"لو نوف": تغلغل الإخوان في فرنسا خطر متنامٍ يستدعي تحركًا وطنيًا


السبت 19 يوليو 2025 | 05:56 مساءً
محمد عاطف

في خطوة لافتة، دعت مجلة "لو نوف" الفرنسية في إصدار غير مسبوق، الطبقة السياسية في البلاد إلى تجاوز الخلافات الحزبية والتوحد في مواجهة ما وصفته بـ "الاختراق المنظّم والمتصاعد" لجماعة الإخوان داخل المؤسسات الفرنسية، محذّرة من تهديد حقيقي لقيم الجمهورية الفرنسية.

وأشارت المجلة إلى أن القلق العام في فرنسا بشأن تغلغل الجماعة بلغ أعلى مستوياته، حتى وصل إلى قصر الإليزيه، الأمر الذي دفع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى توجيه حكومته لإعداد خطة عاجلة لمواجهة التأثير الإخواني المتزايد على المجتمع والثقافة الفرنسية.

وفي تقريرها الصادر اليوم السبت، استعرضت المجلة محتوى تقرير استخباراتي سري سابق، تم رفع السرية عنه مؤخرًا، بناءً على مبادرة من وزير الداخلية الحالي برونو ريتايو، حيث كان قد أُعدّ بناءً على تكليف من الوزير السابق جيرالد دارمانان في ربيع 2024، واحتُفظ به على مكتب الرئيس منذ سبتمبر من العام نفسه.

وجود تنظيم إخواني منظم داخل فرنسا

اعتبرت المجلة أن هذا التقرير يُعد أول تقييم رسمي شامل يقرّ صراحة بوجود تنظيم فرعي لجماعة الإخوان المسلمين داخل فرنسا، يشبه إلى حد كبير البنية التنظيمية المعروفة في بعض الدول العربية.

وسلط التقرير الضوء على قانون مكافحة "الانفصالية الإسلامية" الصادر في أغسطس 2021، والذي جاء عقب حادثة مقتل المعلم الفرنسي صامويل باتي في 2020، موضحًا أن القانون ساهم في ترحيل أئمة ومراقبة تمويل الجمعيات الدينية، لكن التأثير الهيكلي للجماعة لا يزال قائمًا بل آخذ في التوسع.

آلاف الأعضاء وجمعيات ومساجد تحت النفوذ

وبحسب ما ورد في التقرير، فإن الجماعة تمتلك ما لا يقل عن 2000 عضو نشط داخل بنية تنظيمية واضحة، وتسيطر على 280 جمعية، منها اثنتان مخصصتان لتكوين الأئمة، فضلًا عن تأثير مباشر على 200 مسجد من إجمالي 2700 في فرنسا.

وأشار التقرير إلى أن استراتيجية الجماعة تعتمد على "التمكين المحلي"، عبر التأثير على البلديات والمجالس المحلية، تحضيرًا للانتخابات البلدية المرتقبة في عام 2026، مستغلة مواقعها في الأحياء الفقيرة مقابل تقديم خدمات اقتصادية أو دينية، في إطار صفقات انتخابية غير مباشرة.

تحديات سياسية تقف في وجه المواجهة

ورغم وضوح التهديدات، أكدت المجلة أن السلطة التنفيذية تواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في غياب الأغلبية البرلمانية، ما يجعل تمرير أي تشريعات جديدة أو تعزيز الرقابة أمرًا معقدًا سياسيًا.

ومن هنا، وجّهت "لو نوف" دعوة صريحة إلى الطبقة السياسية الفرنسية للاتحاد بعيدًا عن الحسابات الانتخابية، معتبرة أن الأمر يتعلق بـ"معركة وجودية تخص هوية الجمهورية الفرنسية وقيمها الأساسية".

نداء تحذيري قبل فوات الأوان

واختتمت المجلة تقريرها بالتحذير من تجاهل ما وصفته بـ"نداء إنذار"، مؤكدة أن فرنسا تقف أمام منعطف حاسم، في وقتٍ يشهد فيه العالم العربي تضييقًا واسعًا على الجماعة، بينما تتزايد المؤشرات على خطورتها داخل أوروبا.

وقالت: "التقرير ليس مجرد وثيقة إدارية، بل ناقوس خطر... فهل يصحو السياسيون قبل أن يفوت الأوان؟".