الصين وروسيا وإيران دول كبرى تسابق الزمن لإنشاء نظام تحويلات مالية عالمي بديل عن نظام "سويفت" المهمين على كافة التعاملات المالية الدولية، وذلك بعد أن أصبح سلاحاً اقتصادياً لفرض العقوبات الاقتصادية المتبادلة بين اقتصادات الدول الكبرى.
وكانت العقوبات الاقتصادية أحد أبرز الأسلحة المُستخدمة في الحرب الروسية الأوكرانية، ومن بينها عزل البنوك الروسية عن نظام «سويفت» البنكي العالمي، الذي يربط أكثر من 11 ألف بنك ومؤسسة في 200 دولة.
ويضم نظام «سويفت» نحو 300 مصرف روسي، تُمثّل 1.5% من النظام، وعلى الرغم من العقوبات الأوروبية، إلا أن النظام الروسي عمل بشكل طبيعي دون أعطال، حيث تعد روسيا الدولة الثانية بعد أمريكا في عدد مستخدمي نظام «سويفت»، ولم تكن تلك هي المرة الأولى للتلويح بإخراج روسيا من نظام «سويفت»، ولكن فى 2014 لوّح الاتحاد الأوروبي بذلك، ومنذ ذلك الوقت، حاولت روسيا إيجاد البديل.
وأنشأت شبه جزيرة القرم نظامًا بديلًا بالفعل في 2015 وهو نظام ، خاصة وأنها كانت أكثر عُرضة لعقوبات غربية واسعة، والذي ضم حلفاؤها أيضًا، وكشف خبراء دوليون، إمكانية تطوير النظام الروسي البديل عن «سويفت»، والذي يمكن أن يستخدمه الشركاء التجاريون لروسيا، وهم كُثر، وأبرزهم دول كُبرى مثل الصين والهند، ورغم أن استخدامه ضئيل ومحدود، لكنه قد يُفعّل بشكل سهل وسريع.
نظام «SPFS» هو اختصار لنظام نقل الرسائل المالية، ويقوم بصياغة ومعالجة التنسيقات الموحدة للرسائل المصرفية الإلكترونية، ولديه تدابير أمنية متكاملة، تُبطئ معاملاته، وتزيد من تكاليفه المالية أيضًا، والذي نفّذ أول معاملة ناجحة له في عام 2017، ولديه الآن أكثر من 400 مؤسسة مالية في شبكته، وتسعى روسيا لضم حلفائها لهذا النظام.
ويبلغ عدد الدول المشاركة في نظام «SPFS» 23 دولة من الدول الحليفة لروسيا، ووفقًا للبنك المركزي الروسي، فإن ما نسبته 20% من التحويلات المحلية، تتم من خلال «SPFS»، وقرر البنك المركزي الروسي، الاعتماد على النظام الروسي لتبادل الرسائل بين البنوك «SPFS»، للعمل كبديل لنظام «سويفت» العالمي.
وقالت "إلفيرا نابيولينا" رئيس البنك المركزي الروسي، إن البنية التحتية المالية لبلادها تعمل بدون أعطال، ولديهم نظام إرسال «SPFS»، والذي يمكن أن يحل محل «سويفت» داخل البلد، ويمكن للمشاركين من الخارج الاتصال به أيضًا.
روسيا ليست الضحية الأولى
في عام 2018، مُنعت جميع المصارف الإيرانية تقريبًا، من استخدام نظام «سويفت»، وكانت واشنطن تضغط من أجل اتخاذ هذه الخطوة، التي على الأرجح كان المأزق النووي مع طهران دافعًا لها.
ومع ذلك، أرجعت «سويفت» الإجراء إلى مشكلات غسل الأموال، وليس للعقوبات الأمريكية، مؤكدة أن ذلك جاء لمصلحة النظام المالي العالمي، وربطت طهران نظام المقاصة المالية المحلي «SEPAM» الخاص بها بنظام روسيا، لتحويل الرسائل المالية، ورد البنك المركزي الإيراني قائلًا: «هذا القرار لا يخلق مشكلة في إجراء معاملات صرف العُملة وعملية التجارة الخارجية الإيرانية».
«سيبس» الصيني.. هل يكون بديلًا لـ«سويفت»؟
ومن جانبه أطلق البنك المركزي الصيني نظام «سيبس CIPS» عام 2015، كجزء من جهوده لزيادة استخدام اليوان في المعاملات العالمية، مما يُقلل من اعتماد البلاد على الدولار الأميركي.
ومن المهم ملاحظة أن «سيبس» مثل «تشيبس» الأميركي، هو نظام تسوية المدفوعات، بينما "سويفت" يتعامل فقط مع الاتصالات المتعلقة بالدفع.
