أثبتت التجارب العمرانية الكبرى أن المطور العام هو كلمة السر في المنظومة، خاصة في حالات بناء المدن المتكاملة وتنفيذ المشروعات الضخمة، وتؤهله إمكانات القوية من سرعة الإنجاز وصناعة منتج عقاري متطور يناسب كافة شرائح العملاء، كما يُسهم في القضاء على البيروقراطية الناجمة عن تداخل الكثير من الجهات على المشروع العقاري، وإنهاء كافة الإجراءات اللازمة في وقت قصير وزمن قياسي.
فكرة عمل المطور العام في مصر أصبحت واحدة من أهم الأدوات التي لابد من تعميمها وبقوة خلال الفترة المقبلة، خصوصًا وأن السوق العقاري عانى من ندرة الأراضى المرفقة، ثم جاءت تجربتا "العاصمة الإدارية" و "مستقبل سيتي" لتؤكدان على نجاح آلية العمل بهذه المنظومة، خاصة وأن هناك مناطق في مصر نمت في السابق بسببها مثل المقطم والزمالك والمعادى، إضافة إلى استمرار تطبيقها فى عدد كبير من دول العالم.
يحرص المطور العام في كل مشروعاته على بتنفيذ عملية البنية التحتية للمشروعات العقارية ثم إعادة توزيع الأرض على متوسطي وصغار المطورين وهو ما يرفع عن كاهلهم عبء عملية الترفيق بشكل كبير، ولكن يشترط ذلك تميز المطور العام بالقدرة على إدارة المخاطر، وضمان الجودة وتحقيق التنمية المستدامة.
مطورون عقاريون قالوا إن العمل تحت مظلة المطور العام في المشروعات المستقبلية أن هو الوسيلة الأفضل لتطوير المدن الكبرى وخلق مجتمعات تتسم بالذكاء والاستدامة، مع الإسراع في وتيرة معدلات التنفيذ والتسليم.
قال أحمد عبد الله، نائب رئيس مجلس إدارة شركة "ريدكون بروبرتيز"، إن المطور العام هو من يقوم بالاستحواذ علي قطعة أرض كبيرة ويجري كافة الدراسات اللازمة ويستعين بالاستشاريين المتخصصين لتخطيط الأرض إلى قطع أراضي مرفقة ولها شبكة طرق وخدمات وشبكات مرافق ليتضمن المشروع مشروعات أخري داخل المشروع الرئيسي طبقا للأنشطة المحددة بالمشروع الرئيسي.
وأضاف عبد الله، في تصريحات خاصة لـ"العقارية"، أن المطور العام يقوم إما ببيع تلك الأراضي لمطورين فرعيين أو بالمشاركة معهم لتطوير قطع الأرضي في شكل مشروعات متنوعة بحيث يكون دوره الرئيسي المتابعة والإشراف لضمان الالتزام بالمخطط العام الرئيسي واشتراطاته والمدة الزمنية المحددة لكل مشروع لتنفيذه.
وشدد نائب رئيس ريدكون بروبرتيز على ضرورة تميز المطور العام بقدرته على إدارة المخاطر، وضمان الجودة وتحقيق التنمية المستدامة، فهو يعمل كحلقة وصل بين الجهات الحكومية والمطورين الفرعيين، ويضمن تنفيذ المشروع وفقًا للمعايير المحددة والمواعيد الزمنية المحددة لذلك يجب أن يمتلك المطور العام الخبرة والمعرفة اللازمتين لإدارة مشاريع التطوير العقاري المعقدة.
وأكمل أنه في حالة المطور العام تتلخص المميزات في الخدمات المتكاملة حيث يوفر المطور العام عادةً مجموعة واسعة من الخدمات المتكاملة، بدءًا من البنية التحتية وحتى الخدمات العامة، مما يوفر على المطور الفرعي الكثير من الجهد والوقت، التخطيط الشامل للمشروع، ما يضمن التكامل بين مختلف مكوناته، أيضًا الجودة العالية حيث يسعى المطور العام إلى الحفاظ على الجودة العالية في المشروعات التي يقوم بتطويرها، وذلك لتعزيز سمعته في السوق، وتوفير المخاطر يتحمل المطور العام جزءًا كبيرًا من المخاطر المرتبطة بالمشروع، مما يقلل من المخاطر على المطور الفرعي.
