيذية في البنك، كان لعبد الله حضور دولي واسع جعله أحد الوجوه المصرية البارزة في مجال الاستشارات المالية والمصرفية، فقد انضم إلى مجالس استشارية كبرى مثل المجلس الاستشاري لأسواق المال الناشئة التابع للمعهد الدولي للتمويل في واشنطن، كما كان له مقعد في المجلس الاستشاري لبورصة لندن لشؤون إفريقيا، إلى جانب أدوار مهمة في الاتحاد بين البنوك العربية والفرنسية في هونغ كونغ، فضلاً عن رئاسته للجنة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا التابعة للجمعية الدولية لأسواق رأس المال في زيورخ ، هذه المناصب لم تكن مجرد ألقاب بقدر ما كانت اعترافًا عالميًا بكفاءة مصرفي مصري قادر على تقديم إضافة فكرية وعملية في أسواق المال الدولية.
ولم يكتف عبد الله بمساره المصرفي والإقليمي، بل انفتح على المجال المجتمعي والاقتصادي الداخلي، حيث كان من المؤسسين لاتحاد رجال الأعمال الصغار المصريين، ومن المساهمين في تأسيس مجلس التنافسية القومي، كما أطلق مبادرة «ولاء لمصر» أو «We Owe It to Egypt» التي تحولت إلى منصة مجتمعية لدعم مشروعات التنمية وخدمة المجتمع ، وبهذا المعنى، لم يكن مصرفيًا تقليديًا بقدر ما كان يرى في دوره الاقتصادي بعدًا أوسع يشمل التنمية الشاملة ومساندة مبادرات الإصلاح الاجتماعي.
المستوى الأكاديمي
وعلى المستوى الأكاديمي، ظل عبد الله مرتبطًا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ تخرجه، ليس فقط كخريج بل كأستاذ مساعد وعضو في مجلسها الاستشاري لكلية إدارة الأعمال، ما جعله حلقة وصل بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي. وقد استفاد طلاب الجامعة من خبراته الميدانية في عالم المال، فيما استفاد هو من التواصل مع الأجيال الجديدة ومنحهم رؤية عن كيفية التعامل مع التحولات الاقتصادية في عالم متغير.
هكذا، قبيل توليه منصب محافظ البنك المركزي المصري في أغسطس 2022، كان حسن عبد الله قد راكم تجربة فريدة امتزج فيها العمق المصرفي المحلي بالحضور الدولي، مع خلفية أكاديمية متينة ووعي اجتماعي وتنموي، هذه العناصر مجتمعة جعلته الرجل الأنسب لقيادة مؤسسة محورية مثل البنك المركزي في واحدة من أكثر اللحظات الاقتصادية حساسية التي مرت بها مصر في العقود الأخيرة، وهو ما يفسر حجم الرهانات التي وُضعت على عاتقه فور إسناد المهمة إليه.
ثقة كبيرة ..ماذا قالت المؤسسات العالمية وصناديق الاستثمار الدولية عن حسن عبد الله؟
المؤساسات العالمية
على مدار العام الماضي، بروز «حسن عبد الله» بشكل ملحوظ على الساحة العالمية، ليس فقط كرئيس للبنك المركزي المصري بل كواجهة اقتصادية مؤثرة أثارت اهتمام المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار الكبرى التي استجابت لقيادته المتوازنة في وسط ظروف صعبة ومعقدة.
برز كواجهة اقتصادية مؤثرة أثارت اهتمام المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار الكبرى التي استجابت لقيادته المتوازنة
البداية الفعلية تمت خلال مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والمؤتمر السنوي للبنك الدولي في واشنطن في أبريل 2025 حيث التقى نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، نايجل كلارك، وناقشا مسار الإصلاحات الاقتصادية في مصر، في سياق البرنامج الاقتصادي المبرم بين الدولة وصندوق النقد.
وقد أشاد كلارك خلال هذه اللقاءات بـ إدارة مصر لتحدياتها الاقتصادية المتلاحقة، ووصف التزام الحكومة بجدية الإصلاحات بأنه رسالة واضحة تعكس رغبتها في الاستقرار الاقتصادي
هذا التقدير لم يكن فرديًا أو رمزياً، بل انعكس لاحقًا في ملاحظات الفريق التفتيشي لصندوق النقد عقب زيارته إلى القاهرة في مايو 2025 لمراجعة اتفاق الدعم البالغ 8 مليارات دولار، فقد أكد وفد الصندوق أن مصر أحرزت تقدمًا ملحوظًا نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، مع الالتزام بسياسات إصلاحية هامة في مجال الجمارك والضرائب.
نجاحه في بناء هذه الثقة الدولية لا يعود فقط إلى الجانب الفني من سياساته بل إلى جدارته في التعامل مع ملف النقد والتحديّات التى تواجهه
ولم يقتصر حضوره على المؤسسات المالية الكبرى، بل شملت مشاركاته اللقاءات الإقليمية المهمة، مثل لقاء محافظي البنوك المركزية العربية، حيث جدد التزام مصر بالانخراط الفعّال في اللجان والفرق العاملة، وعبر عن رؤيته للتكامل العربي الاقتصادي كعامل استقرار إضافي في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة.
نجاح «عبد الله» في بناء هذه الثقة الدولية لا يعود فقط إلى الجانب الفني من سياساته، بل إلى جدارته في التعامل مع ملف النقد والتحديّات التى تواجهه، واستعادة ثقة الخارج، وزخمه الداخلي، وتقديم قراءة واضحة تعكس النية بالإصلاح والتفاوض البنّاء مع المصادر الدولية ،أمام هذه الصورة، تبدو المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنوك الاستثمارية الكبرى، والمؤسسات المالية الإقليمية لا تتعامل فقط مع محافظ بنك مركزي، بل مع رجل وصل إلى ذروة توازن سياسته بين الداخل والخارج وسط عواصف اقتصادية.
واتساقا مع ما سبق، يمكن القول بأن نجاح حسن عبد الله في إدارة الملف الاقتصادي في فترة تعد هي الأصعب في تاريخ مصر وفقا لتوجيهات القيادة السياسية ارتكز على عدة عناصر نجح فيها بامتياز.. تستعرضهم «العقارية» فيما يلي:
مبادلة العملات
في خضم أزمة شح الدولار العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصادات الناشئة، برزت استراتيجية أنظمة مبادلة العملات، كأحد الحلول المبتكرة التي تبناها البنك المركزي المصري لتجاوز عقبة الاعتماد الكلي على الدولار في تسوية التجارة الخارجية ،ولم تكن هذه الخطوة مجرد إجراء فني أو مالي، بل كانت تحولًا استراتيجيًا يعكس فهمًا عميقًا للتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعيد تشكيل النظام المالي العالمي.
ومع تصاعد التوترات الدولية والاتجاه العالمي نحو تقليل هيمنة الدولار أو ما يُعرف بـ «De-dollarization»، وجدت مصر فرصة سانحة لتنويع خياراتها المالية وتخفيف الضغط الهائل الذي كان يفرضه نقص العملة الأمريكية على احتياطياتها النقدية وعلى السوق المحلي. كانت الفكرة بسيطة في جوهرها ولكنها عميقة في تأثيرها: إبرام اتفاقيات ثنائية مع الشركاء التجاريين الرئيسيين تسمح بتسوية المبادلات التجارية باستخدام العملات المحلية لكلا البلدين مباشرة، متجاوزين بذلك الحاجة إلى الدولار كوسيط.
