شهدت شبكة "بتكوين" أمس حدثًا هامًا يُعرف باسم "التنصيف"، وهو عملية تقنية تقلل من عدد العملات الجديدة المُنتجة كل أربع سنوات. وقد أثار هذا التطور قلق بعض المستثمرين، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على سعر "بتكوين" وشركات التعدين.
ويؤدي هذا الحدث الذي يقام كل أربع سنوات إلى خفض ما يسمى بمكافأة التعدين إلى النصف، وهي كمية عملات "بتكوين" التي تصدرها الشبكة لتعويض شركات التعدين للتحقق من صحة المعاملات. دخل التعديل حيز التنفيذ في الساعة 8:10 مساء أمس الجمعة بتوقيت نيويورك، وفق بيانات موقع التحليلات "ميمبول.سبيس" (mempool.space) و"بلوكتشين.كوم" (Blockchain.com). ولم يتغير سعر "بتكوين" كثيراً بالقرب من مستوى 64 ألف دولار بعد التنصيف.
وهذا التغير في المكافآت مقصود ومحدد مسبقاً بواسطة الكود الذي يشغل سلسلة الكتل "بلوكتشين" الخاصة بـ"بتكوين". سعى ساتوشي ناكاموتو، منشئ "بتكوين" المجهول المفترض، إلى استخدام آلية التنصيف للحفاظ على حد أقصى نهائي قدره 21 مليون "بتكوين" من أجل الحفاظ على العملة المشفرة الرئيسية من التضخم. ونتيجة لهذا التنصيف، وهو الرابع منذ 2012، ستنخفض المكافأة اليومية المدفوعة للقائمين بالتعدين إلى 450 عملة "بتكوين" من 900.
ويتوقع أنصار "بتكوين" أن يكون التنصيف حافزاً إيجابياً لأحدث سوق صاعدة لأنه يقلل بشكل أكبر من المعروض من الرموز الجديدة في الوقت الذي ارتفع فيه الطلب عليها من الصناديق الجديدة المتداولة في البورصة والتي تتعامل مباشرة في الأصل الرقمي. وقد وصف مؤيدو كبرى العملات المشفرة، مثل مايكل سايلور رئيس مجلس إدارة شركة "مايكرو استراتيجي" (MicroStrategy)، بأنها مخزن أفضل للقيمة من العملات الورقية التقليدية، والتي يقولون إنها أكثر عرضة للتضخم.
ومع ذلك، في حين ارتفع سعر "بتكوين" إلى مستويات قياسية بعد عمليات التنصيف السابقة، يرى مراقبو السوق بما في ذلك محللون من "جيه بي مورغان تشيس آند كو" و"دويتشه بنك" أن السوق وضع في اعتباره بالفعل ذلك الحدث إلى حد بعيد، بما يعني احتمال عدم ارتفاع قيمة "بتكوين" كثيراً بعده.
سعر بتكوين لم يتغير كثيراً بعد التنصيف
قال كوك كي تشونغ، الرئيس التنفيذي لشركة "اشيا نكست" (AsiaNext)، ومقرها سنغافورة، وهي بورصة للأصول الرقمية للمستثمرين المؤسسيين: "كما هو متوقع، وضعت (السوق) التنصيف في الحسبان بالكامل، لذا كانت حركة الأسعار محدودة. الآن سيتعين على الصناعة أن تنتظر لترى ما إذا كان الارتفاع سيحدث في الأسابيع المقبلة وسط اهتمام مؤسسي مستدام".
وفي حين أن سعر أكبر عملة مشفرة لم يتغير كثيراً بعد الحدث، فإن متوسط رسوم المعاملات على الشبكة قفز أكثر من 730% إلى 250 دولاراً قبل أن ينخفض إلى 164، حسبما تظهر بيانات "كريبتو كوانت" ( CryptoQuant).
تجدر الإشارة إلى أن التأثير المخفف لتعدين "بتكوين" يتناقص مع كل تنصيف. وفي حين أن عدد الرموز المميزة التي تم تعدينها في الدورة التي أعقبت التنصيف الأول بلغ 50% من عملات "بتكوين" في وقت العملية، فإن العرض الجديد في الدورة التالية سيصل إلى 3.3% فقط، وفق بيانات بلومبرغ.
بتكوين تعوض معظم خسائرها الناجمة عن التوترات الجيوسياسية
على الناحية الأخرى، قد يتراجع مقدار التفاؤل حيال "بتكوين" على المدى القريب بسبب تأثيرات الاقتصاد الكلي، مثل الإشارات الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي بتأخير تخفيضات أسعار الفائدة والصراع في الشرق الأوسط، بحسب إدوارد تشين، المؤسس المشارك لشركة "باراتاكسيس كابيتال" (Parataxis Capital).
وقال تشين: "من المرجح أن نتراجع قليلاً خلال الربع التالي حتى يكون هناك وضوح على جبهة الاقتصاد الكلي. خلال ذلك الوقت، من المرجح أن يظل المحرك الرئيسي للسعر هو تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة".
معدنو بتكوين أكبر الخاسرين
يُتوقع أن يكون التأثير الرئيسي للتنصيف على شركات تعدين "بتكوين" وليس على السعر الفعلي للعملة المشفرة.
تحديث "بلوكتشين" قد يمحو مليارات الدولارات من الإيرادات السنوية للقائمين بالتعدين، على الرغم من أن التأثير سيكون محدوداً إذا استمر سعر العملة المشفرة في الارتفاع.
تعدين "بتكوين" يعد عملية كثيفة الاستخدام للطاقة، إذ يستخدم القائمون بالتعدين أجهزة كمبيوتر متخصصة للتحقق من صحة المعاملات على "بلوكتشين". وأنفقت شركات تعدين "بتكوين" الكبرى مثل "ماراثون ديجيتال هولدينغز" (Marathon Digital Holdings) و"رايت بلاتفورمز" (Riot Platforms) مليارات الدولارات للحصول على الكهرباء وشراء معدات التعدين وبناء مراكز البيانات.
معدّنو "بتكوين" المتعثرون حذرون من حدث "التنصيف" الكبير
ويتوقع "جيه بي مورغان" أن تتجه شركات القطاع نحو الاندماجات والاستحواذات، على أن تحصل الشركات المتداولة في البورصة على حصة في السوق.