توجه الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، اليوم السبت، إلى موقع أبو مينا الأثري بمنطقة برج العرب بمدينة الإسكندرية، وذلك لتفقد مشروع خفض منسوب المياه الجوفية وأعمال الترميم والتطوير التي تتم بالموقع.
رافقه خلال الجولة أحمد عبيد مساعد الوزير لشئون قطاع مكتب الوزير والعميد مهندس هشام سمير مساعد الوزير لمشروعات الآثار والمتاحف والدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار والوزير مفوض داليا عبد الفتاح المشرف العام على الإدارة العامة للعلاقات الدولية والإتفاقيات والأستاذة إيمان زيدان المشرف العام على إدارة تطوير المواقع الأثرية والمتاحف ومحمد متولي مدير عام آثار الإسكندرية، والراهب القمص تداوس افامينا مسئول الآثار بالدير وعدد من قيادات من الوزارة، والرهبان بالدير.
مشروع خفض منسوب المياه الجوفية
شملت الجولة تفقد المنطقة الأثرية وعناصر مشروع خفض منسوب المياه الجوفية والممثلة في طلمبات سحب المياه وغرف التفتيش وخطوط الطرد ومصارف تجميع المياه.
وخلال الجولة، أشاد د. خالد العناني بما تم تنفيذه من أعمال بمشروع خفض منسوب المياه الجوفية بالموقع والذي يعد أحد أهم المشروعات التي قامت بها الوزارة ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع ترميمه وتطوير الموقع العام ككل. كما تعكف الوزارة الآن على الإنتهاء من إجراءات تقديم طلب رفع الموقع من قائمة التراث المهدد بالخطر باليونسكو، بعد ٢١ عاما من وضعه على هذه القائمة بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية به.
وأشار إلى اهتمام الوزارة بالمشروع حيث حرصت على تضافر جهود كافة الجهات المعنية بالدولة لتنفيذ جميع الأعمال بالتعاون مع وزارتي الموارد المائية والري، والزراعة واستصلاح الأراضي، ومحافظة الإسكندرية، بما يساهم في إنجاز المشروع بالشكل الأمثل وبما يتماشي مع أهمية الموقع كأحد المواقع الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، مشيرًا إلى إهتمام الدولة المصرية بهذا المشروع وغيره من المشروعات التي تتم بمواقع التراث العالمي حيث تم تشكيل لجنة عليا لإدارة مواقع التراث العالمي عام ٢٠١٨م برئاسة مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات الوطنية والاستراتيجية، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية.
وخلال الجولة وجه وزير السياحة والآثار بضرورة الإنتهاء من كافة أعمال تطوير المنطقة ككل وإعادة تجميع الأعمدة والأجزاء واللقي الأثرية الخاصة بالبازيليكا الموجودة بالموقع لترميمها وإعادة تركيبها في موقعها الأصلي.
فيما أعرب الراهب القمص تداوس أفامينا مسئول الآثار بدير أبو مينا عن كامل تقديره للتعاون القائم بين الوزارة والدير، مثمنا على دور الوزارة في الحفاظ على المواقع الأثرية المصرية بمختلف عصورها، وموجها الشكر للدكتور لوزير السياحة والآثار على الجهد المبذول من قبل الوزارة ممثلة في المجلس الأعلى للآثار في هذا المشروع الهام.
ومن جانبه أوضح العميد مهندس هشام سمير أن مشروع خفض منسوب المياه الجوفية بموقع أبو مينا الأثري بدأ منذ عام ٢٠١٩، بتمويل ذاتي من المجلس الأعلى للآثار بتكلفة بلغت نحو ٥٠ مليون جنيه مصري، وأنه تم الإنتهاء من جميع عناصر المشروع وبدء التشغيل التجريبي له في منتصف شهر نوفمبر ٢٠٢١، حيث تم التأكد، خلال تلك فترة، من نجاح منظومة العمل حيث أن منسوب المياه بمنطقة قبر أبو مينا تم خفضها بشكل ملحوظ، مشيرًا إلى أن المشروع تضمن تنفيذ 12 بئر حول منطقة القبر بأعماق تتراوح ما بين 35 إلى 50 متر، وتنفيذ 57 بئر حول الموقع الأثري ككل، ومد خطوط طرد المياه للمنطقة بطول حوالي ٦١٥٠متر طولي، وربط شبكة الآبار المستحدثة وكافة الأعمال الكهروميكانيكية بمنظومة التحكم الموجودة بالموقع، وكذلك متابعة مناسيب المياه الجوفية بالآبار.