بدأ البنك المركزي في تفعيل هذه الآلية بشكل جاد، حيث تم توقيع اتفاقيات وإجراء محادثات متقدمة مع دول ذات ثقل تجاري كبير لمصر، مثل الصين، روسيا، الهند، وتركيا، بالإضافة إلى بعض الشركاء في المنطقة. على سبيل المثال، سمحت اتفاقية مبادلة العملات مع دولة الإمارات العربية المتحدة بتسهيل التجارة والاستثمار بين البلدين، بينما فتحت المباحثات مع الصين الباب أمام تسوية جزء من الواردات المصرية الضخمة باليوان الصيني. الهدف من هذه الخطوات كان متعدد الأبعاد. أولًا، تحقيق تخفيف فوري ومباشر للضغط على طلب الدولار في السوق المحلي، فكل صفقة تتم بالعملات المحلية تعني توفيرًا في رصيد الدولار الذي يمكن توجيهه لسداد التزامات أخرى أكثر إلحاحًا، مثل خدمة الدين الخارجي أو استيراد سلع استراتيجية لا يمكن الحصول عليها إلا بالدولار. ثانيًا، كان الهدف هو تقليل تعرض الاقتصاد المصري لتقلبات السياسة النقدية الأمريكية؛ فعندما يرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، ترتفع تكلفة الدولار عالميًا وتزيد الضغوط على الجنيه، لكن الاعتماد على سلة متنوعة من العملات يقلل من حدة هذه الصدمات.
الأثر الأعمق لهذه الاستراتيجية تمثل في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع هؤلاء الشركاء. ف اتفاقيات مبادلة العملات ليست مجرد أداة مالية، بل هي رسالة ثقة متبادلة وإعلان عن شراكة استراتيجية طويلة الأمد. وقد ساهمت هذه الخطوات في منح الاقتصاد المصري متنفسًا حقيقيًا خلال فترات كانت فيها تدفقات الدولار تواجه تحديات كبيرة. لقد كانت هذه الآلية بمثابة صمام أمان سمح باستمرار تدفق التجارة دون استنزاف كامل للاحتياطيات. ورغم أن حجم التجارة التي تمت تسويتها عبر هذه الأنظمة لا يزال يمثل نسبة من إجمالي التجارة الخارجية لمصر، إلا أن أهميتها تكمن في كونها بداية لتأسيس بنية تحتية مالية بديلة وأكثر مرونة. لقد أثبتت هذه التجارة أن مصر قادرة على الابتكار في أدواتها المالية، وأنها لا تنتظر الحلول من الخارج فقط، بل تسعى بفاعلية لخلق مسارات جديدة تخدم مصالحها الوطنية وتتواكب مع التحولات الكبرى في الاقتصاد العالمي، مما يقلل من المخاطر ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي.
الاحتياطي النقدي
مثل الاحتياطي النقدي الأجنبي خط الدفاع الأول عن الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات الخارجية، إلا أن هذا الخط تعرض لضغوط غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة ، فمع تراكم التزامات خدمة الدين الخارجي، وارتفاع فاتورة الاستيراد، وتذبذب تدفقات النقد الأجنبي من مصادرها التقليدية كالسياحة وتحويلات المصريين بالخارج، أصبح الحفاظ على مستوى آمن ومستقر من الاحتياطي هو التحدي الأكبر والأكثر إلحاحًا على طاولة صانع السياسة النقدية ، لم تعد المقاربة التقليدية المتمثلة في التركيز على الرقم الإجمالي للاحتياطي كافية؛ فجودة الاحتياطي وتكوينه أصبحت لا تقل أهمية عن حجمه. من هنا، تبنت إدارة البنك المركزي الجديدة استراتيجية شاملة لإعادة هندسة إدارة الاحتياطي، تقوم على محورين أساسيين: الحفاظ على استقراره، وتنويع مكوناته ومصادره بشكل استراتيجي.
على صعيد الحفاظ على الاستقرار، نجح البنك المركزي في الحفاظ على رقم الاحتياطي عند مستويات تقارب 45 مليار دولار، وهو رقم يعكس استقرارًا نسبيًا وقدرة على الصمود في وجه التحديات العالمية، خاصة عند مقارنته بالانخفاضات الحادة التي أثارت قلق الأسواق في فترات سابقة. لكن الأهم من الرقم هو كيفية إدارته ، فبدلاً من استنزافه بشكل عشوائي للدفاع عن سعر صرف مصطنع، تم توجيه استخدام الاحتياطي بحكمة نحو الأولويات القصوى، مثل سداد الالتزامات الخارجية الحتمية وضمان استيراد السلع الاستراتيجية، مع ترك سعر الصرف لآليات السوق المرنة لامتصاص الصدمات. هذه الإدارة الرشيدة كانت أحد أسرار استقرار الاحتياطي، حيث لم يعد يُستخدم كمسكّن مؤقت، بل كأداة استراتيجية تُستخدم عند الضرورة القصوى.
المحور الثاني والأكثر أهمية كان تنويع مكونات الاحتياطي ، لعقود طويلة، هيمن الدولار الأمريكي على سلة عملات الاحتياطي المصري، وهو ما جعل الاقتصاد شديد الحساسية تجاه السياسة النقدية الأمريكية وقيمة الدولار عالميًا.
إدراكًا لهذه المخاطر، تبنى البنك المركزي سياسة جديدة تهدف إلى تخفيف هذا الاعتماد المفرط، عبر إدخال عملات أخرى ذات ثقل في التجارة العالمية إلى مكونات الاحتياطي. تم بالفعل إضافة اليوان الصيني، والين الياباني، والروبل الروسي، وعملات أخرى إلى جانب الدولار واليورو. هذا التحول لم يكن مجرد عملية فنية، بل كان قرارًا استراتيجيًا يتماشى مع التوجهات العالمية نحو نظام نقدي أكثر تعددية. فمع صعود قوى اقتصادية كبرى تبحث عن تقليل هيمنة الدولار، وجدت مصر أن الوقت مناسب لبناء احتياطي أكثر توازنًا ومرونة، قادر على تحمل الصدمات القادمة من اتجاهات مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تم رفع وزن الذهب في مكونات الاحتياطي، إيمانًا بدوره التاريخي كملاذ آمن وضمانة للاستقرار في أوقات الاضطرابات العالمية. فالذهب لا يرتبط بسياسات أي دولة، وقيمته الجوهرية توفر شبكة أمان لا يمكن تجاهلها. هذه السياسة المتكاملة لإدارة الاحتياطي أرسلت رسالة ثقة قوية إلى الداخل والخارج، مفادها أن البنك المركزي لا يدير الأزمة الحالية فقط، بل يبني حصونًا للمستقبل، مما عزز من الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على الصمود والتعافي.
سعر الصرف
لعل الملف الأكثر تعقيدًا وحساسية الذي واجه الاقتصاد المصري على مدى سنوات هو ملف سعر الصرف ، لقد عانت السوق لفترة طويلة من تشوه هيكلي عميق تمثل في وجود سعرين للعملة: سعر رسمي تحدده البنوك، وسعر موازٍ (أو سوق سوداء) يعكس قوى العرض والطلب الحقيقية، وكانت الفجوة بينهما تتسع بشكل خطير ، هذا التشوه لم يكن مجرد مشكلة رقمية، بل كان سرطانًا ينهش في جسد الاقتصاد؛ فقد أدى إلى شل حركة الاستيراد، حيث عجز المستوردون عن تدبير العملة من القنوات الرسمية، وأجج المضاربات، وشجع على «الدولرة» حيث فضل الأفراد والشركات الاحتفاظ بالدولار بدلاً من الجنيه، والأهم من كل ذلك أنه أفقد المستثمرين الأجانب أي ثقة في السوق، فلا يمكن لأي مستثمر أن يدخل أمواله إلى بلد لا يعرف بأي سعر سيتمكن من إخراجها ، كانت هذه الأزمة هي الاختبار الحقيقي لجدية أي برنامج إصلاحي، وكان التعامل معها يتطلب شجاعة سياسية وقرارًا حاسمًا.
