إيلون ماسك والسلطة الخفية في الإدارة الأمريكية.. كيف أفلت من قواعد الإفصاح المالي؟

تحول إيلون ماسك، في غضون أسبوعين فقط، إلى أحد أقوى الشخصيات في الحكومة الفيدرالية الأميركية، فبعد أن بدأ العمل في مكتب إدارة شؤون الموظفين الأمريكي، أرسل ماسك بريدًا إلكترونيًا جماعيًا لأكثر من مليوني موظف حكومي يعرض عليهم خيار التقاعد المبكر.

إيلون ماسك

نجح إيلون ماسك أيضًا في إقناع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بمحاولة تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، التي تبلغ ميزانيتها 40 مليار دولار، كما حصل فريقه في وزارة الكفاءة الحكومية على حق الوصول إلى نظام المدفوعات بوزارة الخزانة، وفقًا لتقرير "فوربس الشرق الأوسط".

ولم يكن واضحًا ما إذا كان إيلون ماسك يمتلك سلطة قانونية تخوله تنفيذ أي من هذه المهام، وكانت هناك تساؤلات عما إذا كان يعمل بشكل مستقل بتوجيه من الرئيس ترامب أم أنه موظف حكومي رسمي؟ وأجابت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على هذا السؤال بقولها إن ماسك يعمل كموظف حكومي خاص.

وقال مستشارون سابقون في البيت الأبيض لشؤون الأخلاقيات: "يبدو إن ماسك يتمتع بنفوذ غير مسبوق على الجهاز الإداري الفيدرالي، مما أثار قضايا أخلاقية وربما قانونية، وفقًا لما صرحوا به لـ "فوربس". 

وأضاف ريتشارد بينتر، كبير مستشاري الأخلاقيات في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش: "من الواضح أن هذا يُعد تحايلاً، فالشخص الذي يمارس هذا القدر من النفوذ يُفترض أن يكون موظفًا حكوميًا بدوام كامل ويُطالب بالإفصاح عن ممتلكاته المالية".

وأوضح: "ماسك لا يُعامل كموظف حكومي خاص عادي، إذ إن هذه الفئة، التي تضم بضعة آلاف من الأفراد في أي وقت، تقتصر عادة على أدوار استشارية ذات نطاق محدد، وليس مناصب تمنح نفوذًا واسعًا على الموظفين الحكوميين".

وتابع: "المسألة هي أن شخصًا يتمتع بهذا القدر من السلطة لا ينبغي أن يكون موظفًا حكوميًا خاصًا. هذا التصنيف ليس مجرد تفصيل فني، إنهم لا يريدون أن يعرف الشعب ما يملكه ماسك أو ما هي حيازاته المالية، إنهم يتجنبون قانون الإفصاح".

من جهته، قال سكوت بوج، المستشار العام لمشروع الرقابة على الحكومة: "ماسك بغض النظر عن المتطلبات القانونية، ويجب أن يتجاوز الحد الأدنى منها حتى لا تكون هناك أي تساؤلات بشأن تداخل مصالحه الشخصية مع عمله في خدمة دافعي الضرائب، والشفافية ضرورية، ليس فقط فيما يتعلق بنماذج الإفصاح الأخلاقي، ولكن أيضًا فيما يخص اجتماعاته، أنشطته، ونتاج عمله، لضمان أنه يعمل حقًا من أجل المصلحة العامة". 

ثروة ماسك

يعرف الناس مصدر الجزء الأكبر من ثروة إيلون ماسك، والتي تُقدر بـ 420 مليار دولار حتى 4 فبراير. يشكل نصيبه في شركة "تيسلا" المدرجة في البورصة، والذي يبلغ 210 مليارات دولار، الجزء الأكبر من هذه الثروة. كما أن حصصه في شركاته الخاصة المعروفة، مثل "سبيس إكس"، و"إكس" (تويتر سابقًا)، و"xAI"، و"نيورالينك"، و"ذا بورينغ كومباني"، والتي تُقدر قيمتها الإجمالية بـ 191 مليار دولار، معروفة أيضًا. تجدر الإشارة إلى أن هذه الشركات تخضع للقواعد التنظيمية للحكومة الفيدرالية، وفي بعض الحالات، تربطها علاقات عمل مع هذه الحكومة.

وتعتمد "سبيس إكس" على عقود حكومية بمليارات الدولارات، كما تعاونت سابقًا مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الوكالة التي يسعى ماسك الآن إلى إغلاقها. في حين تعتمد "تيسلا" بشكل كبير على السوق الصينية، التي تعد أكبر أسواقها وأكبر منتج لسياراتها، لكن ماسك يمتلك أيضًا نحو 9.5 مليارات دولار نقدًا أو في استثمارات سائلة، من عمليات بيع سابقة لأسهمه في "تيسلا"، وهي أصول غير معلنة للعامة.

كما يدين رجل الأعمال بمبالغ تصل إلى 3.5 مليارات دولار للبنوك التي منحته قروضًا شخصية بضمان 238.4 مليون سهم من "تيسلا" تبلغ قيمتها نحو 92 مليار دولار، وفقًا لسياسة الرهن التي كشفت عنها الشركة في تقاريرها المالية.

من جانبه، قال دون فوكس، المدير السابق بالإنابة لمكتب الأخلاقيات الحكومية خلال إدارة أوباما: "نظرًا لضخامة ثروته، من المستحيل حصر جميع تعارضات المصالح المحتملة، وماسك ملزم قانونيًا بتقديم نموذج الإفصاح المالي "OGE 450" حتى لو لم يكن يتقاضى أجرًا، ويجب على جميع الموظفين الحكوميين الخاصين تقديم إفصاح مالي، وإلا فلن يكون هناك سبيل للتأكد من عدم وجود تعارض في المصالح".

قانون تضارب المصالح الجنائي

يجب على جميع الموظفين الحكوميين الخاصين، مثلهم مثل الموظفين الحكوميين بدوام كامل، الامتثال لقانون تضارب المصالح الجنائي، ويحظر هذا القانون عليهم المشاركة الشخصية والمباشرة في أي مسألة رسمية يكون لديهم مصلحة مالية فيها، وذلك وفقًا لمكتب الأخلاقيات الحكومية، وتبلغ المدة القصوى للتقادم على هذا القانون خمس سنوات، كما ذكر بينتر.