اتجهت شركات التطوير العقاري المصرية نحو استخدام حلول الطاقة الشمسية في مشروعاتها لتوفير مصادر طاقة مستدامة، وتجاوز أي أزمات محتملة تتعلق بنقص إمدادات الطاقة أو قدرات الشبكات الرئيسية، مما يضيف قيمة للمشروعات ويعزز من فرصها التسويقية.
أوضح العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة مدينة مصر، عبد الله سلام، أن شركات التطوير العقاري المصرية تسعى بشكل دائم لتقديم حلول خضراء إلى عملائها، نظراً لأهمية الاستدامة في المشروعات لضمان إضافة قيمة مستدامة.
وأضاف لـ"العربية Business" أن شركته تتبنى رؤية لتطوير مجتمعات مستدامة، تبدأ من تصميمات المشروع وتراعي الظروف البيئية المحيطة، بما في ذلك معالجة مشكلات الطاقة وترشيد استخدامها وضمان توفرها بشكل مستمر، بالإضافة إلى ترشيد استخدام المياه وإعادة تدويرها، وإعادة تدوير المخلفات.
وأشار إلى أن الشركة تقوم بدراسة جميع الحلول التكنولوجية الحديثة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة في المجتمعات التي تقوم بتطويرها، موضحاً أن تدشين الحلول التكنولوجية الجديدة في المجتمعات العمرانية الساكنة يمثل تحدياً تعمل الشركة على إيجاد حلول له في الوقت الحالي.
وأضاف: "رغم زيادة التكلفة في إنشاء ألواح الطاقة الشمسية أو تقديم حلول جديدة لترشيد الطاقة، إلا أن هذا سيقلل من التكاليف التشغيلية لتلك الخدمات على المدى الطويل مقارنة بالتكاليف المتعلقة بالمصادر التقليدية للطاقة، التي لا تزيد تكاليف تشغيلها فحسب، بل ترتفع مع مرور الوقت بسبب ارتفاع أسعار الطاقة التقليدية".
فيما أكد رئيس مجموعة شركات العتال للتطوير العقاري، أحمد العتال، تعاون شركته مع شركة "صن فيو" الماليزية المتخصصة في الحلول البديلة المستدامة للطاقة وإنتاج الألواح الشمسية، لتقديم الألواح الشمسية بمشروع باركلين بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات الشركة الأخرى في غرب القاهرة ومستقبل سيتي بشرق القاهرة.
وأضاف العتال أن الشركة الماليزية تعمل حالياً على فتح مكتبها الإقليمي في مصر لتسهيل الحصول على الخدمة، وبموجب التعاقد سيتم دفع قيمة الخدمة على مدى 10 سنوات. كما أشار إلى تعاقد الشركة منذ عامين مع شركة سيمنز لتقديم حلول الطاقة البديلة والرقمنة بمشروعاتها.
وأكد أن شركته تلتزم باشتراطات شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، والتي تقضي بتخصيص ما لا يقل عن 60% من أسطح العمائر في المشروع لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، موضحاً أن "العتال" خصصت نحو 80% من أسطح العمائر، سواء السكنية أو الإدارية، لتركيب الألواح الشمسية، وأن شركته ستقوم بنقل خدمة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لشركة العاصمة الإدارية، التي ستقوم بدورها بشراء الخدمة وبيعها للعملاء.
وفيما يتعلق بمبادرات كبار المطورين، قال رئيس شركة شنايدر مصر وشمال أفريقيا والمشرق العربي، سباستيان ريز، إن القطاع العقاري المصري يشهد نمواً كبيراً جداً خلال الفترة الحالية. وأوضح أن هناك مناقشات مع العديد من كبار المطورين العقاريين، ولديهم شراكة قوية مع شركات مثل طلعت مصطفى، والأهلي صبور للتطوير، وشركة تطوير مصر، ولاند مارك صبور للتطوير العقاري، وشركة مصر إيطاليا، وبارجون وغيرهم.
وأشار ريز إلى أن جميع هؤلاء المطورين أبدوا رغبتهم في إنشاء مجتمعات عمرانية مستدامة، والانتقال إلى الرقمنة في إدارة موارد الطاقة واستخدام التكنولوجيا الحديثة في ترشيد استخدام الطاقة، للحفاظ على قيمة العقار وبناء مستقبل مستدام لعملائهم.