جاء القرار الجوهري والحاسم في مارس 2024، حين أعلن البنك المركزي عن تحرير كامل لسعر الصرف، ليتحدد وفقًا لآليات السوق. لم يكن هذا القرار مجرد تخفيض لقيمة العملة كما حدث في مرات سابقة، بل كان تحولًا فلسفيًا في إدارة السياسة النقدية، تزامن هذا القرار مع رفع استثنائي لأسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس في اجتماع واحد، في رسالة واضحة وقوية بأن البنك المركزي جاد في كبح جماح التضخم وسحب السيولة الفائضة من السوق التي كانت تغذي المضاربة. الأثر كان فوريًا وصادمًا. في غضون أيام، اختفت السوق الموازية للدولار بشكل شبه كامل، حيث لم يعد هناك أي مبرر لوجودها بعد أن أصبح السعر في البنك هو نفسه السعر في السوق. وقد أكدت تقارير مصرفية دولية هذا النجاح، بل وذهبت تحليلات لمؤسسات مرموقة مثل جولدمان ساكس إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أشارت إلى أن الخطوة كانت ناجحة لدرجة أن الجنيه المصري أصبح يُتداول في السوق بأقل من قيمته الحقيقية، وهي إشارة قوية إلى أن السوق قد تجاوز مرحلة الذعر وبدأ في البحث عن نقطة توازن جديدة.
إدارة سعر الصرف لم تنتهِ عند قرار التحرير، بل بدأت مرحلة جديدة أكثر دقة وهي مرحلة «الإدارة المرنة».. فالبنك المركزي لم يتخلَ عن دوره في السوق، بل تحول دوره من التحكم المباشر في السعر إلى «التدخل الذكي» لمنع التقلبات الحادة وغير المبررة. ففي الأيام التي تلت القرار، شهد الجنيه تقلبات حادة، وكان دور البنك المركزي هو توفير السيولة عند الحاجة لمنع المضاربات التي تستهدف خلق حالة من الهلع، وفي الوقت نفسه السماح للسعر بالتحرك صعودًا وهبوطًا ليعكس التدفقات الحقيقية. هذه السياسة منعت انفلات الدولار وأرست قواعد سوق ذات اتجاهين، وهو شرط أساسي لعودة المستثمرين الأجانب. لقد كان هذا القرار بمثابة جراحة ضرورية، مؤلمة في آثارها التضخمية قصيرة المدى على المواطنين، لكنها كانت السبيل الوحيد لاستعادة صحة الاقتصاد، والقضاء على أخطر التشوهات التي أعاقت نموه، وإرسال رسالة لا لبس فيها إلى العالم بأن مصر ماضية بجدية في مسار إصلاحي شامل ومستدام.
الودائع الخليجية
شكّلت الودائع الخليجية، القادمة من دول شقيقة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، على مدى عقود طويلة، أحد أهم روافد الدعم المالي للاقتصاد المصري، ولعبت دورًا حيويًا في تعزيز الاحتياطي النقدي في أوقات الأزمات. لكن الفلسفة التي حكمت التعامل مع هذه الودائع كانت غالبًا ما تنظر إليها كأداة قصيرة المدى لتحقيق الاستقرار، أي كـ «أموال مجمدة» في خزائن البنك المركزي يتم استخدامها لتعزيز رقم الاحتياطي بشكل مؤقت أو لسد فجوات تمويلية عاجلة. ورغم أهمية هذا الدور، إلا أن الإدارة الجديدة للبنك المركزي، بالتنسيق مع القيادة السياسية، أدركت أن هذا النموذج لم يعد مستدامًا، وأن الوقت قد حان للانتقال من منطق «الدعم» إلى منطق «الشراكة الاستثمارية» طويلة الأمد. كانت الرؤية الجديدة هي تحويل هذه الموارد المالية الضخمة من مجرد أرقام في دفاتر الدين الخارجي إلى محركات فعلية للاقتصاد الحقيقي.
بدأت هذه الاستراتيجية الطموحة بالتحرك على مسارين متوازيين. المسار الأول كان إعادة هيكلة الودائع القائمة بالفعل. فبدلاً من تركها كودائع قصيرة الأجل تزيد من أعباء خدمة الدين، تم التفاوض مع الشركاء الخليجيين لتحويلها إلى ودائع متوسطة وطويلة الأجل، وهو ما خفف الضغط على ميزان المدفوعات ومنح الاقتصاد المصري أفقًا زمنيًا أوسع لإدارة التزاماته. لكن الخطوة الأهم كانت في المسار الثاني، وهو توجيه التدفقات الجديدة وجزء من الودائع القائمة نحو استثمارات مباشرة في شرايين الاقتصاد المصري. تم ذلك عبر تنسيق رفيع المستوى مع الصناديق السيادية الخليجية الكبرى، مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) وجهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) وشركة القابضة (ADQ). هذه الصناديق لم تعد تكتفي بتقديم الدعم المالي، بل أصبحت تبحث عن فرص استثمارية واعدة في مصر، مدفوعة بعمق العلاقات الاستراتيجية وبالإصلاحات الاقتصادية التي جعلت المناخ الاستثماري أكثر جاذبية.
ترجم هذا التوجه إلى صفقات استثمارية كبرى في قطاعات استراتيجية ذات أولوية للدولة المصرية. تم توجيه استثمارات ضخمة إلى قطاعات مثل الطاقة المتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر الذي تمتلك فيه مصر مزايا تنافسية فريدة، وقطاع البنية التحتية، بما في ذلك تطوير الموانئ والمناطق اللوجستية، بالإضافة إلى قطاعات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا المالية والعقارات. لم تكن هذه مجرد استثمارات مالية، بل كانت استثمارات تنموية تهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على توليد عملة صعبة بشكل ذاتي ومستدام، وخلق فرص عمل جديدة، ونقل التكنولوجيا والخبرات الإدارية.
وقد رحبت المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد والبنك الدولي، بهذا التحول، واعتبرته خطوة ذكية تعزز من قدرة الاقتصاد على النمو الذاتي وتقلل من اعتماده على القروض التقليدية. لقد نجحت هذه السياسة في تعميق الشراكة المصرية-الخليجية، محولة إياها من علاقة «دائن ومدين» إلى علاقة «شركاء في التنمية والمستقبل»، وأثبتت أن الإدارة الحكيمة للموارد الخارجية يمكن أن تخلق قيمة مضافة تتجاوز بكثير مجرد الدعم المالي المؤقت.
بيئة جاذبة للاستثمار
لم يكن الهدف من الإصلاحات النقدية والمالية مجرد تحقيق الاستقرار الداخلي، بل كان الهدف الأسمى هو إعادة وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية كوجهة جاذبة وموثوقة لرأس المال الأجنبي. لقد أدرك صانعو السياسة أن النمو الاقتصادي المستدام لا يمكن أن يعتمد فقط على الموارد المحلية، وأن الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) هو المحرك الرئيسي لنقل التكنولوجيا، وخلق فرص عمل نوعية، وزيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية. لكن جذب هذا النوع من الاستثمار كان يواجه تحديات هيكلية عميقة، أبرزها على الإطلاق هو عدم استقرار سعر الصرف ووجود سوق موازية، بالإضافة إلى التحديات البيروقراطية. لذلك، كانت استراتيجية جذب الاستثمار الأجنبي تقوم على معالجة هذه التحديات من جذورها، وكان استقرار السياسة النقدية هو حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية.
