م.هشام شكري : الشراكة مع الدولة علي أجندة أعمالنا


الاربعاء 07 ديسمبر 2016 | 02:00 صباحاً

صاحب تجربة فريدة ورائدة وبصمات مضيئة علي

جدران القطاع العقاري المصري، ويمتلك رؤية وفكراً وطموحاً لا حدود لها، ولديه هم

المشاركة في تنمية وخدمة بلاده، فهو يتطلع دائما إلي الأفضل علي كافة المستويات

المحلية والعالمية، بفضل خبراته الكبيرة والممتدة لسنوات طويلة ومعرفته المتشعبة

بكل صغيرة وكبيرة داخل السوق العقاري الذي أصبح حسب وصفه نقطة انطلاق استراتيجية

وركيزة أساسية نحو تحقيق الخطة التنموية الطموحة للدولة المصرية في الوقت الحالي.

المهندس هشام شكري.. رئيس مجلس إدارة

مجموعة رؤية القابضة للاستثمار العقاري، دائما صاحب آراء جريئة ورؤية واضحة فيما يخص

منظومة التشييد والبناء، فهو مطور بدرجة طبيب جراح من طراز فريد يعرف كيف يشخص

الحالة المرضية التي تعاني منها التنمية العمرانية في مصر، ويعرف أيضا ببراعة شديدة

وبمشرطه الدقيق كيف يصف لها العلاج المناسب والذي يقضي علي الأزمة بسرعة وكفاءة من

أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة التي تتطلع إليها القيادة السياسية وتعمل

من أجلها ليل نهار كافة أجهزة الدولة حتي تضع مصرنا الغالية في مكانتها التاريخية

التي تليق بها في مصاف الأمم المتقدمة.

جرأته المعهودة وآرائه السديدة تجعل

كلماته دقيقة ومحددة في وصف الوضع الاقتصادي المصري وكيف يمكن حل ما يواجهه من

أزمات وعقبات، فقد أكد المهندس هشام شكري، أن القدرات المالية الحالية للدولة لا

تستطيع تحمل أعباء تمويل مشروعات البنية الأساسية الخاصة بالمشروعات القومية الكبري

التي أطلقتها القيادة السياسية مؤخراً في جميع أنحاء الجمهورية، موضحا أن استمرار

الدولة في تنفيذ هذه المشروعات بمفردها ستؤدي إلي استنزاف مواردها وزيادة عجز

الموازنة العامة لها، مشددا علي أن عهد قيام الدولة بتمويل مشروعات البنية التحتية

قد انتهي ولم يعد موجوداً علي مستوي العالم، ولذلك فإن الدولة مطالبة بالاستفادة

من التجارب العالمية التي تقوم فيها «صناديق البنية الأساسية» بتمويل مثل هذه

المشروعات نظير أن يكون لها بعض الحقوق لفترات زمنية محددة، مشددا علي أن هذه

الصناديق هي الحل الأمثل لتنفيذ البنية التحتية للمشروعات القومية الكبري خلال 5

سنوات دون تحمل الدولة أي أعباء مادية.

ويؤمن «شكري» بأن التنمية الحقيقية في مصر

تبدأ من مشروعات البنية التحتية، لذلك فهو يرفض بشكل قاطع مبدأ التعامل مع الأرض

كسلعة، لأنها كما يصفها هي إحدي المواد الخام التي تدخل في تنفيذ مشروعات التنمية

العمرانية مثلها في ذلك مثل باقي مواد البناء، مؤكداً أن ما تقوم به الجهات

المسئولة حاليا من طرح الأراضي بأسعار مبالغ فيها يعوق بشكل أساسي عمليات التنمية

العمرانية المستهدف تنفيذها ضمن الخطة التنموية للدولة، وطالب الدولة بأن تفكر في

العائد من بيع الأرض بشكل يخدم عمليات التنمية المستدامة وليس التفكير فيها علي

أنها متاجرة وربح سريع، كما أوضح أن خطة تنمية أي منطقة جديدة يجب أن تتم وفق

استراتيجية محددة تتمثل في طرح نسبة الـ 15% الأولي من المساحة بأسعار مخفضة مع

شرط سرعة التنفيذ ووضع غرامات مالية حال التأخر في ذلك وكذا رفع تدريجي لسعر الأرض

وهو ما يؤدي في النهاية إلي تحقيق عائد جيد من عملية الطرح وفي نفس الوقت خلق

مجتمعات عمرانية جديدة.

