تمتد تداعيات الصراع الروسي الأوكراني، الذي اندلع في 24 فبراير، إلى خيارات الاستثمار الخاصة بالأثرياء الذين يمتلكون ثروة لا تقل عن مليون دولار في الشرق الأوسط وإفريقيا، خصوصًا بعد أن شهد الشهر الماضي العديد من الأحداث التي تؤثر في قطاع إدارة الثروات في المنطقة، منها قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي زيادة معدلات الفائدة بنسبة 0.25% مع توقعات بمزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة، كما حذت العديد من البنوك المركزية في المنطقة حذو الفيدرالي الأمريكي.
وتعتبر زيارة معدلات الفائدة، واحدة من تغييرات أخرى تؤثر على قرارات إدارة الثروات منها زيادة أسعار النفط وتعطل الإمدادات وارتفاع أسعار الشحن وتقلب أسعار المعادن، إلى جانب الذهب أيضًا الذي ارتفع فوق ألفي دولار للأونصة في 8 مارس، قبل أن يتراجع قليلاً، وكان عند مستوى 1956 دولار وقت كتابة التقرير.
وارتفع عدد الأثرياء، في كل من الشرق الأوسط وإفريقيا بنسبة 8.8% إلى نحو 1.2 مليون شخص العام الماضي، مقابل 1.1 مليون فرد، ممن يمتلكون ثروة بمليون دولار أو أكثر خلال 2020ـ ويتوقع تقرير الثروة لعام 2021 الصادر عن شركة Knight Frank ارتفاع عدد أثرياء المنطقة بأكثر من 46% حتى 2026 ليصل عددهم إلى 1.76 مليون شخص.
واستطلعت "فوربس" الشرق الأوسط آراء 5 خبراء استثمار متخصصين في إدارة الثروات والمحافظ الاستثمارية بشأن توجهات القطاع خلال الفترة الحالية ومن جهتهم حدد الخبراء نصائحهم الذهبية في هذا التقرير.
الخطوة الأولى هي تنويع المحافظ، ويعد تنويع محافظ العملاء من أصحاب الثروات العالية عبر جميع فئات الأصول عنصرًا أساسيًا للتغلب على تداعيات الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا، بحسب تصريحات الشريك الإداري في GSB Capital المتخصصة في إدارة الثروات والتي تتخذ من دبي مقرا لها، كريستوفر رايت، لفوربس الشرق الأوسط.
وأكد رايت، أن مديري الثروات عليهم إعداد العملاء لاستمرار التقلبات مع استمرار الحرب وبالتالي استمرار تأثر الأسواق، مشيرًا إلى الفترة الحالية تحتم اتخاذ نهج أكثر حذرًا للمستثمرين الجدد، كما أن وجود جزء نقدي من المحفظة الاستثمارية لاقتناص الفرص التي تنتج عن التقلبات سيكون بمثابة ميزة خلال الأشهر المقبلة.
ولفت رايت، إلى أن عملاء GSB Capital لديهم ثروة لا تقل عن مليون دولار من الأصول القابلة للاستثمار لكنه لم يفصح عن عددهم، متوقعًا نمو سوق إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذا العام، حيث تشجع دول مثل الإمارات العربية المتحدة الشركات على الانتقال إلى المنطقة وخلق المزيد من فرص الاستثمار.
وأشار رايت، إلى أن تمتع الإمارات بمعدلات عالية للتطعيم إلى جانب توسيع الفئات المستفيدة من التأشيرة الذهبية، سيؤدي بدوره إلى زيادة عدد العمال المهرة والأثرياء فيها، ومع ذلك هناك مخاطر من سلالات جديدة من كوفيد-19 ذات تأثيرات محتملة على الاقتصاد العالمي وخاصة في آسيا.
والخطوة الثانية تتمثل في الاهتمام بقطاع العقارات، حيث ذكر الرئيس التنفيذي لبنك الإمارات للاستثمار، غوراف شاه، لفوربس الشرق الأوسط أن الروس يعتبرون أحد كبار المشترين للعقارات في الإمارات حتى قبل الحرب، حيث تعافى سوق العقارات في دبي من سنوات من انخفاض الأسعار، ومن المفترض أن تؤدي هذه الأزمة إلى زيادة الاهتمام بالعقارات، والخدمات المصرفية، وإدارة الأصول، واستثمارات الأسهم الخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وستستفيد المنطقة وخاصة الإمارات من التوترات السياسية القائمة حيث يستهدف المستثمرون الباحثون عن تنويع محافظهم إلى ملاذ لثرواتهم وربما تكون الإمارات الجهة المناسبة لذلك لأنها تتمتع بوضع جيد لتكون واحدة من المراكز الاستراتيجية لإدارة الثروات الخاصة.
