خلال الأيام الماضية زاد الحديث عن الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، لمنح ثاني دفعات القرض المقدر بـ3 مليارات دولار، حيث كان من المقرر أن تحصل مصر على الشريحة الثانية في نهاية مارس الماضي، لكن الأمر تأجل إلى سبتمبر المقبل.
وكانت القاهرة تسلمت بالفعل أول شريحة بقيمة 347 مليون دولار عقب الاتفاق مباشرة، وكان من المفترض أن تحصل على الشريحة الثانية في مارس الماضي لكن تم تأجيل مراجعة الصندوق، والتي كانت مصر ستتسلم بموجبها الشريحة الثانية بحوالي 347 مليون دولار أخرى.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، في تصريحات صحافية، اليوم الثلاثاء، إننا نخوض نقاشات جيدة مع الحكومة المصرية التي تتخذ الخطوات المناسبة لدعم الاقتصاد، حيث أشادت بالاتفاق الذي حدث مؤخرًا مع مؤسسة التمويل الدولية للاستفادة من خبرتها بهدف تسريع عملية بيع الشركات المملوكة للدولة.
وتأتي تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي بعد أيام قليلة من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن عدم حدوث تخفيض جديد بالجنيه أمام العملات الأجنبية.
وتأخر صندوق النقد الدولي في إجراء المراجعة الأولى لبرنامج التعاون مع مصر في الإصلاح الاقتصادي والذي يتضمن تمويلا بقيمة 3 مليارات دولار، والتي كانت من المفترض إجراؤها في مارس الماضي.
تأجيل مفاوضات صندوق النقد
ويأتي ذلك وسط إشارات في تباطؤ مصر في إجراء بعض الإصلاحات مثل التحول لمرونة سعر الصرف بشكل مستدام، وتنفيذ برنامج لبيع عدد من الأصول من أجل جذب تدفقات من النقد الأجنبي، حيث كانت تستهدف الحكومة جذب 2 مليار دولار من بيع بعض هذه الأصول قبل نهاية يونيو الجاري.
مرونة سعر الصرف
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال خلال المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية قبل أيام، إن "كثيرا من الناس يطالبون بمرونة سعر الصرف ونحن مرنون فيه، لكن عندما يتعلق الموضوع بالأمن القومي وأن ذلك سيضيع الشعب المصري فلا".
وعلق الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، على ما يتم تداولة بشأن تحرير سعر الصرف قائلا " إن قرار تحرير سعر الصرف قد يتأخر لحين إجراء التقييم الصحيح لسعر الجنيه المصري مقابل الدولار، لأن سعر الذهب والدولار في حالة انخفاض مستمر خلال الفترة الماضية وهذا لا يعني إلغاء قرار التعويم.
وأشار «خطاب» إلى أن هناك أزمات متلاحقة بالدولار بسبب السوق الموازية، مؤكدا على أن الدولة المصرية لديها من الرؤية ما يمكنها من اختيار الوقت المناسب، مضيفا أن قرار عدم التحرير وقتي ينتهي على حسب الظروف التي تمر بها البلاد، ولكن من الممكن أن يتم تحرير سعر العملة في بداية سبتمبر 2023، بعد تحويلات المصريين في الخارج وعائدات السياحة التي تغذي الخزينة المصرية بالعملات الأجنبية.
أكد الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، على أن صندوق النقد الدولي لا يستطيع التدخل في شئون أو قرارات دولة كبيرة في حجم مصر، مشيرا إلى أن دوره الوحيد هو إعطاء مصر قروض غالية التكلفة لان تكلفة الدين بها غاليه جدًا، ولكن مصر تحتاج إلى صندوق النقد كـ شهادة دولية بأن الدولة لديه رؤية اقتصادية إيجابية وتقوم ببرنامج إصلاح قوي وذلك من أجل جذب الاستثمارات الدولية.
وعن تأخير الدفعة الثانية من قرض البنك الدولي لمصر، أكد إن هذا التاخر لايعني الرفض ولكن صندوق النقد الدولي دائمًا ما يميل إلى التفاوض، وأنه لايعطي دفعات القروض بشكل مستمر ولكن بعد كل دفعة يقوم بالتفاوض والتوجيه بمجموعة من النصائح وحزمة من الإصلاحات الاقتصادية.
وأشار إلى أن هناك بعض المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي، ولكن ليس هذا السبب في تأخير القرض ولكن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير 2022، التي أثرت بشكل كبير على معظم دول العالم وأرهقت الصندوق الذي وجد أن هذه الدول كانت أولى بتمويل عاجل لانها تتعرض لمجاعات، لافتًا إلى هناك 20 دولة حول العالم أوشكت على إعلان إفلاسها وهو ما اضطر الصندوق لتأخير دفعة مارس 2023، من أجل الحفاظ على بقاء هذه الدول.
أما بشأن تحرير سعر صرف العملة المصرية أوضح أحمد خطاب، أن صندوق النقد الدولي حدد القيمة العادلة للجنيه المصري مقابل الدولار من 30 إلى 35، وهو ما يقارب ما وضعه البنك المركزي المصري، وليس ما هو مطلوب في السوق الموازي في مصر بأن يصل سعر التحرير إلى 37 أو 40 جنيهًا، مشيرا إلى ان انهيار سعر الذهب في الأسواق المصرية خلال الفترة الماضية يعني ذلك بأن الجنيه المصري في حالة جيدة ويعيد تصحيح وضعه، وهذا دليل على أن جزء من انهيار العملة في مصر بسبب تلاعب وجشع التجار والمستوردين.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن عملية تحرير العملة ليست السبب وراء تأخير دفعة قرض مارس 2023 من صندوق النقد الدولي، ولكن هناك مفاوضات تجري من الطرف المصري من أجل أعطاء مهلة من الوقت لدراسة السوق المصري قبل عملية التحرير، ولكن مصر ليس خاضعة لقرارات الصندوق.
ولفت الخبير إلى أن عملية تأخر تحرير سعر الصرف ترجع إلى رغبة الدولة في الانتهاء من الموازنة في 30 يونيو 2023، لأن هذه الموازنة تحدد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار من 31 إلى 37، ومن المتوقع أن يكون هناك تحرير سعر الصرف مع الموازنة الجديدة بعد تحديد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بدء من 35 جنيه.
أما عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، أكد الخبير الاقتصاد أنه لن يتم تأجيل البرنامج لوجود اتفاقيات دولية، ولكن من الممكن أن يحدث تباطؤ في الإصلاح الاقتصادي، لافتًا إلى أن هذا حق مشروع لكل دولة تقوم ببرنامج إصلاح على حسب الظروف المتغيرة.
وأشار إلى أن مصر أعلنت عن هذا في عام 2016 قبل حدوث جائحة فيروس كورونا في عام 2019 والتي استمرت لمدة عامين وأثرت على معظم دول العالم ثم الحرب الروسية الأوكرانية، ثم الكساد العالمي الذي ارهق الدولة المصرية.