شرعت السلطات السودانية، في وضع حاويات شحن ضخمة لإغلاق جسور رئيسية تربط بين الخرطوم ومدن العاصمة الأخرى، وسط إجراءات أمنية كثيفة، استباقا لمسيرة السادس من أبريل، الأربعاء المقبل، المطالبة بالحكم المدني وتحقيق العدالة.
وطالبت الجبهة الثورية، الموقعة على اتفاق السلام السوداني في أكتوبر 2020 والمشاركة في الحكم الحالية، بالعودة للوثيقة الدستورية وتهيئة الأجواء للخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، وذلك عبر وقف العنف ضد المحتجين ورفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، وعلى رأسهم أعضاء لجنة تفكيك نظام الإخوان التي تم تشكيلها في أعقاب إسقاط نظام عمر البشير في ثورة شعبية في 11 أبريل 2019.
وشهدت مدن الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، انتشارًا أمنيًا كثيفا، الاثنين، تزامنا مع مظاهرات ليلية عمت معظم أحياء العاصمة والمدن الأخرى.
ومنذ إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي، إجراءات أنهت الشراكة بين الشقين المدني والعسكري، تتواصل احتجاجات حاشدة في المدن السودانية، قتل على إثرها 92 شخصا وأصيب أكثر من ألفين بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، وسط انتقادات كبيرة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للطريقة التي تتعامل بها قوات الأمن مع المحتجين.
وتواجه جهود حل الأزمة عقبات كبيرة في ظل تمسك الشارع بعدم التفاوض مع الجيش ومطالبته بحكم مدني خالص وإعادته إلى ثكناته وحل المليشيات المسلحة.
وشهدت الساعات الماضية توترًا ملحوظا بين مجلس السيادة والبعثة الأممية التي تقود مبادرة بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي ومجموعة الإيقاد للوصول إلى حل للأزمة التي عطلت معظم مناحي الحياة في البلاد تقريبًا، وهدد البرهان بطرد رئيس البعثة فولكر بيرتس، متهما إياه بالتدخل في الشأن السوداني والعمل خارج إطار التفويض المرسوم لها.
لكن المتحدث الرسمي باسم البعثة فادي القاضي، قال إن البعثة تعمل وفقا للمهام الموكلة إليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2524 المتخذ في يونيو 2020 والتي من بينها الاطلاع بمهمة المساعي الحميدة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السودانية.
وشددت البعثة على عدم حياديتها حيال الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن عملها في السودان يأتي انطلاقا من أنه جزء من الأمم المتحدة التي تمد يد العون للأعضاء فيها، وهو ليس "تدخلاً".
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة، أعلن الهادي إدريس، عضو مجلس السيادة رئيس الجبهة الثورية، خريطة طريق تضمنها البعثة الأممية وتشمل لقاء كل المكونات السياسية خلال اليومين المقبلين لحل الأزمة تحت شعار "السودان أولاً".
وطالب إدريس المكون العسكري بالشروع في إطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطوارئ لبناء الثقة والدخول في حوار بناء بين أطراف الوثيقة الدستورية: الحرية والتغيير والمكون العسكري وأطراف السلام ولجان المقاومة وكل قوى الثورة الحية، لتشكيل الحكومة، وذلك لمعالجة الأزمة التي أفرزتها القرارات الأخيرة والعودة للوثيقة الدستورية والمسار الديمقراطي.