وأوضح أن نظام الشراكة بين الدولة والقطاع

الخاص نظام جيد في ظل الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الأراضي، لاسيما وأنه يزيل من

علي عاتق المطور عبء تكلفة الأرض ويوفر له السيولة المادية المطلوبة لتنفيذ

المشروع، مشيرا إلي أن هذا النظام يشوبه بعض السلبيات في مقدمتها أن نسبة الشراكة

بين الدولة والمطور مرتفعة تصل إلي 40% من عائد الإيرادات المتوقعة للمشروع في حين

أن الدراسات تؤكد أن تكلفة الأرض يجب ألا تزيد علي 25%، كما أن الدولة تضع حداً

أدني لعائدها من المشروع وهو ما يمثل عبئاً علي المطور، مطالبا الدولة بضرورة

التخلص من هذه السلبيات خاصة وأن الشراكة الحقيقية من وجهة نظره هي أن يتشارك

الطرفان في المكسب والخسارة.

وأكد أن نظام «الشراكة بالدولار» الذي

أعلنت عنها وزارة الإسكان في المرحلة الثانية من مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص،

يعطي أولوية للمستثمر الأجنبي علي حساب المستثمر المصري، ويؤدي إلي فرملة عملية

التنمية بقيادة المطور المصري، بل وقد يدفع البعض إلي اللجوء للقنوات غير الشرعية

لإدخال الدولار إلي البلد من أجل المنافسة علي قطعة أرض من أراضي الشراكة.

وأشار «شكري» إلي أن ارتفاع سعر صرف

الدولار مقابل الجنيه المصري حمل في طياته الكثير من التأثيرات علي القطاع العقاري

سلبًا و إيجابًا، منها اتجاه المواطنين والمستثمرين للاستثمار العقاري وشراء عدد

كبير من الوحدات والأراضي وهو ما ينعش السوق، أما الجانب السلبي فيتمثل في ارتفاع

تكلفة تنفيذ المشروعات وهو ما أدي إلي ارتفاع أسعار العقارات.

وقال إنه علي الرغم من المعوقات والعراقيل

الموجودة بالسوق العقاري المصري إلا أن احتمالات النمو في السوق العقاري هي الأكثر

توقعاً خلال السنوات القادمة، خاصة وأن القطاع العقاري قوي وجاذب ومدعوم بقوي شرائية

كبيرة، لافتاً إلي أن الاستثمار العقاري أصبح هو البديل الاستثماري الأكثر جذباً

لأصحاب الفوائض المالية والمدخرات كما أن السوق يضم طلباً حقيقياً ومتجدداً للسكن

ليس فقط للاستثمار.

وعن شركته أكد المهندس هشام شكري، أن

الشركة وضعت استراتيجية استثمارية توسعية وطموحة في السوق المصري وأنها لن تتخلي

عن الاستثمار بهذا السوق الواعد، مشيرا إلي أن الشركة علي أتم استعداد للدخول في

المشروعات القومية التي قامت الدولة بطرحها للاستثمار مثل مشروع العاصمة الإدارية

الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ومشروع محور قناة السويس، والمثلث الذهبي وغيرها

من مشروعات واعدة، مؤكداً أن شركته بانتظار طرح هذه المشروعات علي القطاع الخاص.

وشدد علي أن الشركة تبدأ في تسويق

المشروعات بعد الحصول علي العقود النهائية والتراخيص من هيئات ومؤسسات الدولة، وليس

بعد الانتهاء من شراء الأرض من واضعي اليد، خاصة وأنه من المحتمل في أثناء القيام

بهذه الإجراءات أن يتم إجراء بعض التعديلات علي المخطط العام للمشروعات.

