الدولار التائه.. رحلة صعود وهبوط «الأخضر الأمريكي» منذ «تعويم الجنيه» حتى تثبيت الفائدة


السبت 25 مايو 2024 | 12:25 مساءً
الدولار والجنيه
الدولار والجنيه
محمد عاشور

شهد سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري تقلبات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، وتراجع الدولار إلى أدنى مستوياته منذ تحرير سعر الصرف يوم 6 مارس الماضي ليسجل 46.85 جنيه بعد أن تخطى رسمياً حاجز الـ 50 جنيهًا، لكنه ارتفع بشكل طفيف خلال الساعات الماضية بعد قرار تثبيت سعر الفائدة في مصر ليستقر عند مستوى 47.1 جنيه في البنك المركزي المصري.

جاء هذا وسط توقعات بتحسن قيمة الجنيه أمام الدولار خلال النصف الثاني عام 2024 مع زيادة تدفقات نقدية أجنبية خاصة من الصفقات الاستثمارية والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج، فضلاً عن الإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين بيئة الأعمال، مما قد يعزز قيمة الجنيه على المدى الطويل.

تحويلات المصريين بالخارج

ارتفعت معدلات تحويلات المصريين بالخارج من النقد الأجنبي مجددًا عقب اتخاذ الحكومة عدة إجراءات اقتصادية وفقًا لخطة الإصلاح الاقتصادي.

وارتفعت حصيلة تحويلات المصريين بالخارج من النقد الأجنبي خصوصًا الدولار لصالح المصارف والبنوك المصرية، لتتجاوز 20 مليار دولار مع استمرارها في الصعود، وفقًا للخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي.

واستقبلت مصر، تدفقات دولارية بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار منذ بداية العام من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة المصرية، وزيادة تحويلات العاملين بالخارج، وتمويلات من شركاء التنمية، مما أثمر عن وفرة في المعروض من الدولار وبالتالي تراجع سعره أمام الجنيه المصري، بحسب الخبير المصرفي هاني أبوالفتوح.

وتصدرت المملكة العربية السعودية، قائمة أعلى الدول العربية في قيمة تحويلات المصريين بها خلال العام المالى 2022/2023، حيث بلغت قيمة تحويلات العاملين بها نحو 8.3 مليار دولار، وكشفت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء،

واحتلت دولة الإمارات العربية، المركز الثاني في قائمة الدول الأعلى تسجيلا لتحويلات المصريين بالخارج، بواقع 2.1 مليار دولار، يليها دولة الكويت بقيمة 2 مليار دولار، ثم قطر بنحو 940.6 مليون دولار، وأخيرا الأردن 415.3 مليون دولار.

وقدرت بيانات جهاز الإحصاء، إجمالي قيمة تحويلات المصريين العاملين بالدول العربية بنحو 14.3 مليار دولار بنهاية العام المالى 2022/2023، مقارنة بـ 21.5 مليار دولار خلال عام 2021/2022.

تنازل المصريين عن الدولار

نجحت شركات صرافة حكومية الأهلى للصرافة التابعة لـ«البنك الأهلي المصري»، ومصر للصرافة التابعة لـ «بنك مصر»، وكايرو للصرافة التابعة لـ «لبنك القاهرة»، في اجتذاب حصيلة من النقد الأجنبي لصالح الجنيه المصري ما يقارب 28 مليار جنيه منذ تحرير سعر الصرف في 6 مارس الماضى

مشروع رأس الحكمة

تسلمت مصر، قيمة الدفعة الثانية من صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة بقيمة 14 مليار دولار، مما أسهم في ضخ المزيد من الموارد الدولارية، إضافة إلى التنازل عن قيمة وديعة دولارية إماراتية بقيمة 6 مليارات دولار.

ووقعت الحكومة، خلال فبراير الماضي، مع شركات تابعة لصندوق سيادي إماراتي صفقة لتطوير منطقة رأس الحكمة على مساحة تتجاوز 170 مليون متر مربع، مقابل 35 مليار دولار ما بين مبلغ 24 مليار دولار تم سدادها على دفعتين؛ وكانت الدفعة الأولى بعد حوالي أسبوع من توقيع الصفقة.

