توقف الاستيراد والإقبال على السلع والدولار الجمركي عوامل تحديد أسعار المستورد


الاحد 11 سبتمبر 2022 | 03:27 مساءً
الدولار الجمركي
الدولار الجمركي
محمود عبدالرحمن

أصدرت وزارة المالية، قرار برفع سعر الدولار الجمركي إلى 19.31 جنيه، كسعر صرف يتم التعامل به مع عمليات استيراد السلع من الخارج، ويعد السعر هو الأعلى على الإطلاق منذ بدء العمل به، كما أنه للمرة الثانية يصبح أعلى من سعر صرف الدولار المحدد رسميا من قبل البنك المركزي.

المالية ترفع سعر الدولار الجمركي لـ19.31.. وترقب بشأن أسعار السلع المستوردة

وشهد الدولار الجمركي الذي يعرف كونه السعر الذي تحدده وزارة المالية في مصر للدولار مقابل الجنيه المصري، وتستخدمه الجهات الجمركية لتحديد قيمة البضائع المستوردة من أجل حساب الرسوم الجمركية المفروضة على السلع ومستلزمات الإنتاج، سلسلة من الارتفاعات المتتالية بداية من سعره 16 جنيها في أبريل 2022، حتى سعره الحالي الذي بلغ 19.31 وذلك بزيادة متتالية أولها عندما قررت وزارة المالية رفع سعر الدولار الجمركي إلى 17 جنيها في مايو الماضي بهدف ضبط أسعار المنتجات المستوردة بعد ارتفاع أسعار الدولار في عدد من البنوك، ليتحرك سعر الدولار مرة أخرى في يونيو ليسجل 18.64 جنيه مما جعل سعره يتساوى في أغلب البنوك العاملة في القطاع المصرفي، ثم إلى 19.31 جنيه، بما يتوازى مع مستويات سعر الدولار في البنوك.

«الدولار الجمركي» و«جشع التجار».. جدل حول أسباب ارتفاع أسعار السلع المستورد

وقال متي بشاي رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الارتفاعات المتتالية في أسعار الدولار الجمركي سواء صعودًا أو هبوطًا خلال فترة قصيرة، تلعب دورا هاما في التأثير على تكلفة أسعار السلع والمنتجات والمدخلات المستوردة، وذلك لارتباط الاستيراد بالدولار الجمركي الذي يتم استخدامه لتحديد قيمة البضائع المستوردة من أجل حساب الرسوم الجمركية.

متى بشاي يطالب الدولة بالتدخل لتفادي ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه

وأضاف رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية في تصريح خاص لـ«العقارية»، أن هناك توقف للاستيراد منذ مارس الماضي مما أثقل على المستوردين، وعبر أن أمله في أن تتدخل الدولة لحل الأزمة مع فتح الاستيراد وخفض سعر الدولار حتى لا يكون هناك ارتفاع مبالغ فيه في ارتفاع الأسعار.

وتابع «بشاي»، أن أسباب ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 60% يعود إلى ارتفاع سعر الدولار من 16 جنيه إلى 19 خلال فترة قصيرة، بجانب توقف الاستيراد ووجود نقص في البضائع، بجانب تعسر المستوردين من عمل دورة راس المال، لذا قام المستوردين برفع أسعار البضائع التي لديهم حتى يتمكنوا من الإنفاق على أسرهم وحياة الخاصة، بجانب التزامهم بمصاريف أخرى من عمالة وإيجارات: «طبعا كل حاجة في السوق زادت لازم المستورد يرفع السعر وده متوقع».

وأكمل رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين، أنه ليس من الطبيعي أن يقوم المستورد ببيع المنتجات التي يمتلكها بأسعار أقل من السوق في الوقت الحالي: «الحاجة بـ10 جنيهات وثمنها حاليا بـ20 جنيه أبيعها بسعرها»، موضحا أن التجار أو المستورد يقوم ببيع السلعة على حسب سعر السوق: «الحاجة اللي بـ10 جنيهات دي كان بكام الدولار وقتها»، بجانب ارتفاع أسعار الأشياء الأخرى من مرتبات أو إيجارات.

وشهدت الأجهزة الكهربائية ارتفاع غير مسبوق، خلال الفترة الماضية، بنسب تراوحت أكثر من 30%، وفق التقديرات المعلنة، وذلك نتيجة عدد من العوامل بداية من الآثار السلبية التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية على العديد من دول العالم، وبجانب تحرك أسعار الدولار بين الحين والآخر والذي يعد العامل الرئيسي في ارتفاع تلك المنتجات.

رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية: الدولار الجمركي ليس العامل الوحيد في ارتفاع 

الأسعار

وقال المهندس أشرف هلال رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن ارتفاع الدولار ليس هو العامل الوحيد في ارتفاع المنتجات خلال الفترة الأخيرة، بل هناك عدد من العوامل مثل ارتفاع أسعار شحن مدخلات إنتاج الأجهزة الكهربائية، وزيادة أسعار التأمين البحري بنسبة 700%.

وأضاف «هلال» في تصريح خاص إلى الـ«العقارية»، أن هذه الارتفاعات وغيرهما من ارتفاع المستلزمات عقب حصرها من قبل المستورد يتم تحديد السعر النهائي للمنتج المستورد حسب سعر الدولار الجمركي، موضحا أن نسبة ارتفاع الدولار الجمركي الأخيرة 75 قرش تمثل عبء على المستوردين: «المستورد لو حسب الزيادة على حاوية بـ100 ألف دولار هيطلع الرقم كبير»، لذا يقوم المستورد بتحميل هذه الزيادة إلى المستهلك.

وتابع رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن هناك أزمة أخرى وهي تأخر فتح الاعتماد والإفراج عن الحاويات إلى أكثر من ثلاث أشهر مما يلزم المستوردين بدفع غرامات مالية طائلة بالدولار إلى شركات الشحن الأجنبية، موضحا أن تلك الزيادة عامل في ارتفاع الأسعار على المستهلك يقول «المستورد كان بيشتري الحاجة بـ10 تتباع بـ11 دلوقتي نفس الحاجة بـ13 يبقى لازم تتباع بـ14 جنيه».

علاء السبع: الطلب المتزايد دفع التجار لرفع السلع

بينما قال علاء السبع، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للسيارات، إن الارتفاع للدولار الجمركي ليس له تأثير كبير على ارتفاع الأسعار إلى هذا الحد في الوقت الحالي، موضحا أن الدولار مازال في مستويات مقبولة وليس مبالغ فيها «هو بيزيد بس حاجات بسيطة من وقت للتاني»، ولكن يكون له تأثير في حالة ارتفاعه إلى أزيد من 19.31 إلى 21 جنيه أو 22 جنيه.

وأضاف «السبع» في تصريح خاص لـ«العقارية»، أن ارتفاع الأسعار في الوقت الحالي إلى مستويات غير مسبوقة يعود إلى مجموعة من الأسباب منها العرض والطلب، حيث أنه في حالة تواجد المنتج بكثره في السوق يجعل هناك تنافس من التجار من خلال عمل عروض أو تخفيض في الأسعار، لكن في حالة عدم تواجد المنتجات في الأسواق سواء كانت قطع غيار أو أجهزة كهربائية أو غيرها من المنتجات يزداد الطلب عليها من قبل المستهلكين من الطبيعي يحدث ارتفاع في أسعارها من قبل التجار يقول: «أنت لو دخلت محل ملابس مستوردة حاليا مش هتلاقي ملابس كتير وهتلاقي عليها طلب كبير»، مما يدفع التجار إلى رفع الأسعار لتغطية التكاليف من إيجارات وغيرها من المصاريف الأخرى.

وتابع عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للسيارات، أن التاجر أو المستورد الذي كان يقوم ببيع كميات كبيرة من المنتجات في الوقت الحالي ليس لديه منتجات لبيعها بسبب توقف الاستيراد، لذا يقوم برفع السعر على المستهلك الشراء أو عدم الشراء: "يبقى الموضوع عرض وطلب وممكن المواطن يرفض الشراء"، حتى يصل السوق إلى الركود التضخمي وهو ما نحن فيه الآن وهو تخلي المواطنين عن الشراء بسبب ارتفاع الأسعار ليلجأ التجار إلى تقليل السعر ولو بنسب قليلة.

أمير هلال: تأثير الدولار محدود.. وارتفاع الأسعار بسبب قلة المعروض

وقال أمير هلال، رئيس لجنة الاستيراد في شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن تأثير الدولار الجمركي بعد الارتفاع هو تأثير محدود وذلك بعدما أصبح متساوي مع سعر الدولار في البنك المركزي حاليا، موضحا أن ارتفاع الأسعار إلى مثل هذه الأرقام يأتي بسبب الضخم العالمي، وتوقف الاستيراد والتصدير.

