أكد محمد محمود الأتربي رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، على أن عملية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أصبحت من المسائل المهمة والمتشابكة حول العالم، حيث يسخر مرتكبو الجريمة المنظمة والأعمال المالية غير المشروعة كل قدراتهم بهدف الولوج إلى النظام المصرفي للدول، ما أدى إلى أن النظم المصرفية أصبحت أحد أهم مساحات الحرب على غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
جرائم غسل الأموال تعد من أخطر الجرائم المالية ذات الإنعكاسات الخطيرة على
الإقتصاد
وأضاف الأتربي، أن هذه الجرائم تعد من أخطر الجرائم المالية ذات الإنعكاسات الخطيرة على الإقتصاد والمجتمع لكونها العامل المشترك لمعظم الجرائم والأعمال غير المشروعة.
وتابع : «أمام هذا الواقع، لا تزال المؤسسات المالية والمصارف الأكثر إستهدافاً لمرتكبي الجرائم المالية، وعلى رأسهم غاسلي الأموال الذين يسعون دوماً وبشكل حثيث إلى إجراء سلسلة من العمليات المصرفية البسيطة أو المركبة بهدف إخفاء مصدر المال القذر، ودمجه بالمال النظيف المشروع لإعطائه صفة المشروعية، مع الإشارة إلى أن الخدمات والمنتجات المصرفية التي تتطوّر وتنشعب وتتعقد بإستمرار، قد تتيح المزيد من الفرص لمرتكبي الجرائم المالية والجريمة المنظمة والأعمال المالية غير المشروعة الذين يسخّرون كل طاقاتهم للتمكّن من الولوج إلى النظم المصرفية للدول».
وأشار إلى أن المصارف هي الأكثر إستهدافاً لتنفيذ الجرائم المالية، ولكن هي في الوقت نفسه الوسيلة والأداة الرئيسية، وخط الدفاع الأوّل لمكافحة هذه الجرائم، شرط أن تمتلك المصارف الموارد والخبرة والمعرفة الكافية والعميقة بالآليات والقنوات والسبل التي يمكن إستغلالها، أو يمكن أن تتيح تنفيذ عمليات غسل الأموال، وكذلك إدراك أنّ هذه الآليات والقنوات ليست بسيطة وثابتة، بل متغيّرة ومعقّدة في الغالب، يبتكرها ويطوّرها مجرمون ذوو خبرة ومعرفة مالية ومصرفية عالية، يحتاج كشفها ومكافحتها إلى خبرات بالمستوى نفسه أو أفضل.
وتابع: نظراً لخطورة هذه الجرائم على قطاعنا المصرفي، يولي إتحاد المصارف العربية موضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أهميّة بالغة، حيث يُخصّص حيّزاً مهماً من نشاطاته للإضاءة على هذه الآفة الخطيرة، ويقوم في إطار التعاون القائم بينه وبين المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية، بعقد المنتديات والمؤتمرات والملتقيات، على غرار الملتقى الذي نفتتح أعماله اليوم، والهدف الرئيسي من هذه النشاطات والفعاليات هو تبيان التطوّرات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ووضع الأسس الكفيلة بحماية نظامنا المالي وقطاعنا المصرفي العربي.
إتحاد بنوك مصر يقوم بدور رائد في نشر الوعي المصرفي حول سبل مكافحة غسل
الأموال
وأكد على إنّ إتحاد بنوك مصر يقوم بدور رائد في نشر الوعي المصرفي حول سبل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويحرص على حثّ البنوك الأعضاء على الإلتزام بمبادئ مكافحة غسل الأموال التي إشتملت عليها التوصيات التي وضعتها مجموعة العمل المالي الدولي FATF.
وقال إنّ البنوك المصرية ملتزمة إلتزاماً كاملاً بتطبيق أحكام القوانين والقرارات التي توافق عليها السلطات المسؤولة في الدولة، وتلتزم بمعايير مجموعة العمل المالي (فاتف) التي تهدف إلى تعزيز الثقة بنزاهة وسلامة القطاع المالي والمصرفي، ومنع توفير الموارد للإرهابيين، وتضييق الخناق على الأشخاص والكيانات الإجرامية لمنعهم من الإستفادة من نشاطاتهم غير المشروعة، من أجل الحفاظ على سلامة وأمان القطاع المصرفي، ونؤكّد الإستمرار في بذل المزيد من الجهود لمواجهة جرائم غسل الأموال والمساهمة في مكافحة تمويل الإرهاب.
وأضاف أنه مع ما تشهده الساحة المصرفية في إعتماد متزايد على التحوّل الرقمي وتنامي وتيرة التوجّه العالمي لرقمنة الخدمات المالية، فقد إتسع مفهوم الجرائم المالية ليشمل الجرائم السيبرانية وتداعياتها الخطيرة التي تستهدف الوصول إلى مراكز المعلومات وإختراق خصوصيتها وإنتهاك سريّتها بما يمثل تهديداً مباشراً للإستقرار المالي، حيث أصبح النظام المالي هدفاً يرصده القراصنة لزعزعة ثقة المستخدمين بأمن وسلامة عملياتهم المالية المنفذة إلكترونياً من خلال الهجمات السيبرانية، حيث تعد أدوات القرصنة اليوم أقل تكلفة وأكثر سهولة وأقوى تأثيراً، مما يتيح للقراصنة نموذجاً مثالياً لإلحاق الضرر بضحاياهم مع إتساع شريحة المستخدمين للخدمات المالية والتطبيقات الإلكترونية المتاحة عبر المنصات وأجهزة الهاتف المحمول، وكما تعلمون، فإنه نظراً لقوة الروابط المالية والتكنولوجيا المتبادلة، فإنّ أية هجمة ناجحة على مؤسسة مالية كبرى، أو نظام أساسي، او خدمة يستخدمها الكثيرون، يمكن أن تنتشر تداعياتها سريعاً في النظام المالي بأسره مما يؤدّي إلى إضطراب واسع الإنتشار، ويتسبب بفقدان الثقة.