أعلنت شركة بوينغ، عملاق صناعة الطائرات الأمريكية، عن نتائج مالية إيجابية للربع الأول من عام 2025؛ حيث سجلت انخفاضًا ملحوظًا في صافي الخسائر مقارنة بالعام الماضي، بالإضافة إلى ارتفاع في الإيرادات تجاوز توقعات المحللين الاقتصاديين.
وفي تصريحات للرئيس التنفيذي للشركة، كيلي أورتبرغ، يوم الأربعاء، أشار إلى استعداد بوينغ، لتقديم طلب إلى إدارة الطيران الفدرالية الأمريكية للحصول على موافقتها على زيادة وتيرة إنتاج طائراتها الأكثر مبيعًا من طراز 737 ماكس لتصل إلى 42 طائرة شهريًا في وقت لاحق من هذا العام، وتأتي هذه الخطوة مدفوعة بتسارع وتيرة تسليم الطائرات وتحسن الأداء المالي العام للشركة.
وقد سجّلت شركة بوينغ، صافي خسارة قدره واحد وثلاثون مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بخسارة بلغت ثلاثمائة وخمسة وخمسين مليون دولار أمريكي خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي المقابل، ارتفعت الإيرادات بنسبة ثمانية عشر بالمئة لتصل إلى تسعة عشر فاصلة خمسة مليارات دولار أمريكي، متجاوزة بذلك التقديرات التي وضعها المحللون الاقتصاديون.
وأشارت الشركة إلى أن تدفقاتها النقدية السلبية بلغت حوالي إثنين فاصلة ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وهو تحسن ملحوظ مقارنة بحوالي أربعة مليارات دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2024، كما أن هذه الأرقام جاءت أفضل من توقعات المحللين، وقد شهدت أسهم شركة بوينغ ارتفاعًا بنحو أربعة بالمئة في تعاملات ما قبل افتتاح السوق.
وعلى صعيد آخر، أشارت شركة بوينغ، إلى أن نتائجها للربع الأول من العام الحالي تعكس فقط تأثير الرسوم الجمركية العالمية حتى تاريخ الحادي والثلاثين من شهر مارس آذار.
ومن المتوقع أن يواجه المسؤولون التنفيذيون في الشركة أسئلة بشأن هذه الرسوم خلال مؤتمر الأرباح المقرر عقده اليوم عند الساعة العاشرة والنصف صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، خاصةً وأن الشركة تعتبر واحدة من أبرز المتضررين من الحرب التجارية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب، والتي من المتوقع أن ترفع أسعار الطائرات والقطع والمواد المستوردة.
وفي سياق متصل، صرح لاري كولب، الرئيس التنفيذي لشركة جي إي أيروسبيس، يوم الثلاثاء، بأنه التقى الرئيس ترامب واقترح إعادة العمل بنظام التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية لقطاع الطيران، الذي يعتبر من أكبر قطاعات التصدير في الولايات المتحدة ويساهم في تقليل العجز التجاري الأمريكي، وقد أفادت شركتا جي إي وآر تي إكس بأن الرسوم الجمركية قد تكلفهما مجتمعتين أكثر من مليار دولار أمريكي خلال هذا العام.
وفي مذكرة وجهها إلى الموظفين، قال أورتبرغ: "رغم متابعتنا الدقيقة لتطورات التجارة العالمية، فإن الانطلاقة القوية التي سجلناها هذا العام، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على الطائرات وامتلاكنا لمحفظة طلبيات وخدمات تتجاوز قيمتها نصف تريليون دولار أمريكي، تمنحنا المرونة اللازمة للتعامل مع هذا الواقع".
وقد أظهر أداء شركة بوينغ خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بتوقعات المحللين الذين استطلعت آراؤهم شركة LSEG ما يلي: "بلغت الخسارة للسهم الواحد تسعة وأربعين سنتًا (معدلة)، مقابل خسارة متوقعة قدرها واحد فاصلة تسعة وعشرين دولارًا أمريكيًا، أما الإيرادات فقد بلغت تسعة عشر فاصلة خمسة مليارات دولار أمريكي، مقارنة بتسعة عشر فاصلة خمسة وأربعين مليار دولار أمريكي متوقعة، وعلى أساس غير معدّل، بلغت الخسارة للسهم الواحد ستة عشر سنتًا، مقارنة بخسارة قدرها ستة وخمسين سنتًا خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وبعد استثناء البنود غير المتكررة المتعلقة بتكاليف المعاشات والضرائب، سجلت بوينغ خسارة معدلة قدرها تسعة وأربعين سنتًا للسهم".