وأضاف «هلال»، أن المستوردين ليس لديهم القدرة في الوقت الحالي على الاستيراد منذ توقفه مارس الماضي، بجانب انتهاء ما يمتلكونه من مخزون بضائع، لذا من الطبيعي أن يقوم هؤلاء المستوردين أو التجار برفع ما تبقى لديهم من سلع أو منتجات وذلك لتزايد الطلب عليها: «ممكن تسمع أسعار عن سلعة معينة وممكن تكون مش موجودة للأسف».

رئيس شعبة الأخشاب: التجار استغلوا الأزمة برفع الأسعار دون سبب

قالت ولاء الشاذلي رئيس شعبة الأخشاب بغرفة صناعة الحرف اليدوية، إن جميع المنتجات المستخدمة في الصناعات اليدوية تأثرت بسبب ارتفاع الدولار الجمركي، حيث ارتفعت تلك المنتجات إلى أكثر من الضعف خلال فترة قصيرة، مما أدى إلى ارتفاع القطع الحرفية على المستهلك.

وأضافت «الشاذلي» في تصريحات خاصة لـ«العقارية»، أن بعض التجار قاموا باستغلال واضح من حيث رفع أسعار السلع على الرغم من تخزين تلك البضائع في المخازن، أو إخفائها دون بيع حتى يرتفع سعرها في ظل إيقاف الاستيراد تقول "لما كنا نسأل على حاجة مش موجودة وممكن نشتريها بسعر مضاعف"، وذلك دون رقابة من قبل الجهات المتخصصة لضبط الأسعار.

وتابعت رئيس شعبة الأخشاب بغرفة صناعة الحرف اليدوية، أن أغلب المنتجات ارتفع سعرها ولكن هناك البعض ارتفع سعرها بشكل مبالغ فيه منها الخيوط والأخشاب ومواد الدهان والأقمشة والمواد المستخدمة في الخزف بودر الجليز، وليس أمام المستهلك سواء الشراء موضحة أنه مع أي ارتفاع الدولار الجمركي يقوم التجار برفع الأسعار دون سبب ودون تفكير.

قال أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء، إن ارتفاع الدولار الجمركي ليس له تأثير على مواد البناء وذلك لكون أعظمها منتج محلي وأن الحديد ليس عليه رسوم جمركية.

وأضاف «الزيني»، أن ارتفاع الأسعار تعتبر استغلال من أصحاب المصانع الذين لجأوا إلى رفع الأسعار بحجة ارتفاع التكاليف أو بحجج أخرى غير حقيقة، موضحا أن البعض من أصحاب تلك المصانع استغلوا ارتفاع الأسعار لتعظيم أرباحهم الخاصة قائلا: «الجميع يستغل الأزمة الحالية ويقوم برفع الأسعار».

رئيس شعبة مواد البناء: منتجاتنا محلية ولا تتأثر بالدولار الجمركي

وتابع رئيس شعبة مواد البناء، أنه لابد على الدولة التدخل لخفض الأسعار التي أصبحت مبالغ فيها مثلما تدخلت في العديد من الأزمات الأخرى، موضحا أن ليس من المعقول أن يرتفع سعر طن الأسمنت من 800 جنيه قبل الأزمة إلى 1600 جنيه «في استغلال واضح من أصحاب المصانع».

تاجر قطع غيار: المستوردين استغلوا الأزمة بتخزين المنتجات

قال حسنى الحكيم، أحد تجار قطع غيار السيارات في سوق التوفيقية، أشهر الأسواق المتخصصة في قطع غيار السيارات في مصر، إن أزمة ارتفاع الأسعار يرجع إلى توقف عمليات الاستيراد من الخارج، مما خلق حالة من اختفاء السلع في الأسواق مع تزايد الطلب من قبل المستهلكين.

وأضاف «الحكيم»، أن المستوردين استغلوا توقف عمليات الاستيراد واختفاء قطع الغيار إلى رفع أسعارها يقول: «لما نكلم المستورد يقول مفيش بضاعة خالص»، وفي حالة تواجدها تكون بسعر ضعف سعرها الحقيقي، لذا يجد التاجر نفسه مجبر على رفع السعر على المستهلك «أنا لو مشتري الحاجة بـ5 جنيه أكيد هطلع ليا فيها مكسب»، لذا لا يرى بأن التجار هما السبب في ارتفاع الأسعار.