يجد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نفسه في موقف يتسم بالحذر والانتظار، حيث يواجه الاقتصاد تحديات كبيرة ناتجة عن موجات من عدم اليقين المتعلقة بالسياسات التجارية والتنظيمية، في ظل تحذيرات متزايدة من مخاطر مالية تهدد الاستقرار.
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
أظهرت تصريحات المسؤولين بأن السياسة النقدية مهيأة بشكل جيد للتعامل مع أي تطورات اقتصادية صعودية أو هبوطية، اهتمامًا متزايدًا بشأن تأثيرات الرسوم الجمركية، والتضخم، وتحديات سوق السندات، وفقًا لما نقلته شبكة CNBC.
ويشهد مفهوم "عدم اليقين"، حضورًا متكررًا في خطابات مسؤولي الفيدرالي مؤخرًا، وقد وردت هذه العبارة 12 مرة في محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية المنعقد في يناير، مع تأكيد على الشكوك المتزايدة حيال مدى وتوقيت التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن تغييرات السياسات التجارية والهجرة فضلاً عن السياسات المالية والتنظيمية.
ويؤثر هذا المناخ من عدم اليقين بشكل مباشر على قرارات الفيدرالي، لا سيما فيما يتعلق بسوق العمل، التي ما زالت تحتفظ باستقرار نسبي، والتضخم الذي يواصل التحرك دون المستوى المستهدف منذ سنوات، ورغم هذا، فإن قلق المستهلكين والمستثمرين حول تأثير الرسوم الجمركية قد يدفع الأسعار للارتفاع مستقبلًا.
معدل التضخم
لم يتمكن الفيدرالي، حتى الآن، من تحقيق هدفه المتمثل في تسجيل معدل تضخم عند مستوى 2% على مدار قرابة أربع سنوات، ومع ذلك، يرى ألبرتو موسالم، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، أن المخاطر تميل إلى ارتفاع التضخم أعلى من هذا الحد إذا ظلت السياسة النقدية مقيدة بشكل طفيف.
تداعيات الرسوم الجمركية
أبدى أوستان جولسبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، حذرًا أكبر فيما يخص تداعيات الرسوم الجمركية، موضحًا أن تأثيرها يعتمد على مدى انتشارها وحجم تطبيقها، مشيرًا إلى أن زيادة هذه الرسوم قد تتسبب في صدمة تعادل أزمة كوفيد، مما يعقّد الأمور أكثر.
واجه محضر الاجتماع كذلك بعض المخاطر الأخرى التي قد تؤثر على الاستقرار المالي، لاسيما فيما يتعلق بمستوى السندات طويلة الأجل التي تحتفظ بها البنوك.
سوق السندات الأمريكية
حذر مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في Moody’s Analytics، من هشاشة سوق السندات الأمريكية التي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 46.2 تريليون دولار، مشيرًا إلى احتمال حدوث انهيار كبير خلال الأشهر الـ 12 المقبلة نتيجة تراكم الديون واختلال النظام المالي.
وفي هذا السياق المضطرب، يرى زاندي أن احتمالات خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة ضئيلة رغم توقعات السوق بخفض يصل إلى نصف نقطة مئوية قبل نهاية العام، ومع ذلك، يبقى الاقتصاد الأمريكي مرنًا نسبيًا حتى الآن وقادرًا على تحمل صدمات متعددة، لكن الأفق يعج بالعواصف القادمة التي تتطلب استعدادًا أكبر لمواجهتها.