وأوضح أن الشركة تضخ استثمارات كبيرة تصل

إلي 27.6 مليار جنيه في كل مشروعاتها، حيث تصل التكلفة الاستثمارية لمشروع ستون

بارك إلي حوالي 12 مليار جنيه، بينما تصل التكلفة الاستثمارية لمشروع تلال السخنة

إلي نحو 5 مليارات جنيه، وتصل استثمارات مشروع تلال الساحل إلي حوالي 800 مليون جنيه،

بالإضافة إلي رصد 1.5 مليار جنيه استثمارات للمشروع الجديد بالساحل كما ستقوم

الشركة بضخ استثمارات تتجاوز 8 مليارات جنيه بمشاريعها بمدينة مرسي علم، وضخ

استثمارات تقدر بنحو 300 مليون جنيه بمشروع مدينة 6 أكتوبر ... وإلي تفاصل

الحوار..

 أطلقت الدولة مخططاً تنموياً ضخماً يضم العديد

من المشروعات القومية الكبري التي تؤكد علي أن التنمية العمرانية ركيزة أساسية

للنهوض الاقتصادي، فما هو تقييمكم لذلك، وهل موارد الدولة المالية قادرة ومؤهلة

لتنفيذ مثل هذا المخطط الطموح؟

 لا شك أن اتجاه الدولة للاهتمام بالقطاع العقاري

واعتماد التنمية العمرانية كركيزة أساسية للنهوض الاقتصادي، هو اتجاه استراتيجي صحيح

يخدم خطتها التنموية التي تتمحور حول الخروج من الحيز العمراني الحالي الذي لا يتجاوز

7% فقط من المساحة الإجمالية لمصر أي ما يعادل نحو 16 مليون فدان فقط، إلي آفاق

رحبة تتطلب تنمية نحو 7% أخري حتي عام 2050 أي ما يعادل نحو 16 مليون فدان آخري

خلال الـ35 عاما القادمة وذلك لاستيعاب الزيادة السكانية المتوقعة خلال هذه

الفترة، والتي تفرض علينا الالتزام بتنمية نحو 2.5 مليون فدان كل 5 سنوات، أي ما يعادل

14عاصمة إدارية جديدة وهو ما يثبت ويؤكد صحة اتجاه الحكومة نحو إقامة مشروعات قومية

ضخمة من مدن ومجتمعات عمرانية جديدة.

وأشير هنا إلي أن الوضع الاقتصادي الحالي

لمصر غير مؤهل لتنفيذ ذلك المخطط الطموح ليس لعدم توافر الأراضي الكافية ولكن بسبب

غياب القدرات المالية التي تسهم في تحمل أعباء تمويل مشروعات البنية الأساسية

الخاصة بهذه المشروعات من شبكات الطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحي والموانئ

والمطارات وغيرها، حيث إن هذه المرافق ستؤدي إلي استنزاف موارد الدولة وزيادة عجز

الموازنة، وقد تلجأ الدولة في هذا الشأن إلي الاستفادة القصوي من مواردها غير

المالية مثل الأراضي وتقوم ببيعها بأسعار مبالغ بها وهذا غير صحيح لأن بيع الأراضي

بأسعار مرتفعة لا يخدم التنمية بل علي العكس يضر بها.

 في

رأيك، ما هو البديل الاستراتيجي الذي يتيح للدولة تنفيذ مثل هذه المخططات التنموية

دون الضغط علي الموازنة العامة؟

أري أن التنمية الحقيقية في مصر تبدأ من

مشروعات البنية التحتية، والتي كما ذكرت لا تتوافر لها الموارد المالية الكافية

وتنفيذها يمثل ضغوطا هائلة علي الموازنة العامة للدولة، وهنا يجب علينا أن نستفيد

من التجارب العالمية في هذا الصدد، والتي تؤكد أن عهد قيام الدولة بتمويل مشروعات

البنية الأساسية لتنفيذ التوسعات العمرانية قد انتهي ولم يعد موجود عالميا بما فيها

«الصين»، وأن من يقوم بتمويل مشروعات البنية الأساسية علي مستوي العالم، هي «صناديق

البنية الأساسية» التي أنشأها مستثمرون من كافة دول العالم لتكون متخصصة في تمويل

مثل هذه المشروعات.

