توقع عدد من المصرفيين وأصحاب شركات الصرافة استمرار تراجع سعر صرف الدولار خلال النصف الثانى من 2017 ليتراوح ما بين 16 جنيهاً حتى 17 جنيهاً، مؤكدين أن التراجع الذى شهده الدولار خلال الفترة الماضية يُعد مؤشراً جيداً لتحسن الأوضاع الاقتصادية وضبط سوق الصرف، فضلا عن تقنين وتقليص عمليات الاستيراد وبخاصة للسلع غير الضرورية، وهو الأمر الذى يساهم فى تخفيف الضغط على الدولار.
وأشاروا إلى أن سعر صرف الدولار شهد حالة من عدم الاستقرار على مدار الـ 4 سنوات الماضية، كما شهد رواجاً للسوق السوداء فى فترة ما قبل تحرير سعر الصرف، حيث كانت الفجوة بين السعرين فى السوق الرسمى وغير الرسمى كبيرة، فكانت جاذبة للعملاء للتعامل بها بعيدا عن البنوك، حيث كان الدولار يسجل رسمياً قبل التعويم 8.88 جنيه، بينما وصل الى حوالى 20 جنيها فى السوق الموازي.
وكان البنك المركزى المصرى قد قرر فى 3 نوفمبر 2016 تحرير سعر صرف الجنيه امام العملات الأجنبية ليرتفع سعر صرف الدولار مباشرة من 8.88 جنيه لـ 13 جنيهاً، ثم استمر الدولار فى الارتفاع حتى وصل الى 17 جنيهاً فى الأيام الاولى بعد التعويم ووصل فى بعض الأحيان الى 18.95 جنيه، ثم عاود مرة أخرى ولو بنسب غير كبيرة.
فى البداية.. توقع إسماعيل حسن.. رئيس بنك مصر- إيران تراجع سعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة، حيث إن اتجاه العملة الصعبة سيكون ناحية الإنخفاض ما لم يحدث ما يعطل هذا الاتجاه، إلا أنه أكد صعوبة تحديد نسبة تراجع سعر الدولار بنهاية 2017.
وأوضح حسن أن الانخفاض التدريجى الذى طال الدولار خلال الفترة الماضية يعد من أكبر المؤشرات الدالة على استمرار تراجع سعر صرف العملة الصعبة مستقبلا، مشيرا إلى أن أسباب هذا التراجع تتمثل فى عزوف المواطنين عن شراء السلع المستوردة غير الأساسية والتوقف عن شرائها، لاسيما مع صعوبة الوضع الاقتصادى، الامر الذى ساهم فى تخفيف الضغط على العملة الخضراء وتقليل الطلب عليها.
وأشار حسن إلى أنه عند تراجع سعر الدولار من المفترض أن تتراجع أسعار السلع والمنتجات المستوردة، ومن هنا يظهر التأثير الإيجابى على انخفاض السلع الأساسية.
ومن جانبه توقع الخبير المصرفى.. محمد بدرة أن يشهد سعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة انخفاضات طفيفة لا تتعدى 10 قروش أو 20 قرشا ، مشيراً إلى أن الطلب على الدولار يزداد دائماً فى شهر ديسمبر من كل عام، حيث يتم فتح الاعتمادات المستندية للمصانع والتجار والمستوردين حتى يتم الاستفادة من انخفاض الأسعار فى أوروبا والدول التى يتم الاستيراد منها .
وأوضح بدرة أن الاعتمادات المستندية التى سيتم فتحها خلال شهر ديسمبر القادم والتى تشكل ضغطا على الدولار ليس له علاقة بسداد ديون نادى باريس، وهو أمر يختص به البنك المركزى، وهو ملتزم به، مشيرا الى ان الاحتياطى الأجنبى شهد زيادة كبيرة ووصل الى 36.03 مليار دولار، مما يدلل على زيادة الثقة والاطمئنان فى الوضع الاقتصادى.
وأشار إلى أن مكتنزى الدولار سيعملون خلال الفترة الحالية على التخلى عن الدولار، لاسيما مع وجود اتجاه نزولى لسعره فى سوق الصرف، متوقعاً أن يتراوح سعر صرف الدولار بين 16 جنيه الى 17 جنيها خلال النصف الثانى من العام الحالى.
