ما زالت أسرار بناء الأهرامات المصرية تشغل الكثيرين حول العالم، حيث يلف الغموض الطريقة والآلية التي بنيت بها الأهرامات في عصر الفراعنة. وآخر الادعاءات انتشرت بكثافة عبر مواقع التواصل خلال الأيام الماضية، وكانت عن الأحجار المستخدمة في بناء الأهرامات.
وفي زمن السوشيال ميديا، يستغلّ مستخدمون لمواقع التواصل الاهتمام الكبير بالحضارة المصرية القديمة والغموض الذي يلفّها في كثير من الأحيان لبث معلومات مضللة بهدف جذب التفاعلات، وآخر تلك المنشورات المضللة تدعي أن الأحجار التي استخدمت في بناء الهرم الأكبر (هرم خوفو)، "فيها نتوءات هواء" ما يعني أنها من صنع البشر وليست طبيعية.
إلا أن هذا الادعاء لا أساس له من الناحية العلمية، بحسب خبراء في علم المصريات.
فقد جاء في المنشورات أن أحجار الهرم الأكبر "فيها نتوءات هواء، ما يدل على أنها مصنوعة وليست مقطوعة من الجبال".
وأضافت: "كيف صُنعت وكيف صمدت تلك المدة كلها، وكيف لم يتمكّن أحد من اكتشاف ما بداخل الهرم الأكبر على الرغم من كل التكنولوجيا المتوفرة".
إلا أن ما جاء في المنشورات مضلل بحسب ما أكد خبيران في علم المصريات لوكالة "فرانس برس".
فهل تختلف أحجار هرم "خوفو" عن أحجار هرمي "خفرع" و"منكاورع"؟
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن الهرم الأكبر بُني "من الحجر الجيري المحلي، في حين كان مغطى قديما بالكامل بكساء من الحجر الجيري عالي الجودة، وقد تم جلب أحجار الكساء من محاجر طرّة عن طريق مراكب تصل حتى الهرم".
ويؤكد على هذه المعلومات خبير الآثار المصري، أشرف محيي الدين، وهو مدير عام منطقة آثار الأهرامات.
ويصف الخبير في اتصال مع صحافيين من "خدمة تقصي صحة الأخبار في فرانس برس" ما تروج له المنشورات عن أن أحجار هرم خوفو تختلف عن الأحجار التي بني منها هرما خفرع ومنكاورع بـ"الأكاذيب التي لا تعتمد على أي أساس علمي".
ويتابع شارحا أن "الأهرامات الثلاثة الشهيرة في مصر بنيت من الحجر الجيري المحلي".
ويؤكد محيي الدين أن أحجار الهرم الأكبر لا توجد فيها أي نتوءات هواء، وأنها طبيعية ولم تصنّع كما ادعت المنشورات.
ويتفق مع محيي الدين، عالم الآثار والباحث في علم المصريات أحمد صالح، الذي شغل في السابق منصب مدير عام آثار أبوسمبل ومعابد النوبة.
ويؤكد صالح أن "الأهرامات الثلاثة بُنيت بالحجر الجيري المحلي"، واصفا المنشورات المتداولة بأنها مجرد "خيالات".
20 عاماً لبناء الهرم الأكبر
يشرح الخبيران أن الملك خوفو بنى الهرم كمقبرة له، وأن مشروع البناء استغرق عشرين عاما.
ويقول صالح إنه من المرجح أن يكون ابن عم الملك خوفو والذي يدعى حم-أيونو هو الذي أشرف على بناء هذا الهرم البالغ ارتفاعه 146.5 متر، إلا أن عوامل التعرية واختفاء الهُريم الصغير الذي كان يعلو قمته قلصت ارتفاعه فبات يبلغ اليوم 138.8 متر.
ويشير الخبيران إلى أن هرم خوفو يضم أكثر من مليوني كتلة من الحجر الجيري، بالإضافة إلى نحو 8 آلاف طن من حجر الغرانيت الذي أحضر من أسوان في صعيد مصر واستخدم في غرفة دفن الملك خوفو.