وأود أن أوضح هنا أن صناديق البنية الأساسية

تكون مسئولة عن تمويل مشاريع البنية التحتية بنظام الـPPP أو الـPOT أو غيرها من الأنظمة، بحيث يكون لها حق عائد بيع

السلعة المنتجه لمدة 30 عامًا، دون أن تتحمل الدولة أي عبء مادي، وأؤكد أن هذه

الصناديق من أنجح التجارب العالمية، والتي في رأيي سوف تكون الحل الأمثل لتنفيذ

البنية التحتية للمشروعات القومية الضخمة التي أطلقتها الدولة مثل العاصمة الإدارية

الجديدة، وتنمية مدن الصعيد، وإقامة مدينة العلمين الجديدة والجلالة وغيرها وذلك في

غضون السنوات الخمس المقبلة. والجدير بالذكر أن الدراسات تشير إلي أن صناديق البنية

الأساسية العالمية تستثمر سنويا ما يتراوح بين 2.5 تريليون و3 تريليون دولار علي

مستوي العالم وهو ما يؤكد علي نجاح هذه التجربة.

 وما هي المزايا التي توفرها هذه الصناديق لمصر؟

تطبيق تجربة صناديق البنية الأساسية سوف يوفر

لمصر العديد من المزايا والتي يتمثل أهمها في تنفيذ مشاريع البنية التحتية لكافة

المشروعات القومية الكبري خلال الخمس سنوات المقبلة دون تحمل الدولة أي أعباء مادية،

الأمر الذي يترتب عليه حل أزمة مزمنة تعوق التنمية في الوقت الحالي وهي ندرة الأرض

المرفقة وارتفاع أسعارها، حيث إن هذه التجربة ستعمل علي توفير كم هائل من الأراضي

المرفقة والجاهزة للتنمية بأسعار ملائمة للمطورين والمستثمرين، وهذا بدوره سيكون

عامل جذب كبيراً لمزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية في العديد من المجالات

المختلفة مثل التنمية الصناعية والعقارية والصحية وغيرها، وهو ما يؤدي إلي توفير

فرص عمل ضخمة وزيادة الحصيلة الضريبية للدولة وبالتالي زيادة الموارد التي تقود

بشكل طبيعي إلي النهوض بالوضع الاقتصادي المصري.

وأشير هنا إلي أن مصر إذا اتخذت خطوات عملية

في هذا الشأن وقامت بتعديل قوانين الاستثمار من أجل التوجه لهذه الصناديق فمن

الممكن لهذه الصناديق أن تضخ تمويلا سنويا يتراوح بين 15 مليار و20 مليار دولار في

مشروعات البنية الأساسية في كل المناطق التي تشملها خطة الدولة التنموية. وأود أن

أذكر هنا أن صناديق البنية الأساسية لا تستثمر فقط في البنية التحتية الجديدة

وإنما تقوم بالاستثمار في تجديد البنية التحتية القديمة، فعلي سبيل المثال مطار

شارل ديجول في فرنسا لا تمتلك فيه الحكومة الفرنسية إلا نسبة 30% فقط وبالباقي

لهذه الصناديق التي قامت بتجديده وتنميته.

كما أشير إلي تجربة من أنجح التجارب في

مصر وهو إنشاء مطار مرسي علم الذي قام بتنفيذه مستثمر عربي وأسهم في تدشين منطقة سياحية

جديدة تضاف للخريطة السياحية لمصر، الأمر الذي يؤكد علي ضرورة توجه الدولة لتطبيق

هذه التجربة حتي تتمكن من تنفيذ خطتها التوسعية في التنمية العمرانية لاستيعاب

الكثافة السكانية.