في مارس 2024 أعلن البنك تحرير كامل لسعر الصرف و كان تحولًا فلسفيًا في إدارة السياسة النقدية
كان قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024 هو الرسالة الأقوى والأكثر وضوحًا التي أرسلتها مصر إلى مجتمع الاستثمار العالمي. فهذا القرار لم يعالج فقط مشكلة توفر العملة، بل قضى على أكبر مصدر لعدم اليقين كان يواجه أي مستثمر أجنبي. فمع وجود سعر صرف مرن وموحد، أصبح بإمكان المستثمرين تقييم تكاليف مشروعاتهم وأرباحهم المستقبلية بوضوح، والأهم من ذلك، أصبحوا على ثقة من قدرتهم على تحويل أرباحهم إلى الخارج دون قيود. هذا الإجراء وحده كان كفيلاً بتغيير نظرة الكثير من الشركات العالمية وصناديق الاستثمار التي كانت تتردد في دخول السوق المصرية. وقد تزامن ذلك مع إصلاحات هيكلية أخرى عملت عليها الحكومة، مثل تبسيط إجراءات التراخيص وتفعيل «الرخصة الذهبية» التي تمنح للمشروعات الاستراتيجية، بالإضافة إلى المضي قدمًا في برنامج الطروحات الحكومية الذي يهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
بدأت ثمار هذه السياسات تظهر بشكل ملموس. شهدت الفترة التي تلت الإصلاحات تدفقات استثمارية كبيرة، لم تقتصر على الشركاء التقليديين في الخليج، بل امتدت لتشمل استثمارات من قوى اقتصادية كبرى في أوروبا وآسيا. أبدت شركات ألمانية اهتمامًا كبيرًا بالاستثمار في قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر. كما واصلت الشركات الصينية توسعها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مستفيدة من موقع مصر الاستراتيجي كبوابة لأفريقيا وأوروبا. بالإضافة إلى ذلك، عادت صناديق الاستثمار الدولية تدريجيًا إلى الاستثمار في أدوات الدين المصرية، مدفوعة باستقرار سوق الصرف والعوائد التنافسية. أشارت تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني مثل موديز وفيتش إلى أن مصر أظهرت إشارات إيجابية في إدارة المخاطر، وهو ما انعكس في استقرار نسبي في شهية المستثمرين الأجانب. هذا الانعكاس لم يكن مجرد أرقام في ميزان المدفوعات، بل ترجم إلى نمو اقتصادي حقيقي، حيث ساهمت هذه التدفقات في تمويل مشروعات كبرى، وزيادة الإنتاج المحلي، وتعزيز القاعدة التصديرية للاقتصاد المصري، مؤكدة أن استقرار سعر الصرف لم يكن هدفًا في حد ذاته، بل كان الوسيلة الأكثر فاعلية لفتح أبواب الاقتصاد المصري أمام العالم.
الفائدة والسيولة والتضخم
في قلب معركة البنك المركزي لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وقفت أداة سعر الفائدة كسلاح رئيسي وحاسم في مواجهة التحدي الأكبر: كبح جماح التضخم. لقد وصل التضخم إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة منذ عقود، مدفوعًا بمزيج من العوامل الخارجية مثل ارتفاع أسعار السلع عالميًا، والعوامل الداخلية المتمثلة في انخفاض قيمة العملة. هذا التضخم المرتفع لم يكن مجرد رقم في التقارير الاقتصادية، بل كان يمثل تآكلًا حقيقيًا في القوة الشرائية للمواطنين وتهديدًا للاستقرار الاجتماعي، كما أنه خلق بيئة من عدم اليقين أضرت بالاستثمار. لذلك، كان لزامًا على السياسة النقدية أن تتبنى موقفًا متشددًا وحاسمًا، وكان رفع أسعار الفائدة هو الخيار الاستراتيجي لتحقيق ذلك، ولكن مع مراعاة دقيقة للتوازن المطلوب بين السيطرة على الأسعار وعدم خنق النشاط الاقتصادي.
لجأت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي إلى سلسلة من قرارات رفع الفائدة، كان أبرزها وأكثرها جرأة هو الرفع الاستثنائي بمقدار 600 نقطة أساس في مارس 2024، والذي تزامن مع تحرير سعر الصرف. لم يكن هذا القرار عشوائيًا، بل كان يهدف إلى تحقيق عدة أهداف متكاملة. الهدف الأول والمباشر كان سحب السيولة الزائدة من السوق، والتي كانت أحد المحركات الرئيسية للطلب المفرط والمضاربة على الدولار. ثانيًا، كان الهدف هو جعل الجنيه المصري وعاءً ادخاريًا جاذبًا، فعبر تقديم عائد حقيقي إيجابي (أو أقل سلبية) على المدخرات بالجنيه، يتم تشجيع الأفراد والشركات على الاحتفاظ بالعملة المحلية بدلاً من الاندفاع نحو «الدولرة» أو الأصول الأخرى للحفاظ على قيمة مدخراتهم. الهدف الثالث كان ذا طبيعة خارجية، وهو جذب «الأموال الساخنة» أو استثمارات المحافظ المالية الأجنبية التي تبحث عن عوائد مرتفعة في أسواق الدين الناشئة. هذه الأموال، رغم أنها قصيرة الأجل، إلا أنها توفر تدفقًا سريعًا من العملة الصعبة يساعد على استقرار سوق الصرف في المراحل الأولى الحرجة بعد التحرير.
لكن استخدام أداة الفائدة لم يكن يخلو من تحديات. فكل زيادة في أسعار الفائدة تعني ارتفاع تكلفة الاقتراض على الشركات والقطاع الخاص، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ الاستثمار والنمو الاقتصادي.
هنا برزت حكمة صانع السياسة النقدية في تحقيق التوازن الدقيق. لم يكن الرفع مستمرًا وعشوائيًا، بل كان مدروسًا ويتم تقييمه في كل اجتماع للجنة السياسة النقدية بناءً على البيانات والمؤشرات الاقتصادية المتاحة. اتسمت قرارات اللجنة وقنوات اتصالها بالشفافية، حيث كانت تصدر بيانات مفصلة تشرح أسباب قراراتها، وهو ما أضفى قدرًا كبيرًا من المصداقية على سياسات البنك المركزي وساعد في «إدارة توقعات» السوق. لقد أدركت الإدارة الجديدة أن المعركة ضد التضخم ليست مجرد إجراءات فنية، بل هي أيضًا معركة نفسية لكسب ثقة المواطنين والمستثمرين. وبهذا النهج المتوازن، استطاع البنك المركزي استخدام أداة الفائدة بفاعلية ليس فقط لمطاردة التضخم، بل أيضًا لإعادة ضبط إيقاع السوق، وتحقيق التوازن الدقيق بين متطلبات الاستقرار المالي ومتطلبات النمو الاقتصادي.
