مع عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية بفوزه في الانتخابات الأمريكية، تجد أوروبا نفسها في موقف حرج يتطلب إصلاحات اقتصادية جذرية. من المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة لبحث الاستراتيجيات اللازمة للتصدي للتحديات المحتملة، خاصة في ضوء تقرير رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، ماريو دراجي، الذي يحدد خارطة الطريق الاقتصادية للاتحاد خلال السنوات الخمس المقبلة. يتوقع من دول الاتحاد الأوروبي زيادة استثماراتها السنوية بما يصل إلى 800 مليار يورو لتقليل الفجوة مع الولايات المتحدة وتفادي المخاطر الاقتصادية.
دعوة عاجلة للاستثمار والاقتراض المشترك
أصدر دراجي تقريره الضخم، الذي يتضمن أكثر من 400 صفحة، مشيراً إلى أهمية الاستثمار والتمويل لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبرى التي تنتظر الاتحاد الأوروبي. التقرير يدعو لتمويل مشاريع ضخمة ورفع مستوى التعاون المالي، بما في ذلك الاقتراض المشترك، وهي فكرة لطالما عارضتها ألمانيا. كما يقترح التقرير ضرورة إصلاح سياسات المنافسة لتعزيز الإنفاق الاستثماري.
عودة ترامب وتداعياتها على الاقتصاد الأوروبي
ترى أوساط البحث الأوروبية، مثل صندوق مارشال الألماني، أن فوز ترامب قد يزيد من أهمية تقرير دراجي، خاصة مع توقعات بإمكانية فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية أعلى على المنتجات الأوروبية. وعبّر إيان ليسر، نائب رئيس الصندوق، عن أن تقرير دراجي يصبح أكثر إلحاحاً في ظل هذه التطورات، حيث يعد بمثابة تحذير من "معاناة بطيئة" قد تصيب أوروبا إذا لم تتخذ الخطوات المناسبة للتعامل مع هذه التحديات.
الزعماء الأوروبيون يبحثون عن مصادر تمويل
في مسودة بيان تم تسريبها لوكالة فرانس برس، أكد قادة الاتحاد الأوروبي على "الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات حاسمة"، متعهدين بدعم مقترحات دراجي لتعميق السوق الموحدة وإنشاء اتحاد أسواق رأس المال لتعزيز حشد رؤوس الأموال الخاصة. لكن يظل الخلاف قائماً حول كيفية جمع التمويل اللازم، خاصة مع مقاومة بعض الدول، مثل ألمانيا، لفكرة تحمل ديون مشتركة لتمويل الاستثمارات.
أوروبا بين الحاجة للتعاون والتردد في التنفيذ
من المتوقع أن يكون تقرير دراجي أساساً لمزيد من النقاشات، حيث تقر جميع الدول الأوروبية بضرورة الاستثمار المكثف، لكن التحديات تكمن في كيفية التنفيذ. مع استمرار التردد الألماني في تحمل ديون إضافية، يخشى البعض من أن يظل هذا التوجه مجرد كلمات دون أفعال.
وتأمل أوروبا أن يثمر هذا الاجتماع عن خطوات عملية لتفعيل توصيات دراجي، خاصة في ظل الحاجة الملحة لتعزيز التعاون الاقتصادي ضمن مجالات الدفاع والطاقة والاتصالات، إلا أن التحفظات الوطنية قد تعرقل تنفيذ هذه الرؤى الطموحة.