 أشرت إلي ارتفاع أسعار الأراضي بصورة مبالغ

فيها، فهل تري أن الدولة تقوم بالتعامل مع الأرض كسلعة، وما هو تأثير ذلك علي

التنمية العقارية؟

 مبدأ التعامل مع الأرض كسلعة في حد ذاتها أمر

مرفوض تماما، لأن الأرض في البداية والنهاية هي إحدي المواد الخام التي تدخل في

تنفيذ مشروعات التنمية العمرانية مثلها في ذلك مثل مواد البناء كالأسمنت، والحديد،

والطوب، وغيرها. وأود أن أوضح أن التنمية العقارية عبارة عن دورة عمل يدخل في تنفيذها

مواد خام - منها الأرض من أجل إخراج منتج كامل الصنع هي الوحدات العقارية سواء سكنية

أو إدارية أو تجارية أو سياحية، وعلي ذلك فإن ما تقوم به الجهات المسئولة حاليا من

طرح الأراضي بأسعار مبالغ فيها يعوق بشكل أساسي عمليات التنمية العمرانية المستهدف

تنفيذها خلال الفترة المقبلة ضمن الخطة التنموية للدولة.

وأطالب الجهات المسئولة بالدولة أن تفكر في

العائد من بيع الأرض بشكل يخدم عمليات التنمية المستدامة وليس التفكير في العائد

المادي السريع الذي تدره عملية بيع الأراضي فقط، وأبرز مثال علي ذلك ما قامت به

الحكومة في وقت سابق عندما طرحت الأراضي بأسعار مخفضة في بعض المناطق البكر وهو ما

كان سببا رئيسياً في خلق مجتمعات عمرانية جديدة وإحداث تنمية حقيقية بهذه المناطق.

وأذكر هنا أن خطة تنمية أي منطقة جديدة يجب

أن تتم وفق استراتيجية محددة تتمثل في طرح نسبة الـ 15% الأولي من المساحة بأسعار

مخفضة مع شرط سرعة التنفيذ ووضع غرامات مالية حال التأخر في ذلك، لمنع عمليات

التسقيع، تليها عملية رفع تدريجي لسعر الأرض إلي أن تكتمل عملية التنمية بالمنطقة

الجديدة، وهذا الأمر يؤدي إلي تحقيق عائد مجدي من عملية الطرح من جانب وخلق

مجتمعات عمرانية جديدة من جانب آخر.

 تسيطر علي المطورين العقاريين حالة من الترقب

والحذر نتيجة الأوضاع الاقتصادية الحالية التي أدت إلي ارتفاع أسعار الأراضي

والوحدات بصورة كبيرة، فهل تعتقد أن السوق العقاري سيشهد حالة من البطء في معدلات

النمو؟

التنمية العمرانية علي مستوي العالم تقوم

علي علاقة عكسية بين ارتفاع أسعار الأرض كمادة خام من جانب ومعدل النمو العمراني

من جانب آخر، بمعني أن ارتفاع أسعار الأراضي دائما يقابله بطء في معدلات التنفيذ

والنمو، كما أن ارتفاع سعر الأرض ينعكس علي ارتفاع سعر المنتج النهائي أي الوحدة

العقارية الأمر الذي قد يصل بالأسعار إلي مرحلة تتجاوز القدرات الشرائية للعملاء

وبالتالي يتراجع حجم المبيعات.

وأؤكد هنا أن التنمية العمرانية عملية

مترابطة لا يمكن الفصل بينها، وخير دليل علي ذلك الطفرة العمرانية التي شهدتها

الساحة العقارية المصرية في الفترة من عام 2000 حي عام 2010، بوصفها الأعلي في تاريخ

مصر لاسيما وأنه نتج عنها خلق مجتمعات جديدة مثل مدينة الرحاب ومدينتي وغيرها، وأشير

إلي أن هذه الطفرة ترجع إلي أن الدولة قامت بطرح الأراضي بأسعار ملائمة للمطورين حيث

كان يتراوح سعر المتر المربع حينها ما بين 100 جنيه و1500 جنيه، وهو ما ساهم في

الإقبال الكبير علي الأراضي.

