في ظل تحديات اقتصادية متشابكة محليًا ودوليًا، قرر البنك المركزي المصري، الشهر الماضي، الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة، في محاولة لموازنة المعادلة الصعبة بين كبح التضخم من جهة، ودعم النشاط الاقتصادي من جهة أخرى.
القرار يعكس استراتيجية حذرة، خصوصًا مع استمرار الضغوط على الأسعار واحتياج السوق لاستقرار أكبر.
التضخم تحت المجهر
شهدت معدلات التضخم في الشهور الأخيرة تراجعًا ملحوظًا، مدفوعة بانخفاض أسعار بعض السلع الغذائية الرئيسية كاللحوم والخضروات والفواكه، هذا التراجع منح المواطنين متنفسًا بعد موجات من الغلاء المتتالي، لكنه لم يُنهِ بعد حالة القلق، إذ ما زالت أسعار الطاقة وبعض السلع المستوردة تفرض ضغوطًا إضافية على السوق المحلية.
ويشير محللون إلى أن انخفاض التضخم مؤخرًا يعد خطوة إيجابية، لكنه يحتاج إلى الاستمرار لفترة أطول حتى يُترجم إلى استقرار حقيقي يشعر به المواطن.
لماذا الفائدة مهمة؟
تُعد أسعار الفائدة الأداة الأبرز في يد البنك المركزي للسيطرة على التضخم، فارتفاعها يحد من الاقتراض ويقلل من المعروض النقدي داخل السوق، وهو ما يؤدي تدريجيًا إلى تهدئة الأسعار، كذلك، فإن الفائدة المرتفعة تعزز من جاذبية الجنيه، ما يقلل من الضغوط على سعر الصرف ويحد من التضخم المستورد.
في المقابل، يرى بعض الخبراء أن استمرار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة طويلة قد يبطئ من وتيرة الاستثمار والنمو، وهو ما يفسر حرص المركزي على الموازنة الدقيقة في قراراته.
الاقتصاد في طريق التعافي
رغم التحديات، أظهرت المؤشرات الاقتصادية الأخيرة تحسنًا في معدلات النمو، مع توقعات باستمرار هذا المسار في السنوات المقبلة.
ويرى محللون أن استمرار استقرار الأسعار سيمنح البنك المركزي مساحة أكبر لخفض الفائدة تدريجيًا في المستقبل، بما يدعم النشاط الاقتصادي دون التراجع عن هدفه الأساسي وهو السيطرة على التضخم.
قرار تثبيت أسعار الفائدة يؤكد أن البنك المركزي لا يزال يسير على خط رفيع بين حماية المواطنين من التضخم، والحفاظ على جاذبية الاقتصاد المصري، ودعم مسار النمو، المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، إذ ستحدد قدرة السياسات النقدية الحالية على موازنة هذه الأهداف المعقدة.