أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، على الدراسة التي أجريت على وضع الدولة في عام 2000/2001، فتبين أن إيراداتها في هذا التوقيت بلغت 76 مليار جنيه، في حين أن انفاقها كان 104 مليارات جنيه، وقدر عجز الموازنة بـ29 مليار جنيه، وهو ما يعكس عدم قدرة الدولة آنذاك على توفير الأجور والمعاشات، مما دفعها لاقتراض مبلغ 12 مليار جنيه لتغطية المرتبات، ثم اقتراض 17 مليار جنيه لسداد خدمة الدين.
وكشف «وزير المالية» أن الدين في مصر عام 2000/2001 بلغ 355 مليار جنيه، وكان الناتج المحلي حينها 358 مليار، وبالتالي كان الدين يمثل 99% من الناتج المحلي الإجمالي، فكان العجز الأولي وقتها غير قادر على تغطية المرتبات وسداد الدين.
** الدولة استطاعت تغطية مصروفاتها وسداد 100 مليار خلال 4 سنوات
الدولة استطاعت تغطية مصروفاتها وسداد 100 مليار خلال 4 سنوات
وأوضح «معيط» أن إيرادات مصر في العام الماضي، وصلت 1326 مليار جنيه، وكانت مصروفاتها 1812 مليار جنيه، وعجزها وصل إلى 485 مليار، مؤكدًا أن الدولة استطاعت خلال الأربع سنوات الماضية، أن تغطي إيرادات كل مصروفاتها، بالإضافة إلى تغطية جزء من تكلفة الدين، وتم سداد 100 مليار فائض من الإيرادات لخدمة الدين.
حجم الدين بلغ 6.9 تريليون جنيه.. والناتج المحلي وصل إلى 7.9 تريليون
وأشار «معيط» إلى السنة المالية التي انتهت يوم 30 يونيو، بلغ حجم الدين 6.9 تريليون جنيه، لكن الناتج المحلي وصل إلى 7.9 تريليون جنيه، وفي حالة إذا قسمنا الدين على الناتج مثل ما حدث في عام 2000/2001 سيكون 87.2%.
وأوضح «وزير المالية» أنه في حال تتبع تاريخ مصر من 2000/2001 حتى الآن، سنكتشف أن أقل سنة بها دين للناتج المحلي كانت 2009/2010، وبلغت نحو 80%، وذلك ناتج عن الأزمات التي مرت بها الدولة من بعد عام 2000، حيث وصل الدين للناتج المحلي 120%، وظل هكذا أعوام 2003/2004/2005، وبدأ الدين ينخفض في مرحلة الإصلاح الاقتصادي خلال هذه الفترة، وسجل أقل رقمًا 79.8% خلال العام المالي 2009/2010.
وأشار «معيط» إلى أن الاضطرابات التي شهدتها البلاد بعد عام 2011 أثرت على زيادة الدين وتصاعده، نتيجة أن إيرادات الدولة غير كافية لتغطية المعاشات والأجور والاستثمارات، منوهًا إلى أن الدين بدأ يتصاعد من المستوى 80% إلى أن وصل في 30 يونيو 2016 إلى 103% من الناتج المحلي.
نستهدف خفض الدين عند 70% خلال 3 سنوات
وتابع: عملنا على النزول بالدين بصورة تدريجية من خلال برنامج تخفيض الدين، لافتًا إلى النجاح الذي حققته الحكومة في هذا الملف، وهو ما أدى إلى وصول دين الموازنة العامة للدولة في 30 يونيو عام 2020 إلى 80.5%، ووضعنا في خطتنا أن نستمر على هذا النهج لمدة 3 سنوات لينخفض الدين عند 70% ليكون انخفاض شديد في حجم الدين المصري.
وأوضح أن العجز المالي للدولة عام 2013/2014 بلغ 17% ولكن بعد المنح من الدول الأشقاء هبط إلى 12.5% تقريبًا، في حين أدت جائحة كورونا إلى انخفاض الإيرادات وزيادة المصروفات، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على تمويلات، منوهًا إلى جهود الدولة أثناء الجائحة في الاعتماد على نفسها من خلال تمويل المشروعات، والقرار التي اتخذته بعدم الإغلاق في هذا التوقيت، عكس ما حدث في العديد من دول العالم، تجنبًا لزيادة البطالة، فكان لابد من الاستمرار في ظل هذه الظروف.
وأضاف أن هذه الأزمة أدت إلى زيادة الدين العام، والذي تحرك من 80.5% إلى 85.6%، وصولًا إلى 87.2%، خلال العام الحالي، مؤكدًا أن دين مصر في منطقة آمنة وفقًا لهذه الأرقام، وأن لم يكن ذلك مستهدفنا بسبب ظروف كورونا والتضخم العالي وآثار الحرب في أوروبا التي عرقلت خطة الحكومة.
وأوضح أن الدولة تعمل على خفض نسبة الدين بالتوازي مع تحقيق التنمية في مختلف القطاعات ليشعر بها المواطن في كل مكان، وتتمثل في المياه والصرف والكهرباء والإسكان الاجتماعي والطرق، وعدالة لتوزيع دخل الدولة ما بين كل القطاعات، بالإضافة إلى التنمية التي تشهدها مدن الصعيد وشمال البلاد والقاهرة، وحلول لكل المشاكل المستعصية التي تواجه المواطنين.