وقد استعرض الرئيس التنفيذي كيلي أورتبرغ، الذي تولى منصبه العام الماضي بمهمة إخراج الشركة من أزماتها المتتالية في السلامة والإنتاج، في تقرير الأرباح مدى التقدم الذي تم تحقيقه، بما في ذلك معدلات إنتاج طائرات 737 ماكس الأكثر مبيعًا، وخلال الأشهر الماضية
وشدد أورتبرغ، على تحسن إجراءات السلامة وجودة التصنيع في مصانع بوينغ، في محاولة لاستعادة الثقة بعد سلسلة من الحوادث، من أبرزها حادثة يناير كانون الثاني 2024، حين انفصل غطاء باب عن طائرة 737 ماكس أثناء تحليقها، بعد مغادرتها مصنع الشركة دون تركيب البراغي اللازمة. ولم تسفر الحادثة عن وفيات أو إصابات خطيرة.
وكانت إدارة الطيران الفيدرالية قد اشترطت حصول بوينغ على موافقتها قبل رفع إنتاج طائرات 737 ماكس إلى أكثر من ثمانية وثلاثين طائرة شهريًا، وذلك بعد أن تراجع الإنتاج بشكل كبير إثر الحادث وإضراب نقابي استمر قرابة شهرين أواخر العام الماضي، وقد أظهرت نتائج الربع الأول ارتفاع إيرادات وحدة الطائرات التجارية بنسبة خمسة وسبعين بالمئة على أساس سنوي لتصل إلى ثمانية فاصلة واحد مليارات دولار أميركي، مع تسليم مائة وثلاثين طائرة، مقابل ثلاثة وثمانين طائرة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
في المقابل، أظهرت نتائج استطلاع داخلي للموظفين أجرته الشركة الأسبوع الماضي أن سبعة وعشرين بالمئة فقط من الموظفين يوصون بشدة بالعمل في بوينغ، بينما أعرب سبعة وستون بالمئة عن شعورهم بالفخر بالعمل فيها، انخفاضًا من واحد وتسعين بالمئة عام 2013، كما أشار أقل من نصف المشاركين إلى ثقتهم في قدرة القيادة العليا على اتخاذ قرارات سليمة، وتوضيح التوجهات، والاستجابة لملاحظات الموظفين.
وفي مذكرة داخلية يوم الأربعاء، قال أورتبرغ: "نحن نسير في الاتجاه الصحيح ونحرز تقدمًا مع إعلان نتائج الربع الأول من عام 2025، ومن تسليم المزيد من الطائرات إلى تحقيق اختراقات نوعية في مجال الطائرات المقاتلة المستقبلية، هناك جهود جبارة تبذل على مختلف المستويات، ونحن نلمس نتائج إيجابية في المجالات الأربعة الرئيسية من خطة التعافي، ما يضعنا في موقع قوي لبقية هذا العام وما بعده".
وتواصل بوينغ، إعادة تركيز جهودها على أنشطتها الأساسية، إذ أعلنت يوم الثلاثاء عن بيع أجزاء من وحدتها المعنية بالطيران الرقمي، بما في ذلك وحدة جيبسين للملاحة، إلى شركة ثوما برافو مقابل عشرة فاصلة خمسة وخمسين مليار دولار أمريكي نقدًا بالكامل.
وفي الوقت الذي تعاني فيه وحدة الدفاع التابعة للشركة من تجاوزات في التكاليف ومشكلات متكررة في الجودة، تراجعت إيرادات هذه الوحدة بنسبة تسعة بالمئة خلال الربع الأول لتسجل ستة فاصلة ثلاثة مليارات دولار أمريكي، غير أن بوينغ حققت اختراقًا نوعيًا مؤخرًا بعد أن منحها الرئيس دونالد ترامب عقدًا لتصنيع مقاتلة جديدة بالكامل لسلاح الجو الأمريكي، يطلق عليها اسم إف-47.