قفزات متتالية
يشهدها قطاع مواد البناء، وسوق حديد التسليح فى مصر، منذ بداية مطلع مارس الماضى،
بعد أن أعلنت شركات الحديد المحلية ارتفاع سعر الطن للمرة الثانية فى أوائل أبريل،
الأمر الذى يضع السوق العقارى فى مواجهة تحديات جديدة، تزيد من ارتباك المشهد على
الكثير من الشركات العقارية والمستثمرين.
تشير التقارير
الصادرة من شركات الحديد، عن وصول سعر الطن إلى 20 ألف جنيه تسليم أرض المصنع، فى
حين وصل سعر طن للمستهلك النهائى إلى 22 ألف جنيه، فى موجة صعود تاريخية وغير
مسبوقة فى سوق مواد البناء.
والسر وراء
ارتفاع سعر طن حديد التسليح فى مصر ليسجل 22 الف جنيه، يتمثل فى ارتفاع سعر الدولار الشهر الماضى، بجانب ندرة
الخامات اللازمة فى صناعة الحديد وأهمها البليت، حيث تستورد مصر البليت من العديد من الدول، ولكن ثلث
واردات مصر من البليت من أوكرانيا، وتستورد معادن أخرى من بينها الصاج من روسيا، ومع
اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تراجع
المعروض من الحديد والمواد الخامة اللازمة فى عملية التصنيع، مما ساهم فى قفزات
جديدة لسعره عالميا ومحليا.
وأرجع
متى بشاي، رئيس لجنة التموين بالشعبة العامة للمستوردين بالغرف التجارية، ارتفاع الأسعار
بالسوق المحلى، نتيجة ارتفاع تكلفة الخامات بشكل كبير، بجانب زيادة السعر العالمى
للحديد نتيجة التداعيات الاقتصادية الراهنة، التى انعكست على السوق المحلى وساهمت
فى حالة من الارتباك على أسعار مواد البناء والحديد بشكل خاص.
وأوضح
"بشاى"، خلال تصريحات خاصة لجريدة العقارية، أن سعر طن الحديد فى مصر
للمستهلك بلغ اليوم 22 الف جنيه، وتسليم المصنع قد يصل الى 21 الف جنيه، متوقعا
زيادات مرتقبة نتيجة حالة عدم الاستقرار فى أسعار حديد التسليح عالميا ومحليا.
وأشار
إلى الحديد يخضع لقانون العرض والطلب، فإن زيادة الطلب على الشراء من قبل التجار
وراء زيادة سعره الجنونية خلال الفترة الراهنة.
فى
حين أكد محمدحنفي، مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، أن التحركات
السعرية لطن حديد التسليح محليا وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، فى تاريخ صناعة
الحديد بمصر، موضحا أن نقص الخام بالسوق المحلي ساهم فى زيادة الطلب، وبالتالى زيادة السعر، لاسيما بعد قرار
تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار الأخيرة.
وأوضح
"حنفى"، فى تصريحات لجريدة العقارية، أن مصر تعتمد اعتماد كلى على
استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج اللازمة لتصنيع الحديد محليا، وبالتالى
فأن اى تحرك فى سعرها سيؤدى إلى قفزة فى سعر المنتج النهائى، مشيرا إلى أنه فى
حالة استمرار ندرة مواد الخام سيلجأ المصنعون الى أسواق بديلة لاستيراد البليت،
مثل الهند.
ولم
ينجو السوق العقارى من تداعيات الارتفاعات المطردة فى سوق مواد البناء، وسعر
الحديد بالسوق المحلى على الأخص، حيث ناقش عدد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات
العقارية، تداعيات الأزمة على السوق، وحجم المبيعات المتوقع تراجعها فى ظل الأزمة الاقتصادية
العالمية الراهنة، حيث أشار المهندس داكر عبداللاه، عضو شعبة الاستثمار العقاري
باتحاد الغرف التجارية، خلال تصريحات خاصة لجريدة العقارية، إلى أن سوق مواد البناء يعانى من الزيادة المبالغ
بها فى أسعار الحديد والأسمنت، نتيجة تداعيات الحرب الروسية ، مما يهدد العديد من
الشركات بالتوقف وبالتجميد، مشير الى أن زيادة سعر الحديد بات يتم تحديثه بشكل
يومى، مقارنة بالأسعار القديمة.
وبرغم
ذلك توقع"عبد اللاه"، استقرار
أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة، مفسرا ذلك أنه عند تراجع الطلب على المنتج
مع قفزة اسعاره لمستويات تاريخية مثل ما حدث فى الحديد وغيره من مواد البناء، يؤدى
ذلك إلى استقرار سعره فى السوق، موضحا أيضا أن هذه الارتفاعات تسهم فى حدوث حالة
من الارتباك بنشاط القطاع العقارى.
واتفق
معه أحمد عبد الحميد عبد الرحمن، رئيس
مجلس إدارة غرفة صناعات مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، متوقعا بأن تشهد
اسعار الحديد خلال الفترة المقبلة ثباتا فى السعر البيعى للمستهلك، مشيرا الى أن
سعر حديد التسليح فى مصر مرهونا بسعر خام البليت عالميا،.