أما العيوب في تجربة المطور العام فتتلخص في قلة المرونة، حيث قد يواجه المطور الفرعي صعوبة في إدخال تعديلات على مخطط المشروع والاشتراطات البنائية له أو على الخدمات المقدمة، وذلك بسبب التخطيط الشامل الملزم الذي يقوم به المطور العام، وأيضًا ارتفاع التكاليف فقد تكون تكاليف شراء الأراضي وتطويرها من المطور العام أعلى من تطويرها بشكل منفرد، الاعتمادية، حيث يصبح المطور الفرعي معتمدًا بشكل كبير على المطور العام، مما قد يقلل من استقلاليته.
وتناول أيضا عبد الله عيوب ومميزات التطوير الفردي فمن أهم مميزاته المرونة عالية فيتمتع المطور بحرية أكبر في تصميم المشروع وتحديد المواصفات الفنية، والتحكم الكامل عبر تمتع المطور بالتحكم الكامل في جميع مراحل المشروع، أيضًا التكاليف أقل خصوصًا في حالة المشروعات الصغيرة.
أما عيوب التطوير الفردي، فهي المخاطر عالية للمشروع التي يتحملها المطور وحده، بما في ذلك مخاطر التمويل والتسويق، وقت التنفيذ الأطول فقد يستغرق تطوير المشروع بشكل منفرد وقتًا أطول، وذلك بسبب الحاجة إلى الحصول على التراخيص والموافقات وإدارة جميع مراحل المشروع، وهناك أيضًا التكاليف المرتفعة فقد تكون التكاليف الإجمالية للمشروع أعلى، وذلك بسبب الحاجة إلى إعداد مخطط عام وقرار وزاري وتكاليف تخطيط وترخيص أعلي.
وذكر عبد الله أن الاختيار بين خدمات الأراضي التي يوفرها المطور العام والتطوير الفردي يعتمد على عدة عوامل، منها حجم المشروع فالمشروعات الكبرى تحتاج عادةً إلى المطور العام، بينما يمكن للمشروعات الصغيرة أن يتم تطويرها بشكل منفرد، الموارد المالية، حيث يتطلب التطوير الفردي موارد مالية كبيرة، بينما يمكن للمطور الفرعي الاعتماد على المطور العام في تمويل جزء من المشروع في صورة الشراكة التي توفر على المطور الفرعي تكاليف الحصول على اراضي.
وأضاف عنصر الخبرة أيضًا فإذا كان المطور يمتلك الخبرة الكافية، فيمكنه تطوير المشروع بشكل منفرد، ولكن إذا كان يفتقر إلى الخبرة، فمن الأفضل اللجوء إلى المطور العام، والوقت فإذا كان الوقت عاملًا مهمًا، فإن اللجوء إلى المطور العام قد يكون الخيار الأفضل، وذلك بسبب سرعة تنفيذ المشاريع.
وسلط عبد الله الضوء على تجربة المطور العام في مصر، خاصة في مشروعات ضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة المستقبل، حيث اعتبر أن لها عدة مميزات على رأسها الطموح والرؤية المستقبلية من خلال تطوير مدن متكاملة، لا تقتصر على الوحدات السكنية، بل تشمل مناطق تجارية وترفيهية وخدمات حكومية، مما يخلق مجتمعات ذاتية الاكتفاء مع دمج أحدث التقنيات الذكية في البنية التحتية والخدمات سواءً الحكومية أو غيرها، مما يجعل هذه المدن أكثر كفاءة، بالإضافة إلى الحرص على الاستدامة البيئية من خلال استخدام تقنيات توفير استهلاك الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة، وتوفير المساحات الخضراء، وإدارة المياه بكفاءة لخلق مجتمعات ذكية ومستدامة وهو ما نلاحظه بوضوح في تجربة العاصمة الإدارية الجديدة.
