بسم الله الرحمن الرحيم "وإن ينصركم الله فلا غالب لكم" صدق الله العظيم .. بهذه الآية الكريمة يبدأ اللواء دكتور عبدالحميد خليفة، ذكرياته عن نصر أكتوبر قائلًا: "نعم بفضل من الله وبعزيمة الأبطال تمكنا من العبور العظيم، في ملحمة بطولية تعتبر فريدة في كل مراحلها، بالرغم من امتلاك العدو لأحدث المعدات والأسلحة ومساندة أمريكا لهم بأحدث التكنولوجيا، ولكن بفضل الله وإرادته وعزيمة الرجال قادة وضباطًا وصفًا وجنودًا تم العبور ودحر العدو وتكبيده أكبر الخسائر في الأفراد والمعدات.
ولد اللواء عبدالحميد خليفة في 9 نوفمبر 1947م في قرية روافع القصير بمحافظة سوهاج وهو واحد من تلامذة اللواء جلال محمود فهمي الهريدي، مؤسس سلاح الصاعقة المصري، حاصل على ماجستير في العلوم العسكرية وحاصل على دكتوراه في القانون الدولي، كما حصل على 11 وسامًا عسكريًا أعلاها وسام نجمة الشرف العسكرية.
وأثناء حرب الاستنزاف قاد عمليتين مميزتين بشهادة المحللين والخبراء العسكريين المحليين والعالميين كانت إحداهما الرد بقسوة على العدو الغاشم الذي ضرب بالطيران مدرسة بحر البقر الابتدائية وإليه أشار الرئيس السادات "ابني عبدالحميد ".. ويقول اللواء خليفة في الذكرى 47 لنصر أكتوبر: كان لي شرف الاشتراك وبنفس مجموعتي الأبطال من قوات الصاعقة البواسل، سواء في حرب الاستنزاف عقب جولة عام 67 في الاشتباكات التي كانت (شبه يومية) أو بقيادتي لهم خلف خطوط العدو مرارًا، أهمها للرد على إغارة طائرات العدو الغادرة على مدرسة ( أطفال) بحر البقر في (8 إبريل 70) بعد أسبوع واحد أي في ( 16 إبريل 70) وقيامنا بتدمير أقوى دباباتهم السونتريون (الإنجليزية الصنع) وقتل 12 (من الجنود والصف والضباط) ردًا على إغارتهم الغاشمة هذه، وكسر شوكتهم.. ونعود بفضل من الله دون خسائر.
ويستكمل اللواء خليفة ولنجاحنا في هذه العملية وبنفس مجموعتي الأبطال "السيد محمد علي وعبدالله مصطفى وعبدالرؤوف جمعة وأبو الحمد سيد أحمد ومحمد عبدالرحمن وحسن خليل وكامل قرني وشكري هاشم وحماد إبراهيم وفاروق هيكل"، وإضافة بطلان آخران البطل محمد التميمي وهو (دفعتي ) ليكون مساعدا لي وليحل محلي في حالة استشهادي والبطل الرقيب خليفة متري لتميزه وبمشاركه نفس بطلي الضفاضع البشرية (عزت طلبة والسويفي) اللذان شاركونا عملية الرد على إغارة الإسرائيليين على مدرسة أطفال بحر البقر.
تفاصيل عملية السبت الحزين على إسرائيل:
ولكن هذه العملية كانت أكثر تعقيدا، حيث تم تكليفنا بإحضار أسيرا حيا من قواتهم الخاصة لاستجوابه ولمعرفة نواياهم، فقمنا وبإشراف البطل محمد رشاد عمران (حيث أشرف على جميع العمليات التي قمنا بتنفيذها)، وقد تم تنفيذ هذه العملية يوم السبت 30 مايو 70 على قوات اللواء 35 قوات خاصة إسرائيلي، لندمر مدرعاتهم ونقتل 40 فردا من ضباطهم وجنودهم ونحصل على أسرى (يائير دوري تسفي) السباح العالمي وآخر فارق الحياة أثناء رحلة العودة، كما يتم تدمير دبابتان آخرتان أثناء العودة بواسطة البطل رشاد عمران والبطل سمير البهي رحمه الله.. لتزيد خسائر الإسرائيلين إلى 7 مدرعات و45 قتيلا، وقد تمكنت مجموعة البطل شعبان حلاوة من تدمير عدد آخر من المدرعات والحصول على أسير ثالث (بنحاس ديفيد) ..ولشدة خسائرهم في هذا اليوم ( السبت 30 مايو 70) أطلقت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك ( جولدامائير ) على هذا اليوم (السبت الحزين).
