ليبيا على صفيح ساخن.. المتظاهرون يمهلون المجلس الرئاسي 24 ساعة لإدارة البلاد ويحددون موعدًا نهائيًا للانتخابات


السبت 24 مايو 2025 | 02:35 صباحاً
ليبيا
ليبيا
حسين أنسي

في تطور جديد يُنذر بتحول كبير في المشهد السياسي الليبي، دخلت احتجاجات العاصمة طرابلس منعطفًا حاسمًا، مع إعلان المتظاهرين عن مهلة حاسمة للمجلس الرئاسي لتولي إدارة البلاد، وتحديد موعد أقصى لإجراء الانتخابات في 25 يوليو 2026، في خطوة تعكس تصاعد الإحباط الشعبي من استمرار المراحل الانتقالية وتعثر العملية السياسية.

مهلة نهائية وتحذير من العصيان المدني

خلال مظاهرة حاشدة في ميدان الشهداء بطرابلس حملت شعار “جمعة الخلاص”، أعلن المتظاهرون عن منح المجلس الرئاسي مهلة 24 ساعة فقط لتولي زمام الأمور، معتبرين أن حكومة عبد الحميد الدبيبة فقدت شرعيتها وأن استمرارها يمثل عائقًا أمام أي تسوية سياسية حقيقية.

المحتجون أكدوا في بيان لهم أن اعتصامهم سيستمر حتى تتم الاستجابة الكاملة لمطالبهم، وعلى رأسها إعداد دستور دائم للبلاد، وإنهاء المرحلة الانتقالية الطويلة التي وصفوها بـ”الفاشلة والفاسدة”، مشددين على ضرورة تحديد موعد واضح لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة لا يتجاوز 25 يوليو 2026.

كما لوّح المتظاهرون بالتصعيد في حال تجاهلت السلطات مطالبهم، محذرين من تنفيذ عصيان مدني شامل اعتبارًا من يوم الأحد في حال لم يتحرك المجلس الرئاسي لتولي زمام المرحلة الانتقالية.

دعوات دولية ومطالبات بتدخل أممي

ولم تقتصر المطالب على الداخل الليبي فقط، إذ دعا المتظاهرون البعثة الأممية إلى ليبيا والمجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح من الأزمة، والمساهمة في الدفع نحو التحول الديمقراطي الحقيقي، بعيدًا عن الدعم المتواصل لحكومات انتقالية أثبتت عجزها عن إنقاذ البلاد، حسب قولهم.

كما شهد محيط مقر بعثة الأمم المتحدة في طرابلس احتجاجات موازية، حيث طالب المشاركون بسحب الاعتراف الدولي من حكومة الدبيبة، وتشكيل حكومة مصغرة تُعهد إليها مهمة تنظيم الانتخابات، في ظل ما وصفوه بـ”الانسداد السياسي والتآكل المؤسساتي”.

توسع رقعة الاحتجاجات وتلاحم شعبي

الاحتجاجات لم تقتصر على وسط العاصمة فحسب، بل امتدت إلى مناطق عدة داخل طرابلس مثل سوق الجمعة، زاوية الدهماني، والنوفليين، حيث خرج المواطنون في مظاهرات متزامنة عبّروا فيها عن رفضهم لاستمرار الوضع الراهن. 

كما شهدت مدن الزاوية، صرمان، وصبراتة تحركات مماثلة، فيما توجه العديد من المشاركين نحو طرابلس للالتحام بالحراك المركزي في ميدان الشهداء.

اللافت في هذه الاحتجاجات كان طابعها السلمي والتنظيمي، حيث أكد المحتجون مرارًا التزامهم بالطرق السلمية، في رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن الشارع الليبي قادر على التعبير عن تطلعاته دون انزلاق إلى العنف، لكنّه أيضًا مستعد للتصعيد المدني إذا اقتضى الأمر.

انسداد سياسي وعجز أممي

تأتي هذه التحركات في وقت تعيش فيه ليبيا فراغًا سياسيًا كبيرًا، وسط فشل متكرر في إجراء الانتخابات المؤجلة منذ عام 2021، واستمرار التجاذب بين حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس بقيادة الدبيبة، والثانية في الشرق بدعم من البرلمان. هذا الواقع خلق حالة من الإحباط العام لدى الليبيين، لا سيما مع تفشي الفساد وغياب الخدمات الأساسية في عدة مناطق من البلاد.

رغم انتهاء الولاية القانونية لحكومة الدبيبة، إلا أنها لا تزال تحظى باعتراف دولي جزئي، ما أدى إلى تعقيد جهود التسوية التي تقودها الأمم المتحدة منذ سنوات دون إحراز تقدم ملموس.

هل تنجح “جمعة الخلاص” في تغيير المعادلة؟

الأسابيع القادمة قد تحمل إجابة على هذا السؤال، إذ يُنتظر أن تتضح مواقف الأطراف الليبية والدولية من هذه المطالب الحاسمة. فهل يستجيب المجلس الرئاسي لضغط الشارع ويتحرك لقيادة المرحلة الانتقالية، أم أن الجمود السياسي سيستمر، مما يهدد بانفجار شعبي أوسع نطاقًا؟.

في كل الأحوال، يبدو أن الشارع الليبي بدأ يتجاوز مرحلة الصمت، ويقترب من فرض واقع سياسي جديد، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من أمل في بناء دولة ديمقراطية مستقرة بعد أكثر من عقد على سقوط النظام السابق.