"ذا ديبلومات": طموحات بايدن في هيكلة صناعة أشباه الموصلات العالمية تواجه تحديات غير مسبوقة


الاثنين 04 يوليو 2022 | 07:26 مساءً
جو بايدن
جو بايدن
أ ش أ

تحت عنوان "معركة بايدن الشاقة لإعادة هيكلة قطاع أشباه الموصلات العالمية"، نشرت دورية "ذا ديبلومات" تقريراً يسلط الضوء على تعزيز مكانة الولايات المتحدة في قطاع أشباه الموصلات الذي يعد هدف في صميم أجندة سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وذكرت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية المتخصصة في الشئون الآسيوية في تقريرها أن الاهتمام الاستراتيجي بهذا القطاع ليس جديدًا لكن التحديات التي تواجه إدارة بايدن غير مسبوقة.

أعاد التقرير للأذهان تاريخ هيمنة الولايات المتحدة على صناعة أشباه الموصلات حيث قادت الولايات المتحدة تطوير وتصنيع أشباه الموصلات ، والتي أثبتت أنها حيوية لأمنها القومي، بينما واجهت القيادة الأمريكية تحديًا لفترة وجيزة فقط في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي بسبب صعود شركات أشباه الموصلات اليابانية لكن سرعان ما انتصر منتجو الرقائق الأمريكيون من خلال الاعتماد على الابتكار مما عزز هيمنة الولايات المتحدة في القطاع بحلول أوائل التسعينيات.

وأوضح التقرير أنه مع الاستعانة بمصادر خارجية للإنتاج الفعلي لأشباه الموصلات، سمح الظهور السريع لشركات تصنيع أشباه الموصلات في شرق آسيا التي تقدم خدمات إنتاج الرقائق للشركات الأمريكية المتقدمة بالتركيز على تصميم الرقائق مع الاستفادة من العمالة الماهرة منخفضة التكلفة نسبيًا في آسيا.

وأشار التقرير إلى هيمنة الولايات المتحدة في قطاع أشباه الموصلات التي تنعكس بوضوح في احتكار برمجيات تصميم أشباه الموصلات، وبدونها لن يكون من الممكن تطوير رقائق حديثة، وهو ما يفسر سبب فعالية سياسة مراقبة الصادرات الأخيرة لإدارة بايدن تجاه الصين.

ورأى التقرير أن ما تسعى إدارة بايدن إلى تحقيقه أكثر طموحًا بكثير مما أنجزته الولايات المتحدة سابقًا، فالولايات المتحدة مصممة على الدفاع عن هيمنتها المطلقة على قمة سلسلة القيمة العالمية لأشباه الموصلات، وهناك زخم متزايد للسياسة الصناعية لدعم صناعة الرقائق المحلية حيث ظهرت مقترحات السياسة الصناعية في الكونجرس منذ نهاية إدارة ترامب، وفي منتصف عام 2020 تم اقتراح العديد من مشاريع القوانين لتوفير حوافز مالية لتحفيز صناعة أشباه الموصلات، فيما يعتبر قانون الابتكار والمنافسة الأمريكي ، الذي يتضمن 52 مليار دولار في الاستثمارات الفيدرالية لأبحاث أشباه الموصلات المحلية وتصميمها وتصنيعها بمثابة الخطوة الأولى في احتواء الهيمنة الصينية.

وسلط التقرير الضوء على مساعي بايدن منذ توليه منصبه 2021 ، منح الأولوية لكل من القدرة التنافسية وتعزيز قطاع أشباه الموصلات في البلاد، وحددت إدارته مراجعة شاملة لسلسلة التوريد لمدة 100 يوم أصدرها البيت الأبيض في يونيو 2021 التي ركزت على رؤية للولايات المتحدة لتحقيق "القيادة" و "المرونة" في سلسلة القيمة العالمية لأشباه الموصلات إذ تتطلب خطة بايدن من الولايات المتحدة الانتباه إلى الأطراف الوسطى والدنيا من سلسلة القيمة العالمية في هذا القطاع.

وأوضح التقرير أن استراتيجية إدارة بايدن يتم اتباعها حاليا بطريقتين، الأول عبر التحالف مع شركات أشباه الموصلات العالمية لإعادة دعم الإنتاج من خلال بناء مرافق التصنيع المحلية، بناء على دعوة من الحكومة الأمريكية، حيث أعلنت كل شركة تايوانية وكورية رائدة في تصنيع أشباه الموصلات عن خطط لتوسيع مرافق التصنيع في الولايات المتحدة، والطريقة الثانية، توجه إدارة بايدن العمل مع الدول "ذات التفكير المماثل" لبناء سلسلة توريد أشباه موصلات أكثر موثوقية لا تشمل الصين، ومما يذكر تعد تطوير مرونة سلسلة توريد أشباه الموصلات الأمريكية عنصرًا رئيسيًا في الإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع حلفاء واشنطن الآسيويين.

ويرى التقرير أن سياسة بايدن في "الاعتماد على الذات" في تصنيع أشباه الموصلات يواجه تحديات إذ يتعين على إدارة بايدن أولاً معالجة المشكلات المرتبطة بالقوى العاملة التصنيعية التي لم تعد موجودة في الولايات المتحدة ونقص البنية التحتية الضرورية لإعادة بناء قدراتها التصنيعية، وربما يكون التحدي الأكثر أهمية هو تكلفة الإنتاج، حيث تمكنت الشركات الأمريكية من قبل من الحصول على أفضل قدرة إنتاجية بأقل تكلفة اقتصادية، وبالتالي توجيه الاستثمار للاختراقات التكنولوجية والابتكار، ولن يكون هذا هو الحال بعد الآن عندما يشرع بايدن في إعادة التصنيع للبلاد.

ويُظهر تقرير صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية أن التكاليف المرتبطة بالتصنيع في الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات ستكون أعلى بنحو 30 في المائة مما هي عليه في تايوان أو كوريا الجنوبية أو سنغافورة ، وحوالي 37 في المائة إلى 50 في المائة أعلى من الصين.

ويذكر التقرير أن النهج الأمريكي تسبب في عدم ارتياح بعض الدول الآسيوية فالحكومة اليابانية على سبيل المثال ، تشعر بالقلق من أن عودة التصنيع في الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي إلى إفراغ التصنيع في شرق آسيا ككل ، مما يجعل طموحات اليابان لاستعادة هيمنتها على صناعة أشباه الموصلات بحلول عام 2030 أمرًا غير مرجح.

ويختم التقرير بالقول أن زيادة قدرة الولايات المتحدة في مجال أشباه الموصلات تتطلب تعبئة وطنية وسلسلة من الإجراءات الدبلوماسية التي ستستغرق بالتأكيد وقتًا طويلاً حتى تتحقق.