«المركزي» يفتح باب المنافسة بين البنوك لتقديم عروض استثنائية.. حزمة قرارات لضبط ملف النقد الأجنبي


الاحد 17 اغسطس 2025 | 05:15 مساءً
البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري
العدد الورقي - محمود الصباغ

إلزام البنوك بتسوية معاملات نقاط البيع داخل مصر بالجنيه وتخفيف قيود استخدام البطاقات بالخارج

تعليمات «المركزي» تعزز مكاسب الجنيه ووفرة الدولار تعيد البطاقات الائتمانية لمرونتها

رفع حد شراء العملات للسفر إلى 10 ألاف دولار وخفض عمولة البطاقات الائتمانية الأجنبية لـ 3 %

في خطوة وصفها خبراء الاقتصاد بـ «التحول النوعي» في إدارة ملف النقد الأجنبي، أطلق البنك المركزي المصري حزمة قرارات جديدة تستهدف ضبط التعاملات داخل البلاد ودعم استقرار النظام المصرفي، مع منح العملاء مزيدًا من المرونة في استخدام البطاقات والعمليات الدولية.

هذه الإجراءات، التي شملت إلزام البنوك بتسوية جميع معاملات نقاط البيع داخل مصر بالجنيه المصري فقط، وتخفيف قيود استخدام البطاقات بالخارج، تأتي في إطار استراتيجية شاملة لتحقيق التوازن بين حماية الاحتياطي النقدي وتحفيز النشاط التجاري والسياحي.

أكد مصرفيون، في تصريحات خاصة لـ«العقارية» أن قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة، والتي شملت قصر تسوية معاملات نقاط البيع داخل البلاد على الجنيه المصري فقط، وخفض عمولة تدبير العملة على البطاقات الائتمانية، تعكس تحسن أوضاع سوق الصرف ووفرة المعروض من النقد الأجنبي.

وأشار الخبراء إلى أن هذه القرارات تهدف إلى منع أي تلاعب بالعملة أو إساءة استخدام البطاقات في الحصول على الدولار داخل السوق المحلية، مع فتح المجال أمام المسافرين للخارج للاستفادة من حدود ائتمانية أكبر وبعمولات أقل، في ظل استقرار سعر الصرف وتزايد التدفقات من موارد النقد الأجنبي.

وأعلن البنك المركزي المصري عن تعديل بعض القواعد المنظمة الواردة بالكتاب الدوري الصادر في 29 أكتوبر 2023 والمعدل بتاريخ 11 فبراير 2024، والمتعلق بإحكام الرقابة على تلك الاستخدامات والإجراءات اللازمة في حال عدم الالتزام بها.

وأوضح البنك المركزي، في خطاب مرسل للبنوك، أنه بالنسبة للعملاء المسافرين الذين قاموا بالتواصل مع البنوك لاستخدام بطاقاتهم في الخارج، فقد تقرر إلغاء ما ورد في البند رقم (2) من الكتاب الدوري المؤرخ 29 أكتوبر 2023.

وكان هذا البند ينص على ضرورة متابعة العميل لتقديم ما يثبت أن استخدام البطاقة تم أثناء تواجده بالخارج، سواء من خلال أختام المغادرة والوصول خلال مدة أقصاها 90 يومًا من تاريخ فتح حدود الاستخدام، أو ما يثبت استمرار تواجده خارج البلاد في حال تجاوز تلك المدة.

وأكد البنك المركزي أن للبنوك الحق في متابعة استخدامات العملاء للبطاقات الائتمانية للتأكد من تنفيذها أثناء تواجدهم خارج البلاد.

وفي حال عدم التزام العميل بتقديم المستندات المطلوبة، يتعين على البنك مصدر البطاقة اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في البند رقم (3) من الكتاب الدوري الصادر في 29 أكتوبر 2023، مع الالتزام بما ورد في التعديلات الصادرة بتاريخ 11 فبراير 2024.

كما أصدر البنك المركزي المصري تعليمات جديدة تلزم البنوك بضرورة تسوية جميع المعاملات التي تتم عبر أجهزة نقاط البيع الإلكترونية (POS) داخل جمهورية مصر العربية بالجنيه المصري فقط، وذلك اعتبارًا من الأحد الموافق 17 أغسطس 2025.

ويأتي هذا القرار استنادًا إلى المادة رقم (212) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020، والتي تنص على أن يكون التعامل داخل مصر بالجنيه، إلا في الحالات التي يجيزها القانون أو اتفاقيات دولية أو قرارات صادرة عن مجلس إدارة البنك المركزي.

كما أشار «المركزي» إلى الكتاب الدوري المؤرخ 18 يونيو 2023، والمتعلق بتعديل البرمجيات المطبقة على أجهزة نقاط البيع أو المحول الخاص بها، بحيث لا يتم قبول عمليات الخصم بالعملة الأجنبية داخل مصر إلا بعد الحصول على الموافقات اللازمة.