وأضاف أن شركة شنايدر مصر لديها شراكة كبيرة وممتدة مع شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، ويقومون بإجراء مناقشات مفتوحة مع الشركة لتقديم المزيد من الاستدامة في المدينة من خلال حلول الطاقة النظيفة.
وفيما يخص التحفيزات الحكومية، أكد رئيس مجلس إدارة شركة بي نشتي للطاقة الشمسية ونائب رئيس مجلس جمعية تنمية الطاقة (سيدا)، رومانى حكيم، أن شركات التطوير العقاري المصرية تدرس منذ سنوات استخدام الألواح الشمسية في إنتاج الكهرباء. ومع ذلك، لم تُطرح بعد اقتراحات فعلية لبيع الوحدات كمنازل خضراء تعتمد على الطاقة البديلة.
وأضاف حكيم أن الشركات المتخصصة في إنتاج الطاقة المتجددة قدمت عدة عروض للمطورين العقاريين لاستغلال المساحات الفارغة على أسطح العمارات السكنية غير المستغلة. وأشار إلى أن المطورين العقاريين يحتاجون إلى تحفيز من الدولة لتقديم تسهيلات لتركيب الألواح الشمسية في العمارات السكنية ويجب أن تكون لديهم خطة تسويقية واضحة لبيع هذه الوحدات، مع توضيح فوائدها للعملاء من حيث الاستدامة وترشيد استخدام الطاقة، مما يساهم في تقليل النفقات التشغيلية للعملاء.
وأوضح أن صناعة الألواح الشمسية في مصر تشهد نمواً كبيراً حالياً، رغم وجود بعض العراقيل التي تسعى شركات القطاع الخاص المتخصصة إلى التغلب عليها. وأضاف أن الوضع تحسن كثيراً عن السابق، لكن هناك حاجة لدعم الدولة والعملاء، بالإضافة إلى تقديم حوافز واضحة وجادة لهم لأخذ زمام المبادرة.
وأكد حكيم على ضرورة التعاون الكامل بين وزارات الكهرباء والمالية والبترول لحل المشكلات التي تواجه قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، مشيراً إلى أن تكلفة إنتاج الكيلووات من الكهرباء بالطاقة الشمسية أرخص بكثير من إنتاجه باستخدام الغاز الطبيعي، مما يسهم في توفير الغاز الطبيعي بشكل أكبر للقطاع الصناعي.
كما دعا إلى تقديم محفزات لشركات التطوير العقاري لاستخدام الألواح الشمسية في المنازل بالمناطق غير المستغلة، وتقديم حوافز ضريبية مثل الإعفاء الضريبي أو تخفيض الضرائب العقارية أو دعم سعر الكهرباء للمطورين، بالإضافة إلى وضع قواعد ملزمة بتركيب الطاقة الشمسية في العمارات قبل الموافقة على إنشاء المشاريع.
وكشف حكيم أن الكيلووات الواحد من الطاقة الشمسية يمكن أن يوفر حوالي 5-6 كيلووات/يوم، أي ما يعادل 1800 كيلووات/ساعة في السنة، وتصل في بعض المناطق إلى 2000 كيلووات/ساعة سنوياً، بتكلفة تقارب 20 ألف جنيه لكل كيلووات.
وبحسب تقديرات شركة انترسولار إيجيبت، المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية في مصر والشرق الأوسط، فإن التكلفة التقديرية للوحات الطاقة الشمسية لإنتاج كيلووات واحد في مصر حوالي 1000 دولار وتحتاج لمساحة 8 أمتار مربعة على الأرض.
وفي إطار المبادرات الحكومية للأفراد، أعلنت الحكومة المصرية العام الماضي عن مبادرة "منصة مصر للطاقة الشمسية" لتسهيل تركيب الألواح الشمسية للمنازل والشركات للتحفيز على خفض استهلاك المصادر التقليدية للطاقة وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة للوصول بنسبة مشاركة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030.
توفر المنصة إرشادات حول تركيب الخلايا الشمسية والتكاليف المتضمنة والقدرة اللازمة والوثائق المطلوبة، بالإضافة إلى قوائم بالشركات المؤهلة لتركيب هذه الخلايا، كما تسهل التواصل بين العملاء وشركات تركيب المحطات وتوزيع الكهرباء.