كشف وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة، والذي عاد إلى تولي حقيبة الثقافة بعد نحو عقدين من الغياب، أن تكلفة إعادة إعمار المواقع الأثرية المتضررة في لبنان تُقدّر بما بين مليار إلى ملياري دولار، في ظل غياب التمويل المباشر للمشاريع الثقافية حتى الآن، باستثناء قرض من البنك الدولي موجّه لدعم الفئات الأكثر احتياجًا.
وأوضح سلامة، في مقابلة مع قناة CNBC عربية على هامش قمة الإعلام العربي المنعقدة في دبي أن التطورات الإقليمية العميقة التي تشهدها المنطقة، لاسيما في لبنان وسوريا، دفعته إلى العودة إلى العمل العام، مؤكدًا أن المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، مع الحفاظ على ما تبقى من الهوية الوطنية اللبنانية القائمة على التنوع.
وأشار إلى أن اتفاق الطائف، الذي شكّل أساسًا للتوافق الوطني، تم تطبيقه بشكل خاطئ على مدى أكثر من ثلاثين عامًا، ما أدى إلى تعميق الانقسامات السياسية والطائفية في البلاد، مؤكدًا أن الحكومة الحالية تسعى إلى إحياء روحه التوافقية من جديد.
تحديات مالية وسياحية.. والرهان على الدعم العربي
وتطرق الوزير إلى الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، معتبرًا أن الأزمة المالية التي تفجرت منذ عام 2019 لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على مختلف القطاعات، وفي مقدمتها السياحة، التي تعرّضت لضربة موجعة جراء الحرب الأخيرة في الجنوب.
وشدّد على أن الحكومة اللبنانية تخوض حاليًا "سباقًا مع الزمن" لإنعاش القطاعين المالي والسياحي، مشيرًا إلى أمل الحكومة في عودة السياح العرب وفتح الأسواق العربية أمام المنتجات اللبنانية، كخطوة حيوية لتحفيز عجلة الاقتصاد المتعثرة.
دمار في التراث.. وغياب التمويل
فيما يخص الأضرار الثقافية، كشف الوزير أن قلعة شمع الأثرية تعرّضت لدمار كبير، في حين كانت آثار مدينة صور أقل تضررًا، لكن التحدي الأكبر يكمن في إعادة تأهيل الأبنية التراثية التي يزيد عمرها على مئة عام، وخاصة سوق النبطية القديمة، التي قال إنها "دُمّرت بالكامل".
وقدّر سلامة التكلفة الأولية لإعادة إعمار تلك المواقع بـ ما بين مليار وملياري دولار، موضحًا أن وزارة الثقافة لم تتلق أي دعم مالي مباشر حتى الآن، فيما اقتصر الدعم الدولي على قرض من البنك الدولي بقيمة 400 مليون دولار مخصص لبرامج دعم الفئات الفقيرة.
ودعا الوزير البرلمان اللبناني إلى تسريع المصادقة على مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة، مشيرًا إلى ضرورة الانتهاء من إصدارها قبل نهاية يونيو المقبل، لما لذلك من أهمية في تحقيق الاستقرار المؤسسي المطلوب.
وختم سلامة حديثه بالتأكيد على ضرورة إعادة الاعتبار للقطاع الثقافي، من حيث الدعم المالي والانتشار، باعتباره جزءًا أساسيًا من عملية التعافي الوطني الشامل.