أكد موقع «إيكونومي
ووتش» الأمريكي المتخصص - في تقرير له - قدرة مصر علي مواصلة النمو الاقتصادي وتحقيق
معدلات نمو أفضل للناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة المقبلة بناءً علي الفرص
المتاحة وكيفية تعظيمها وإلقاء الضوء علي التحديات الوارد مواجهتها أيضاً.
وتوقع التقرير أن
تشهد سياسة سعر الصرف انفراجة قريبة وكذلك القيود المفروضة علي تحويلات الدولار
للخارج، مدللاً علي تلك الانفراجة بحسب بالتغيرات التي تمت في إدارة البنك المركزي
مؤخراً، وضخ 1.8 مليار دولار بشكل مفاجئ في عطاءات المركزي وأخيراً السماح
للمستثمرين الأجانب بتحويل 500 مليون دولار وهو ما يؤكد المرونة المتوقعة بشكل
اكبر خلال الفترة المقبلة بما يتوافق والاحتياجات لجذب مزيد من الاستثمارات.
وأضاف التقرير أن
السياسة الحكومية الحالية تسعي إلي تدعيم كافة الإجراءات المحفزة لجذب استثمارات
أجنبية وتستغل في ذلك السياسة النقدية أيضاً حيث تسعي إلي إحداث خفض تدريجي في سعر
صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار لما لذلك دور كبير في خفض تكلفة
الإنتاج بالنسبة للمستثمرين الأجانب والذين اعربوا عن قلقهم من القيود المفروضة علي
تحويل جزء من أرباح استثماراتهم بمصر إلي بلدانهم الاصلية خلال الفترة المقبلة
لتأتي تلك القرارات الإيجابية التي تعطي ثقة للمستثمرين في جدية الحكومة المصرية في
تذليل العقبات أمام الاستثمار الأجنبي.
وأشار التقرير إلي
أن الهدف من سياسة التقييد التي فرضها المركزي المصري علي تداول الدولار والإيداع
بالدولار في البنوك المصرية خلال 2015 هو خنق السوق السوداء ومحاولة السيطرة علي
سوق سعر الصرف من خلال القنوات الرسمية وهو ما أدي بالنهاية إلي صعوبة استيراد بعض
الشركات التي تتعامل مع سلع استراتيجية لمستلزمات الإنتاج أو للمنتج النهائي نفسه
وكذلك عدم قدرة بعض كثير من المستثمرين الأجانب علي تحويل بعض أرباحهم، وهو ما يحاول
المركزي المصري والحكومة المصرية بشكل عام تغييره خلال تلك الفترة.
وأرجع «إيكونومي
ووتش» تلك الانفراجة المتوقعة مع تكهنات باستمرار الدعم الخليجي خلال العام المقبل
وامكانية الحصول علي قروض بفائدة مخففة من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي
والبنك الدولي حيث اعلنت مصر عن زيادة طفيفة للغاية في الاحتياطي النقدي الأجنبي
بقيمة 8 ملايين دولار ليبقي عند مستويات 16-17 مليار دولار علي الرغم من العطاء
الدولاري الكبير وتغطية سحب مستثمرين أجانب لجزء من أرباحهم بقيمة نصف مليار
دولار.
وفيما يخص موارد
النقد الأجنبي، اكد التقرير أن مصر سوف تشهد نموا ملحوظا في موارد النقد الأجنبي
خلال الفترة المقبلة في حالة عدم ظهور مستجدات تعوق ذلك متوقعا عودة السياحة البريطانية
والروسية إلي السوق المصرية قريبا خاصة مع المساعي الحكومية المصرية التي يراها
التقرير مستميتة من اجل انهاء المخاوف لدي الدولتين صاحبتي أكبر وفود سياحية إلي
مصر حول الأمن في الموانئ والمطارات المصرية.
كذلك نوه التقرير
إلي أن التكهنات التي تصل إلي مستوي اليقين من عثور بعض البعثات الاثرية الاستكشافية
علي مقبرة نفرتيتي والتي تعد من اشهر ملكات مصر مع زوجها اخناتون لما يمثله ذلك
الاكتشاف من قيمة تاريخية كبيرة وكذلك قيمة دينية، حيث يعتبر ذلك العصر اول العصور
التي تم فيها الدعوة للتوحيد في الحضارات القديمة وهو ما قد يجلب السياحة مرة أخري
ومن اسواق متعددة دون التي تستهدف السياحة الشاطئية في البحر الأحمر ومن دول أخري
غير روسيا وبريطانيا.