البنية التحتية
لم تكن رؤية البنك المركزي للإصلاح تقتصر على المؤشرات الكلية مثل سعر الصرف والتضخم، بل امتدت لتشمل تطوير البنية التحتية للقطاع المالي نفسه، إدراكًا بأن جهازًا مصرفيًا حديثًا وفعالًا هو العمود الفقري لأي اقتصاد قوي ومستدام ، في هذا السياق، برز ملفان رئيسيان على أجندة العمل: الأول هو تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط المصرفي، والثاني هو تسريع وتيرة التحول الرقمي والشمول المالي. لقد كان من الواضح أن المستقبل للجهاز المصرفي الذي يتبنى التكنولوجيا، ويوسع قاعدة عملائه، ويشجع المنافسة والابتكار. ومن هنا، انطلقت استراتيجية شاملة تهدف إلى دفع القطاع المصرفي المصري نحو عهد جديد من الكفاءة والانتشار.
على صعيد تعزيز دور القطاع الخاص، كانت هناك رؤية واضحة تهدف إلى زيادة حصة القطاع الخاص المصرفي في السوق لتصل إلى ما بين 65% و70%، وذلك إيمانًا بأن المنافسة تؤدي إلى تحسين جودة الخدمات وخفض تكلفتها، وتشجع على الابتكار. تم تحقيق ذلك عبر مسارين: الأول هو برنامج الطروحات الحكومية الذي شمل بيع حصص في بنوك مملوكة للدولة لمستثمرين استراتيجيين، وهو ما يضخ دماء جديدة في إدارة هذه البنوك ويعزز من حوكمتها. المسار الثاني كان تشجيع التوسع الإقليمي للبنوك المصرية، سواء كانت خاصة أو عامة، عبر فتح فروع جديدة في الأسواق الواعدة في الخليج وأفريقيا. هذا التوسع لم يهدف فقط إلى تحقيق أرباح، بل إلى خدمة التجارة الخارجية المصرية، وتسهيل تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتعزيز مكانة مصر كمركز مالي إقليمي.
أما على صعيد الرقمنة، فقد كانت الطفرة التي شهدها القطاع غير مسبوقة ،أدرك حسن عبد الله منذ اليوم الأول أن مصر لا يمكن أن تبقى أسيرة للنظم الورقية التقليدية ، وعليه، أطلق البنك المركزي سياسات تشجيعية قوية للبنوك لزيادة إصدار بطاقات الائتمان والخصم المباشر، وهو ما أدى إلى ارتفاع أعداد البطاقات المصدرة بأكثر من 20% في عام 2024 وحده ، لكن التحول الأعمق كان في التوسع الهائل في استخدام المحافظ الإلكترونية على الهواتف المحمولة، والتي قفز عددها ليتجاوز 40 مليون محفظة نشطة. هذه المحافظ لم تعد مجرد أداة لدفع الفواتير، بل أصبحت بوابة لملايين المصريين، خاصة في المناطق الريفية والنائية، للدخول إلى النظام المالي للمرة الأولى، والحصول على خدمات الإقراض الصغير والتسوق عبر الإنترنت. لم تكن الرقمنة مجرد خيار تقني، بل استراتيجية اقتصادية متكاملة تهدف إلى دمج الاقتصاد غير الرسمي، وتعزيز الحصيلة الضريبية، وزيادة كفاءة الدولة. وقد حظيت هذه الجهود بإشادة دولية، حيث اعتبرت مؤسسة التحالف من أجل الشمول المالي (AFI) التجربة المصرية نموذجًا رائدًا في المنطقة، مؤكدة أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد رقمي شامل ومستدام.
دعم التجارة
في نهاية المطاف، لا تقاس نجاحات السياسة النقدية فقط بالأرقام والمؤشرات الكلية، بل بمدى انعكاسها على حياة المواطنين والشركات، أي على القطاع العائلي وقطاع الأعمال، من هذا المنطلق، أولت استراتيجية البنك المركزي اهتمامًا خاصًا بمحورين حيويين: الأول هو ضمان استمرار دوران عجلة التجارة الخارجية، والثاني هو إعادة بناء وتعزيز ثقة الأسر المصرية في الجهاز المصرفي. لقد تم إدراك أن الثقة هي العملة الأغلى في أي اقتصاد، وأن استعادتها هي الضمانة الحقيقية للاستقرار على المدى الطويل. لذلك، تم تصميم سياسات محددة لخدمة هذين الهدفين، لتشكل جسرًا يربط بين قرارات السياسة النقدية الكبرى والواقع اليومي للمجتمع.
على صعيد دعم التجارة الخارجية، كانت الأزمة الأكبر التي تواجه المستوردين والمصدرين هي عدم توفر العملة الصعبة وتقلبات سعر الصرف. بعد قرار تحرير سعر الصرف، أصبح الدور المحوري للجهاز المصرفي هو توفير السيولة الدولارية اللازمة لقطاع الأعمال بشفافية وكفاءة. أعطى البنك المركزي تعليمات واضحة للبنوك بإعطاء الأولوية القصوى لتمويل استيراد السلع الأساسية والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج التي يعتمد عليها القطاع الصناعي والزراعي. هذه السياسة، رغم أنها فرضت قيودًا على استيراد السلع غير الضرورية، إلا أنها كانت حيوية لضمان استمرار عمل المصانع وتوفر السلع الأساسية في السوق، وهو ما ساهم في الحفاظ على استقرار الأسعار نسبيًا ومنع حدوث نقص حاد في المعروض. وفي الوقت نفسه، تم تقديم تسهيلات للمصدرين لمساعدتهم على زيادة قدرتهم التنافسية في الأسواق الخارجية، إيمانًا بأن التصدير هو المصدر الأكثر استدامة للعملة الصعبة.
أما على صعيد تعزيز ثقة القطاع العائلي، فقد كانت الجهود مكثفة وذات أبعاد متعددة. أولاً، جاءت سياسات الشمول المالي التي عملت على تبسيط إجراءات فتح الحسابات المصرفية، حيث أصبح بإمكان أي مواطن فتح حساب باستخدام بطاقة الرقم القومي فقط. هذا الإجراء وحده فتح أبواب البنوك أمام ملايين المصريين الذين كانوا خارج المنظومة المصرفية، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في ودائع الأسر. وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن نسبة الشمول المالي في مصر شهدت قفزة هائلة، حيث ارتفعت نسبة المواطنين البالغين الذين يمتلكون حسابات مصرفية إلى نحو 65% بنهاية عام 2024، مقارنة بأقل من 35% قبل خمس سنوات فقط. ثانيًا، جاءت خطوة زيادة حدود السحب والاستخدام الخارجي للدولار بشكل تدريجي لتبعث برسالة طمأنة قوية للمودعين بأن أموالهم متاحة ومصونة. هذه الخطوات مجتمعة، بالإضافة إلى الشفافية في التواصل، ساهمت في ترسيخ الثقة بالقطاع المصرفي، وشجعت على زيادة الادخار الرسمي، وحولت الأموال التي كانت مكتنزة خارج البنوك إلى مدخرات فاعلة تساهم في تمويل الاستثمار والنمو الاقتصادي.
مكانة مصر
إن نجاح أي برنامج إصلاحي اقتصادي لا يقاس فقط بنتائجه الداخلية، بل أيضًا بمدى قدرته على تغيير نظرة العالم الخارجي للاقتصاد الوطني. لقد أدركت قيادة البنك المركزي أن إعادة بناء الثقة مع المؤسسات المالية الدولية، ووكالات التصنيف الائتماني، ومجتمع المستثمرين العالمي هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية التعافي. لم يكن هذا الهدف مجرد علاقات عامة، بل كان ضرورة حتمية لضمان تدفق الاستثمارات، والحصول على تمويلات بشروط ميسرة، وتعزيز مكانة مصر كلاعب اقتصادي محوري في منطقتها. وعليه، تم بذل جهود دبلوماسية ومالية مكثفة لإعادة تموضع البنك المركزي المصري في المشهد الدولي، وتحويله من مؤسسة تركز على الداخل فقط إلى لاعب نشط وموثوق في النظام المالي العالمي.
