30 مليون طن فائضًا بقطاع الأسمنت


الاحد 06 سبتمبر 2020 | 02:00 صباحاً

يرى خبراء بقطاع مواد البناء، أن قرار وقف البناء تسبب فى زيادة معاناة شركات الأسمنت، مؤكدين أن هناك 30 مليون طن فائضًا حاليًا، كما أن مصانع مواد البناء تعمل فى الوقت الحالى بنسب تتراوح بين 50 و60% فقط بسبب انخفاض الطلب، مع توقعات بتحرك السوق حال إلغاء قرار منع البناء.

قال المهندس سمير صبرى، العضو المنتدب لشركة صناعات مواد البناء "أسمنت التعمير"، إن هناك 30 مليون طن فائضًا من الأسمنت بالسوق المصرى فى الوقت الحالي، مؤكدًا أن هذا الفائض موجود بشكل مستمر سواء أصدر قرار وقف البناء أم لا.

وأضاف سمير لـ "العقارية" أن القدرة الإنتاجية لمصانع الأسمنت فى مصر تصل إلى 80 مليون طن، فى حين أن الاستهلاك الفعلى على الأرض يقدر بـ50 مليون طن فقط، وهو ما تسبب فى عمل بعض المصانع بنصف الطاقة منذ عامين ماضيين، أى من قبل صدور قرار وقف البناء.

وتابع العضو المنتدب لشركة "أسمنت التعمير"، أن مصر فى  2016 كانت تستهلك 50 مليون طن وفى 2017 وصل الاستهلاك إلى 49 مليون طن، لكن فى 2020 إذا وصل معدل الاستهلاك إلى 44 مليون طن فهذا إنجاز كبير، وفق قوله.

وأضاف صبرى أن قطاع الأسمنت يمر بحالة من عدم الاستقرار، بسبب زيادة المعروض على الطلب، موضحًا أن قرار وقف البناء تبعه توقف مصانع فعليًا عن الإنتاج وأخرى خفضت إنتاجها إلى النصف.

وذكر أن مشروع العاصمة الإدارية - أحد أهم مشروعات مصر بعد السد العالى - له دور كبير فى دعم قطاع المقاولات وصناعة مواد البناء فى ظل قرار توقف البناء، موضحًا أن المشاريع الضخمة التى تقوم بها الدولة، استهلكت كميات كبيرة من الأسمنت لكن قرار وقف البناء فى نفس الوقت أعادنا لنقطة الصفر من جديد، بالرغم من أن المشروعات الجديدة التى تنفذها الدولة عوضت استهلاك الدلتا، لكن «لو استمر البناء مع المشروعات التى تنفذها الدولة لتم استهلاك إنتاج مصر كله من الأسمنت»، وفق قوله..

وأضاف أن الشركات فى حاجة إلى وجود دعم كبير لصادراتها، خاصة أن هناك دولًا مثل تركيا تدعم صناعة الأسمنت وبالتالى تستحوذ على حصة كبيرة من السوق الإفريقى وسوق الولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت إلى أن هذا الدعم يتضمن حوافز للتصدير ورفع أجزاء من الضرائب، مع خفض أسعار الشحن البحرى خصوصًا للأسطول الوطنى المملوك للدولة.

وكشف صبرى أن مصر يعمل بها فى الوقت الحالى 23 مصنع أسمنت قدرتها الإنتاجية تصل إلى 80 مليون طن، منها 50 مليون طن استهلاك وفائض 30 مليون طن، بما يمثل 10 مصانع عاملة زيادة على حاجة السوق.

وأشار إلى أن زيادة عدد مصانع الأسمنت تسببت فى تشبع السوق وأحدثت فائضًا كبيرًا سببه أنه فى الوقت السابق كان هناك توسعات فى عمليات البناء فارتفع الاستهلاك، مع آمال كبيرة فى دخول مصر سوق إعمار سورية وليبيا والسودان، لكن نظرًا للاضطراب العسكرى هناك لم يكتمل الأمر.

وذكر أن صناعة الأسمنت عانت خلال الـ5 سنوات الماضية من رفع مدخلات الإنتاج، منها مثلًا رسم تنمية الموارد الذى ارتفع من 5 جنيهات إلى 35 جنيهًا، لذلك فإن هذه الصناعة تعيش فى مفترق طرق، حيث سنسمع عن توقف شركات عن العمل إلا لو أصدرت الدولة قرارات جوهرية لدفع هذه الصناعة من جديد.

وذكر أن الحل الجوهرى لأزمة سوق الأسمنت هو إصدار قرار جريء بوقف عمل مصانع الأسمنت القديمة المتوقفة عن الإنتاج وغير المتوافقة مع البيئة لحل أزمة التشبع الحالية، مع عمل قياس للحمل البيئى لمصانع الأسمنت، وإعطاء كل مصنع كوتة إنتاج تقلل الانبعاثات والحمل الحرارى بحيث يكون ميزة للمنتجين وللبيئة المصرية، وتحديد كمية الإنتاج لكل مصنع تتناسب مع المسموح له بالانبعاثات الحرارية، إضافة إلى تقديم الدعم للصادرات، وبذلك يحدث توازن بين العرض والطلب، مبينًا أن مصر ليست بحاجة إلى منح رخص جديدة لمصانع أسمنت لأن هناك بالفعل من توقف عن الإنتاج.

