إعادة النظر في مقاييس الاقتصاد بفعل مشكلات "سلاسل التوريد"


إعادة النظر في مقاييس الاقتصاد بفعل مشكلات "سلاسل التوريد"

الاثنين 02 مايو 2022 | 10:24 مساءً
الأسهم الرابحة
الأسهم الرابحة
محمود عبدالله

تتزايد تعقيدات سلاسل التوريد العالمية من "الصين" وحتى "الدنمارك"، ما يحفز إعادة النظر في مواضيع كبيرة وكلية مثل العولمة، وأخرى صغيرة وجزئية مثل كفاءة النقل بالشاحنات حول الموانئ الأمريكية.

مشكلات سلاسل الامداد 

وبالنظر إلى الصورة الكبيرة، فقد استغرق الاقتصاد العالمي المتشابك عقودًا ليتماسك، وسوف يستغرق الأمر أعوامًا أخرى حتى يتطور، بغض النظر عن شكل هذا التطور.

وفي غضون ذلك، ينظر الاقتصاديون إلى التحولات ذات المدى القصير والأكثر دقة التي تفرضها الجائحة وحرب روسيا في أوكرانيا وأثرها على الاستهلاك، والاستثمار، والإنتاج، والتجارة.

ويرى بعض المراقبين، أن الوقت الحالي هو الأنسب للتركيز على مقاييس مختلفة عن المقاييس التقليدية المتمثلة بالعمالة والأسعار والناتج المحلي الإجمالي.

وقال ستيفن بارو، محلل العملات في "ستاندرد بنك" (Standard Bank): "نحتاج لتغيير الطريقة التي ننظر بها إلى الاقتصاد العالمي. فلم يعد يتعين علينا ملاحظة النمو والتضخم والسياسة النقدية من منظور الطلب، بل إن جانب العرض هو الأساس".

قبل الجائحة، كان المعروض من السلع والخدمات هو ما يصفه الاقتصاديون عامة بالجانب "المرن"، لتمتّعه بالقدرة على التغيّر بسهولة للتماشي مع الطلب.

وأضاف بارو في مذكرة: "لكن العرض تحول الآن من مرن إلى غير مرن، ما يعني أن استجابته للتغيرات في الطلب باتت أقل بكثير".

مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، إليكم عددًا من التوجهات غير التقليدية الخاصة بالعرض للنظر فيها:

وطور العديد من الاقتصاديين، بما في ذلك فريق "بلومبرج"، فهارس أو خرائط حرارية ملونة تظهر درجات الضغط على خطوط الإمداد. وفي مذكرة بحثية هذا الأسبوع، أصدر محللو "بي إن بي باريباس" (BNP Paribas) أحدث أداة لديهم للتعقب، وكانت بعض مؤشرات أبريل تتضمن اللونين البرتقالي والأصفر.

وينظر هؤلاء المحللون إلى المقاييس التقليدية الخاصة بالعرض مثل أوقات التسليم، ونسبة الطلب إلى المخزون، بالإضافة إلى أخذ مقاييس بديلة بعين الاعتبار: مثل معدلات الشحن الجوي، وعدد السفن الراسية خارج ميناء لوس أنجلوس. وكتبوا تعليقًا، "لقد عادت الاضطرابات، وهي موجودة الآن لتبقى".

كذلك، يُظهر مقياس "موديز أناليتكس" (Moody’s Analytics) أن الضغوط على العرض في أكبر اقتصادين في العالم: الولايات المتحدة والصين، ما تزال فوق معيار ما قبل الجائحة.

وكانت الاضطرابات الناجمة عن الصراع في أوكرانيا أدّت إلى تفاقم الخطوط البيانية هذه في فبراير، إلا أن اللوم الآن يقع في المقام الأول على المشكلات المتعلقة بإغلاقات كوفيد في الصين، التي أجبرت نسبة تزيد بـ15% من السفن على الانتظار في المياه قبالة موانئ شنغهاي، مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي، وذلك بحسب ستيف كوشرين، كبير الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الشركة. وأضاف كوشرين أن هذا الوضع يمكنه عكس التحسن في القطاع الذي كان بدأ في الربع الأخير من عام 2021.

وتمثل موانئ لوس أنجلوس ولونغ بيتش، الطرف المتلقي لعدد كبير من الشحنات القادمة من الصين، حيث يتعامل المرفآن مع نحو 42% من جميع تجارة الحاويات الأمريكية مع شرق آسيا. فيما يمثّل مؤشرًا قلّما يراقب تدفق البضائع، لكنه بالتأكيد يستحق التتبع في الوقت الحالي.

وخلال الشهر الماضي، ارتفعت نسبة حاويات الشحن التي تبقى في هذه الموانئ لأكثر من خمسة أيام من 34.3% في فبراير إلى 38.7%، لتنهي بذلك ثلاثة أشهر من التحسن، وفقًا لبيانات "جمعية الشحن التجاري في المحيط الهادئ".

وأظهرت الأرقام أيضًا أن وقت الانتظار للحاويات المنقولة عبر سكك الحديد ارتفع من 5.2 يوماً في فبراير إلى 7.7 يومًا، ويُعدّ استمرار هذا الرقم في الازدياد مؤشراً مهماً على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، حيث يُعتبر تحسّن تدفق البضائع عبر موانئ جنوب كاليفورنيا هدفاً لإدارة الرئيس بايدن.

ويزداد هذا الازدحام سوءًا في الموانئ الأوروبية، حيث تعاني هذه الموانئ من الاضطرابات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا بشكل يفوق نظيرتها الأمريكية. حيث ينبغي فصل البضائع الروسية المحظورة عن البضائع الأخرى وإعادة توجيهها أو تخزينها، وهو ما يزيد من العمل واستهلاك للموارد، ما يقلل في نهاية المطاف من قدرة الشحن. وبما أنه ليست كل الموانئ صريحة بشأن البيانات الحاليّة، أصبحت الشركات الخاصة تتولى ملء هذا الفراغ.