وذكر عبد الله أن تجربة المطور العقاري في مصر تميزت أيضًا بالتنوع العقاري حيث قدمت كلا من مدينة المستقبل والعاصمة الإدارية الجديدة مجموعة واسعة من الخيارات العقارية لتلبية احتياجات شرائح مختلفة من العملاء، سواء في مجال الإسكان أو المكاتب الإدارية أو الوحدات التجارية بالإضافة إلى الخدمات الأخرى كالنوادي والمدارس والجامعات بالإضافة إلى التنوع الاستثماري، حيث توفر هذه المشاريع فرصًا استثمارية متنوعة، سواء كانت استثمارات طويلة الأجل أو قصيرة الأجل.
وعدد نائب رئيس ريدكون بروبرتيز إيجابيات هذه التجربة في مصر وعلى رأسها التكامل والتنسيق حيث تسمح آلية المطور العام بتكامل وتنسيق جميع جوانب المشروع، ما يؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل وأسرع، وكذلك جذب الاستثمارات الكبرى فالمطور العام لديه القدرة على جذب استثمارات كبيرة للمشروع، من خلال المطورين الفرعيين خاصة إن كان المخطط العام للمشروع مميز ومدروس، ما يساهم في تنفيذ مشروعات ضخمة وبنية تحتية متطورة، وكذلك السرعة في التنفيذ حيث أن المشروع الأكبر يتم تطويره في وقت واحد من خلال عدة مطورين فرعيين تحت اشراف ورقابة المطور العام.
كما تساهم تساهم آلية المطور العام في تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات العمرانية الضخمة، وذلك من خلال توفير البنية التحتية اللازمة وتكامل الخدمات وتطوير مشروعات فرعية متعددة ضمن المشروع الرئيسي في نفس الوقت، وتجذب استثمارات ضخمة للمشروعات العقارية، مما يساهم في تنشيط الاقتصاد وفتح فرص عمل جديدة، و تسعى مشروعات المطور العام إلى توفير مشروعات متكاملة تضم المساحات السكنية والتجارية والخدمية، مما يوفر حياة مريحة للسكان، وتوفر أيضًا البنية التحتية المتطورة، مثل شبكات الطرق والمواصلات والخدمات العامة، والتخطيط العمراني المستدام، حيث تسعى بعض مشروعات المطور العام إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال استخدام التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة.
وأكد عبد الله على أن نجاح تجربة مصر في "المطور العام" لم يقتصر على الجانب الحكومي فقط بل امتد إلى القطاع الخاص أيضًا، ضاربًا المثل بتجربة مدينة هليوبوليس الجديدة والتي تطورها شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، متوقعًا نجاحها في مجال التطوير العام.
وعاد وأكد عبد الله على بعض الجوانب السلبية لآلية المطور العام والتي يأتي على رأسها تركيز السلطة في يد المطور العام إلى قلة المنافسة وارتفاع الأسعار، البيروقراطية التي قد تواجه مشروعات المطور العام ما يؤخر عملية التنفيذ، عدم كفاية الرقابة فقد يؤدي غيابها عن المطورين الفرعيين إلى حدوث بعض المخالفات.
وشدد على أن أهم ما تحتاجه مصر في تجربة المطور العام تشريعات واضحة تنظم عمل المطورين العاميين، وتحدد حقوقهم وواجباتهم تجاه المطورين الفرعيين، وتوفير آليات رقابة فعالة على عمل المطورين العاميين، لضمان التزامهم بالمعايير المحددة، وأيضًا توفير الأراضي اللازمة لتنفيذ المشروعات بأسعار مناسبة، وتطوير الكوادر العاملة في مجال التطوير العقاري، لضمان جودة.
