"أونكتاد": تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تعافت خلال 2021.. وتوقعات 2022 تتصف بعدم اليقين


الخميس 09 يونية 2022 | 02:32 مساءً
الأمم المتحدة
الأمم المتحدة
أ ش أ

ذكر مجلس التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة (أونكتاد) أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر قد تعافت في العام الماضي إلى مستويات ما قبل الوباء، لتصل إلى ما يقرب من 1.6 تريليون دولار، مشيرا إلى أن توقعات هذا العام تتصف بحالة عدم يقين بشأن استمرار ذلك.

وأكد المجلس - في تقريره السنوي حول الاستثمار الأجنبي المباشر، الصادر اليوم /الخميس/، تحت عنوان "إصلاحات ضريبية دولية واستثمارات مستدامة" - أن البلدان النامية يجب أن تحصل على مساعدة كبيرة من المجتمع الدولي للتعامل مع بيئة يسودها عدم اليقين وتجنب المخاطرة.

وأشار إلى أنه على الرغم من أن البلدان تواجه مشاكل فورية مزعجة للغاية ناجمة عن أزمة تكلفة المعيشة، إلا أنه من المهم أن تكون هناك قدرة على الاستثمار على المدى الطويل.

وأوضح التقرير أنه بعد انخفاض تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر في عام 2020، فإنها ارتفعت بنسبة 64 % لتصل إلى 1.58 تريليون دولار في العام الماضي، وذلك مع الزخم الناجم عن نشاط الاندماج والاستحواذ المزدهر والنمو السريع في تمويل المشاريع الدولية بسبب التمويل الفضفاض وحزم تحفيز البنية التحتية الرئيسية.

وعلى الرغم من تأكيد التقرير أن الانتعاش أفاد جميع المناطق، إلا أنه أشار إلى أن مايقارب ثلاثة أرباع النمو قد تركز في الاقتصادات المتقدمة، حيث ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 134٪ وحققت الشركات متعددة الجنسيات أرباحا قياسية.

على صعيد متصل، لفت التقرير إلى ن التدفقات إلى الاقتصادات النامية قد ارتفعت بنسبة 30٪ لتصل إلى 837 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تم تسجيله على الإطلاق؛ مرجعا ذلك إلى حد كبير إلى القوة في آسيا والانتعاش الجزئي في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والانتعاش في إفريقيا، موضحا أن حصة البلدان النامية في التدفقات العالمية ظلت أعلى بقليل من 50٪.

وأضاف التقرير أن عنصر الأرباح المعاد استثماره في الاستثمار الأجنبي المباشر، الأرباح التي تحتفظ بها الشركات متعددة الجنسيات في الشركات الأجنبية المنتسبة، يمثل الجزء الأكبر من النمو العالمي مما يعكس الارتفاع القياسي في أرباح الشركات لا سيما في الاقتصادات المتقدمة، منوها إلى أن أكبر 10 اقتصادات لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021 كانت: (الولايات المتحدة - الصين -هونج كونغ (الصين) - سنغافورة - كندا - البرازيل - الهند - جنوب إفريقيا - روسيا - المكسيك).

وبالنسبة لآفاق العام الجاري فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر قال التقرير، أشار التقرير إلى أن مناخ الأعمال والاستثمار قد تغير هذا العام بشكل كبير حيث أدت الحرب في أوكرانيا إلى أزمة ثلاثية من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وتشديد التمويل، وأضاف أن العوامل الأخرى التي تعتم أفق الاستثمار الأجنبي المباشر تشمل الآثار الوبائية المتجددة واحتمال حدوث المزيد من ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبرى والمشاعر السلبية في الأسواق المالية والركود المحتمل.

وذكر التقرير أنه على الرغم من الأرباح المرتفعة، إلا أن الاستثمار من قبل الشركات متعددة الجنسيات في المشاريع الجديدة في الخارج لا يزال أقل من خمس مستويات ما قبل الوباء العام الماضي، موضحا أن علامات الضعف بدأت تظهر بالفعل هذا العام حيث تظهر البيانات الأولية للربع الأول انخفاضا في إعلانات المشاريع الجديدة بنسبة 21٪ على مستوى العالم، كما انخفض نشاط الاندماج والاستحواذ عبر الحدود بنسبة 13٪ وصفقات تمويل المشاريع الدولية بنسبة 4٪.

وتوقعت المنظمة أن زخم النمو في عام 2021 لا يمكن أن يستمر وأن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 2022 من المرجح أن تتحرك في مسار هبوطي وفي أحسن الأحوال تظل ثابتة، مضيفة أنه حتى لو ظلت التدفقات مستقرة نسبيا من حيث القيمة إلا أنه من المرجح أن يعاني نشاط المشروع الجديد أكثر من عدم يقين المستثمرين.

وأشار التقرير إلى أن الإدخال المقترح لضريبة بحد أدنى 15 % على الأرباح الأجنبية لأكبر الشركات متعددة الجنسيات، سيكون له آثار كبيرة على الاستثمار الدولي وسياسة الاستثمار، موضحا أن الإصلاحات المقترحة والمخطط لها في عام 2023 أو 2024 تهدف إلى ثني الشركات متعددة الجنسيات عن تحويل الأرباح إلى البلدان منخفضة الضرائب.

