الدولار الأمريكي يسجل أطول سلسلة خسائر شهرية منذ 2020 رغم مكاسب محدودة


السبت 31 مايو 2025 | 07:04 مساءً
الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي
حسين أنسي

سجل الدولار الأمريكي أطول سلسلة خسائر شهرية له منذ خمس سنوات، في ظل أجواء عدم اليقين المحيطة بالسياسات التجارية والإجراءات الحكومية التي تلقي بظلالها على ثقة المستثمرين في الأسواق الأمريكية.

فقد تراجع مؤشر قوة الدولار بنحو 0.6% خلال شهر مايو، وهو ما يعكس موجة من التشاؤم تجاه العملة الأمريكية رغم بعض المكاسب الطفيفة التي حققها الدولار في بداية الأسبوع. 

وتركزت مخاوف المستثمرين في اتجاهات جديدة أبرزها مشروع قانون أمريكي مقترح يفرض قيودًا ضريبية على الشركات التابعة لدول تُعتبر سياساتها التجارية "تمييزية"، وهو ما قد يثني المستثمرين الأجانب عن ضخ المزيد من الأموال في السوق الأمريكية.

قلق المستثمرين الأجانب وتراجع شهية المخاطرة

وفي هذا الصدد، كتب إلياس حداد، الخبير الاستراتيجي لدى شركة "براون براذرز هاريمان آند كو"، في مذكرة بحثية: "إذا أُقر مشروع القانون بصيغته الحالية، فقد يؤدي إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن شراء الأصول الأمريكية، في الوقت الذي تحتاج فيه الولايات المتحدة بشدة لرأس المال الأجنبي لتمويل ديونها المتزايدة". وأكد حداد أن هذا الوضع "ليس في صالح الدولار الأمريكي".

يأتي ذلك في ظل بيانات حديثة صادرة عن "لجنة تداول السلع الآجلة"، أشارت إلى زيادة رهانات صناديق التحوط ومديري الأصول والمتداولين المضاربين على تراجع الدولار إلى 13.3 مليار دولار بنهاية الأسبوع المنتهي في 27 مايو، ارتفاعًا من 12.4 مليار دولار في الأسبوع السابق. ويعكس هذا التحول اتجاهًا سلبيًا متزايدًا نحو العملة الأمريكية في ظل حالة عدم الاستقرار.

التوترات التجارية تضغط على الدولار الأمريكي

وتزيد حالة الترقب والتوتر التجاري بين واشنطن وبكين من الضغوط على الدولار الأمريكي، حيث عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دائرة الأضواء مع استمرار معركة قانونية بشأن مدى قانونية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها خلال ولايته على واردات من دول معينة، وبينما تُصر الإدارة الأمريكية على استمرار هذه الرسوم، تتزايد المخاوف من تداعياتها السلبية على الاقتصاد الأمريكي.

وعلى الرغم من ذلك، سجل مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% يوم الجمعة، بعد بيانات أظهرت تباطؤ إنفاق المستهلكين الأمريكيين خلال شهر أبريل، إلى جانب انهيار واردات السلع إلى أدنى مستوياتها مع بدء الشركات في التكيف مع الرسوم الجمركية الجديدة. 

ووفق بيانات جامعة ميشيغان، فقد شهدت ثقة المستهلكين الأمريكيين تحسنًا طفيفًا في نهاية مايو.

مخاوف خفض الفائدة والتقلبات مستمرة

من جهته، أوضح يوسوكي ميايري، استراتيجي العملات الأجنبية لدى "نومورا"، أن البيانات الأخيرة "لا تكفي لإقناع مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في الوقت الراهن"، مشيرًا إلى استمرار التقلبات في سوق الصرف، مدفوعة بالترقب المستمر لقرارات الرسوم الجمركية المتبادلة.

وتأججت التوترات مع اتهام الرئيس الأمريكي ترمب للصين بانتهاك اتفاق تجاري أبرمته مع الولايات المتحدة لتقليل الرسوم الجمركية، مما زاد من الغموض المحيط بالعلاقات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم.

عملات الأسواق الناشئة تحت الضغط

امتدت تأثيرات هذا التراجع إلى عملات الأسواق الناشئة، حيث اتجه مؤشر عملات هذه الأسواق نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية له منذ منتصف أبريل. فقد تراجع الراند الجنوب أفريقي بنسبة 1% أمام الدولار الأمريكي يوم الجمعة، رغم تحقيقه مع البيزو المكسيكي مكاسب فاقت 4% منذ إعلان الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة.

في هذا السياق، أكد أليخاندرو كوادرادو، رئيس قسم استراتيجية العملات الأجنبية لدى بنك "بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا" في نيويورك، أن بعض المستثمرين بدأوا في إعادة شراء الدولار الأمريكي قبل عطلة نهاية الأسبوع. 

وأضاف: "مع اقتراب المواعيد النهائية للرسوم الجمركية الجديدة، قد نشهد عودة مستويات مرتفعة من التقلبات التي كانت منخفضة نسبيًا، لا سيما في أمريكا اللاتينية".

واختتم بول ماكيل، الرئيس العالمي لأبحاث العملات لدى "إتش إس بي سي هولدينغز"، بالقول: "الأسواق تترقب ما إذا كان الدولار الأمريكي سيواصل تراجعه في الفترة المقبلة، وهو مسار يعتمد بشكل أساسي على ما يحدث في الاقتصاد الأمريكي الداخلي".