وفيما يتعلق باعتبارها الآلية التطويرية الأنسب حاليًا للسوق المصرية، قال عبد الله إن هناك عدة عوامل تحدد مدى مناسبة هذه الألية من عدمه أهمها أهداف الدولة فإذا كان الهدف هو تنفيذ مشروعات ضخمة وبنية تحتية متطورة في وقت قصير، تصبح هي الأفضل، أيضًا الوضع الاقتصادي ففي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، قد يكون من الصعب جذب استثمارات كبيرة للمشروعات العقارية، مما يحد من دور المطور العام، والعنصر الثالث والأهم تلك العوامل فهو توافر الأراضي اللازمة لتنفيذ المشاريع بأسعار مناسبة.
وذكر عبد الله أن هذه الألية تزيح عن كاهل المطور العام عدة معوقات فهي توفر البنية التحتية الأساسية حيث يتولى المطور العام مسؤولية إنشاء وتجهيز البنية التحتية الأساسية للمشروع ككل، بما في ذلك شبكات الطرق والمرافق العامة، مما يوفر على المطور الفرعي تكاليف كبيرة وجهدًا مضاعفًا، كما تسهل عملية الحصول على التراخيص والموافقات، لأن المطور العام هو من يقوم بإجراء جميع المعاملات الحكومية والحصول على التراخيص والموافقات اللازمة، مما يوفر على المطور الفرعي الوقت والجهد اللازمين لإنجاز هذه الإجراءات.
وأكد نائب رئيس ريدكون بروبرتيز أن هذ الألية تضع التخطيط الشامل للمشروع وهو الدور الرئيسي للمطور العام، حيث يقوم بتطوير مخططًا كاملًا للمشروع، ما يوفر على المطور الفرعي تكاليف عديدة، كما أنها تلزم المطور الفرعي أيضًا بجدول زمني محدد حيث يضع المطور العام جدولًا زمنيًا محددًا لتنفيذ المشروع، ويقوم بمتابعة تنفيذه، مما يضمن الالتزام بالمواعيد المحددة.
وأكمل: "يمكن القول إن آلية المطور العام توفر للمطور الفرعي بيئة عمل أكثر استقرارًا وأمانًا، وتتيح له التركيز على جوانب التطوير الخاصة بمشروعه، مما يساهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع العقارية وتحسين جودتها"
وعقد عبد الله مقارنة بين مدي تكامل خدمات أراضي المطور العامة مقارنة بقيام المطور بتطوير مشروعاته منفردًا، حيث قال: "عندما نقارن بين خدمات الأراضي التي يوفرها المطور العام مقارنة بتطوير المشاريع بشكل منفرد، نجد أن لكل منهما مميزات كما يلي.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن تجربة المطور العام في مصر تحمل إمكانات كبيرة لتطوير القطاع العقاري، ولكنها تحتاج إلى تطوير وتعديل بعض الجوانب لضمان تحقيق أهدافها، وذلك من خلال وضع تشريعات واضحة وتوفير الرقابة اللازمة وتشجيع المنافسة، يمكن تحويل هذه التجربة إلى نموذج ناجح للتنمية العمرانية المستدامة في مصر.
وبدوره، أكد الدكتور ريمون عهدي المدير التنفيذي لشركة "وادي دجلة للتنمية العقارية"، أن ألية المطور العام أثبتت نجاحها في تطوير العديد من المدن الحضرية من العدم، مثل المعادي ومصر الجديدة، التي تحولت من أراضٍ فضاء إلى مجتمعات متكاملة يقطنها مئات وآلاف العائلات، مؤكدًا أن المطور العام لا يبني المدن بشكل موحد، بل يبتكر ويخلق مدن بتصاميم متنوعة تلائم احتياجات المواطن المعاصر المتغيرة وتوفر له بيئة متطورة، وهذا ما نتج عنه تطوير مدن جديدة بالكامل مثل التجمع ومستقبل سيتي، وكذلك العاصمة الإدارية اليوم، التي تحولت من قطعة أرض في الصحراء لتصبح بمثابة أكبر مدينة ذكية فى الشرق الأوسط تضم أكبر تجمع من الوزارات والهيئات الحكومية.
