حالة من الارتباك المفاجئ والفزع والغموض سيطرت على العالم بعد وقائع انفجارات أجهزة الاتصالات اللاسلكية (البيجر) التى حدثت فى لبنان إثر الاختراق الأمني الكبير الذى أصاب حزب الله، وتسبب فى مقتل وإصابة ما يزيد على 3 آلاف شخص خلال نصف ساعة فى اليوم الأول، فضلًا عن الانفجارات التى حدثت أمس وخلفت أيضًا عددًا من الإصابات.
اتهامات إسرائيل والشركة التايوانية وراء انفجارات لبنان
الجميع أصبح متخوفا من تكرار مثل هذه النوعية من الاختراقات أو الاغتيالات على مستوى العالم، وخاصة العالم العربي المستورد لجميع أنواع الأجهزة الإلكترونية.
كما فسر البعض الآخر أنها عملية معدة مسبقًا للقضاء على حزب الله، وبين تلك الترجيحات أصدرت إسرائيل العديد من التقارير التي تؤكد أنها وراء هذا الحادث، ولكن تم تنفيذه سريعًا لشعورها بأن حزب الله اقترب من معرفة السر الذى تم إخفاؤه 5 شهور منذ توريد هذه الأجهزة.
منذ اللحظة الأولى للانفجار أصابع الاتهام اتجهت إلى إسرائيل بالطبع، ولكن كان يقاسمها الاتهام الشركة المصنعة لأجهزة البيجر، خاصة بعدما كشف مصدر أمني لبناني كبير أن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع كمية صغيرة من المتفجرات داخل شحنة من أجهزة "بيجر" طراز "إيه آر 924"، طلبها حزب الله قبل أشهر من تايوان.
ولكن الشركة نفت تلك الاتهامات، وأكدت خلو مسؤوليتها، حيث قالت الشركة التايوانية جولد أبو للو، إن أجهزة بيجر من طراز "إيه آر 924" المستخدمة في انفجارات لبنان صنعتها شركة "بي.إيه.سي كونسلتينج" ومقرها في بودابست.
حكاية الشركة الهنجارية المشبوهة
وأضافت أنها منحت الترخيص لتلك الشركة لاستخدام علامتها التجارية، نافية المشاركة في إنتاجها، ومن خلال البحث عن "بي.إيه.سي كونسلتينج"، بحسب عدد من المواقع تم الكشف عن أن موقع الشركة الرسمي على الإنترنت، لكنه بدا معطّلا واقتصرت المعلومات عنها في أحد محركات البحث على معلومات الخدمات التي تقدمها الشركة، مشيرة إلى أن لديها خبرة لما يزيد على عقد من الزمان.
كما أشارت إلى أنها "تعمل دوليا كوكلاء للتغيير مع شبكة من الاستشاريين الذين يضعون معرفتهم وخبرتهم وإنسانيتهم في مشاريعنا في رحلة مترابطة وأصيلة!".
فيما كشف موقع إسرائيلي أن موقع شركة BAC على الإنترنت يذكر أن رئيستها التنفيذية ومؤسستها هي كرستينا أرتشيدياكونو برسونى تحمل الجنسية الإيطالية.
كما أوضح أن الشركة متخصصة في الاستشارات في مجالات مختلفة، بما في ذلك البيئة والتنمية والعلاقات الدولية. أما مقرها الرسمي المقدم فهو بودابست.
شركة وهمية أطراف أوروبا
وبث القناة العاشرة الإسرائيلية تقريرا مصورا مترجما باللغة العربية تحت عنوان من المصنع فى تايوان إلى الشقة المشبوهة فى بودابست، وعرضت لقطات من تفجيرات لبنان، مشيرة إلى أن هناك تساؤلات كثيرة ظهرت بشأن سلسلة التفجيرات فى لبنان.
ونوه التقرير العبرى بأن هناك كثيرا من التقارير المتضاربة، لكن أمرًا واحدًا برز من بينها أن هذه العملية لم تبدأ من لبنان.. إنما بعيد عنها كل البعد كما أن أصابع الاتهام وجهت إلى تايوان لمصنع أجهزة الاتصال جولد أبولو والتى تعمل قريبًا من العاصمة تايبى.
وأشار التقرير إلى أن ملصقات علامة الشركة التى تم كشفها خلف الأجهزة المتفجرة تحولت مرة واحدة اللوم إلى الشركة المصنعة لهذه الأجهزة القديمة، وسارعت الشركة بالإعلان عن عدم وجود علاقة لهم بالأحداث، وأنها وقعت عقدا منذ عدة سنوات مع شركة هنجارية والذى منحها حق تسويق المنتج فى أماكن محددة تحت نفس اسم العلامة التجارية.
وأشاروا إلى الجهة التى صدرت الأجهزة لحزب الله فى لبنان والتى تعمل تحت اسم بي.إيه.سي كونسلتينج، ومقرها فى مبنى متواضع بعيد جدًا فى أوروبا عند أطراف بودابست فى هنجاريا.
من هى كرستينا أرتشيدياكونو برسونى؟
وأوضحت الشركة التايوانية أنه بعد سنوات من التعامل مع الشركة الهنجارية تم اكتشاف أنها شركة مشبوهة، كاشفًا أن الدفعات المالية للشركة أثارت الاستغراب، حيث إنها كانت تصل من الشرق الأوسط، وبعد اكتشاف أمرها تم إزالة الموقع الرسمى لشركة BAC من الشبكة ووضع مكانه معلومات عامة ليست لها علاقة بموضوع أجهزة الاتصال.
وركز صاحب الشركة على أنه ضحية وأنه رجل أعمال، ولا يمكن أن يشارك فى هجوم لبنان.
الغريب أيضًا فى الأمر هوية مديرة الشركة الهنجارية والتى أثارت الشبهات، وهى كرستينا أرتشيدياكونو برسونى الإيطالية، والتى وصفت نفسها كمستشارة لهيئات دولية كثيرة مثل اليونسكو، وفى مجالات أخرى متعددة كلها ليست لها علاقة بموضوع إنتاج وتصدير أجهزة الاتصال، مؤكدة فى تصريح مقتضب لها قبل اختفائها أنها سمسارة فقط.