كانت أولى ثمار هذه الجهود هي التغيير الملموس في تقييمات المؤسسات الدولية. فبعد قرار تحرير سعر الصرف وتبني حزمة إصلاحات جريئة، تغيرت لهجة التقارير الدولية بشكل كبير. صندوق النقد الدولي، الذي كان يطالب بهذه الإصلاحات، أشاد بالخطوات المتخذة واعتبرها دليلاً على التزام مصر الجاد ببرنامج الإصلاح المتفق عليه، مما مهد الطريق أمام صرف شرائح جديدة من القرض وزيادة قيمته.
كما قامت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى مثل فيتش وستاندرد آند بورز وموديز بتعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبية إلى مستقرة ثم إيجابية، مشيرة إلى أن الإجراءات المتخذة قللت من المخاطر الفورية وعززت من قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات. هذه التقييمات، التي يراقبها المستثمرون عن كثب، كانت بمثابة شهادة ثقة دولية ساهمت في خفض تكلفة الاقتراض على مصر في الأسواق العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، عمل البنك المركزي على تعزيز علاقاته الثنائية مع البنوك المركزية الكبرى في العالم. تم تكثيف اللقاءات والمشاورات مع نظرائه في الصين والهند وروسيا والاتحاد الأوروبي، ليس فقط لتوقيع اتفاقيات تبادل العملات، بل لتبادل الخبرات وتنسيق السياسات. كما تعمقت الشراكة مع البنك الدولي، الذي قدم دعمًا فنيًا وتمويليًا لبرامج التحول الرقمي والشمول المالي والمشروعات الخضراء في مصر.
هذا الحراك الدولي النشط أثبت أن مصر ليست مجرد متلقية للسياسات العالمية، بل هي طرف فاعل يسعى للمشاركة في صياغة قواعد أكثر عدالة للنظام النقدي الدولي.
السياسة النقدية في عام من التحديات
حين تولى حسن عبد الله قيادة البنك المركزي المصري، كانت السياسة النقدية تقف أمام مفترق طرق شديد الحساسية ، فقد واجهت مصر مستويات تضخم مرتفعة تجاوزت في بعض الأشهر 35 بالمئة، وتعرض الجنيه المصري لضغوط متزايدة بسبب تراجع تدفقات العملة الصعبة وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلا أن عبد الله تعامل مع هذا الملف بخطة تدريجية متوازنة اعتمدت على المرونة والانفتاح على الأدوات الحديثة في إدارة السوق النقدية، دون أن يتخلى عن الهدف الاستراتيجي الرئيسي وهو استعادة الثقة في النظام المصرفي وتخفيف الضغط عن الجنيه.
أول القرارات الجوهرية التي رسخت بصمته كانت تطبيق نظام سعر الصرف المرن في مارس 2024، وهو القرار الذي حسم أحد أكبر الملفات العالقة في الاقتصاد المصري، حيث سمح للجنيه أن يعكس قيمته الحقيقية في السوق بدلًا من تثبيته بقرارات إدارية كانت تؤدي إلى اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي. وقد أسهم هذا القرار في اختفاء السوق السوداء بشكل شبه كامل، وفقًا لتقارير مصرفية دولية، بينما أشارت مؤسسة جولدمان ساكس إلى أن الجنيه أصبح يُتداول بأقل من قيمته الحقيقية بنحو 30% فقط، وهي إشارة إلى أن السوق بدأ يتوازن تدريجيًا بعد سنوات من الاضطراب.
لم يكن تحرير سعر الصرف مجرد إجراء نقدي داخلي، بل كان رسالة إلى المستثمرين وصناديق الاستثمار العالمية بأن مصر ماضية في مسار إصلاح اقتصادي يتسق مع متطلبات صندوق النقد الدولي ومعايير المؤسسات المالية الدولية ،هذه الخطوة دفعت مؤسسات التصنيف الائتماني مثل فيتش وستاندرد آند بورز إلى تخفيف نبرة القلق بشأن الجنيه، بينما أشاد صندوق النقد بالقرار واعتبره دليلًا على التزام مصر بالإصلاحات المتفق عليها في البرنامج الموقع مع المؤسسة الدولية.
إلى جانب ذلك، استخدم عبد الله أدوات السياسة النقدية التقليدية مثل رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، لكنه حرص على أن يكون ذلك في إطار مدروس، بحيث لا يضر بتدفق الائتمان إلى القطاع الخاص أو يعرقل النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، جاء دور لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي التي عقدت اجتماعات متلاحقة اتسمت بالشفافية في الإعلان عن قراراتها وتبريرها، وهو ما أضفى قدرًا من المصداقية على المؤسسة النقدية وأعاد ثقة المتعاملين في السوق.
كما اتجه عبد الله إلى ما هو أبعد من الأدوات التقليدية، عبر تبني ما يُعرف بـ»إدارة التوقعات»، أي العمل على تغيير المزاج النفسي للمستثمرين والمواطنين على السواء، من خلال الرسائل الإعلامية المنتظمة التي تصدر عن البنك المركزي، والتأكيد المستمر على أن الإجراءات النقدية ليست معزولة عن باقي مكونات السياسات الاقتصادية، بل تأتي في إطار خطة شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الكلي. هذه السياسة ساعدت على امتصاص جانب من المخاوف التي عادة ما ترافق قرارات مثل تحرير سعر الصرف أو رفع الفائدة.
وبالتوازي مع ذلك، ركّز عبد الله على توسيع قاعدة العملات المستخدمة في الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي، إذ أضاف إلى جانب الدولار كلًّا من الين الياباني والروبل الروسي واليوان الصيني، في محاولة لتخفيف الاعتماد المفرط على الدولار، وتقليل آثار تقلباته على الاقتصاد المحلي ، هذه الخطوة عكست فهمًا عميقًا للتغيرات الجارية في النظام النقدي العالمي، حيث بدأت قوى اقتصادية كبرى تبحث عن بدائل للدولار في التسويات التجارية، ووجدت مصر بقيادة عبد الله أن الوقت مناسب لتبني هذه السياسة في إطار ما يُعرف بـ»نظام الإزاحة»، أي تخفيف الوزن النسبي للدولار في السوق والاحتياطي على حد سواء.
العام الماضي شهد أيضًا بداية العمل بنظام المقايضة أو التبادل بالعملات مع بعض الشركاء التجاريين، وهي آلية مكنت مصر من إتمام صفقات تجارية دون الاعتماد على الدولار كوسيط وحيد. وقد نجحت هذه التجربة في تخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية، خصوصًا في ظل التحديات المتعلقة بتدفقات الدولار، وهو ما منح الاقتصاد المصري متنفسًا إضافيًا وقلّل من مخاطر الاعتماد الكلي على عملة واحدة.
بهذه الخطوات، استطاع حسن عبد الله أن يعيد رسم ملامح السياسة النقدية في مصر، ليس فقط على مستوى القرارات، ولكن على مستوى الفلسفة ذاتها، فقد انتقل من نهج الدفاع السلبي عن الجنيه إلى سياسة هجومية أكثر مرونة، ترتكز على تحرير السوق من القيود، وبناء مظلة واسعة من الأدوات النقدية والمالية، وإرسال رسائل إيجابية إلى الداخل والخارج. وفي النهاية، بدا واضحًا أن الرجل استطاع أن يحول السياسة النقدية من عبء يثقل الاقتصاد إلى أداة فاعلة لإعادة التوازن، وهو ما يفسر حجم الإشادة الدولية والمحلية التي حظي بها خلال العام الماضي.