وأضاف، عهدي، في تصريحات خاصة لـ "العقارية"، أن تجربة المطور العام في مصر، وتحديدًا في العاصمة الإدارية ومستقبل سيتي، تميزت بقدرتها على تقديم نموذج شامل ومتكامل للتنمية الحضرية. فبالنظر إلى العاصمة الإدارية نجح المطور العان في لتعاون مع عدد كبير من المطورين، والذي وصل عددهم إلى 450 مطورًا في العاصمة الإدارية، وفي خلال 6 سنوات تم بناء 200 ألف وحدة سكنية بنسبة تنفيذ تجاوزت 70%، مما يعكس كفاءة التنظيم والإدارة في المشروع.
وتابع المدير التنفيذي لـ "وادي دجلة" أن قيام المطور بتنفيذ حوالي 1000 كيلومتر من الطرق و1500 متر طولي من شبكات الغاز الطبيعي ومحطة توليد كهرباء ساعد المطور العقاري بشكل كبير في سرعة تنفيذ المشروعات الخاصة بهم وتحقيق نتائج ملموسة بسرعة وفعالية، كما أنه يتيح فرصة لجذب الاستثمارات من خلال توفير بيئة استثمارية متكاملة تتضمن خدمات متطورة، ما يزيد من جاذبية المشروع، وهذا ما نتج عنه نجاح تجربة العاصمة الإدارية والمستقبل سيتي في جذب استثمارات متعددة من خلال شراكات مع كيانات عالمية في مجالات الاتصالات، التكنولوجيا، والإدارة، مما يعزز من جاذبية المشروع ويوفر بيئة استثمارية متطورة.
وأكد عهدي أن "المطور العام" يعتبر الآلية الأكثر ملاءمة في المرحلة الراهنة، وذلك لعدة أسباب، يأتي على رأسها أن المطور العام يمثل حلقة وصل حيوية بين احتياجات العملاء المستقبلية والمطورين العقاريين، ما يضمن تقديم مشروعات تحقق أعلى معايير الجودة والابتكار، وذلك من خلال توظيف أحدث الممارسات والتقنيات، كما يساهم المطور العام في تمكين المطورين العقاريين من تقديم منتجات عقارية متميزة تُلبي تطلعات العملاء وتوفر لهم أسلوب حياة عصري ومتميز.
وأكمل المدير التنفيذي لـ "وادي دجلة" أن المطور العام يعمل على تعزيز جاذبية المنتجات العقارية للاستثمار، كما يمثل جزءاً مهماً في تحقيق رؤية الدولة للتنمية المستدامة، حيث يُساهم في تحويل خطط التنمية إلى واقع ملموس من خلال مشروعات متكاملة تخدم المجتمع وتدفع بعجلة الاقتصاد.
وأكد عهدي أنه من أبرز العوائق التي تزيحها آلية المطور العام عن المطور الفردي الدراسة الأولى على الأرض في مرحلة التخطيط ووضع حجر الأساس من خلال إنشاء البنية التحتية وغيرها، ضاربًا المثل بالعاصمة الإدارية التي تولى المطور العام مسؤولية تطوير شبكات الطرق، الغاز الطبيعي، والكهرباء، ما أتاح للمطورين العقاريين التركيز على تطوير المشروعات السكنية والتجارية دون القلق بشأن البنية التحتية الأساسية، فهو يزيل عن كاهل المطور العقاري التحديات اللوجستية والمالية المرتبطة بتطوير هذه المرافق، ويوفر لهم بيئة جاهزة للعمل والتطوير.
وأكد المدير التنفيذي لـ "وادي دجلة" أنه من أهم مميزاته أيضًا أن خدمات أراضي المطور العام تُعتبر أكثر تكاملاً مقارنة بتطوير المطور العقاري لمشروعاته بشكل منفرد. فعلى سبيل المثال، في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، تم تطوير بنية تحتية متكاملة قبل طرح الأراضي على المطورين، هذا يعني أن كل القطع تمتاز بمرافق جاهزة وأطر تنظيمية واضحة، مما يُسهل على المطورين العقاريين عملية البناء والتطوير.
