تمضي الدولة المصرية بخطى ثابتة نحو تطوير بنية النقل الجماعي الحضري، من خلال تنفيذ مشروع مترو الإسكندرية، الذي يمثل أحد المحاور الرئيسية في خطة الدولة للتحول نحو وسائل نقل نظيفة، حديثة، وآمنة. ويعد المشروع من أكبر مشروعات البنية التحتية في مدينة الإسكندرية خلال العقود الأخيرة، ويمثل خطوة فارقة في التوجه نحو النقل الأخضر، والحد من التكدس المروري في المدينة الساحلية الأكثر ازدحامًا.
المشروع في أرقامه وواقعه التنفيذي
تتواصل الأعمال الإنشائية حاليًا في المرحلة الأولى من المشروع، والتي تمتد على مسافة 21.7 كيلومترًا، وتضم 20 محطة متنوعة التصميم ما بين 6 محطات سطحية و14 محطة علوية، تربط بين محطة سكة حديد أبو قير شرقًا ومحطة مصر بوسط المدينة، مرورًا بمناطق حيوية ذات كثافة سكانية عالية.
ويشهد مسار المشروع نشاطًا مكثفًا في أعمال التنفيذ، إذ يتم حاليًا تركيب الكمرات بين محطتي طوسون وفيكتوريا، بالتوازي مع تنفيذ الخوازيق والركائز الإنشائية والبلاطات الخرسانية على طول الجزء العلوي من المسار. كما تتقدم أعمال البنية الأساسية في ورشتي أبو قير وكفر عبده، لتكونا مركزين محوريين لخدمة وصيانة القطارات فور بدء التشغيل.
نقل نظيف وسريع وآمن
لا تقتصر أهمية المشروع على تحسين شبكة النقل فقط، بل تمتد إلى أبعاده البيئية والاقتصادية والاجتماعية. فمترو الإسكندرية يُعد من أبرز مشروعات النقل الجماعي الأخضر، حيث يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية النظيفة، ما يضمن خفضًا في الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء داخل المدينة.
ويُتوقع أن يُحدث المشروع ثورة في زمن الرحلات اليومية، حيث سيُقلص وقت الرحلة بين أبو قير ومحطة مصر من 50 دقيقة إلى 25 دقيقة فقط، مع تحقيق مستويات أمان عالية من خلال إلغاء المزلقانات والمعابر العشوائية التي طالما شكّلت تهديدًا لحياة المواطنين.
طاقة استيعابية مرتفعة وربط شبكي ذكي
يستهدف المشروع استيعاب 60 ألف راكب في الساعة بالاتجاه الواحد، ما يتيح تخفيف الضغط على وسائل النقل الأخرى، خاصة في أوقات الذروة. كما يشتمل التصميم على نقاط تبادلية استراتيجية مع شبكة السكك الحديدية القاهرة/الإسكندرية، وترام الرمل، وخط رشيد، بما يسهل حركة التنقل بين مختلف وسائل المواصلات ويُعزز من تكاملية الشبكة الحضرية.
آفاق أوسع للتنمية
يمثل المشروع نموذجًا للتخطيط الحضري الحديث الذي يستجيب لاحتياجات المواطن ويراعي البعد البيئي. ومن المنتظر أن يساهم المترو في تحسين جودة الحياة في الإسكندرية، وتحفيز الاستثمار في المناطق المحيطة، بالإضافة إلى دعم جهود التحول نحو مدن ذكية ومستدامة.