وأضاف بدرة أنه من الطبيعى ان تتراجع اسعار السلع والمنتجات مع تراجع أسعار صرف الدولار لاسيما وان ارتفاع سعر الدولار كان يقابله بشكل لحظى ارتفاع فى كافة السلع والخدمات، مشيراً إلى أن التجار يحسبون قيمة السلع والمنتجات وفقا لمكاسبهم وأرباحهم، حيث يستفيدوا بارتفاع سعر الدولار ويرفضون خفض الأسعار بعد تراجع سعره.
وأوضح أن هذا الأمر ليس له علاقة بالسياسة النقدية، بل هو مرتبط بالرقابة ومتابعة الأجهزة الحكومية والرقابية للأسواق والسيطرة عليها حتى يشعر المواطن بتراجع سعر الدولار عند شراء السلع والخدمات بأسعار أقل مما كانت عليه.
ويرى أحمد الخولى.. رئيس قطاع الخزانة ببنك التعمير والإسكان أن سعر صرف الدولار لن يشهد تغييرات كبيرة خلال النصف الثانى من العام الحالى 2017 ، متوقعا ان يبقى سعر صرف الدولار مستقرا مع إمكانية حدوث تراجع طفيف، مشيرا إلى أن عمليات الاستيراد تراجعت كثيرا عما كانت عليه سابقا .
وأوضح الخولى أن البنوك نجحت فى اختبار توفير الدولار لاستيراد السلع الأساسية فى مواسم الاستيراد والتى تشكل ضغطا كبيرا على الدولارمثل مواسم شهر رمضان والعمرة والحج، والتى مرت بسلام دون وجود مشاكل ، متوقعا ان يتحرك سعر صرف الدولار ما بين 16 جنيهاً الى 17 جنيها بنهاية ديسمبر 2017.
واضاف انه ليس هناك رغبة لدى الحكومة حالياً لتقليل سعر الدولار بشكل كبير بهدف الحفاظ على الميزة التنافسية للجنيه المصرى أمام الدولار والعملات الأجنبية الاخرى لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية والمستثمرين لاستثمار أموالهم داخل مصر، فضلاً عن الحفاظ على استمرار تدفق تحويلات المصريين بالخارج، مشيراً إلى أن البنك المركزى المصرى كان قد أعلن عن ارتفاع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر مايو 2017 بمعدل ٪11.1 لتسجل نحو 1.7 مليار دولار مقابل نحو 1.5 مليار دولار خلال شهر مايو 2016، كما ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الفترة من نوفمبر إلى مايو 2016/2017 بمقدار 1.1 مليار دولار لتسجل نحو 11.0 مليار دولار مقابل نحو 9.9 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالى السابق .
وعن إمكانية تراجع أسعار السلع فى الاسواق بتراجع سعر صرف الدولار، أكد رئيس قطاع الخزانة ببنك التعمير والإسكان أنه ليس شرطاً أن تتراجع أسعار السلع بانخفاض الدولار، لاسيما أن التراجع طفيف للغاية حتى الآن، ولكى يكون هناك ربط بين تراجع الدولار وأسعار السلع، يجب ان يكون هناك التراجع فى سعر صرف الدولار بدرجة كبيرة.
وأضاف أنه ليس من السهل قيام التجار بخفض أسعار المنتجات والسلع، حيث يفضلون الاحتفاظ بسعر المنتج العالى طبقا لقيمة الدولار التى تم استيراد السلع على أساسه، هذا فضلاً عن الطابع الاحتكارى الذى يتميز به السوق المصرى، حيث إن السوق لايوجد به تنافس أو تنوع بين عدد الشركات المنتجة للسلع، مشيرا الى أن هناك عدداً معيناً من الشركات تسيطر على السوق وهى التى تقوم بتحديد أسعار السلع والمنتجات دون وجود رقابة قوية من جانب الاجهزة المسئولة.
وأوضح أحمد فودة.. مدير شركة مصرالسعودية للصرافة أن سعر الدولار فى شركات الصرافه يسجل 17.85 جنيه للشراء و 18 جنيهاً للبيع بعد القضاء تماماً على السوق السوداء، والتى لم يعد لها وجود على الإطلاق.
