بعد 111 عامًا من الإبحار.. سفينة «ميدينا» تتحول إلى فندق على اليابسة


الخميس 21 اغسطس 2025 | 08:44 مساءً
محمد عاطف

عندما رست السفينة البخارية SS Medina لأول مرة في حوض بناء السفن بـنيوبورت نيوز، فرجينيا عام 1914، لم يتوقع أحد أن تتحول إلى أقدم سفينة ركاب عابرة للمحيطات لا تزال قائمة حتى اليوم، فقد تنقلت السفينة عبر الأدوار والأسماء، من ناقلة بصل إلى مكتبة عائمة، وأخيراً فندق فاخر على اليابسة.

من الحرب العالمية إلى السياحة

في بداياتها، كانت السفينة مخصصة لنقل البصل والسلع.

خلال الحرب العالمية الثانية، سُخّرت لخدمة الجهد الحربي الأمريكي.

لاحقاً، تحولت إلى سفينة ركاب تحت اسم SS Roma.

عُدلت بمحرك ديزل وأصبحت سفينة سياحية باسم MS Franca C.

في 1977، تحولت إلى مكتبة عائمة تديرها منظمة مسيحية تحت اسم MV Doulos.

وخلال أكثر من 30 عاماً، زارت السفينة أكثر من 100 دولة وقطعت 360 ألف ميل بحري.

رجل أعمال يعيد لها الحياة

في عام 2010، بينما كانت السفينة على وشك أن تُباع كخردة، تدخل رجل الأعمال السنغافوري إريك سو وقدم عرضاً بـ900 ألف يورو فقط (حوالي 1.1 مليون دولار). خطته؟ تحويل السفينة إلى فندق فاخر، مهما كلّف الأمر.

استثمر 18 مليون دولار أميركي (23 مليون دولار سنغافوري) في المشروع، وتم سحب السفينة التي تزن 6800 طن إلى اليابسة على جزيرة بنتان الإندونيسية، حيث استقرت على منصة خرسانية بطول 427 متراً بُنيت خصيصاً لها.

فندق بتراث بحري لا يشبه غيره

اليوم، تُعرف السفينة باسم Doulos Phos، أي "خادم النور" باللغة اليونانية، وهي مثبتة على شكل مرساة تطل على بحر الصين الجنوبي، وقد تم تجهيزها بـ100 غرفة وجناح، لا يزال بعضها يحتفظ بالنوافذ الدائرية التقليدية.

ومع أن السفينة أصبحت من الناحية القانونية "مبنى"، إلا أن سو يُصر على الاحتفاظ بالروح البحرية:

"لا نملك موظفين بل طاقماً، لا غرف بل كبائن، لا طابق بل سطح".

تجربة فريدة وأسعار متفاوتة

تكلفة الإقامة تتراوح بين 105 و235 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة.

تتوفر جولات في غرف المحركات الأصلية، التي تُركت كما هي.

ما زالت قوارب النجاة الستة معلقة على جانبي السفينة.

يتاح للزوار التجول في الطوابق العليا ومشاهدة المساحات الأصلية.

من أشهر الأنشطة: إعادة تمثيل مشهد "تيتانيك" الشهير على مقدمة السفينة!

فندق بأرباح خيرية

رغم التكلفة الباهظة، لا يهدف إريك سو للربح. فهو يتقاضى دولاراً واحداً فقط سنوياً، وتُوجه جميع أرباح الفندق التشغيلية للأعمال الخيرية.

يقول سو: "لا أريد استرداد أموالي، أنا سعيد لأنني أنقذت قطعة تاريخية حقيقية من الزوال".

إرث خالد على اليابسة

«دولوس فوس» ليست مجرد فندق، بل متحف عائم على الأرض، وواحدة من أندر الأمثلة على كيفية إحياء سفينة تاريخية لتخدم غرضاً عصرياً دون أن تفقد روحها الأصلية.