نتنياهو يمضي بخطة السيطرة على غزة رغم المعارضة الداخلية والغضب العالمي


الجمعة 08 اغسطس 2025 | 08:42 مساءً
غزة
غزة
محمد شوشة

صادق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، على خطة عسكرية مثيرة للجدل للسيطرة على مدينة غزة، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد خطير في الحرب المستمرة منذ أشهر ضد قطاع غزة، ودفعت إلى موجة من الإدانات الدولية وتحذيرات من تبعات إنسانية وأمنية واسعة.

وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن جيش الاحتلال سيبدأ الاستعدادات الميدانية للسيطرة على مدينة غزة، والتي تُعد أكبر مدن القطاع ومركزه السكاني والإداري، وتزعم الخطة تقديم مساعدات إنسانية للمدنيين خارج مناطق القتال، دون توضيح كيفية أو جهات التوزيع.

السيطرة على غزة

حددت الخطة خمسة مبادئ رئيسية لإنهاء الحرب، وهي:

1- نزع سلاح حركة حماس

2- إعادة جميع الرهائن أحياءً وأمواتًا.

3- تجريد غزة بالكامل من السلاح.

4- فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع

5- إنشاء إدارة مدنية بديلة ليست تابعة لحماس أو للسلطة الفلسطينية.

ولم يحدد البيان موعدًا لبدء تنفيذ الخطة، إلا أن مصادر إسرائيلية أشارت إلى أن الجيش لن يدخل مدينة غزة على الفور، وسيُطلب أولًا من السكان إخلاء المدينة، ما يثير مخاوف من عمليات تهجير قسري جماعي لمئات الآلاف من المدنيين.

ويأتي القرار في وقت تسيطر فيه إسرائيل، بحسب مصادر عسكرية، على نحو 75% من أراضي غزة، في حين تقول الأمم المتحدة إن 86% من القطاع يقع تحت أوامر الإخلاء أو في مناطق قتال.

وتقول تقارير إسرائيلية إن خطة السيطرة على مدينة غزة قد تكون المرحلة الأولى نحو السيطرة الكاملة على القطاع، فيما يُعتقد أن رئيس الوزراء نتنياهو يسعى من خلالها للضغط على حماس في مفاوضات تبادل الرهائن المتوقفة.

وكان نتنياهو قد صرح سابقًا لشبكة "فوكس نيوز" بأن إسرائيل لا تنوي الاحتفاظ بغزة على المدى البعيد، لكنها تسعى لتسليمها لاحقًا إلى قوات عربية لم تُحدد بعد، في إشارة ربما إلى مصر أو الأردن، وكلاهما رفض المشاركة في إدارة غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

رفض داخلي وتحذيرات عسكرية

قوبل القرار بمعارضة قوية داخل إسرائيل، بما في ذلك من قيادة الجيش الإسرائيلي، حيث أعرب رئيس الأركان الفريق أول إيال زامير عن رفضه للخطة، محذرًا من تداعياتها الأمنية والإنسانية على الجنود والرهائن، بحسب مصادر نقلت عنها شبكة CNN.

كما شهدت تل أبيب احتجاجات من عائلات الرهائن، الذين اعتبروا أن الحكومة تسير نحو خداع تاريخي، متهمين نتنياهو بتضليل الرأي العام حول إمكانية إنقاذ الرهائن عبر العمليات العسكرية.

وقالت أمهات لجنود إسرائيليين إن الخطة ستكون قاتلة للجنود والرهائن على حد سواء، وأظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل أن غالبية المواطنين تفضل وقف الحرب مقابل إطلاق سراح الأسرى.

ردود فعل دولية غاضبة

أثار إعلان الخطة موجة إدانات دولية واسعة، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن تنفيذها قد يؤدي إلى مزيد من القتل والنزوح الجماعي والمعاناة الإنسانية، واصفة إياها بأنها تهديد خطير للقانون الدولي.

ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الخطوة بأنها جريمة كاملة، فيما قالت وزارة الخارجية التركية إن إسرائيل تهدف من خلالها إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا من أرضهم.

وأعلنت ألمانيا وقف صادرات الأسلحة التي يمكن استخدامها في غزة إلى إسرائيل حتى إشعار آخر، واعتبر المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن من الصعب فهم كيف يمكن لهذه الخطة أن تحقق أهدافًا مشروعة، في إشارة إلى التدهور الإنساني في القطاع.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن قرار توسيع القتال في غزة خاطئ ولن يؤدي إلا إلى المزيد من إراقة الدماء، داعيًا إسرائيل إلى التراجع الفوري.

في المقابل، بدت الولايات المتحدة أقل انتقادًا، إذ صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن القرار يعود لإسرائيل، مؤكدًا أن واشنطن لن تتدخل في تحديد ما يجب على تل أبيب فعله.

أبعاد إنسانية خطيرة

تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن المرحلة الأولى من الخطة ستتضمن إخلاء نحو مليون فلسطيني من مدينة غزة نحو جنوب القطاع، وهو ما يعادل نحو نصف سكان غزة.

ويعاني القطاع أصلًا من كارثة إنسانية، حيث دُمرت البنية التحتية، وانتشرت المجاعة، وتزايدت وفيات الأطفال جراء نقص الغذاء والدواء.

وبموجب الخطة، ستزيد إسرائيل من عدد نقاط توزيع المساعدات من 4 إلى 16 نقطة، تُديرها مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أمريكيًا، لكن لن يكون لأي منها وجود داخل مدينة غزة نفسها، ما يُنظر إليه على أنه وسيلة لإجبار السكان على مغادرتها.

مستقبل غزة

رغم مزاعم الحكومة الإسرائيلية أن الخطة لا تعني احتلال غزة، إلا أن تفاصيلها تشير إلى فرض سيطرة عسكرية طويلة الأمد، مع غياب واضح لأي تصور لما بعد الحرب.

وحتى الآن، لم تقدم إسرائيل أي خريطة طريق سياسية واضحة بشأن من سيدير غزة، باستثناء استبعاد كل من حماس والسلطة الفلسطينية.

ويقول محللون إن إسرائيل قد تكون قادرة على السيطرة العسكرية على غزة، لكنها لن تكون قادرة على تحمّل كلفة الاحتلال طويل الأمد سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.