ولفت عهدي إلى أن تجربة مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في السعودية ومدينة مصدر في الإمارات العربية المتحدة كأمثلة على تكامل خدمات أراضي المطور العام ففي كلا المشروعين، تم تجهيز البنية التحتية بشكل متكامل قبل طرح الأراضي على المستثمرين والمطورين العقاريين، مما ساعد في جذب استثمارات كبيرة وتطوير مشروعات سكنية وتجارية وصناعية بسرعة وفعالية. في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، أدى هذا التكامل إلى توفير تكاليف تتراوح بين 25% إلى 40% من تكاليف المشروعات، وتقليص مدة التنفيذ بنسبة تصل إلى 50%. وفي مدينة مصدر في الإمارات العربية المتحدة، قد يصل التوفير في التكاليف إلى 40%، مع تقليل وقت التنفيذ بنسبة تتراوح بين 30% إلى 45%.
وواصل المدير التنفيذي لـ "وادي دجلة" أنه عند تطوير مشروعات بشكل منفرد، يضطر المطورون إلى تحمل تكاليف إضافية وتحديات أكبر، مثل إنشاء البنية التحتية من الصفر، مما قد يؤدي إلى زيادة في التكاليف وتأخير في زمن التنفيذ. مبينًا أن تكامل البنية التحتية والخدمات المقدمة من المطور العام يسهم في تسريع عملية تنفيذ المشروعات، مما يعزز من جاذبيتها للاستثمار ويحقق عوائد أسرع للمطورين العقاريين والمطور العام ويعود بالنفع على عجلة الاقتصاد ايضًا.
وواصل: "أرى أن اهتمام المطور العام بالتطوير المستمر لآلياته لتناسب احتياجات السوق والأطراف المشاركة في المشروع من مطور عقاري وغيره وعمله المستمر على تطوير البنية التحتية بأحدث التقنيات ومراعاة شروط او طرق تحقيق الاستدامة في مشروعاته أمر مهم وايجابي ورحلة يمكننا توثيق مراحل تطويرها ومقارنة بدايتها منذ 20 عام"، مشيرًا إلى أنه مثلما يواجه المطورين منافسة قوية لابتكار وتقديم أفضل المشروعات وأكثرها تميزًا، يواجه المطور العام تحديات هذه المنافسة، مما يدفعه إلى العمل بشكل مستمر على تطوير نفسه وإبراز مشروعاته في سوق عقاري مزدحم بالمشروعات المبتكرة والمتطورة محليًا واقليميًا، كما يعمل في ظل تحديات اقتصادية عالمية ويسعى دائمًا للتكيف بشكل سريع مع تغيرات السوق لتلبية متطلبات العملاء المتزايدة والمتنوعة.
وأكد عهدي أنه مع الفوائد الكبيرة لآلية المطور العام، إلا أن المطور لا زال يواجه بعض التحديات في الوضع الاقتصادي العالمي مثل التكاليف المرتفعة حيث يتطلب التطوير المتكامل استثمارات كبيرة قد تشكل عبئًا على المطورين والمستثمرين، وهذا العبء المالي قد يؤثر على الجدوى الاقتصادية للمشروعات وقد يزيد من مخاطرها.
وأكد المدير التنفيذي لـ "وادي دجلة" أنه يمكننا تحقيق أقصى استفادة من آلية المطور العام بالتركيز على تحسين إدارة المخاطر من خلال تطوير خطط مرنة تأخذ في الاعتبار التغيرات المحتملة في السوق والتمويل، كما يجب تعزيز الابتكار التكنولوجي عبر الاستمرار في الاستثمار في تقنيات البناء الذكية والمستدامة، مما يسهم في تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة.
