يمرّ كوكب الأرض بلحظة فارقة في تاريخه المناخي، حيث تؤكد البيانات الأخيرة من وكالات علمية مرموقة مثل ناسا، WMO، Copernicus، وBerkeley Earth، أن درجات الحرارة العالمية كسرت أرقامًا قياسية متتالية خلال 2024 و2025، لتضعنا أمام مشهد بيئي غير مسبوق.
عام 2024 بداية التحول الكبير
كان عام 2024 الأشد حرارة منذ بدء التسجيلات الحديثة، بارتفاع قدره 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
يعني هذا الرقم عمليًا أننا لامسنا الحد الأقصى لاتفاق باريس للمناخ، وأصبحنا على أعتاب منطقة الخطر المناخي.
حطم يناير 2025 الأرقام السابقة بارتفاع 1.75 درجة مئوية عن المعدل التاريخي، رغم أنه تزامن مع بداية ظاهرة "لا نينيا" التي عادةً ما تُخفّض الحرارة.
جاء أبريل 2025 كثاني أحرّ أبريل على الإطلاق، بزيادة حوالي 1.49 درجة مئوية، واحتلّا شهري يونيو ويوليو 2025 المركز الثالث في قائمة الأشهر الأشد حرارة، حيث بلغ متوسط يوليو 1.25 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
بلغ المتوسط المتحرك لدرجات الحرارة على مدار 12 شهرًا حتى منتصف 2025، 1.57 درجة مئوية، وهو مؤشر خطير على أننا تجاوزنا الخطوط الحمراء، وفقا لتحليل Berkeley Earth.
ذوبان جليدي غير مسبوق
وفي مايو 2025، شهدت جرينلاند أسبوعًا من الحرارة الشديدة أدى إلى ذوبان جليد بمعدل 17 ضعف المعدل الطبيعي.
وبحسب "كوبرنيكوس"، سجّلت تغطية الجليد البحري في القطبين أدنى مستوى لها منذ بدء القياسات.
وحذرت ناسا من أن هذه الوتيرة ستؤدي إلى ارتفاع مستوى البحار، ما يهدد مدنًا ساحلية في كافة أنحاء العالم.
وعانت أوروبا من موجات حر غير مسبوقة، حيث سجلت تركيا درجات حرارة قياسية وصلت لـ 51 درجة مئوية، وتجاوزت الحرارة في قطر 46.6 درجة مئوية.
شهدت كلا من جنوب فرنسا وكرواتيا حرائق واسعة، مع درجات حرارة تزيد على المتوسط بـ 12 درجة مئوية.
كان صيف 2025 في الولايات المتحدة، الأكثر رطوبة في تاريخ الساحل الشرقي، بينما شهدت آسيا فيضانات مدمرة في باكستان والهند.
أسباب أزمة الاحتباس الحراري
العلماء يجمعون على أن السبب الرئيسي هو الانبعاثات الهائلة من غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الفحم والنفط والغاز، بالإضافة إلى تراجع قدرة الأرض على عكس أشعة الشمس بسبب ذوبان الجليد، ما يزيد من تسارع الاحترار فيما يعرف بـ"التضخيم القطبي".
تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تتجاوز درجات الحرارة في السنوات الخمس القادمة (2025–2029) متوسط 1.5 درجة مئوية بنسبة احتمال 70%، مع فرص 80% لتسجيل سنة تحطم الرقم القياسي لعام 2024.
إذا استمر الوضع الحالي، ستشهد الأرض مزيدًا من الكوارث الطبيعية وارتفاعًا أكبر في مستويات البحار، أما إذا تحركت الدول سريعًا نحو الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات، قد يمكن تفادي الأسوأ.