التضخم
وكورونا وأزمة الطاقة العالمية أهم الأسباب
كيف ومتى تؤثر الأزمة
على مصر؟
الحديد
والصلب في الصين
الطاقة والغاز في أوروبا
وشرق آسيا
السيارات والرقائق الإلكترونية
في الهند
القمح
والغذاء في العالم
البن في البرازيل
مازال العالم يعاني مخاض
كورونا، ويعيش أزمات تؤثر على حاضره ومستقبله، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالحياة،
وشهدنا خلال الشهور الماضية، أزمة في السلع الاستراتيجية على مستوى الدول، والتي
ارتفعت أسعارها لأعلى مستوى منذ نحو 6 سنوات تقريبًا.
وتشهد دول العالم منذ أشهر، أزمة
في توافر السلع الاستراتيجية والمواد الخام، أبرزها الحديد والنفط والغاز والقمح
والمواد الغذائية، وغير ذلك.
وتشهد السلع الاستراتيجية ارتفاعات ملحوظة خلال الأشهر
الأخيرة، وهو ما يُنذر بموجة تضخمية عالمية كبيرة، بدأت في الظهور، ومُنتظر أن
تنعكس بشكل أكبر وأوضح خلال الفترة المقبلة، خاصة على أسعار المُنتج النهائي
ومعدلات التضخم.
وألقت أزمة سلاسل الإمداد والتوريد بظلالها، على ارتفاع
أسعار السلع العالمية بشكل جنوني، والبداية كانت مع الخلل الواضح في عمليات التوريد
مع انتشار فيروس كورونا؛ حيث خفضت كافة المصانع والدول طاقاتها الإنتاجية في ظل تراجع
كبير في الطلب على السلع والطاقة بكل أشكالها، مع استمرار الإغلاق الاقتصادي جراء الجائحة،
وهذا تسبب في تراجع النفط إلى مستويات هي الأدنى له خلال مايو 2020 في العقود الآجلة،
ومع العودة إلى الأنشطة الاقتصادية، بعد تمكن الدول من التوسع في أنشطة تلقيح ضد كورونا،
بدأ الطلب يرتفع بقوة على السلع والطاقة وهنا بدأت تُكشر الأزمة عن أنيابها.
أسباب الأزمة
في الدول الأوروبية لا يوجد
ضغوط على الصُناع والتجار بزيادة أو تخفيض أسعار السلع، ولكن كثيرًا من الدول
ساعدت مواطنيها، من خلال تقديم الدعم والكثير من التسهيلات لمواجهة أزمة كورونا،
ولكن النتيجة النهائية أن زيادة الأسعار بدأت بزيادة الطلب على السلع والخدمات؛
نظرًا لأن معظم الشركات لم تعمل بكامل طاقتها.
وتمثّل السبب
الأول في التضخم، والذي يُعد من أخطر الأزمات التي تواجه دول العالم المختلفة،
وتهدد اقتصادها بشكل كبير؛ حيث جاء هذا التضخم بسبب زيادة طلب شعوب العالم على
السلع، وعلى وجه التحديد السلع الأساسية والاستراتيجية، من قمح وطاقة ونفط وحديد،
وغير ذلك، خاصة بعد بدء التعافي من أزمة كورونا، وزيادة الطلب نتج عنه انخفاض
المعروض، نتيجة أن المصانع كانت متوقفة، مما أدى إلى زيادة متوسط الأسعار على
مستوى العالم.
أما السبب
الثاني هو ارتفاع أسعار النفط على مستوى العالم، والذي نتج عن أزمة طاقة تعيشها كُبرى
الدول في أوروبا وآسيا، وتُلقي بظلالها على الشرق.
والسبب
الثالث يعود إلى ارتفاع تكاليف الشحن والنقل حول العالم؛ حيث وصل سعر الحاوية إلى
9 آلاف دولار بعد أن كانت ألفي دولار فقط، أي ما يقارب 40%، وبحسب تقرير لشركة
ماكينزي فإن حاوية الشحن من الصين إلى أوروبا تكلف حاليًا 6 أضعاف ما كانت تكلفه
في بداية عام 2019، نتيجة أزمة فيروس كورونا.