وقدمت
لجنة التشييد بجمعية رجال العمال، حزمة من المقترحات لحل أزمة الحديد ومواد البناء
فى مصر، حيث اقترح المهندس فتح الله فوزى، رئيس لجنة التشييد، بضرورة مساندة
الحكومة للسوق العقارى فى هذه المرحلة الدقيقة، من خلال اتخاذ بعض الإجراءات لتوفير
مستلزمات الإنتاج اللازمة لمواد البناء، من أجل زيادة المعروض منها، مشيرا إلى أنه
من الصعب مطالبة الحكومة بتسعير مواد
البناء لأننا نعتمد على سياسية السوق الحر، لكن على الأقل لابد من تذليل العقبات
أمام المصنعين فى قطاع مواد البناء، موضحا أن نسبة الشركات المهددة بالخروج من
السوق العقارى تصل إلى 30%، خاصة التى لم تكن لديها الكفاءة المالية أو الفنية
الكافية لتدارك العقبات الراهنة التى الحقت خسائر كبيرة بسوق العقارات والمطورين
العقاريين، مؤكدا أن هناك خطوات يتم اتخذها من أجل تيسير هذه المرحلة الدقيقة على
المستثمرين، ويجب على الدولة تقديم المساندة لضمان استمرار عمل تلك الكيانات
بالسوق والحفاظ على حجم العمالة داخلها.
وتوقع
ارتفاع أسعار العقارات بنسبة قد تصل إلى
25%، نتيجة الأزمة الاقتصادية الحالية، بعد تراجع قيمة الجنيه أمام العملات
الأجنبية.
كما
طالب المهندس أحمد الشناوى، عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، بتفعيل
دور الأجهزة الرقابيـة بالدولة، لملاحقة الممارسات الاحتكارية بقطاع مواد البناء،
موضحا أن هذه السلع تمثل أهمية كبيرة فى السوق العقارى، لذا وجب ضبط أية تلاعب من قبل التجار، خوفا من
حدوث نقص بالمعروض من الحديد والأسمنت وغيرها من مواد البناء.
وأشار
" الشناوى "، فى تصريحات خاصة لجريدة العقارية، أنه لابد من ضبط كافة الممارسات الاحتكارية
لضبط السوق العقاري، وتوفير كافة مواد
البناء للشركات حتى لاتتعرقل فى تسليم المشروعات المتفق عليها، مؤكدا أن مثلما
تقوم الدولة بدورها للتصدى لاحتكار السلع الغذائية لابد أن تمارس نفس الدور فى هذه
السلع الهامة.
فى
حين أشار المهندس علاء بسيونى، رئيس مجلس إدارة شركة "وطنية" للاستثمار العقاري، إن الدولة لابد أن تدعم
شركات التطوير العقارى، فى ظل ارتفاع أسعار مواد البناء، بعد قفزة سعر الدولار
وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، موضحا أن المطور العقارى يواجه تحديات
كبيرة نتيجة موجة الارتفاع فى كل مدخلات الانتاج والمواد اللازمة فى قطاع التشييد،
الأمر الذى أدى الى تكبد الكثير من الشركات بالسوق العقارى بخسائر بعد التحركات
السعرية الأخيرة.
وأوضح
"بسيونى"، أنه لابد من الغاء كافة رسوم الإغراق على بعض خامات مواد
البناء، والتصدى للمارسات الاحتكارية فى القطاع، لدعم السوق العقارى فى هذه
المرحلة الدقيقة، مع منح الشركات مهلة لإعادة جدولة أقساط الأراضى، لحين الخروج من
الأزمة بأقل قدر من الخسائر.
ولفت
الدكتور وليد سويدة، عضو لجنة التشييد
بجمعية رجال الأعمال المصريين، إلى إن اسعار مواد البناء فى السوق المحلى اصبحت
متفاوتة خلال اليوم الواحد، مما أدى الى نقص العديد من مواد الخامة وارتفاع
اسعارها، الأمر الذى يهدد شركات التطوير العقارى، مطالبا بدعم القطاع العقارى من
خلال ضبط السوق واتاحة مواد البناء التى تمكن القطاع من استمرار عمله.
وأوضح
"سويدة"، خلال تصريحات خاصة لجريدة العقارية، أنه لابد من التنسيق بين
كل من وزارة الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والبنك المركزى المصرى، من
أجل تسهيل الإجراءات لفتح الاعتمادات المستندية لاستيراد بعض مواد البناء مثل حديد
التسليح لتقليل الممارسات الاحتكارية بالسوق، حتى يتمكن القطاع العقارى من استيفاء
احتياجاته من مواد الانتاج اللازمة فى صناعة التشييد.
وأكد المهندس
محمد سامي رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن سوق مواد البناء
المحلي أصبح غير مستقر وتعاني شركات المقاولات من فجوات تمويلية كبيرة مع تزايد
أزمة عدم إتاحة مواد البناء وارتفاع أسعارها بشكل جنوني وذلك قبل القرار الأخير
لخفض قيمة الجنيه وارتفاع الدولار مارس الجاري.
وكشف
أن الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء أرسل مذكرة رسمية لمجلس الوزراء ووزير
الإسكان بشأن أزمة عدم توافر مواد البناء ونقص السيولة النقدية في ظل ارتفاع
الأسعار.
وطالبت
لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، خلال المذكرة بعدة مطالب، كان فى مقدمتها زيادة
مدة تنفيذ المشروعات وسداد أقساط الأراضي حتى يتمكن السوق من استيعاب زيادة
التكاليف و من ثم زيادة أسعار البيع بشكل تدريجي ومنطقي ليتمكن العميل من استيعاب
تلك الزيادات في أسعار بيع الوحدات .
كما تقدم المهندس أمين مسعود، أمين سر لجنة الاسكان
والمرافق بمجلس النواب، بطلب إحاطة للمستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، مطالبا
بسرعة التدخل لوقف انفلات أسعار الحديد، خاصة أن الارتفاع الأخير في أسعار الحديد
كان أحد الأسباب الرئيسية لركود كبير فى حركة التشييد والبناء والاسكان.