ويكمل البطل، لم يغادر الرئيس البطل جمال عبدالناصر مكتبه إلا بعد أن اطمأن على عودتنا سالمين ونجاح العملية، ولشدة خسائرهم طلبت إسرائيل وبوساطة أمريكية وقف عمليات حرب الاستنزاف، وقد وافق الرئيس عبدالناصر لنتمكن من تحريك قواعد الصواريخ من الخلف إلى الجبهة استعدادا للمعركة الشاملة، ولكن وافته المنية في أواخر سبتمبر 70.. ليتولى الرئيس البطل محمد أنور السادات المسئولية والذي أعلن أن عام 71 عاما للحسم، ولكن انتهى عام 71 دون حسم فتذمر كثيرا من طوائف الشعب المصري العظيم، وفي منتصف 72 فوجئت باستدعائي إلى وزارة الحربية وكنت رتبة صغيرة وسط جميع القادة الحاضرين، حتى راودني الشك أن استدعائي هذا جاء بنوع الخطأ، وبوصول السيد الرئيس السادات وأثناء خطابه ليؤكد أن العام القادم ( 73) سوف يكون عاما للحسم ( ليس) اعتمادا على مساعدة دولة كبرى ولكن اعتمادا أولا على الله الذي سوف ينصرنا لأننا أصحاب حق، والثانية اعتمادا على أبنائي الأبطال أمثال ابني "عبدالحميد خليفة" وطلب مني أن أقص على السادة الحاضرين ملحمة (السبت الحزين) وبعد أن انتهيت من سرد أحداث العملية وحصولنا على الأسرى، فعلق رحمه الله: بأن الجيش البطل في جميع الأسلحة والتخصصات مليئة بالأبطال مثل ابني عبدالحميد خليفة.. ولم يتبق أمامه سوى اختيار توقيت الحرب فكانت ملحمة 6 أكتوبر 73 العاشر من رمضان.. ليكون نصيبي فيها العمل وبنفس سريتي الأبطال.
٢١٠ يوم خلف خطوط العدو
ويضيف البطل: تم إبرارنا بالطائرات خلف خطوط العدو وعلى مسافة 350 كم بين السلاسل الجبلية في أقصى جنوب سيناء بهدف حجز احتياطيات العدو في أقصى جنوب سيناء وحرمانها من تقديم المساعدة لقواتهم أثناء عبور قواتنا للقناة.. لتطول مدة مهمتنا القتالية لإرباك قيادات العدو ومنع احتياطياتهم من التحرك لتصل مدة مهمتنا إلى ( 210 أيام) متصلة دون إمدادات تم فيها تنفيذ العديد من العمليات المخططة والغير مخططة ( التصادمية)،حيث تم تكبيد العدو خسائر فادحة في أبو رديس وأبو زنيمة وغرندل والطور وشراتيب وفيران والجبال السمراء ووادي بعبع، والتيه.
بالإضافة إلى ما نفذه أبطال آخرون في منطقة الجنوب بالزوارق البحرية كالأبطال عمرو منصور وسمير البطوطي وعمليات الأبطال مجدي شحاته وأحمد صليحه ورضوان يوسف وإبراهيم ذيادة ثم يسارا الأبطال سامي فضل ورفعت ومحمد السيد حسن والسيد درويش ومحمود منصور والبطل (حسين مسعود) ليقوم بمهمة إمدادهم بالمؤن والأسلحه البطل (نبيل أبو النجا) .
وعن أهم دروس الحرب، يقول اللواء خليفة، إن البطولة مصدرها الشعب المصري العظيم مسلمون ومسيحيون ومساندتهم لنا، وتأثر الأبطال جميعا بتواجد قامات ليست عسكرية كالبطل العظيم المتميز حمدي الكنيسي (وصوت المعركة) وزيارته لجبهة القتال والخال عبدالرحمن الأبنودي وكلماته التي كانت تؤثر فينا ضباطا وجنودا (كوجوه على الشط) وما يقدمه الآن الكاتب المتميز العميد محمد نبيل في كتابه (الولاد والأرض).
كما ذكر أستاذنا (يوسف القعيد) في إحدى اللقاءات، أن الجريمة انعدمت أثناء الحرب والعمليات طبقا للتقارير الرسمية في هذه الفترة (هذا هو الشعب المصري العظيم).
وتعرفت خلال هذه الفترة على أبطال (بدو جنوب سيناء) علي وصبحي ثم حسين وعليان ومحمود ثم بعض من ذويهم كالبطلة فاطمة والبطلة أم حميدة وحميدة وصالحة وستيت بعد أن اطمأنوا لنا.. وخاصة بعد أن تسللنا إلى أحد مخازنهم وأخذنا بعض المؤن الضرورية.. وقد تركت مبلغا من مرتبي عن شهر أكتوبر الذي كان في جيبي لاستلامنا المرتب قبيل الإبرار.. فكانت دون أن أقصد ردا قاطعا على أكاذيب الإسرائيليين على البدو الأبطال بادعائهم أن عندهم معلومات مؤكدة أن الصاعقة المصرية سوف تقوم بقتل (البدو) قبل (الإسرائيليين)، لذا أدرك أبطال البدو أكاذيب الإسرائيليين عليهم وأصبحو عونا لنا وعزوة ومصدرا للمعلومات الدقيقة.
وقد كتبت هذا بكل الصدق والأمانه وطلبت تكريمهم بواسطة السيد رئيس الجمهورية، وبعد أن تأكد المسئولون من صحة جميع المعلومات تم منحهم أوسمة الامتياز من الطبقة الأولى بواسطى السيد رئيس الجمهورية.