كريستين لاغارد: العمالة الأجنبية أنقذت اقتصاد منطقة اليورو من التباطؤ


البنك المركزي الأوروبي: ألمانيا كانت ستخسر 6% من ناتجها لولا المهاجرين

السبت 23 اغسطس 2025 | 10:39 مساءً
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد
حسين أنسي

أكدت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أن تدفق العمالة الأجنبية لعب دورًا محوريًا في تعزيز أداء اقتصاد منطقة اليورو خلال السنوات الماضية، موضحة أن هذه المساهمات ساعدت على تعويض التراجع في ساعات العمل وانخفاض الأجور الحقيقية، وهو ما كان من شأنه أن يزيد من ضغوط الركود داخل التكتل الأوروبي.

دور جوهري في دعم النمو الاقتصادي

وأوضحت لاغارد، في خطابها خلال الندوة السنوية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمدينة جاكسون هول بولاية وايومنغ الأمريكية، أن العمال الأجانب الذين يشكلون نحو 9% فقط من إجمالي القوى العاملة في منطقة اليورو بحلول عام 2022، ساهموا بما يقارب نصف النمو الاقتصادي للتكتل خلال السنوات الثلاث الماضية، وأضافت: "لولا هذه المساهمة لواجهت أسواق العمل في الاتحاد ظروفًا أكثر صعوبة، وكان الناتج الاقتصادي أقل بشكل ملحوظ".

ألمانيا وإسبانيا أبرز المستفيدين

وأشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلى أن الاقتصاد الألماني كان سيتراجع بنسبة 6% تقريبًا منذ عام 2019 في غياب العمالة الأجنبية، لافتة إلى أن النمو الملحوظ الذي شهدته إسبانيا بعد جائحة "كوفيد-19" جاء في معظمه نتيجة انخراط العمال الوافدين في سوق العمل المحلي، وهو ما عزز تعافيها الاقتصادي بشكل أسرع مقارنة بدول أوروبية أخرى.

سكان الاتحاد الأوروبي يصلون إلى مستوى قياسي

بحسب البيانات الأخيرة، ارتفع عدد سكان الاتحاد الأوروبي إلى 450.4 مليون نسمة في عام 2024، وهو رقم قياسي جاء بفضل صافي الهجرة الذي عوّض الانخفاض المستمر في معدلات المواليد للعام الرابع على التوالي. هذا النمو السكاني ساعد على سد الفجوات في القوى العاملة داخل قطاعات حيوية، لكنه في المقابل فتح الباب أمام جدل سياسي واسع.

الجدل السياسي واليمين المتطرف

رغم الفوائد الاقتصادية الواضحة، لم يخلُ ملف الهجرة من توترات سياسية داخل دول الاتحاد. فقد اتجه جزء من الناخبين الأوروبيين لدعم الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تستغل المخاوف المرتبطة بالهجرة. وفي ألمانيا على سبيل المثال، أقدمت الحكومة الجديدة على تعليق برامج لمّ شمل الأسر وإعادة التوطين في محاولة لاستعادة ثقة الشارع، بعد صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للهجرة.

صورة عالمية للجدل حول الهجرة

ولم يقتصر الجدل على القارة الأوروبية فقط، بل امتد إلى الولايات المتحدة، حيث يواصل الرئيس دونالد ترامب منذ توليه المنصب سياسة أكثر تشددًا تجاه المهاجرين، تتضمن تكثيف الاعتقالات، وتشديد الرقابة على الحدود، وسحب الوضع القانوني من مئات الآلاف من المقيمين، وهو ما يعكس التوتر العالمي المتزايد بين الحاجة الاقتصادية للعمالة الأجنبية من جهة، والمخاوف السياسية والاجتماعية المرتبطة بالهجرة من جهة أخرى.