ولا يمكن
أن نغفل إغلاق جزء من ميناء «نينغبو تشوشان» الصيني، وهو أحد أكبر مرافئ العالم
بسبب وباء كورونا، والذي جاء تأثيره سريعًا بارتفاع مصروفات الشحن؛ نظرًا لما
تُمثله الصين بالنسبة للتجارة الخارجية.
الحديد والصلب
في الصين
حالة من الاضطراب شهدها سوق الحديد والصلب العالمي؛ نتيجة إعلان الصين -أكبر
مُنتج للصلب الخام عالميًا- عن تراجع كبير في حجم الإنتاج، وهو الأكبر خلال الـ3 سنوات
الماضية، نتيجة أزمة انقطاع الكهرباء في الصين، والطاقة في أوروبا، ومشكلات سلاسل التوريد.
وتسبب المعروض من الخام في صدمة للأسواق، وسط تعافي الطلب العالمي بعد جائحة كورونا، وهو
ما ساهم في حدوث زيادة في أسعار الحديد، وخامات التصنيع في العالم، ومن بينها السوق
المصرية؛ حيث تعتمد المصانع المحلية على استيراد الخامات من الخارج، وزادت أسعار
الحديد نحو 1000 جنيه للطن.
الطاقة والغاز
في أوروبا وشرق آسيا
تسبب
التغير المناخي في أوروبا إلى خفض إنتاج توربينات الرياح للكهرباء، مما جعل الغاز أكثر
ضرورة، وتسبب في رفع أسعاره نحو 500% في غضون عام فقط، وما حدث هو استهلاك كميات
ضخمة جدًا من احتياطات الغاز في أوروبا، من خزانات الغاز المُسال، وبالتالي شهدت
ارتفاع في الطلب، لاستعادة هذه الاحتياطيات التي تم استهلاكها.
كما تسببت أزمة
كورونا في حالة من الركود التي استمرت عام كامل، تراجع فيها استخراج الفحم والنفط
والغاز الطبيعي، وبعد انخفاض وطأة انتشار الفيروس، مازال التنقيب في حالة ضعف، في
ظل عدم جاهزية المنتجين لتقديم الإمدادات، وتسبب نمو الطلب من جديد في أزمة كُبرى.
السيارات
والرقائق الإلكترونية في الهند
تعرضت أكبر
شركة لتصنيع السيارات في الهند لانخفاض حاد ومفاجئ في إنتاجها، بسبب نقص في شرائح
الكمبيوتر، وهي مسؤولة عن إمدادات المُحرك والفرامل في حالات الطوارئ، وأيضًا بسبب
الاضطرابات المرتبطة بالوباء في بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وأيضًا نتيجة
لأزمة الطاقة، والتي تعاني منها دول شرق آسيا، مما تسبب في نقص المكونات القادمة
إلى الهند.
وكان الطلب
العالمي على الشرائح، التي تُستخدم أيضًا في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر،
قد ارتفع قبل الوباء، بسبب اعتماد تقنية الجيل الخامس، وأدى التحول إلى العمل من
المنزل إلى ارتفاع إضافي في الطلب؛ حيث بات الناس بحاجة إلى أجهزة كمبيوتر محمولة
أو هواتف ذكية لسد احتياجات العمل.
القمح والغذاء في العالم
ولفتت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفـاو»، إلى أزمة عالمية
جديدة تقترب، وذلك بعد إصدارها تقريرًا كشفت خلاله أن أسعار المواد الغذائية قفزت بنسبة
تقترب من 33% خلال شهر سبتمبر الماضي، مما تسبب في قفزة للأسعار العالمية في القمح
واللحوم والألبان والحبوب والسكر والزيوت.