الاحتياطي النقدي وإعادة هندسة مصادره
إذا كان ملف السياسة النقدية قد شكّل الاختبار الأول أمام حسن عبد الله منذ توليه منصب محافظ البنك المركزي، فإن ملف الاحتياطي النقدي كان هو التحدي الأكبر الذي حمل في طياته أبعادًا داخلية وخارجية ، فمصر دخلت العام 2024 وهي تواجه ضغوطًا غير مسبوقة على احتياطياتها الأجنبية، نتيجة تراكم التزامات خدمة الدين الخارجي وارتفاع فاتورة الاستيراد، بالتوازي مع تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر وتذبذب عائدات السياحة والتحويلات ، وفي هذا السياق، كان لزامًا على عبد الله أن يعيد هندسة إدارة الاحتياطي، ليس فقط من خلال الحفاظ على أرقام مستقرة، بل عبر تنويع مصادره وتوسيع سلة العملات المستخدمة فيه.
خلال العام الماضي، استقر الاحتياطي النقدي لمصر عند مستويات تقارب 45 مليار دولار، وهو رقم يعكس استقرارًا نسبيًا في ظل التحديات العالمية، مقارنةً بانخفاضات كانت تثير قلق الأسواق قبل عامين.
لكن الأهمية لم تكن فقط في الحفاظ على الرقم، بل في كيفية تكوين هذا الاحتياطي.. فقد تبنى عبد الله سياسة جديدة قوامها تخفيف الاعتماد على الدولار الأميركي وحده، عبر إدخال عملات أخرى مثل اليوان الصيني والين الياباني والروبل الروسي إلى مكونات الاحتياطي. هذه الخطوة لم تكن مجرد عملية فنية، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا يتماشى مع التوجهات العالمية نحو نظام نقدي أكثر تعددية، خصوصًا مع صعود قوى اقتصادية كبرى تبحث عن تقليل هيمنة الدولار في التجارة الدولية.
اللافت أن هذه السياسة جاءت في وقت حساس كانت فيه أسواق النقد العالمية تشهد تقلبات حادة، سواء بفعل الحرب الروسية الأوكرانية أو التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، استطاع عبد الله أن يستثمر هذه اللحظة في بناء احتياطي أكثر مرونة، يخفف من صدمات السوق العالمية، ويوفر لمصر شبكة أمان متنوعة. لقد كان يدرك أن صدمة الدولار لا يمكن مواجهتها إلا بفتح الباب أمام عملات بديلة، وأن إدارة الاحتياطي لم تعد مجرد عملية حسابية بل أداة سياسية اقتصادية بامتياز.
وفي هذا الإطار، لعبت سياسة المقايضة بالعملات دورًا أساسيًا ،فقد وقّعت مصر اتفاقيات ثنائية مع عدد من شركائها التجاريين، سمحت بموجبها بتسوية جزء من التبادلات التجارية بالعملات المحلية، وهو ما خفف من الضغط المباشر على الدولار وأتاح للبنك المركزي الحفاظ على مستوى مريح من الاحتياطي ، هذه الخطوة، وإن بدت للبعض تقنية، إلا أنها كانت أحد أسرار استقرار سوق الصرف خلال النصف الثاني من 2024، إذ لم يعد الدولار وحده هو المحدد الرئيسي للسيولة الخارجية.
إضافة إلى ذلك، عمل عبد الله على تعظيم الاستفادة من ودائع دول الخليج في البنك المركزي، حيث تم توظيفها في صورة ودائع متوسطة وطويلة الأجل، مع جزء من الاستثمارات في أدوات سيادية تحقق عائدًا، بدلًا من الاعتماد عليها كأرصدة راكدة. هذه الاستراتيجية ساعدت على استثمار تلك الودائع بشكل أفضل، وفي الوقت نفسه عززت من ثقة الدائنين في قدرة البنك المركزي على إدارة التزاماته. كما أسهمت هذه السياسة في ترسيخ صورة مصر أمام مؤسسات التصنيف الدولية باعتبارها دولة قادرة على استخدام مواردها المالية بكفاءة، حتى وإن كانت تلك الموارد ناتجة عن دعم سياسي من حلفائها.
أما على مستوى الشفافية، فقد حرص البنك المركزي تحت قيادة عبد الله على نشر بيانات دورية توضح تطورات الاحتياطي النقدي وتفاصيله الأساسية، بما عزز من ثقة الأسواق والمستثمرين. هذه الشفافية لم تكن معتادة في السابق، لكنها أصبحت جزءًا من السياسة الاتصالية للمركزي، في محاولة لتقليل فجوة المعلومات بين صانع القرار والجمهور، وإرسال إشارات طمأنة بأن الأوضاع تحت السيطرة.
في المجمل، يمكن القول إن حسن عبد الله نجح في تحويل ملف الاحتياطي النقدي من عبء ثقيل إلى ورقة قوة. فقد أعاد صياغة هذا الملف بحيث لم يعد مجرد رقم يُعلن في نشرات البنك المركزي، وإنما أصبح يعكس فلسفة اقتصادية تقوم على التنويع، المرونة، واستثمار العلاقات الدولية لمصلحة الداخل. وفي ظل هذه الاستراتيجية، بدا واضحًا أن مصر تمكنت خلال عام واحد من الخروج من دائرة القلق بشأن الاحتياطيات إلى دائرة الطمأنينة النسبية، وهو ما يفسر استمرار تدفق الرسائل الإيجابية من المؤسسات الدولية حول قدرة البنك المركزي على إدارة هذا الملف بكفاءة.
علاقات البنك المركزي مع البنك الدولي والبنوك المركزية العالمية
منذ توليه قيادة البنك المركزي المصري، أدرك حسن عبد الله أن موقع مصر في الخريطة الاقتصادية العالمية لا يمكن أن يظل رهين التفاعلات الداخلية فقط، وأن أحد أهم مفاتيح تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني هو بناء شبكة قوية من العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية الكبرى.
وقد برز هذا التوجه بوضوح خلال العام الماضي، حيث لعب عبد الله دورًا استثنائيًا في إعادة صياغة صورة البنك المركزي المصري كشريك موثوق على الساحة الدولية، وهو ما انعكس في تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك في تقييمات وكالات التصنيف الائتماني العالمية.
فعلى صعيد العلاقة مع البنك الدولي، كانت هناك شراكة متجددة قائمة على دعم برامج الشمول المالي والتحول الرقمي ، فقد وقّع البنك المركزي المصري في عهد عبد الله عدة اتفاقيات تعاون مع البنك الدولي، تضمنت تمويل مشروعات خاصة بتعزيز الشفافية المالية وتطوير البنية التحتية الرقمية للقطاع المصرفي، إلى جانب برامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
هذه الاتفاقيات لم تكن مجرد تمويلات عادية، بل جاءت في إطار ثقة متبادلة، حيث اعتبر البنك الدولي أن الإصلاحات التي يقودها عبد الله تعزز مناخ الاستقرار النقدي وتزيد من فرص تحقيق نمو مستدام.
كما لم يغفل عبد الله أهمية مد جسور التعاون مع البنوك المركزية في الاقتصادات الصاعدة والكبرى على حد سواء ، فقد كثّف لقاءاته مع محافظي البنوك المركزية في الصين والهند وروسيا والاتحاد الأوروبي، في إطار مساعٍ لتوسيع دائرة الشراكات النقدية وتقليل الاعتماد المفرط على الدولار.