أما إذا انتقلنا للفترة من 2010 وحتي

2016، سنجد أن هذه الفترة مقسمة إلي مراحل حيث شهدت بدايتها «من 2011 إلي 2014»

حالة من التباطؤ في معدلات التنمية ترجع إلي الظروف السياسية القهرية التي مرت بها

مصر والتي أدت إلي حالة من عدم الاستقرار سياسيا واقتصاديا، وبالتالي تراجعت معدلات

الإنتاج والنمو، إلا أن عودة الاستقرار السياسي علي الساحة خلال عام 2014 أسهم في

عودة النشاط مرة أخري علي مستوي القطاع العقاري، حيث وصل سعر الأرض خلال هذه

الفترة ما بين 800 جنيه و2000 جنيه للمتر المربع في مناطق أكتوبر، والقاهرة الجديدة،

والشروق، وهو ما أسهم في حدوث عمليات تنموية جديدة.

أما الفترة الحالية فتشهد ارتفاعات مبالغ

فيها في أسعار الأراضي حيث وصل سعر الأرض في الطرح الأخير لوزارة الإسكان بنظام

الشباك الواحد 4500 جنيه للمتر المربع مما أدي إلي إحجام المطورين عن الدخول

للحصول علي هذه الأراضي وهو ما يمثل عقبة في عملية التنمية.

 تحدثتم

عن عزوف المطورين عن أراضي الشباك الواحد نتيجة ارتفاع الأسعار إلي 4500 جنيه

للمتر، ورغم ذلك لجأت وزارة الإسكان لطرحها علي الافراد بقيمة 7 آلاف جنية للمتر،

فما تقييمك لهذه التجربة؟

 بداية أود التأكيد علي أن عزوف المطورين العقاريين

عن الدخول في هذا الطرح جاء بسبب الارتفاع المبالغ فيه في سعر الأرض لذا فهو عزوف

له أسبابه ومبرراته.

أما ما قامت به وزارة الإسكان من طرح هذه

الأراضي للأفراد بسعر أعلي يقدر بنحو 7 آلاف جنيه للمتر، فأنا أري أنه غير مجدٍ

اقتصادياً، حيث إنه تم تقسيم هذه الأراضي وبيعها للأفراد بما يعني بيع ما يزيد قليلا

علي 50% فقط من مساحة الأرض الإجمالية التي تقدر بنحو مليون متر مربع، ولإثبات عدم

جدوي الأمر بالأرقام، نقوم بعملية حسابية بسيطة بحيث نضرب 7 آلاف جنيه في الـ500

ألف متر المستغلة فقط سنجد أن العائد من بيع الأرض يقدر بنحو 3.5 مليار جنيه، فضلا

عن أن الوزارة ستتحمل تكلفة تمويل المرافق الداخلية والبنية الأساسية للمنطقة والتي

تقدر بنحو نصف مليار جنيه، أي أن صافي العائد أصبح 3 مليارات جنيه، وبالتالي لو تم

بيعها للمطور وفقا لهذه الحسبة سنجد أن السعر العادل لمتر الأرض 3 آلاف جنيه وليس

4500 جنيه للمتر كما حددت الوزارة من قبل. هذا إضافة إلي أن عملية بيع الأراضي

للمطورين تسهم في إحداث عملية تنمية حقيقية بعيدا عن عشوائية التنفيذ وتجنب عمليات

التسقيع التي يقوم بها نحو 70% من الأفراد، كما أنه يزيل من علي عاتق الدولة تحمل

عبء التعامل مع عدد كبير من العملاء.