وأضاف أن الآثار الرئيسية ستشمل زيادة عائدات الضرائب من الشركات متعددة الجنسيات في معظم البلدان، إضافة إلى ضرائب أعلى على الأرباح الأجنبية للشركات متعددة الجنسيات، مع ضغط نزولي محتمل على الاستثمار الجديد من قبل الشركات متعددة الجنسيات، وانخفاضا لفعالية معدلات الضرائب المنخفضة والحوافز الضريبية لجذب الاستثمار، مشيرا إلى أنه سيكون هناك حاجة ماسة لوكالات ترويج الاستثمار والمناطق الاقتصادية الخاصة لمراجعة استراتيجيات جذب الاستثمار.

من جانبها، قالت الأمينة العامة للأونكتاد ريبيكا جرينسبان إنه بينما ستؤدي الإصلاحات الضريبية إلى زيادة تحصيل الإيرادات للبلدان النامية، وذلك من منظور جذب الاستثمار، إلا أنها تنطوي على فرص وتحديات، مضيفة أن الدول النامية تواجه قيودا في استجاباتها للإصلاحات وذلك بسبب نقص القدرات الفنية للتعامل مع تعقيد التغييرات الضريبية وبسبب التزامات معاهدة الاستثمار التي يمكن أن تعرقل العمل الفعال على صعيد السياسة المالية، مشددة على أن المجتمع الدولي عليه واجب وهو أن يقوم بالمساعدة.

ونوه التقرير إلى أن الزيادة في معدلات الضرائب الفعلية التي تواجهها الشركات متعددة الجنسيات تقدر بنقطتين مئويتين، مشيرا إلى أن هذا يتوافق مع زيادة الإيرادات الضريبية التي تدفعها الشركات متعددة الجنسيات للبلدان المضيفة بنحو 15٪ - أقرب إلى 20٪ للشركات الكبيرة التي تتأثر بشكل مباشر بالإصلاحات.

وتوقع التقرير أن تستفيد الاقتصادات المتقدمة والنامية بشكل كبير من زيادة تحصيل الإيرادات كما أنه من المحتمل أن تفقد المراكز المالية الخارجية جزءا كبيرا من الإيرادات المحصلة من الشركات الأجنبية التابعة.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن البلدان النامية الأصغر - التي لديها معدلات أقل عموما - يمكن لتطبيق ضريبة الزيادة أن يحدث فرقا كبيرا في تحصيل الإيرادات، إلا أن الوجه الآخر لزيادة الإيرادات الضريبية سيكون الضغط الهبوطي المحتمل على حجم الاستثمار الذي ستمارسه الزيادة في الضرائب على أنشطة الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تشير تقديرات الأونكتاد إلى أن الاستثمار عبر الحدود في الأصول الإنتاجية يمكن أن ينخفض بنسبة 2٪.

ومن ناحية أخرى، أوضح التقرير أنه سيكون للإصلاحات المخططة آثار كبيرة على صانعي سياسات الاستثمار الوطنيين ومؤسسات ترويج الاستثمار ومجموعات أدواتهم المعيارية؛ إذ تستخدم الحوافز الضريبية على نطاق واسع لتشجيع الاستثمار بما في ذلك كجزء من عرض القيمة لمعظم المناطق الاقتصادية الخاصة، مؤكدا أن صانعي سياسات الاستثمار الدولي والمفاوضين بشأن اتفاقيات الاستثمار الدولية يحتاجون إلى النظر في القيود المحتملة التي قد تفرضها التزامات اتفاقات الاستثمار الدولية على تنفيذ الأحكام الرئيسية للإصلاحات.

كما حذر من أنه إذا تم منع البلدان المضيفة (النامية في كثير من الأحيان) بموجب أحكام اتفاقات الاستثمار الدولية من تطبيق ضرائب الزيادة أو إزالة الحوافز فإن الزيادة الضريبية إلى الحد الأدنى ستتراكم على بلدان الموطن (المتقدمة في الغالب) وستخسر البلدان المضيفة عائدات الضرائب دون تقديم أي فائدة للمستثمرين.

وأشار التقرير إلى أن الآثار المترتبة على عائدات الضرائب على البلدان النامية بسبب القيود التي تفرضها اتفاقيات الاستثمار الدولية هي سبب رئيسي للقلق، مضيفا أن المجتمع الدولي بالتوازي مع أو كجزء من المفاوضات المتعلقة بالإصلاحات الضريبية، يجب أن يخفف من القيود التي تضع البلدان النامية في وضع غير مناسب.

كما شدد على أهمية توسيع نطاق المساعدة التقنية إلى حد كبير لدعم تنفيذ الإصلاحات، مضيفا أن هناك حاجة إلى حل متعدد الأطراف لإزالة قيود التنفيذ التي تفرضها اتفاقات الاستثمار الدولية كما أنه وكإجراء مؤقت، فستكون هناك حاجة إلى آلية لإعادة الإيرادات التكميلية التي جمعتها الدول المتقدمة (البلدان الأصلية) التي كان ينبغي أن تعود إلى البلدان النامية (البلدان المضيفة).