وقد أثمرت هذه الجهود عن توقيع اتفاقيات تبادل عملات مع عدد من هذه الدول، الأمر الذي وفر لمصر أدوات جديدة لتسوية التجارة الخارجية بعيدًا عن الضغوط التي يفرضها نقص الدولار في بعض الفترات. هذه السياسة لاقت ترحيبًا من مؤسسات دولية رأت فيها خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد أكثر مرونة في مواجهة الصدمات العالمية.
ولعل أبرز ما يميز سياسة عبد الله الخارجية على المستوى المصرفي هو المزج بين الانفتاح على المؤسسات التقليدية الكبرى، مثل البنك الدولي وصندوق النقد، وبين تعزيز الشراكات مع اقتصادات ناشئة تبحث عن فرص للتعاون بعيدًا عن مركزية الدولار. هذا التوازن مكّن مصر من الحصول على تمويلات بشروط ميسرة من المؤسسات الدولية، وفي الوقت نفسه أتاح لها مرونة أكبر في إدارة سياستها النقدية دون أن تكون مقيدة بالكامل بإملاءات الأسواق الغربية.
إلى جانب ذلك، برز دور عبد الله في إعادة بناء الثقة مع صناديق الاستثمار الدولية ، فبعد سنوات من الحذر بسبب تقلبات سعر الصرف وتحديات التضخم، بدأت هذه الصناديق تعود تدريجيًا إلى الاستثمار في أدوات الدين المصرية، مدفوعة بالإصلاحات التي قادها البنك المركزي في مجالات الشفافية وإدارة الاحتياطي ، وقد أشارت تقارير مؤسسة «موديز» و»فيتش» إلى أن مصر أظهرت إشارات إيجابية في إدارة المخاطر النقدية، وهو ما انعكس في استقرار نسبي في شهية المستثمرين الأجانب تجاه أدوات الدين الحكومية.
لم يكن هذا الحراك الدولي مجرد علاقات عامة، بل أداة استراتيجية لتخفيف الضغوط الداخلية. فقد سمحت الاتفاقيات مع البنوك المركزية الصديقة بتوفير قنوات بديلة لتدبير السلع الأساسية والطاقة دون استنزاف مباشر للاحتياطيات الدولارية. كما ساعدت هذه العلاقات على تنويع سلة العملات في الاحتياطي النقدي المصري، وهو ما منح الاقتصاد مرونة أكبر في التعامل مع تقلبات أسعار الصرف العالمية.
وفي الوقت ذاته، حظي البنك المركزي المصري بإشادة من منتديات مالية دولية مرموقة، مثل اجتماعات مجموعة العشرين والبنك الأوروبي المركزي، حيث اعتُبر نموذجًا لإدارة انتقال اقتصادي صعب في ظل ضغوط غير مسبوقة على الأسواق الناشئة. وقد أثبت عبد الله من خلال حضوره الدولي أن مصر ليست مجرد متلقية للسياسات العالمية، بل طرف فاعل يسعى إلى صياغة قواعد أكثر عدالة للنظام النقدي الدولي.
سياسات حسن عبد الله تعزز الشمول المالي وتحمي مدخرات الأسر المصرية
رغم التحديات التي ورثها عبد الله وشملت نقص العملات الأجنبية، تضخّم مرتفع، وفوضى في السوق الموازية للعملة، تعامل معها عبر تحرير سعر الصرف، تشديد السياسة النقدية، ودعم الاحتياطي من العملة الصعبة كما دعم القطاع العائلي بالعديد من الخدمات المصرفية والقرارات الهامة.
وفي سبيل ذلك أطلق البنك المركزي مبادرات لتسهيل فتح الحسابات البنكية بطريقة مجانية، ما ساهم في ضم نطاق واسع من الأسر إلى المنظومة المصرفية، كما شهد الجهاز المصرفي تحول كبير نحو التمويل الرقمي، حيث تجاوز عدد المحافظ الإلكترونية النشطة 30 مليون محفظة بنهاية 2024، كما تم التوسّع في استخدام نقاط البيع والدفع اللاتلامسي، ما سهل على العائلات شراء السلع والخدمات بأمان.
وبسبب قرارات عبد الله زاد البنك المركزي حدود المعاملات اليومية والشهرية لحسابات الشمول المالي، والبطاقات المدفوعة مسبقاً، والخدمات عبر الهاتف المحمول بنسبة 100٪، ما دعم قدرة الأسر على إنجاز معاملاتهم بسرعة وفعالية، كذلك أطلقت البنوك الحكومية شهادات ادخار بعائد مرتفع (وصل إلى 25٪ ثم 22٪)، مما ساعد في الحفاظ على قيمة مدخرات المواطنين ومكافحة التوجّه للدولرة بالعملات الأجنبية، إلى العمل على استقرار سعر الصرف وتوفير الدولار للقطاع المصرفي، مما قلّص من تقلبات الأسعار ووفّر للأسر القدرة على شراء المستلزمات المستوردة بسعر رسمي مناسب.
سياسات عبد الله مثل تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة ومكافحة المضاربة أسهمت في استعادة الثقة بالجنيه المصري، مما وفر بيئة مستقرة أكثر لحياة الأسر اليومية، وساهم البنك المركزي في توسيع نفوذ التمويل متناهي الصغر والمشروعات الصغيرة بشروط ميسرة، ما مكّن آلاف الشباب والنساء والمزارعين من دخول المنظومة المالية وإطلاق مشروعاتهم، وهو دعم مباشر للقطاع العائلي الريادي.
كما دعم آليات جديدة لتمويل الاستيراد مثل إلغاء إلزام الاعتمادات المستندية تدريجيًا (حتى إلغائها نهاية 2022)، مما خفّض تكلفة الاستيراد وسهّل تدفق السلع، مما انعكس إيجابيًا على أسعار السلع الأساسية في المنازل، وتمكنت السياسة النقدية المتشددة من خفض التضخم من أكثر من 40٪ في منتصف 2022 إلى نحو 24.7٪ بنهاية 2023، و13.9٪ بحلول منتصف 2025، ما ساعد على تراجع وتيرة ارتفاع الأسعار وتقليل الضغط على المعيشة.
أدى حسن عبد الله دورًا مؤثرًا في تعزيز القطاع العائلي بتحويل سياسة البنك المركزي نحو شمولية أوسع وتحول رقمي حقيقي، إضافة إلى تبنّي أدوات مالية تحمي الأسر من التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي. من خلال تشجيع فتح الحسابات البنكية، توسيع استخدام الدفع الإلكتروني، تقديم دعم للمشروعات الصغيرة، وتحقيق استقرار نقدي حقيقي، ساعدت هذه السياسات الأسر في الحفاظ على مدخراتها، تحسين قدرتها على الاستثمار، وتوفير أساس أكثر أمانًا للعيش.
وفي النهاية..
أدت هذه الجهود المتكاملة إلى ترسيخ موقع مصر إقليميًا كأحد أهم البنوك المركزية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وحولت السياسة النقدية المصرية من ملف يثير القلق إلى قصة نجاح تحظى بالإشادة والتقدير، وهو ما يمثل رصيدًا استراتيجيًا لا يقدر بثمن للمستقبل, وهوما يؤكد على أن حسن عبدالله سخصية مصرفية يمكن وصفها بالاسطورية « لما حققته من نجاحات كبرى في ملقات ومهمات غاية في الصعوبة والدقة .