وتعتمد مصر بشكل
كبير علي السياحة الشاطئية والمنتجعات في منطقة البحر الأحمر، وأعرب التقرير عن أن
الظروف الداخلية في مصر أثرت كثيرا علي النشاط السياحي والوفود الأجنبية القادمة
إلي مصر، مستشهداً بمعدل الوفود السياحية اليومي الذي انخفض من 12 ألف سائح يوميا
مطلع 2011 إلي 300 سائح فقط في 2012 متأثراً بالاضطرابات التي شهدتها البلاد خلال
تلك الفترة وعلي مدار السنوات الخمس الماضية.
وأما عن موارد
النقد الأجنبي الأخري وفي مقدمتها الصادرات المصرية فقد جاءت توقعات التقرير إيجابية
في ظل تراجع أسعار صرف الجنيه المصري أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية وهو ما
سوف يعطي ميزة تنافسية للصادرات المصرية مع الصادرات من دول أخري منافسة.
وأشار التقرير أيضاً
إلي إمكانية استفادة مصر من حالة الاحتقان بين روسيا وتركيا، حيث يمكن أن تمثل مصر
البديل الجاهز والقادر علي تلبية احتياجات السوق الروسي من الواردات الاستراتيجية
من الخضراوات والفاكهة اللازمة له بديلا عن تركيا خاصة وان العلاقات التجارية بين
مصر وروسيا تعتبر في افضل حالاتها وكذلك باقي الجوانب الأخري السياسية والاقتصادية
بين البلدين.
ونوه التقرير إلي
إجراءات داخلية قد اتخذتها الحكومة وهو ما أثني التقرير عليها واصفاً إياها
بإجراءات حاسمة وغير مسبوقة من العمل علي خفض الدعم جزئيا علي الطاقة ورفع أسعار
البنزين بما وفر مليارات الجنيهات التي كانت تفقدها خزينة الدولة مقابل ذلك الدعم
في الوقت الذي نجح فيه المركزي المصري من خلال سياسة نقدية رشيدة في تخفيض آثار
التضخم المتوقع جراء تلك القرارات.
وعلي الرغم من تلك
الإجراءات التقشفية أشار التقرير إلي أن الحكومة المصرية لا تتوقف عن الإنفاق
الاستثماري والإعلان عن العديد من المشروعات العملاقة وفي مقدمتها قناة السويس
وشبكة الطرق والمدن الجديدة وتنمية الساحل الشمالي والمثلث الذهبي، بالإضافة إلي
تكالب الشركات العالمية علي التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في مصر، وهو ما يزيد
من إيجابية التوقعات حول مستقبل الاقتصاد المصري وحل مشكلة ندرة النقد الأجنبي لما
سيتولد للدولة من إمكانات تصديرية كبيرة لسلعة استراتيجية.
وأوضح التقرير أيضاً
أن الميزان التجاري المصري قد يشهد تحسناً من الجانب الآخر متمثلا في الواردات
النفطية مع تراجع الأسعار العالمية للبترول، وهو ما سوف يصب في مصلحة تقليص عجز
الميزان التجاري وتراجع احتياجات الدولة للنقد الأجنبي لسد تلك الاحتياجات، وكانت
مصر قد قطعت شوطا كبيراً في سد الالتزامات المتراكمة لديها لصالح شركات النفط
العالمية وهو ما شجع تلك الشركات متعددة الجنسيات العودة للعمل بمصر مرة أخري
وبدأت ثمار ذلك تظهر من جديد مع اكتشافات غاز طبيعي وأنباء عن اكتشافات ذهب جديدة
أيضاً.
واختتم التقرير
مؤكداً أن الحكومة المصرية تدرك تلك العوامل الإيجابية وتعمل علي تعظيمها وهو ما
دفعها إلي تعديل التوقعات الإيجابية بمعدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي للعام
المقبل 2016 من 5% إلي 5.5% وسط رؤية حكومية لبدء جني ثمار عودة الاستثمارات
الأجنبية والتوسع في البنية التحتية بشكل كبير.