أحمد أهاب: نحتاج إلى تعميم تجربة المطور العام في كل المدن الجديدة
ومن جانبه، أكد المهندس أحمد أهاب الرئيس التنفيذي لشركة مدار للتطوير العقاري، على ضرورة تعميم تجربة العاصمة الإدارية و مستقبل سيتي وأن يقوم كل جهاز مدينة جديدة بدور المطور العام عبر طرح مخطط عام لكل مدينة يتميز بالعالمية يتم من خلاله استغلال كل منطقة بطريقة أفضل، وبناء عليه يتم طرح الفرص الاستثمارية في المدينة وهذا ما سينتج عنه اختلاف كبير في الخدمات والتسهيلات المقدمة للمطور وأيضًا الترخيص وطرح الأراضي.
وأضاف أهاب، في تصريحات خاصة لـ "العقارية"، أن جهة الإشراف الواحدة تحقق النجاح سواء كان ماليًا أو على مستوى الإدارة، موضحًا أن ما يميز تجربة العاصمة الإدارية ومستقبل سيتي أن هناك جهة واحدة يتم التعامل معها بشكل مباشر من قبل المطور وبالتالي نتفادى أية عوائق قد تحدث جراء تعدد الجهات المشرفة، موضًحا أن جهة الإشراف الواحدة تحقق النجاح سواء كان ماليًا أو على مستوى الإدارة.
وتابع الرئيس التنفيذي لـ "مدار" أن هذه السياسة الرشيدة من قبل الدولة نتج عنها أن شركة العاصمة بدأت فعليًا في عملية تشغيل المدينة الأضخم في مصر حاليًا ونجحت في إدارة هذا المجتمع المتكامل بشكل شامل، مشددًا على ضرورة وجود مخطط عام لمصر خلال السنوات المقبلة ينبثق منه مخططات فرعية للمدن ومن ثم الأحياء، وبالتالي فإن كل مدينة ستنظم نفسها بنفسها وستطرح فرصها الاستثمارية طبقًا للعرض والطلب، ليلي ذلك أن يصبح مسئولًا عن إدارة وتشغيل المدينة.
وضرب أهاب مثالًا برؤية "السعودية 2030" حيث تتحرك كل قوى الدولة في نطاق واحد كل جهاز يقوم بدوره ويطرح فرصه الاستثمارية في تزقيات معينة وبألية محددة بحيث لا تتضاب مصالح الجهات المختلفة الطارحة للفرص الاستثمارية لديها.
وعاد الرئيس التنفيذي لـ "مدار" إلى تجربتا "العاصمة الإدارية" و "مستقبل سيتي"، واللذان وصفهما بالنجاح الذي يحتاج إلى المزيد من التطوير، ضاربًا المثل بتوصيلهم المرافق إلى رأس أرض المطور والتوقف لتولي المطور عملية الترفيق الداخلي لمشروعه والسؤال هنا "لماذا لا تكمل هذه الشركات عملها وترفق أرض المطور"، موضحًا أن خطوة كهذه تخفض على المطور الفردي الكثير من التكلفة، وستضمن جودة الخدمات والمرافق حتى لو نتج عن ذلك ارتفاع تكلفة الأرض على عاتق المطور.
وتطرق أهاب إلى شركة "مدار" قائلًا إن الشركة تدرس الكثير من الفرص الاستثمارية وعلى رأسها مشروعًا جديدًا في زايد الجديدة أمام مطار سفنكس مباشرة على مساحة 200 فدان سكني تجاري فندقي، حيث من المقرر أنه تطرح الشركة المشروع في الربع الرابع من العام الحالي، مبينًا أن الشركة وفقت أوضاع هذه الأراضي طبقًا لاشتراطات الدولة وتجدول مدفوعاتها على مدار 5 سنوات، وفيما يتعلق مشروع "أزها العين السخنة" فسنطرح مرحلة جديدة من الفيلات أكتوبر المقبل، أما مشروع "ازها الساحل الشمالي فقد حققت الشركة فيه مبيعات بلغت 7 مليار جنيها حتى الأن.