 أصبح نظام الشراكة ضرورة ملحة في ظل الارتفاع

المبالغ فيه بأسعار الأراضي واتجاه الدولة لاستغلال مواردها بالشكل الأمثل.. من

وجهة نظرك ما هي إيجابيات وسلبيات هذا النظام؟

 يحمل

نظام الشراكة في طياته العديد من الإيجابيات، أهمها أنه يزيل من علي عاتق المطور

عبء تكلفة الأرض، ويوفر له السيولة المادية للبدء في مراحل التنفيذ الخاصة

بالمشروع، ويساعد المطور في سداد تكلفة الأرض بجدول زمني يتناسب إلي حد ما مع

معدلات البيع. ومن وجهة نظري فهو نظام جيد في ظل الارتفاع المبالغ فيه في سعر الأرض

في الوقت الذي تحاول الدولة استغلال مواردها من أجل الإسراع في عملية التنمية.

وعلي الرغم من هذه الإيجابيات فإن مشروعات

الشراكة التي قامت الدولة بطرحها مؤخراً يشوبها بعض السلبيات أهمها ارتفاع متوسط

سعر الأرض، حيث نجد أن نسبة الشراكة بين الدولة والمطور مرتفعة تصل إلي 40% من

عائد الإيرادات المتوقعة للمشروع، هذا في الوقت الذي تؤكد فيه دراسات التنمية

العمرانية أن تكلفة الأرض يجب أن تتراوح نسبتها من 15% إلي 25% من إجمالي التكلفة

الاستثمارية للمشروع خاصة إذا كان موقع الأرض ليس مميزاً.

أما السلبية الأخري فهي اشتراط الدولة

وجود حد أدني لعائدها من المشروع وهو ما يمثل عبئاً علي المطور الذي سيكون مجبراً

لرفع أسعار وحدات المشروع لتغطية هذا البند، ومن وجهة نظري فإن الشراكة الحقيقية هي

أن يشارك كل من الطرفين المكسب والخسارة.

 في

ظل ما تشهده الساحة الاقتصادية المصرية حاليا من ارتفاعات غير مسبوقة للدولار، في

رأيك ما هي التأثيرات الإيجابية والسلبية لارتفاع الدولار أمام الجنيه علي السوق

العقاري؟

ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه

المصري يحمل في طياته الكثير من التأثيرات علي القطاع العقاري سلبًا و إيجابًا، حيث

يتلخص الثأثير الإيجابي في اتجاه المواطنين والمستثمرين للاستثمار العقاري وشراء

عدد كبير من الوحدات بدلا من الاحتفاظ بالمدخرات خاصة في ظل ارتفاع معدل التضخم،

وهذا بالطبع يؤدي إلي زيادة حركة الإقبال علي العقار وينعش السوق العقاري من جديد.

أما بالنسبة للجانب السلبي فيتمثل في

ارتفاع تكلفة تنفيذ المشروعات وخاصة بالنسبة لشركات الاستثمار العقاري التي تقوم

بتشطيب المشروعات الخاصة بها في الوقت الحالي، حيث إن ارتفاع سعر الدولار انعكس

بشكل مباشر علي زيادة أسعار العديد من مواد البناء مثل السيراميك والدهانات

والأبواب ونتيجة لذلك ارتفعت تكلفة التشطيبات وبالتالي ترتفع أسعار العقارات.

 هل دخول الدولار إلي المنظومة العقارية عقب

إعلان وزارة الإسكان عن طرح أراضي المرحلة الثانية من الشراكة مع منح الأولوية

للشركات التي تدفع بالعملة الصعبة، يثير تخوفات المطورين؟

أري أنه علي الرغم من أهمية وضرورة

استغلال الدولة لمواردها وأصولها أفضل استغلال لتوفير النقد الأجنبي في ظل الأزمة

الاقتصادية التي تشهدها البلاد، إلا أن ذلك لا يبرر هذا النظام «الشراكة بالدولار»

التي أعلنت عنها الوزارة في المرحلة الثانية من مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص.