وأكد البنك المركزي على ضرورة أن تتولى البنوك إخطار عملائها بهذه الضوابط، مع التأكيد على توفير احتياجاتهم من النقد الأجنبي وفقًا لسياسات كل بنك، وذلك لضمان التزام السوق بالتحصيل الإلكتروني المحلي بالجنيه المصري فقط.

الجنيه يعزز مكاسبه

على الجانب الاخر وبعد ساعات من اعلان البنك المركزي التعليمات، حقق الجنيه مكاسب القوية أمام نظيرها الأمريكي، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 10 أشهر عند 48.30 جنيه للشراء و48.40 جنيه للبيع خلال تعاملات يوم الأربعاء الماضي.

ويعزى هذا التحسن الملحوظ إلى قرارات البنك المركزي الأخيرة، التي شملت زيادة حدود تدبير العملة الأجنبية للمسافرين عبر البنوك، في إشارة واضحة إلى تعزيز ثقة السوق في استقرار العملة المحلية ووفرة المعروض من النقد الأجنبي.

البنوك تدخل على خط المنافسة

ومع دخول القرارات حيز التنفيذ، دخلت البنوك المصرية سباقًا محمومًا لتقديم عروض حصرية وخفض الرسوم وزيادة حدود السحب، في رسالة واضحة مفادها أن السوق المصرفية ماضية نحو انفتاح منضبط يخدم الاقتصاد الوطني ويعزز ثقة العملاء.

في ظل هذه المستجدات، تزامن تحركات سريعة من البنوك لجذب العملاء وتقديم تسهيلات جديدة، والتي أعلنت بعضها، على خلفية تعليمات المركزي، رفع الحد الأقصى لتدبير المبالغ النقدية للعملاء المسافرين لتتساوى مع الحد الأقصى المسموح حمله عند مغادرة مصر، والمقدر بـ 10,000 دولار أمريكي بدلًا من 5,000 دولار، وتخفيض عمولة تدبير العملة الأجنبية على معاملات البطاقات الائتمانية من 5% إلى 3%.

وأعلن البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك العاملة في السوق المحلي، خفض عمولة تدبير العملة ( Markup Fees) من 5% الى 3% على معاملات البطاقات الائتمانية.

كما أعلن البنك عن إتاحته توفير احتياجات عملائه من النقد الأجنبي بغرض السفر بحد اقصي المبالغ المصرح بحملها قانونا اثناء السفر من خلال المطارات والموانئ المصرية.

واتخذ بنك مصرقرارات شاملة برفع الحد الأقصى لبيع الدولار الأمريكي للمسافرين إلى 10,000 دولار بدلا من 5,000 دولار، وذلك اعتبارا من 13 أغسطس 2025.

كما قرر، ثاني أكبر البنوك العاملة في مصر، تخفيض عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في المعاملات بالعملات الأجنبية إلى 3% بدلا من 5%.

من جانب اخر طرح مصرف أبوظبي الإسلامي – مصر عرضًا حصريًا يتضمن خفض رسوم المعاملات الدولية إلى 3%، مع منح العملاء 100 % كاش باك والتنازل عن عمولة التدبير.

كما خفض البنك التجاري الدولي – الهامش على أسعار صرف العملات الأجنبية إلى 3 % على البطاقات الائتمانية اعتبارًا من 13 أغسطس 2025، في خطوة تسهم في تخفيف تكاليف حاملي البطاقات أثناء السفر أو الشراء عبر الإنترنت.

كما أعلن البنك التجاري الدولي رفع الحد الأقصى لشراء العملات الأجنبية بغرض السفر إلى 10,000 دولار أمريكي أو ما يعادله من العملات الأخرى، وذلك وفقًا للضوابط المنظمة.

أعلن بنك QNB مصر عن إدخال تعديلات جديدة على حدود ورسوم الاستخدام الدولي لبطاقاته الائتمانية. وشملت القرارات تخفيض رسوم تدبير العملة الأجنبية الى 2% على المعاملات بالعملات الأجنبية اعتباراً من الغد على بطاقات الائتمان (التجزئة، الأعمال، ببساطة).

كما رفع البنك الحد الشهري للاستخدام الدولي خارج مصر (في حالة السفر) لبطاقات الائتمان المميزة، بما في ذلك فيزا سيجنتشر، فيزا إنفينيت،و ماستركارد وورلد إيليت ، ليصبح 500 ألف جنيه مصري شهرياً بدلاً من 300 ألف جنيه مصري شهرياً.. كما قرر رفع حد شراء العملات الأجنبية للعملاء المسافرين بالخارج ليصل إلى 10 آلاف دولار أمريكي، في خطوة تهدف إلى توفير مرونة أكبر وتلبية احتياجاتهم المالية أثناء السفر.

وتأتي هذه الخطوة في إطار التزامه المستمر بدعم عملائه، وتقديم حلول مصرفية متطورة تسهّل تعاملاتهم الدولية، بما يتماشى مع متطلبات السفر والإنفاق بالخارج.