ولفتت المنظمة إلى حدوث انكماش في العرض وزيادة الطلب على القمح، وأن أسعار
الحبوب سجّلت 41% زيادة على أساس سنوي، بفعل انكماش كميات التصدير، مُحذرة العالم
من الخطر المُقبل، كما تحدثت المنظمة عن القفزة العالية في أسعار الأغذية جرّاء
أزمة الطاقة العالمية، وتخزين الصين لكميات ضخمة من المواد الغذائية المختلفة
لتأمين الإمداد.
البن في
البرازيل
سجّلت أسعار البن ارتفاعًا بنسبة 65% خلال العام الجاري،؛ حيث سجّل البن
العربي 4.47 دولار في يوليو الماضي، في استمرار لاتجاه الصعود للأسعار في سبتمبر المقبل،
وفقًا للتعاقدات الآجلة، ليصل السعر إلى 4.77 دولار لكل كيلو.
وجاء ارتفاع أسعار البن في البرازيل بعد موجة جفاف ادت إلى تراجع الإنتاج،
ونقص المعروض العالمي، وشهدت أسعار حبوب القهوة الفاخرة ارتفاعًا، بما يزيد على
30% خلال الأسبوع الماضي، وتُعد هذه الأسعار هي الأعلى منذ نحو 7 سنوات، حينما ارتفعت
العقود الآجلة للبن بما نسبته 14%، لتسجل أعلى مستوى منذ أكتوبر 2014.
كيف ومتى تؤثر
الأزمة على مصر؟
وقال السفير نادر سعد المتحدث
باسم مجلس الوزراء المصري، إن العالم يواجه وضع غير مسبوق، وكأنّ كل العوامل
السلبية اجتمعت في نفس الوقت، وأثّرت على الأسعار في كل أنحاء العالم؛ حيث من المُتوقع
أن يصل سعر برميل البترول إلى 100 دولار بنهاية العام الجاري.
وأضاف أن هناك ارتفاعًا في
أسعار السلع العذائية والاستراتيجية لم نشهد مثله منذ 10 سنوات، كذلك الحال
بالنسبة للصناعات كثيفة الطاقة، مثل الحديد والأسمنت.
وعلى الرغم من تداعيات أزمة
كورونا، إلا أن مصر نجحت في تأمين مخزون السلع الاستراتيجية يكفي حتى 6 أشهر، وضبط
الأسواق وفق آلية مدروسة، ومخطط منهجي يتبع أفضل المعايير والممارسات العالمية؛
والذي اعتمد على توفير السلع الأساسية وتنويع مصادر وارداتها، فضلًا عن أن نظام
الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة، جنّب مصر الوقوع في شباك هذه الأزمة.
ووفقًا لبيان صادر عن مجلس
الوزراء، إن ما سبق قد ساهم بدوره في تفادي التداعيات السلبية لأزمة كورونا على
الأسواق، وذلك بالتزامن مع استمرار جهود أجهزة الدولة ووزاراتها المعنية في منع
محاولات احتكار السلع أو حجبها.
وبلغت إجمالي تعاقدات مصر لتأمين
السلع الاستراتيجية 52.5 مليار جنيه في الفترة من مارس 2020 حتى يوليو 2021، فضلًا
عن نجاحها في تنويع مصادر وارداتها السلعية، لتفادي تقلبات السوق.
وعلى الرغم من الجانب الإيجابي في الأمر، ولكن تأثرت هذه
السلع داخل مصر بالأجواء العالمية المُلبدة بالغيوم، وارتفعت أسعار الخامات؛ نظرًا
أن مصر تستورد ما يقرب من 8 مليون طن في العام السلع الغذائية الأساسية في العام، والبترول من
110 إلى 120 مليون برميل في السنة.
ووفقًا للدكتور محمد معيط وزير المالية، فإن مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وتستورد
زيت طعام وفول صويا ومواد بترولية وغاز طبيعي، ويأتي بأسعار مرتفعة من الخارج،
إضافة إلى تكلفة سلسلة الإمداد، وارتفاع أسعار الشحن.