وأضاف أن جميع الدراسات الإستشارية لتحديد الأسلوب الأمثل للتصميم والتشغيل لمنظومة خفض منسوب المياه الجوفية بالمنطقة الأثرية، ومتابعة تنفيذ الأعمال الحقلية بالمشروع، تمت بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري ممثلة في معهد بحوث المياه الجوفية ومعهد بحوث مياة الصرف، حيث قامت بالمساهمة في أعمال تطهير المصارف المتواجدة داخل المنطقة الأثرية والمصارف العمومية حول المنطقة، أما وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي فقد ساهمت في أعمال تحويل نظام الري للأراضي الزراعية حول المنطقة الأثرية ليصبح بنظام الري بالتنقيط بدلا من نظام الري بالغمر، الأمر الذي سيكون له دور فعال في تقليل حجم مياه الصرف الزراعي وتقليل مشاكل المياه الجوفية بالمنطقة.
فيما أشار الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار إلى أنه تم الإنتهاء من تثبيت العناصر المعمارية لكل من البازيليكا، وكنيسة القبر، والقبر، بإعادة الأحجار المفككة والمتناثرة بالموقع للحفاظ عليها، كما تم الإنتهاء من ترميم السور الغربى للبازيلكا، وجاري أعمال الترميم الدقيق بحوائط الكنيسة البازيليكا الكبرى، وكذلك العراميس بالحوائط، بالإضافة إلى الإنتهاء من أعمال ترميم المدخل الرئيسي وتنظيف الدير من الحشائش.
وأفادت الوزير مفوض داليا عبد الفتاح أن الوزارة قامت في فبراير ٢٠٢٢ بموافاة منظمة اليونسكو بتقرير حالة الحفاظ لموقع أبو مينا متضمنا الجهود التي قامت بها الوزارة من إجراءات تصحيحية بالموقع، تمهيدا للتقدم بطلب رسمي لرفعه من قائمة التراث المهدد بالخطر.
وأضافت أن تقرير الحفاظ شمل شرح لمشروع خفض منسوب المياه الجوفية، وخطة إدارة متكاملة للموقع لأول مرة منذ إدراجه على قائمة التراث العالمي في عام ١٩٧٩ م، تضمنت مقترحا لدرء الخطورة وتعديل الحدود الخاصة بالموقع الأثري وخطة الحفاظ والترميم، فضلا عن طلب الوزارة بايفاد بعثة رصد من مركز التراث العالمي للوقوف على ماتم في مجال درء الخطورة التي تهدد الموقع في أقرب وقت ممكن تمهيدا لرفعه من على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
وفي سياق متصل قالت إيمان زيدان المشرف العام على إدارة تطوير المواقع الأثرية والمتاحف أنه جاري الآن تأهيل موقع أبو مينا للزيارة حيث تم وضع عدد من اللافتات الإرشادية بالطرق الخارجية المؤدية للموقع والتى تم تنفيذها بالتنسيق مع محافظة الأسكندرية. كما أنه جارى تمهيد مسار الزيارة ومسارات الإتاحة وتزويد الموقع بعدد من الخرائط واللوحات الإرشادية والمعلوماتية يتم تنفيذها بالتعاون مع منظمة اليونسكو لتفسير الموقع الأثري للزائرين، مزودة بالرمز الكودى QR code لمطالعة المزيد من المعلومات والمواد الفيلمية حول الموقع، بالإضافة إلى عمل دورات مياه وتزويد الموقع بسلات القمامة صديقة للبيئة بنظام فصل المخلفات ومظلات ومقاعد لإستراحة الزائرين ووحدة إسعافات أولية.
وتجدر الإشارة إلى أن منطقة أبو مينا الأثرية تتمتع بمكانة تاريخية وأثرية كبيرة حيث يرجع تاريخها إلى ما بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين، واكتسبت شهرتها من وجود قبر القديس مينا، وفي أواخر القرن الخامس والنصف الأول من القرن السادس الميلادي أصبحت من أهم مراكز الحج المسيحية في مصر.
وتتكون المنطقة الأثرية من بقايا الأسوار الخارجية التي كانت تحيط بالموقع كله، والبوابتين الشمالية والغربية وبعض الشوارع المحاطة بصفوف من الأعمدة، بالإضافة إلى منازل وحمامات واستراحات خاصة بالحجاج القادمين إلى المنطقة، وفناء محاط بصفوف من الأعمدة الرخامية يقع خلفها محلات عديدة لبيع الهدايا التذكارية للحجاج، كما يقع جنوب هذا الفناء مجموعة من الكنائس ومكان للاستشفاء وأيضاً خزانات للمياه ووحدات سكنية.
وقد كانت منطقة أبو مينا في الماضي قرية صغيرة وقد أظهرت الحفائر حتى الآن ١٠ مباني يتكون منها المجمع المعماري الضخم لأبي مينا وهي: البازيليكا الكبرى، كنيسة المدفن، المعمودية، دور الضيافة، الحمام المزدوج (بازيليكا الحمامات)، الحمام الشمالي، البازيليكا الشمالية، الكنيسة الشرقية، الكنيسة الغربية.