التقرير الشهري لأداء الأسواق العالمية بنهاية نوفمبر 2022


الثلاثاء 27 ديسمبر 2022 | 04:52 مساءً
التقرير الشهري
التقرير الشهري
فاطمة إمام

قررت عدة بنوك مركزية رفع سعر الفائدة في بداية الشهر، نتيجة زيادة معدلات التضخم لشهر أكتوبر في غالبية الاقتصادات الكبرى مستوى مرتفع غير مسبوق.

 وعلى رأسهم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على رفع سعر الفائدة بواقع 75 نقطة أساس في 2 نوفمبر، وذلك للمرة الرابعة على التوالي، ليصل بذلك سعر الفائدة إلى 3.75% - 4%، ومع ذلك ذكر البنك أن معركته ضد التضخم ستتطلب رفع تكلفة الاقتراض بصورة أكبر.

بنك إنجلترا يرفع  سعر الفائدة بواقع 75 نقطة أساس

كما رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة بواقع 75 نقطة أساس لتصل إلى 3%، مسجلاً أعلى وتيرة رفع للفائدة منذ 33 عامًا كما توقعت الأسواق، وحذر بنك انجلترا من أن اتباع المسار المتوقع من السوق قد يؤدي إلى حدوث ركود. كما شهد هذا الشهر قيام العديد من البنوك المركزية بالأسواق الناشئة برفع أسعار الفائدة وسط ارتفاع معدلات التضخم، وعلى خلفية اتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو تشديد السياسة النقدية.

كانت البيانات الاقتصادية، وفي مقدمتها تقارير معدلات التضخم الأمريكية لشهر أكتوبر، نقطة تحول الشهر الماضي، حيث أصبحت الأسواق أكثر تفاؤلًا حيال تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب. 

علاوة على ذلك، كانا محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي لشهر نوفمبر ومحضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي لشهر أكتوبر أقل حدة من المتوقع، حيث أظهر صانعو السياسة نواياهم لإبطاء وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وجاء رد فعل أصول الأسواق المتقدمة إيجابيًا على محضري الاجتماع لكلا البنكين، وذلك في الوقت الذي قامت فيه الحكومة الصينية بتخفيف الإجراءات المفروضة لمواجهة وباء كورونا، حيث دعمت هذه الديناميكيات معنويات المخاطرة على مستوى العالم، كما أدت إلى ارتفاع أصول الأسواق الناشئة بصورة واسعة النطاق. علاوة على ذلك، أنهت الأصول المحفوفة بالمخاطر تعاملات هذا الشهر على ارتفاع، خاصة عقب خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، باول، في 30 نوفمبر والذي أشار فيه إلى تباطؤ وتيرة تشديد السياسة النقدية في ديسمبر. فضلًا عن ذلك، أكد مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي وصول التضخم بالفعل إلى ذروته.

أنهى تداولات الشهر منخفضًا بنسبة 5%

والجدير بالذكر أن الأصول، خاصة في آسيا، فقدت في وقت لاحق بعضًا من مكاسبها، حيث أدى اندلاع الاحتجاجات ضد القيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا في الصين إلى تأجيج المخاوف حيال الخروج الفوضوي من سياسة "صفر كوفيد" الصينية.

وفيما يتعلق بأسواق العملات، عكس الدولار مكاسبه التي حققها في وقت مبكر من الشهر، حيث أنهى تداولات الشهر منخفضًا بنسبة 5%، ليسجل بذلك أكبر انخفاض شهري له منذ عام 2010. وعلى صعيد التطورات السياسية، تابع المستثمرون عن كثب الانتخابات النصفية الأمريكية خلال الشهر، حيث حظي الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس الشيوخ في الوقت الذي فاز فيه الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد مجلس النواب الأمريكي بفارق ضئيل.

وسجلت معظم البنوك المركزية ارتفاعات ضخمة في أسعار الفائدة خلال الشهر وهو ما كان متوقعًا، ومع ذلك، بدأ الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا في الإشارة إلى تحول هبوطي في وتيرة رفع أسعار الفائدة.

وقام الاحتياطي الفيدرالي بزيادة المستوى المتوقع لسعر الفائدة النهائي خلال الاجتماع، ولكن في وقت لاحق اتفق مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، بما فيهم باول، على أن رفع سعر الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في ديسمبر سيكون أمرًا مناسبًا. ويتوقع الاقتصاديون في بنك إنجلترا أن ينكمش الاقتصاد في الشهرين المقبلين، كما صرح المحافظ بأن أسعار الفائدة قد ترتفع إلى مستويات أدنى من تسعير السوق. واتجهت بنوك مركزية أخرى إلى تشديد السياسة النقدية، بما فيهم البنك الاحتياطي النيوزيلندي الذي سجل أكبر رفع له بسعر الفائدة على الإطلاق.

وأشار المحافظ إلى أنه يوجد المزيد من الزيادات القادمة في أسعار الفائدة لاستعادة استقرار الأسعار. وبالمثل، رفع البنك المركزي السويدي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ 2008، كما أظهرت توقعاته مزيداً من ارتفاعات أسعار الفائدة في بداية عام 2023.

على صعيد بيانات العمالة، أظهر تقرير شهر نوفمبر الصادر عن مؤسسة ADP انخفاض التغير في التوظيف إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب عامين. وبالمثل، تراجعت الوظائف الجديدة لكن لا تزال الأرقام أفضل من التوقعات بصورة طفيفة.