وعن قطاع الحديد، قال المهندس صبري، إن وضعه مختلف ونستطيع وصفه بـ«المتزن» حاليًا، مضيفًا أنه فى السابق كان الإنتاج يغطى السوق المصرى بل ونلجأ للاستيراد، وبذلك يكون قرار وقف البناء أقل فى سلبيته من قطاع الأسمنت.

وأوضح أن مصر كانت تنتج 10 ملايين طن يتم استهلاكها وتستورد مليون طن، وحاليا توقف الاستيراد، خاصة أن الاستهلاك الفعلى للحديد انخفض إلى 7 ملايين طن، وبالتالى أصبح المتبقى يدخل كمخزون.

ولفت العضو المنتدب لشركة "أسمنت التعمير"، إلى أن قطاع الحديد به 7 مصانع متكاملة لصناعة البليت (المادة الخام للحديد) والدرفلة، و24 مصنعًا للدرفلة فقط وهى إما تستورد البليت أو تشتريه من المصانع المصرية التى تنتجه وتقوم هى بعملية درفلة له، وبناء على ذلك فمعدل استيراد مصر للحديد المسلح حاليًا صفر ولكن تستورد فقط البليت.

وشدد على أن مصر بحاجة ضرورية إلى رخصتين لصناعة البيلت وليس الحديد، مرجعًا سبب تأنى الدولة فى إصدارهما حتى لا يحدث ما حدث فى صناعة الأسمنت ويصبح الإنتاج أكثر من الاستهلاك، مشيرًا إلى أنه عقب إلغاء قرار وقف البناء سيعود القطاع كله إلى الانتعاش من جديد.      

من جانبه قال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، إن كل مصانع مواد البناء تعمل فى الوقت الحالى بنسب تتراوح بين 50 و60% فقط بسبب انخفاض احتياجات السوق كله. 

وأضاف الزينى لـ"العقارية" أن قرار وقف البناء أثر على السوق كله بنسبة تصل إلى 40%، فى حين أن النسبة المتبقية والمقدرة بـ60% مرتبطة بالمشروعات التى تقوم بها الدولة سواء فى العاصمة الإدارية أو فى المدن الجديدة.

وشدد رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية على أن قرار وقف البناء وإن كان سليما 100% لكن لابد من وجود البديل المناسب، خصوصًا أن القرار ساهم فى إحداث حالة من الهبوط الحاد بسوق مواد البناء.

وتابع الزينى أن البديل المتاح فى الوقت الجارى أن تسمح الحكومة بترخيص وبناء الأراضى الواقعة فى الأحوزة العمرانية فى المحافظات طبقًا للشروط والرسوم المطلوبة، خاصة أن هذه المساحات تصل لملايين الأمتار، ما يحقق نوعًا من العدالة بين المخالف الذى بنى بالفعل وينتظر العقاب والملتزم الذى يريد البناء لكن قرار وقف البناء منعه من تحقيق ذلك. 

وذكر أن وكلاء وتجار مواد البناء يقومون بتوريد جزء بسيط إلى المدن الجديدة مثل التجمع وأكتوبر، فى حين أن مشاريع الدولة الكبيرة تتولى مسئوليتها شركات ضخمة مثل أوراسكوم التى تمتلك مصانع للأسمنت، إضافة إلى جهاز المشروعات التابع للدولة الذى يمتلك مصانع للحديد والأسمنت أيضًا، فضلًا عن الشركات العملاقة التى تأخذ ما تريده من المصانع بشكل مباشر بتسهيلات مختلفة، وبالتالى فالتجار والمقاولون الصغار كانوا معتمدين بشكل كبير على بناء الأهالى الذى تم إيقافه بقرار من الحكومة. 

وأكد ضرورة انتهاء الحكومة من خطة التخطيط العمرانى سريعًا والسماح بالبناء على الأراضى غير الزراعية، ومنح الراغبين فى البناء التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، لافتًا إلى أن الأسواق تترقب الانتهاء من فترة وقف البناء لمدة 6 أشهر والتى أقرتها الحكومة، ومن المقرر أن تنتهى المدة فى شهر نوفمبر المقبل.

وأكد أنه لن يتم منح رخص لمصانع جديدة فى الوقت الحالي، خصوصًا أن المصانع الموجودة إنتاجها منخفض.

وتوقع الدكتور كمال الدسوقي، نائب رئيس غرفة مواد البناء فى اتحاد الصناعات، مع انتهاء قرار وقف البناء ارتفاع معدلات الاستهلاك أكثر من الطبيعى بنسبة تصل إلى 10% لتغطية الاحتياجات التى ستكون ملحة.

وأضاف الدسوقى لـ"العقارية" أن قرار وقف البناء كان أمرًا ملحًا فى الوقت الراهن، خصوصًا أننا بحاجة لتنظيم عملية البناء فى مصر.

وفى 2019 عانت صناعة الأسمنت من زيادة الفجوة بين العرض والطلب، وانخفض إجمالى حجم المبيعات "المحلى والتصدير" بنسبة 0.8% على أساس سنوي، ليصل إلى 49.8 مليون طن فى العام 2019/2020، وانخفض الاستهلاك المحلى وحده بنسبة 3.5%، ليأتى عام 2020 ويزيد من معاناة القطاع.