قام البنك العربي الإفريقي الدولي بزيادة حدود استخدام البطاقات الائتمانية بالخارج حتى 10 آلاف دولار ومضاعفة حدود الشراء بالعملة الأجنبية داخل جمهورية مصر العربية، إلى جانب تخفيض عمولة التدبير إلى 3 %.

يذكر أن المادة (213) من قانون البنك المركزي، تنص على أن إخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط ألا يزيد عن 10 آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها، مع إلزام المسافرين بالإفصاح عن أي مبالغ تتجاوز هذا الحد عند الدخول أو الخروج. كما حددت المادة الحد الأقصى لحمل النقد المصري عند السفر أو الوصول بـ 10 آلاف جنيه.

رسالة السوق

التحركات الأخيرة من البنوك، مدعومة بقرارات البنك المركزي، تعكس اتجاهًا واضحًا نحو موازنة الانضباط النقدي مع توفير مرونة للعملاء، خصوصًا مع تزايد متطلبات السفر والدراسة والتجارة الخارجية. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من المنافسة بين البنوك في تقديم مزايا إضافية لجذب العملاء، في ظل انفتاح نسبي لسياسات النقد الأجنبي مقارنة بالسنوات السابقة.

ويرى خبير مصرفي في تصريح خاص للعقارية إن تأكيد البنك المركزي المصري على تسوية معاملات نقاط البيع (POS) داخل البلاد بالجنيه المصري فقط، يهدف إلى منع أي تداول أو تسعير بالدولار داخل مصر، موضحًا أن القانون يحظر التعامل بغير الجنيه في المعاملات المحلية التي لا تشمل طرفًا أجنبيًا أو سلعة مستوردة مباشرة.

تحصيل مرفوض

وأشار إلى أن أي محاولة لتحصيل المدفوعات بالدولار عبر أجهزة نقاط البيع داخل مصر تعتبر أمرًا غير مقبول، لأن ذلك يشبه عمليات تحويل أو شراء العملة، وهو ما يخالف القواعد العامة التي يجب أن تظل سارية دائمًا.. وفيما يتعلق بتيسير إجراءات استخدام البطاقات الائتمانية خارج البلاد وخفض عمولة تدبير العملة من 5 % إلى 3 %، أوضح ناجي أن هذه الخطوة تعكس قوة واستقرار موقف العملة الأجنبية في مصر حاليًا.

ولفت إلى أن هذه القيود كانت قد فُرضت قبل نحو ثلاث سنوات خلال أزمة الدولار، حيث ارتفعت عمولة تدبير العملة حتى 10%، مع إلزام المسافرين بالتواصل مع البنوك وتقديم ما يثبت سفرهم، للحد من سوء استخدام البطاقات في تدبير الدولار دون السفر الفعلي.

تحسن الموارد الدولارية اتاح للمركزي تخفيف وأضاف أن استقرار سوق الصرف وغياب السوق الموازية وارتفاع الاحتياطي النقدي، إلى جانب تحسن تدفقات النقد الأجنبي من السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، أتاح للمركزي تخفيف هذه القيود والعودة إلى سياسات أكثر مرونة.

وفي سياق متصل، قال أحد المسؤولين بإحدى شركات الصرافة العاملة في السوق – رفض ذكر اسمه – إن الهدف الأساسي من قرارات البنك المركزي الأخيرة هو تعزيز إتاحة الدولار في السوق وتسهيل حصول العملاء عليه، بما يدعم استقرار المعاملات التجارية والسفر للخارج.

وقالت الخبيرة المصرفية سهر الدماطي إن قرار البنك المركزي المصري بشأن قصر التعامل داخل البلاد على الجنيه المصري واضح وصريح، إذ ينص على أن جميع المعاملات داخل جمهورية مصر العربية يجب أن تُسوى بالعملة المحلية، إلا في الحالات التي يحصل فيها المتعامل على موافقات خاصة.

وأوضحت الدماطي أن الهدف من القرار هو منع إساءة استخدام البطاقات المصرفية في الحصول على الدولار داخل مصر، في معاملات يمكن أن تتم بالجنيه، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي لتفادي أي تلاعب بالعملة أو استغلال الأنظمة المصرفية للحصول على النقد الأجنبي بطرق غير قانونية، كما حدث في أوقات سابقة.

وأضافت أن البنك المركزي فتح المجال للمسافرين بالخارج لزيادة حدود الاستخدام بالعملات الأجنبية، بالتوازي مع خفض عمولة تدبير العملة من 5 % إلى 3 %، وهو ما يعكس وفرة المعروض من النقد الأجنبي في السوق.

وأشارت إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية انعكست أيضًا على سعر الصرف، حيث انخفض الدولار ليستقر عند نحو 48 جنيهًا، بجانب زيادة البنوك لحدود تدبير العملة حتى 10 آلاف دولار، مما يعكس مرونة أكبر في التعاملات النقدية.