وأضاف فودة أن المؤشرات تؤكد تراجع سعر صرف الدولار خلال الـ 6 أشهر المقبلة، لاسيما مع قيام الحكومة المصرية بتخفيض قيمة الدولار الجمركى من 16.5 جنيه الى 16.25 جنيه بعد تثبيت على مدار 3 أشهر متتالية، مشيرا الى أن الدولة لديها رؤية واضحة فى تقنين عمليات الاستيراد .
وأشار فودة إلى أن العامل الأساسى لارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه هو تقنين عمليات الاستيراد باعتباره يشكل ضغطا كبيرا على الدولار ويزيد الطلب عليه، موضحاً انه مع تقليل الاستيراد خلال الفترة الماضية بالتزامن مع قيام البنوك بتوفير الدولار لكافة العملاء والمستوردين وتغطية كافة الاعتمادات المستندية وإنهاء الطلبات المعلقة فإنها ساهمت فى القضاء على السوق السوداء بنسبة كبيرة تتخطى الـ ٪90.
وأضاف أن الطلبات الباقية حالياً فى حاجه لمبالغ ضعيف تتراوح بين 10000 الى 15000 دولار، والتى يمكن توفيرها من خلال شركات الصرافه بسهولة، هذا فضلا عن أن فرق السعر بين السوق السوداء والسوق الرسمى لا يتعدى قرشاً أو قرشين على أقصى تقدير، وهو ما لا يحظى بقبول لدى العملاء عكس الفترة التى كان فيها الفرق بين السعرين كبير جدا ويتراوح بين 5 الى 6 جنيهات فى بعض الأحيان ما كان يجبر العملاء على التوجه الى السوق السوداء.
وأوضح أن أكبر دليل على عدم وجود سوق سوداء هو قيام شركات الصرافة بتوفير كميات كبيرة من الدولار– تاريخية على حد وصفه– الى البنوك من خلال الإنتربنك، مشيراً إلى أن شركته بمفردها توفر للبنك المتعاملة معه ما يصل الى 1.5 مليون دولار يوميا، لافتا الى أن البنوك تحدد هامش ربح لشركات الصرافة وهى طريقه فعالة ناجحة ساهمت فى القضاء على السوق السوداء.
وأكد فودة أنه مع تراجع سعر الدولار يجب ان يتبعه تراجع فى اسعار المنتجات والسلع، وهذا لم يحدث الامر الذى يتطلب وجود رقابة قوية من جانب الحكومة والمسئولين ومتابعة عمليات البيع والشراء بالأسواق، مشيرا الى ان التجار كانوا يستغلون ارتفاع سعر صرف الدولار ويقومون برفع الأسعار على الفور حتى لو كانت المنتجت قديمة ومخزنة ولم يتم استيرادها بالسعر الجديد للدولار بعد زيادته.
كما أكد على الحريرى.. سكرتير عام شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرفة التجارية أن سعر صرف الدولار حاليا يشهد حالة من الاستقرار، لاسيما مع قيام البنوك بتوفير كافة الطلبات الاستيرادية للعملاء والمستوردين، بالإضافة الى القضاء على السوق السوداء.
وأضاف الحريرى أن الفائض من الدولار يتم بيعه لأحد البنوك من خلال الإنتربنك، لاسيما أن كل شركة صرافة تتعامل مع بنك من البنوك العاملة فى السوق المصرى، موضحاً ان شركته تبيع ما يقرب من 100 الى 150 ألف دولار على يومين من خلال الإنتربنك، حيث إن دور شركات الصرافة حالياً يقتصر على شراء وبيع الدولار للعملاء ويتم بيعه للبنوك إذا لم يكن هناك إقبال عليه من جانب هؤلاء العملاء.
وعن رؤيته لمستقبل سعر صرف الدولار خلال الـ 6 أشهر المقبلة، أكد الحريرى أنه من الصعب تحديد سعر صرف الدولار سواء بالصعود أو الهبوط خلال الفترة المقبلة، موضحاً انه بشكل عام حال حدوث تراجع فى سعر صرف الدولار يجب ان تنخفض أسعار السلع والمنتجات، خاصة التى يتم استيرادها من الخارج أسوة بما يفعله التجار عند قيامهم برفع أسعار السلع والخدمات عقب ارتفاع سعر الدولار مباشرة.
أشار إلى أن بعض مراكز الدراسات الاقتصادية وبنوك الاستثمار أعدت تقارير حول سعر صرف الدولار تشير فيها الى احتمالية استقراره عند حد الـ 16 جنيها بنهاية 2017.