ومن ناحية أخرى، ظهر معدل البطالة دون تغيير خلال شهر نوفمبر عند مستوى 3.7%، مما يشير إلى أن سوق العمل مُحكم نسبيًا. أما بالنسبة لمعدل مشاركة القوى العاملة.

فقد هبط للشهر الثالث على التوالي على غير المتوقع، وبشكل عام، أشارت البيانات إلى تباطؤ معدل الطلب على العمالة، وأن تأثير السياسة التشديدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي على خلق فرص العمل أصبح واضحا أكثر.

الانتقال إلى الاتحاد الأوروبي، انخفض معدل التضخم الرئيسي لشهر نوفمبر والذي سجل أبطأ وتيرة له في ثلاثة أشهر مع استمرار التراجع في أسعار الطاقة، مما يدعم توجه البنك المركزي الأوروبي نحو إبطاء وتيرة الزيادات في أسعار الفائدة.

كما انخفضت بيانات مؤشر أسعار المنتجين في شهر أكتوبر بأكثر من 10% مقارنة بالشهر الماضي، والتي جاءت أقل نسبيًا من التوقعات. وفيما يتعلق بسوق العمل، فقد هبط معدل البطالة ليصل بذلك إلى أدنى مستوى له منذ بدء صدور البيانات في عام 1998.

تحسنت بيانات ثقة المستثمر في الاتحاد الأوروبي نسبيًا، وفاقت الأرقام التوقعات لكنها لا تزال بالقرب من أدنى مستوياتها التي شهدتها منذ وباء كورونا. علاوة على ذلك، ارتفعت ثقة المستهلك بشكل غير متوقع إلى أعلى مستوى لها في خمسة أشهر.

مما يشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية على مستوى المواطنين لا تزال متماسكة، على الرغم من العلامات التي تشير إلى حدوث ركود وشيك وزيادة حالة عدم اليقين بشأن أزمة الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، ظل مؤشر مديري المشتريات بقطاعي التصنيع والخدمات في منطقة الانكماش، على الرغم من البيانات التي تشير إلى تراجع الضغوط التضخمية.

جاءت أرقام معدل التضخم في المملكة المتحدة مختلفة كليًا عن الاقتصادات الرئيسية الأخرى في الأسواق المتقدمة، حيث وصل التضخم إلى مستوى قياسي جديد هو الأعلى في 41 عامًا، ليسلط الضوء على ضغط مستوى الدخل وارتفاع تكلفة المعيشة التي تواجهها الأسر.

كما تشير البيانات إلى أن بنك إنجلترا لا يزال لديه احتمالية كبيرة لرفع سعر الفائدة. وفي الوقت نفسه، شهدت أسعار المدخلات والمخرجات بمؤشر أسعار المنتجين تباطؤًا في شهر نوفمبر لكن جاءت الأرقام أعلى من التوقعات.

علاوة على ذلك، انتعشت مبيعات التجزئة في شهر أكتوبر بمقدار أسرع من المتوقع.

فيما يتعلق بسوق العمل، أرتفع معدل البطالة في شهر سبتمبر بمعدل أسرع من المتوقع، مشيرًا إلى تباطؤ سوق العمل على خلفية تشديد بنك إنجلترا للسياسة نقدية بوتيرة أكثر قوة. علاوة على ذلك، تحسنت ثقة المستهلك ولكنها لا تزال بالقرب من أدنى مستوى قياسي لها عندما تسببت خطط التخفيضات الضريبية غير الممولة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تروس في حدوث اضطرابات مالية وارتفاع معدلات الرهن العقاري.

عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس في 2 نوفمبر، بدأت الأسواق في تسعير رفع سعر الفائدة بواقع 75 نقطة أساس خلال اجتماع اللجنة في ديسمبر، باحتمالية تصل الى نحو 35%. وتأرجحت هذه الاحتمالية خلال الأيام القليلة الأولى من الشهر، حيث عانى المستثمرون من أجل تفسير تصريحات باول حول الوقت الذي سيتحول فيه موقف الاحتياطي الفيدرالي إلى تيسير السياسة النقدية.

وفي 10 نوفمبر، تغير تسعير الأسواق لسعر الفائدة، حيث استبعد المستثمرون احتمالية رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في ديسمبر، وذلك بعد صدور مؤشر أسعار المستهلك لشهر أكتوبر، والذي جاء أدنى من التوقعات. علاوة على ذلك، دفعت أرقام مؤشر أسعار المنتجين الصادرة في 15 نوفمبر الأسواق لتصبح أكثر تفاؤلًا حيال تباطؤ التضخم. وفي وقت لاحق من الشهر، سعرت الأسواق جزئيًا رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع اللجنة في ديسمبر على الرغم من أن العديد من المشاركين في السوق قد اعتبروا أن محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي يميل إلى تيسير السياسة النقدية.

وتراجع تسعير السوق لسعر الفائدة مرة أخرى قرب نهاية الشهر، وذلك قبل صدور مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر أكتوبر، وقبل خطاب باول الذي أشار فيه أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتعديل وتيرة رفع أسعار الفائدة، إلا أنه ذكر أن دورة رفع سعر الفائدة ستكون أطول من تسعير السوق.