وأكد شاه، أن صناديق الاستثمار العقارية التي تلبي احتياجات القطاع العقاري مثل مجمعات التكنولوجيا الطبية والمخازن الصناعية ومراكز البيانات والمجمعات السكنية يمكن أن تكون مجال جيد للاستثمار.
أما الخطوة الثالثة، فتتمثل في الاستثمارات الأقل خطوة، وينصح بنك الإمارات للاستثمار الأثرياء بتدوير جزء من المحفظة إلى الاستثمارات الأقل خطورة بسبب عدم اليقين المتزايد فيما يتعلق بالإطار الزمني لهذا الصراع وتداعياته، وذكر شاه إلى أن الإقبال المتزايد على الأصول الآمنة التقليدية كالذهب والفضة له ما يبرره للتحوط من الأثار الجيوسياسية والتضخمية الناتجة عن الأزمة الحالية، ومع ذلك، يجب أن يتمتع المستثمرون بالتوارزن حيث يمكن أن يدفع ارتفاع عائدات بعض الأصول الاستثمارية الأخرى إلى تقلب الأصول الآمنة.
وفيما يتعلق بالأسهم، أوصى بنك الإمارات للاستثمار بتوخي الحذر لاستمرار التقلبات العالية في الأسواق، غير أنه ذكر أن الاستثمار في أسهم الشركات القوية التي تتمتع بقوة تسعير يساعد في مواجهة حالة عدم اليقين.
وأضاف شاه، بينما نراقب عن كثب الخفض الكبير للتقييمات في الأسواق الصينية، فإننا نفضل الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة في الولايات المتحدة إلى جانب الأسواق الناشئة بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي نظرًا للظروف المواتية فيها".
واقترح شاه، تخصيص نسبة تتراوح بين 5% إلى 10% من المحافظ الاستثمارية في شكل نقدي لاقتناص الفرص التي تنتج.
وأكد العضو المنتدب لشركة أزيموت مصر المتخصصة في إدارة الأصول، أحمد أبو السعد لـ"فوربس" أن توجهات الاستثمار خلال الفترة الحالية تذهب إلى الأصول الأقل خطوة وخاصة في قطاع الطاقة والسلع الأساسية في المنطقة، مضيفًا أن التدفقات ستكون أيضًا باتجاه الاكتتابات حيث تشهد المنطقة طلبًا على الاكتتابات خلال الفترة الحالية.
والنوع الرابع من الاستثمارات هو صناديق التحوط، فمن جهته يرى الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لإدارة الاستثمار، وهي شركة تابعة لشركة Invest AD إحدى شركات مبادلة، يزن عابدين، أن التحوط في مواجهة الجوانب السلبية للأزمة الحالية هي أفضل من السعي وراء العوائد هذا العام، وذلك على الرغم من أن أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي تبلي بلاء حسنًا مقارنةً بالأسواق العالمية والناشئة.
وأكد عابدين لـ"فوربس" الشرق الأوسط، "لذلك نعتقد أن صناديق التحوط ستكون في وضع جيد مقارنة بأي استثمار في اتجاه السوق "قائم على التجارب"، بغض النظر عن فئة الأصول".
وفي نفس الإطار أشار كبير مسؤولي الاستثمار في شركة Advisable Wealth Engines، أيمن أبو هند، إلى 3 توجهات رئيسية لإدارة الثروات حاليًا هي الإقبال على صناديق التحوط، أو الصناديق الخاصة بينما الخيار الثالث هو صناديق الدخل للمستثمرين بهدف الابتعاد قدر الإمكان عن المخاطر التي تحيط بالأسواق.
وأضاف أبو هند، في تصريحات سابقة لفوربس الشرق الأوسط "التدفقات حاليًا تذهب إلى القطاعات العاملة في مدخلات الإنتاج بهدف حماية الثروات من آثار ارتفاع التضخم، وتشهد الفترة الحالية تخارج المستثمرين من قطاعي التكنولوجيا والرعاية الصحية لصالح الأسهم ذات القيمة".