ونظام المدفوعات «تشيبس» هو مجموعة مقرها الولايات المتحدة، وتضم 43 مؤسسة مالية في 19 دولة، وتقوم بتسوية المدفوعات غالبًا بمساعدة «سويفت».
ووفقًا لـ«سيبس»، فإن حوالي 1280 مؤسسة مالية في 103 دول ومنطقة مرتبطة بالنظام، بما في ذلك 30 مصرفًا في اليابان، و23 مصرفًا في روسيا، و31 مصرفًا من دول إفريقية.
وبالمقارنة مع نطاق «سويفت»، الذي يضم 11000 عضوًا، فإن نطاق «سيبس» صغير جدًا.
وفيما ينقل «سويفت» 50 مليون رسالة يوميًا، مما يُسهّل التجارة بمقدار 5 تريليونات دولار في اليوم، يتم التعامل مع 15000 رسالة فقط بواسطة «سيبس» يوميًا.
وبعد إقصاء البنوك الروسية عن نظام «سويفت»، اقترحت الصين أن يعمل نظام «سيبس» مع النظام الروسي لمواجهة قيود الغرب، وقال باحثون صينيون، إن النظامين سينموان معًا، ويصبحان أنظمة دفع عالمية مهمة بين البنوك».
وعملت العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية بين روسيا والصين، دور الوسيط في هذه المعادلات والمعاملات المالية والاقتصادية؛ فالاقتصادان الصيني والروسي، مترابطان بشكل قوي على مدى العقدين الماضيين، من خلال مختلف الصفقات التجارية خاصة في مجال الغاز.
مميزات نظام «سيبس»
- تتمثل الميزة الأساسية لـ «CIPS China» في توفيرها نظامًا مُبّسطًا وموّحدًا للتحويل الدولي بين البنوك بالعُملات الصينية.
- يربط معظم الأشخاص الذين ليسوا على دراية بالاقتصاد الصيني بعُملة البلاد، مما يجعله داعمًا أساسيًا للعُملة المحلية.
- يبرز «سيبس» الصيني كبنية تحتية للسوق المالي، مُقدمًا.
- تتوافق ساعات العمل لنظام CIPS الصيني، مع ساعات العمل في جميع المناطق الزمنية في العالم.
- يقوم «CIPS China» منذ انطلاقه في عام 2015 بتحديث نفسه وترقية نظام عمله باستمرار.
- يمر بتكرارات ومراحل تطوير جديدة ومستمرة.
- يُقدّم خدمات المقاصة والتسوية على عكس «سويفت» الذي لا يُوفرها.
- معاملاته لا تستهلك وقتًا أو تكلفة مثل معاملات «سويفت» التي تُعتبر أكثر استهلاكًا وأعلى تكلفة، والتي تمر عبر عِدة بنوك قبل الوصول إلى وجهتها.
مميزات «سويفت»
- يساعد نظام «سويفت» في إرسال واستقبال المعلومات المُتعلقة بالمعاملات المالية في بيئة آمنة للغاية.
- يستضيف نظام «سويفت» نحو 50% من جميع المدفوعات الدولية عالية القيمة في جميع أنحاء العالم.
هل يمكن اعتماد «سيبس» الصيني بديلًا عن نظام «سويفت»؟
تستخدم الصين النظام المالي الخاص بها، لإبعاد نفسها عن أي أنظمة مالية قد تُعرّضها للخطر، خاصة مع تزايد العقوبات الأوروبية الأمريكية على روسيا وحلفائها، والصين هي الشريك التجاري الأكبر لروسيا.
وفي الواقع، أثبت «سيبس» الصيني أنه طريقة مُوثوقة وفعّالة لتسديد مدفوعات اليوان الصيني والدولي، كما يدل استمرار زيادة عدد المشاركين فيه على مدى كفاءة نظامه.
لذا، يمكن القول أن ابتعاد النظام الصيني عن «سويفت» العالمي في أي بلد، سيُشكّل خطوة على خروجه من الأنظمة المالية المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية.
طهران تعمل مع موسكو على خلق بديل جديد لـ «سويفت»
تصريحات جديدة خرجت منذ نحو شهر واحد فقط لطهران، أكدت خلالها نيتها بحث بديل جديد لنظام «سويفت»، وذلك بالتعاون مع روسيا.
وقال مهدي صفري نائب وزير الخارجية الإيراني للدبلوماسية الاقتصادية، إن روسيا وإيران تعملان على إنشاء نظام مدفوعات مشترك مشابه لنظام «سويفت».
وأضاف طهران وموسكو اقترحتا نظامًا بديلًا لـ «سويفت» للتبادل المالي، والآن توصلوا تقريبًا إلى اتفاق جيد بهذا الشأن.