واستشهد وزير المالية، أثناء إلقاء كلمته، بتعامل الدولة مع المناطق الخطرة وغير الآدمية، وتوفير سكن بديل وملائم للمواطنين، وأكد على أن المعادلة الصعبة بدأت تتحقق في الحفاظ على الدين وإحداث تنمية، مستدلًا على ذلك بسنة 2007 التي حققت نموًا حقيقيًا بمعدل 7.2، مقارنة بالسنوات التي تسبقها نزل المعدل إلى 2.3، ثم وصلنا إلى معدل النمو الحقيقي في عام 2009 / 2010 كان قريب من 6%.
وواصل: بعد عام 2011 انخفض معدل النمو الحقيقي لـ1.2% و2%، واسترجعنا ذلك من خلال عمليات التنمية التي حصلت على أرض الواقع، حتى وصلت النسبة في العام المالي الماضي إلى 6.6%، وهي أرقام تتمثل في المشروعات ووظائف العمل الموجودة على الأرض.
وردًا على ارتفاع الأسعار، قائلًا: «بنستورد 12 مليون طن قمح من الخارج كان سعره يتراوح بين 180 إلى 240 دولار للطن الواحد، ووصل إلى 500 دولار في الوقت الحالي بتكلفة النقل».
وتابع: «بالنسبة للمواد البترولية، الأسعار كانت تتراوح ما بين 55 إلى 65 والدولة كانت تستورد 120 مليون برميل، بتكلفة تصل إلى 7.5 مليار دولار، الآن يجب أن نستورد بـ 110 على حسب الأسعار الموجودة، وتكلفتهم تتخطى الـ 14 مليار دولار، موضحًا أن تلك الأمور تؤثر بتضخم الاستيراد ونحن نعاني منه».
واستكمل: «ما يحدث ليس نتيجة السياسات، والبعض يصورها للمواطن بهذا الشكل، والمواطن نفسه أشاد بالحكومة والدولة في معالجتها لأزمة كورونا وأنها كانت على أفضل وأحسن ما يكون، لكن حاليًا العملية صعبة لأننا خارجين من كورونا، وقبل الجائحة وضعنا الاقتصادي كان قويا وجعلنا نتحمل آثارها، وللأسف الموجة التضخمية والحرب قبل الخروج من كورونا، ثم الاضطراب في العالم وآثاره على التمويل وتكلفته أدت إلى هذه العرقلة»، مضيفًا: «هي مش لخبطة سياسات وإنما لخبطة ظروف عالمية أثرت علينا».
وأضاف: «وزير المالية»: إن نسبة عجز الموازنة في أعوام 2001/ 2002 بلغت 8% ثم انخفضت إلى 7%، ثم بدأت تتصاعد لتسجل 8% خلال 2009 – 2010، موضحًا: أن النسبة وصلت لـ17% بدون المنح، ثم انخفضت بعد إزالة المنح في 2003/2014، وصلت لـ12.5%، معقبًا: «استمرارنا على العجز الكبير والاستدانة لتوفير موارد للدولة».
وأشار إلى أن نسبة عجز الموازنة بلغت العام المالي الماضي 6.1%، وهي لم تشهدها مصر منذ عام 2000 ويمكن قبل ذلك، معلقًا: «لعشرات السنوات مصر كانت تحقق عجزا أوليا، وإيراداتها غير كافية لدفع المرتبات والمعاشات والاستثمارات وأصبحنا الآن نغطي كافة المصروفات وكل الأعباء على مدار الـ 5 أعوام الماضية كما تسدد جزء من فوائد الديون».
ولفت إلى أن فوائد الديون ارتفعت؛ لأن التضخم وأسعار الفائدة مرتفعة، نتيجة الظروف التي مرت بها الدولة منذ 2011، فأثرت على الدين وتكلفته، حتى أن وصل إلى 40% من الموازنة العامة للدولة، منوهًا إلى جهود الدولة التي خفضت خدمة الدين بنهاية العام الحالي إلى 32%، وكنا نستهدف أن تكون 25% وأقل لكن الظروف العالمية وتكلفة التمويل الغالية وأسعار الفائدة المرتفعة وتغير سعر الصرف كل ذلك نتعامل معه.
ولفت وزير المالية إلى أن الدولة تصرف 300 مليار جنيه معاشات سنويًا، ويعود ذلك لضخ كم هائل من الأموال، وكانت المعاشات في السابق تتراوح ما بين 400 إلى 500 جنيه، ولكن مع الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها الدولة شعر بها المواطن في قيمة الزيادة.
وقال «معيط» إن أصحاب المعاشات يتأثرون سلبا في حالة حدوث موجة تضخمية، متابعًا: أن المؤسسات الدولية قالت لنا إن لدينا خطرا كبيرا في نظام المعاشات، لن تستطيعوا حلها، وبعد ما تعاملنا معها بطريقة مؤسسية تأكدوا من حلها نهائيًا، مؤكدًا أن المالية العامة للدولة المصرية بخير.
واختتم «عشنا في عديد من الصدمات في ديسمبر 2018 عندما حدثت أزمة الأسواق الناشئة، وتعاملنا معها دون أن يشعر بها أحد، ومن بعدها جائحة كورونا ونجحنا فيها، والشعب أشاد بتجربتنا وقتها».