وتوقع مدحت نافع الخبير الاقتصادي، تراجع سعر الدولار خلال الفترة المقبلة، قائلا: «دخلنا تدفقات دولارية بعد صفقة رأس الحكمة تقدر بـ 54 مليار دولار، والدولار سعره ممكن ينزل أكتر من كده والجنيه أقوى من كده لكن البنك المركزي من الذكاء مش هيعمل كده وبيديره كويس علشان يستقبل الأموال الساخنة».

تحرير سعر الصرف مارس 2024

في مارس 2024، قررت لجنة السياسة النقدية، في اجتماعها الاستثنائي، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.

وأكد الخبير المصرفي محمد عبدالعال، تطبيق آلية التسعير المرن لسعر الصرف وفق العرض والطلب،بعد قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، متوقعًا تحرك سعر الدولار أمام الجنيه ليتراوح بين 45 و49 جنيه حتى نهاية العام بشرط استقرار الأوضاع الجيوسياسية، وانتظام الطلب في معدلاته الطبيعية.

وأسهمت هذه الإجراءات في توفير السيولة الدولارية المطلوبة ليتناسب المعروض مع المطلوب منه، واستقرار سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية والفجوة التي أحدثتها في سعر الدولار، الأمر الذي ساهم في زيادة حصيلة التنازلات عن الدولار لصالح المصارف المصرية.

تثبيت الفائدة مايو 2024

الخميس الماضي، قررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري برئاسة حسن عبدالله، خلال اجتماعها الرابع لهذا العام؛ الإبقاء على سعر الفائدة على المعاملات المصرفية دون أي تغيير.

كما تقرر الإبقاء علي عائد الإيداع عند 27.25% و الإقراض لليلة واحدة عند 28.25% و سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي و سعر الإئتمان والخصم عند 27.75% لكل منها.

التنازل عن الدولار للوزارات

أصدر مجلس الوزراء تعليمات باتخاذ اللازم نحو التنازل عن الأرصدة الدولارية للوزارات والجهات التابعة لها إلى البنك المركزي المصري مقابل الجنيه المصري، ما عدا ما يخص سداد التزامات دولارية فورية، على أن يقوم البنك المركزي المصري بتدبير العملة الأجنبية للجهة وفقا لاحتياجاتها.

وبالتالي أصبحت جميع الجهات والوزارات مطالبة بالتنازل عن الدولار في البنك المركزي والحصول على احتياجاتها بالجنيه المصري، وفي حالة حاجتها للدولار عليها القيام بتدبير العملة المحلية، ليقوم المركزي بتبديلها بالدولار.

وتأتي هذه الخطوة أيضا بعد تنازل وزارة المالية وهيئة المجتمعات العمرانية عن حصتها في حصيلة صفقة رأس الحكمة للبنك المركزي والحصول على المقابل بالجنيه المصري. فقد حصلت وزارة المالية على 12 مليار دولار من حصيلة الصفقة، ولكن بالجنيه المصري، كما باعت هيئة المجتمعات العمرانية 15 مليار دولار من حصيلة الصفقة للبنك المركزي.

السعر الإداري للجنيه

أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، تحركات سعر الدولار في البنك المركزي المصري، إلى عدم تحديد سعر إداري للجنيه المصري، حيث سيتأرجح بين الارتفاع والهبوط.

وأكد الدكتور وليد جاب الله في تصريح خاص للجريدة «العقارية»، أن التذبذب في سعر صرف الدولار منذ تحرير سعر الصرف بين مستويات 45 و50 جنيهًا مقبول ومنطقي، في إطار الأوضاع الاقتصادية الحالية، لكن مع استقرار الأوضاع في المدى المتوسط قد نشهد تحسنًا في قيمة الجنيه المصري بصورة أفضل مما هي عليه الآن.