في ظل ضغوط دبلوماسية متصاعدة من الولايات المتحدة وتحذيرات من تصعيد عسكري إسرائيلي، عقد مجلس الوزراء اللبناني، اليوم الثلاثاء، جلسة استثنائية في القصر الرئاسي، لبحث ملف ترسانة حزب الله، وذلك في أول خطوة رسمية من نوعها منذ تأسيس الجماعة المسلحة والمدعومة من إيران.
ويأتي هذا التطور في وقت بالغ الحساسية، إذ كثّفت واشنطن اتصالاتها مع مسؤولين لبنانيين خلال الأسابيع الماضية، مطالبة بتعهد حكومي واضح وصريح ينص على نزع سلاح حزب الله، في مقابل وقف الضربات الإسرائيلية وسحب قوات الاحتلال من خمس نقاط لا تزال إسرائيل تحتلها جنوبي لبنان، وفقًا لخريطة طريق اقترحها المبعوث الأمريكي توماس باراك في يونيو الماضي.
مناقشة سلاح حزب الله تحت ضغط أمريكي متصاعد
بحسب مصادر دبلوماسية لبنانية، فإن صبر واشنطن بدأ ينفد بعد سلسلة من زيارات باراك إلى بيروت لحث الحكومة على إحراز تقدم ملموس في تنفيذ الخطة، وسط تحذيرات من أن عدم إصدار موقف حكومي واضح قد يؤدي إلى تصعيد إسرائيلي واسع قد يطال العاصمة بيروت، وفقًا لوكالة «رويترز».
ويُجمع مسؤولون لبنانيون على أن أي تعهد مباشر بنزع سلاح حزب الله قد يفجّر التوترات الطائفية في البلاد، نظرًا للدعم الشعبي الواسع الذي يحظى به الحزب داخل الطائفة الشيعية، ويبدو أن القوى السياسية تحاول تفادي هذا السيناريو عبر طرح صياغات أكثر مرونة تحفظ التوازن الداخلي وتُرضي، ولو مؤقتًا، الجانب الأمريكي.
وشهدت ضواحي بيروت المحسوبة على بيئة حزب الله استعراضًا لافتًا، حيث انطلقت عشرات الدراجات النارية رافعة أعلام الحزب في رسالة رمزية بالتزامن مع الجدل السياسي الدائر حول مصير سلاحه.
محاولة التوافق على صيغة عامة
كشفت مصادر حكومية عن مشاورات مكثفة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع كل من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، في محاولة للتوافق على صيغة عامة يتم إدراجها في بيان مجلس الوزراء، وفقًا لرويترز.
وتهدف الصيغة المقترحة إلى كسب الوقت وتفادي التصعيد، عبر الإشارة إلى التزام لبنان بإعداد استراتيجية دفاع وطني والحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل، دون الدخول في تعهد مباشر بشأن نزع سلاح الحزب.
لكن هذا التوجه لا يحظى بإجماع داخل الحكومة، إذ قال وزير الدولة كمال شحادة، المحسوب على حزب القوات اللبنانية المعارض لحزب الله، إن بعض الوزراء يعتزمون تقديم صيغة واضحة تتضمن جدولاً زمنياً لنزع سلاح الحزب، مضيفًا: "بصراحة، ليست هناك حاجة لتأجيل القضية أو المماطلة. علينا أن نضع مصلحة لبنان أولاً ونتخذ قرارًا اليوم".
الضربات الإسرائيلية في لبنان
تشهد الساحة السياسية اللبنانية حالة من الترقب الحذر إزاء ما ستسفر عنه جلسة اليوم، خصوصًا أن الفشل في إصدار موقف واضح قد يُعطي إسرائيل ذريعة لتوسيع ضرباتها في الجنوب وربما أبعد من ذلك، رغم وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن في نوفمبر الماضي، والذي أوقف الصراع المفتوح بين الجانبين لكنه لم ينهِ الضربات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع يُعتقد أنها تابعة لحزب الله.
وبينما يترقب الداخل اللبناني والعواصم الإقليمية نتائج جلسة اليوم، يبقى ملف سلاح حزب الله أحد أكثر الملفات تعقيدًا، لا سيما في ظل استمرار الانقسام الداخلي، وضغوط الخارج، ومخاطر الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة لا يحتملها لبنان المنهك سياسيًا واقتصاديًا.