ففي رأيي أن هذا النظام يعطي أولوية

للمستثمر الأجنبي علي حساب المستثمر المحلي، وللعلم فإن دول الخليج تشترط لدخول

مستثمر أجنبي للاستثمار بها أن يكون شريكاً لمستثمر محلي من نفس البلد، كما أن تطبيق

الوزارة لهذا النظام يؤدي إلي فرملة عملية التنمية بقيادة المطور المصري، بل وقد يدفع

البعض إلي اللجوء للقنوات غير الشرعية لإدخال الدولار إلي البلد من أجل المنافسة

للحصول علي قطعة أرض من أراضي الشراكة مع الدولة.

 في

ظل المتغيرات والمستجدات التي طرأت علي القطاع العقاري المصري وباتت من وجهة نظر

البعض تنطوي علي عدد من المعوقات التي تعرقل مسيرته التنموية، ما هي توقعاتك

لمستقبل السوق العقاري خلال الفترة المقبلة؟

 علي الرغم من المعوقات والعراقيل التي تعوق نمو

القطاع العقاري المصري والتي سبق الإشارة إليها في هذا الحوار إلا أن احتمالات

النمو في السوق العقاري هي الأكثر توقعا خلال السنوات القادمة، خاصة إذا قمنا

بتلافي هذه السلبيات وعدلنا السياسات الموجودة حاليا، وأشير هنا إلي أن هذه

الاحتمالات يبررها قوة السوق العقاري المصري فهو سوق جاذب ومدعوم بقوي شرائية كبيرة.

وأري أن الاستثمار العقاري بوصفه وعاء

إدخارياً آمناً ومجدية اقتصادياً فقد أصبح هو البديل الاستثماري الأكثر جذباً

لأصحاب الفوائض المالية والمدخرات كما أن السوق يضم طلباً حقيقياً ومتجدداً للسكن

ليس فقط للاستثمار، فالعقار ينمو بمعدل يتراوح من 20% إلي 25% سنويا كحد أدني علي

عكس البدائل الإستثمارية الأخري كالاستثمار في الدولار الذي يتغير في معدلات نموه

والتي لا تصل إلي حجم النمو في العقار.

 ننتقل بحوارنا إلي الحديث عن شركة «رؤية»، فما هي

استراتيجيتكم الاستثمارية في السوق المصري خلال المرحلة الحالية؟

 وضعنا استراتيجية استثمارية توسعية وطموحة في

السوق المصري ولن نتخلي عن الاستثمار بهذا السوق الواعد والجاذب لكافة المستثمرين

خاصة وأن الشركة حاليا توجه كافة استثماراتها داخلياً ولا تضع نية للاستثمار في

دول خارجية ضمن أولوياتها خلال هذه المرحلة.

وأود التأكيد علي أننا علي أتم استعداد

للدخول في المشروعات القومية التي قامت الدولة بطرحها للاستثمار مثل مشروع العاصمة

الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ومشروع محور قناة السويس، والمثلث

الذهبي وغيرها من مشروعات واعدة ولكننا بانتظار طرح هذه المشروعات علي القطاع

الخاص.

وأشير هنا إلي أن «رؤية» تقدمت للحصول علي

مشروعين بنظام الشراكة ضمن حزمة المشروعات التي طرحتها وزارة الإسكان خلال المؤتمر

الاقتصادي بشرم الشيخ في صورة تحالف بين مجموعة رؤية القابضة وشركة المهيدب السعودية

وشركة بيونيرز، والمشروع الأول في القاهرة الجديدة علي مساحة 360 فداناً ولكن لم

تقم الوزارة باستكمال عملية الطرح، أما المشروع الآخر وعلي مساحة 190 فداناً في مدينة

السادس من أكتوبر وهو مشروع «زايد كريستال بارك» ومن المقرر أن نقوم بإعادة دراسة

التقديم من جديد في المشروع، فنحن نقوم بدراسة كافة الفرص الاستثمارية المتاحة علي

الساحة حاليا لاقتناص ما هو مناسب بالنسبة لشركتنا.