اتفاق تجاري جديد بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا يشمل المنتجات الزراعية


الاثنين 30 يونية 2025 | 05:56 مساءً
الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي
حسين أنسي

في تطور بارز على صعيد العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، أعلنت المفوضية الأوروبية عن التوصل لاتفاق تجاري طويل الأمد مع كييف، يركز على تحرير تدريجي لتجارة المنتجات الزراعية والغذائية، ويأتي في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، ومساعي الاتحاد الأوروبي لدمج الاقتصاد الأوكراني ضمن السوق الأوروبية الموحدة، مع محاولة موازنة هذا التوجه مع المخاوف المتصاعدة من جانب المزارعين الأوروبيين بشأن المنافسة غير العادلة.

أعلنت المفوضية الأوروبية، اليوم الاثنين، عن التوصل إلى اتفاق تجاري طويل الأجل مع أوكرانيا، يتضمن تحريرًا جزئيًا ومنظمًا للواردات الزراعية من كييف، ضمن مراجعة شاملة لاتفاقية التجارة الحرة المعمقة والشاملة بين الجانبين، ويمثل هذا الاتفاق مرحلة جديدة في مسار التكامل الاقتصادي الأوكراني داخل السوق الأوروبية، ويأتي في إطار دعم بروكسل المتواصل لأوكرانيا في ظل الحرب التي تشنها روسيا، وفي سياق سعيها لتعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية معها.

الاتفاق الجديد، الذي لا يزال في مراحله الفنية النهائية، يشمل تحديث أحكام تحرير التجارة، ويهدف إلى إرساء إطار قانوني طويل الأمد وقابل للتنبؤ به، يضمن استقرار العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين، في وقت لا تزال فيه أوكرانيا تواجه تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة.

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتفاق الجديد يكرّس التضامن الأوروبي مع أوكرانيا، ويمهّد الطريق لتعزيز قدرتها على التصدير إلى أوروبا والأسواق الدولية، مع الحفاظ على مصالح المزارعين الأوروبيين، مشيرة إلى أن "مكانة أوكرانيا هي داخل الأسرة الأوروبية"، وأن الاتحاد يواصل دعم اندماجها الكامل في الاتحاد الأوروبي.

ويعتمد الاتفاق المُراجع على ثلاث ركائز رئيسية:

تكافؤ الفرص: حيث يشترط الاتفاق مواءمة المعايير الأوكرانية تدريجيًا مع تلك المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يخص استخدام المبيدات، والرعاية البيطرية، وجودة الإنتاج الزراعي. ومن المتوقع أن تقدم كييف تقارير دورية عن التقدم المحرز في هذا المجال، تماشيًا مع متطلبات الانضمام للاتحاد الأوروبي.

بند ضمانات مشدد: حيث يمنح الاتفاق للطرفين الحق في تفعيل آلية حماية في حال تسببت الواردات بضرر اقتصادي لأي طرف، بما في ذلك إمكانية اتخاذ إجراءات على مستوى دولة عضو واحدة داخل الاتحاد.

تعزيز التجارة مع مراعاة الحساسيات: ينص الاتفاق على دعم تدفقات التجارة مع أوكرانيا، ولكن مع مراعاة حساسية بعض المنتجات الزراعية مثل السكر، القمح، الذرة، العسل، والبيض. وتم الاتفاق على زيادات محدودة فقط في الحصص، مع تحرير كامل لبعض السلع غير الحساسة.

كما اتفق الجانبان على بحث تدابير لتيسير وصول الصادرات الأوكرانية إلى أسواقها التقليدية في دول العالم الثالث، إلى جانب التزام الاتحاد الأوروبي بإعادة تقييم الاتفاق دورياً وفقًا لتقدم أوكرانيا في الاندماج الاقتصادي ومسار انضمامها إلى التكتل الأوروبي.

فيما يتعلق بالخطوات التالية، ستُستكمل خلال الأسابيع المقبلة الأعمال الفنية وصياغة النصوص النهائية، ليتم بعد ذلك عرض الاتفاق على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي تمهيدًا لاعتماده بشكل رسمي. ومن المقرر أن يصدر قرار من مجلس الاتحاد الأوروبي لتبني الاتفاق، قبل اعتماده النهائي من قبل لجنة الشراكة الأوروبية الأوكرانية.

ويُعد هذا الاتفاق امتدادًا لاتفاقية الشراكة الأصلية التي تم التفاوض عليها بين عامي 2007 و2011، ووقعت في 2014، والتي أزالت بالفعل معظم الرسوم الجمركية على السلع الصناعية. وبعد اندلاع الحرب الروسية، قدم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا حزمة من الإجراءات التجارية الاستثنائية، تم تجديدها مرتين وانتهت في يونيو 2025، ليحل محلها هذا الإطار الجديد الأكثر شمولًا واستدامة.

وتسعى المفوضية الأوروبية من خلال هذا الاتفاق إلى تحقيق توازن دقيق بين تقديم الدعم الكامل لأوكرانيا ومساعدتها في تعافي اقتصادها، وبين تهدئة احتجاجات المزارعين في بعض الدول الأوروبية الذين يشعرون بالقلق من التأثيرات السلبية للمنافسة القادمة من المنتجات الزراعية الأوكرانية، خاصة في ظل اضطراب سلاسل الإمداد العالمي الناتجة عن استمرار الحرب في شرق أوروبا.