يستمر بنكي الأهلي ومصر أكبر بنكين حكوميين، في إتاحة شهادات الادخار مرتفعة العائد ذات الفائدة 27% و23% حتى الآن، على الرغم من إعلانهما دراسة خفض فائدة هذه الشهادات قبل 6 أسابيع تقريبا.
موعد إيقاف الشهادات ذات العائد المرتفع
وبادر البنك التجاري الدولي، أكبر البنوك الخاصة، بخفض فائدة الشهادات الثلاثية بنحو 2% منتصف الشهر الحالي.
وقالت مصادر مصرفية، إن تمسك بنكي الأهلي ومصر، بفائدة الشهادات المرتفعة لمدة تجاوزت 6 أشهر مع تحمل تكلفتها المرتفعة، مؤشر على استمرار تشديد المركزي المصري للسياسة النقدية لفترة أطول.
وأضافت المصادر، أن لجان الأصول والخصوم بالبنكين تترقب اجتماع لجنة السياسة النقدية في منتصف يوليو المقبل، لدراسة إمكانية وقف أو الاستمرار في إصدار الشهادات مرتفعة العائد، وفقا لتكلفة الأموال والدور القومي للبنكين في دعم الاقتصاد.
وأصدر البنكان في الأسبوع الأول من يناير الماضي شهادات الادخار مرتفعة العائد، بهدف استيعاب السيولة المالية الضخمة من السوق بالتزامن مع انتهاء آجال الشهادات التي تم طرحها خلال العام الماضي، والتي ناهزت حصيلة الاكتتاب فيها حوالي نصف تريليون جنيه مصري.
معدلات التضخم بعيدة عن المستهدف
من جانبه، قال هشام حمدي، المحلل المالي الأول ببنك الاستثمار نعيم، إن تمسك البنوك العامة بطرح الشهادات مرتفعة العائد على الرغم من تكلفتها المرتفعة، مؤشر على استمرار تشديد البنك المركزي للسياسة النقدية لفترة أطول.
وأضاف حمدي أن رفع الفائدة أحد أليات المركزي والبنوك لجذب السيولة وتقليل القوي الشرائية لدى المواطنين بهدف السيطرة على التضخم، لذا فإن استمرار الإبقاء على هذه السياسات دليل على أن المهمة مازالت قيد التنفيذ.
وأضاف المحلل المالي الأول ببنك الاستثمار نعيم: "نستبعد إقدام البنك المركزي على خفض للفائدة في اجتماعين لجنة السياسة النقدية المقبلين، على أن يكون الخفض التدريجي بنهاية 2024".
وقالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلي، إن ارتفاع تكلفة الأموال بالبنوك العامة بالتأكيد هي أحد أهم دوافع دراسة خفض فائدة بعض الشهادات مرتفعة العائد، وإن كانت ليست المحرك الوحيد في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وترى بدير، بدير أن هناك عدة مؤشرات تؤثر على معدلات التضخم، منها استمرار برنامج التصحيح المالي المتفق عليه مع صندوق النقد، والذى يشتمل على مزيد من الإجراءات التشديدية والتي بدأت برفع أسعار الخبز 300%، مع ترجيحات بتحركات كبيرة في أسعار الغاز والبنزين والكهرباء، بخلاف تأثير التوترات الجيوسياسية على الأسعار عالمياً.
وتوقعت محلل الاقتصاد الكلي، استمرار ارتفاع مستويات الفائدة بالبنوك وخاصة الحكومية الفترة المقبلة، مع تحمل جزء من أعباء التكلفة، في ظل استمرار معدلات التضخم عند مستويات بعيدة عن المستهدف.
وشهد المعدل السنوي للتضخم الأساسي تباطؤا في مايو الماضي ليسجل 27.1% مقابل 31.8% في أبريل 2024، وهو أدنى معدل له منذ ديسمبر 2022.
وقال بنك غولدمان ساكس، إن البنك المركزي المصري يتوقع تراجع معدل التضخم إلى 24% في الربع الأخير من العام الحالي ونحو 10% في العام المقبل، بعد احتساب الأثر المتوقع لرفع أسعار الكهرباء والدواء والوقود.
وأضاف "غولدمان ساكس"، أنه في أسوأ السيناريوهات يتوقع البنك المركزي أن يرتفع معدل التضخم في مصر إلى 30% في الربع الثالث من 2024 على أن ينخفض إلى ما دون 13% بنهاية عام 2025.
جاذبية أسعار الفائدة
وتري كبير محللي الاقتصاد الكلي بشركة سي آي كابيتال سارة سعادة، أن أحد أسباب إبقاء بعض البنوك على أسعار الفائدة المرتفعة رغم ارتفاع تكلفتها، هو الحفاظ على قاعدة العملاء في ظل ارتفاع مستويات التضخم، والمنافسة بين البنوك نفسها.
وأكدت سعادة أن قرارات تحريك البنوك لأسعار الفائدة راجع لقرارات إدارات الأصول والخصوم واتساقها مع أوضاع البنك الداخلية والمؤشرات الاقتصادية بشكل عام.
في حين تري بدير أن تزايد الضغوط على مصادر النقد الأجنبي يعرقل القدرة على خفض الفائدة للحفاظ على جاذبيتها لدى المستثمرين الأجانب.
وأضافت أن الفترة الأخيرة شهدت تباطؤ في دخول استثمارات الأجانب، موضحة أن الأموال الساخنة بلغت 33 مليار دولار، وفقا لتقديرات شهر مارس وهى تمثل 60% من الاحتياطيات الرسمية، لذا يتم التعامل بحذر فيما يخص أسعار الفائدة وقدرتها على جذب الأموال الساخنة.
تحركات الفائدة عالميا
وأشارت منى بدير إلى أنه من المبكر أن تلجأ السياسات النقدية في مصر إلى خفض الفائدة، خاصة أن "الفيدرالي" الأميركي لم يتخذ القرار بعد، مؤجلا هذه الخطوة حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي.
تابعت: في أغلب الأحيان يكون قرار تحريك سعر الفائدة في مصر والأسواق الناشئة بعد قرار الفيدرالي الأميركي بفترة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر، لمتابعة التداعيات، خاصة أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات خاصة.
فيما أكد هشام حمدي على ارتباط قرار السياسة النقدية في مصر بالظروف العالمية، وتحركات الفيدرالي الأميركي نحو خفض الفائدة، مع متابعة الأسعار عالميا، متوقعا أن تكون قرارات المركزي المصري حذرة للغاية.