«طريق الكباش» هو في الأصل طريق ملكي كان يربط ما بين «معبد الأقصر» و «معبد الكرنك» ويبلغ طوله 2700 متر ، وكان ملوك مصر القديمة يستخدمونه في الاحتفالات والطقوس الدينية
الطريق وقتها كان له اسمين؛ الأول هو «وات نثر» ويعني طريق الرب، والثاني هو «تا مي رهنت» ويعني «طريق الكباش» وده لأن الطريق كله مزين على الجانبين بتماثيل على هيئة كباش في وضعية أبو الهول ، والكبش هنا بيرمز للاله آمون
الطريق ده كان مجهول وغير معروف لأنه ظل مدفون تحت الأرض لقرون طويلة ، و أول من اكتشف هذا الطريق ده كان الدكتور الأثري «زكريا غنيم» عام 1949 ، حين كان ينقب عن الآثار فعثر على 14 كبش ، وبعدها بعدة سنوات وفي الستينات عثر الدكتور «محمود عبد الرازق» على 64 كبش آخرين ، و في عام 2002 توصل الدكتور «محمد الصغير» إلى حقيقة ان ده طريق كامل طوله 2.7 كم مزين على جانبيه بالكامل بــ 1200 كبش ، وأستطاع أن يحدد مسار الطريق القديم الأصلي بدقة .
لكن المشكلة ان أغلب هذا الطريق كان قد دُفن تحت الأض ، ومش بس كده دا اتبنى فوق المسار الأثري ده بيوت ومساكن وجوامع وكنايس وحتى مباني حكومية في المنطقة المعروفة بـ «نجع أبو عصبة»
بما يعني أنه عشان تتم عملية إحياء الطريق القديم فكان لابد من إزالة كل هذه التعديات ، وده عايز ارادة سياسية حقيقية، لأن تكلفة نزع الملكيات دي كلها وتعويض أصحابها وتوفير أماكن بديلة ليهم هي تكلفة عالية جدا ، دا غير الصعوبة الفنية في الكشف عن الطريق الأثري القديم وترميمه ، وكذلك ترميم الكباش اللي تم اكتشافها وكان أغلبها في حالة يرثى لها
وعشان كل الأسباب دي فضل مشروع إحياء «طريق الكباش» مجرد حلم صعب التحقيق ، لحد من حوالي سنتين لما الدولة قررت تخوض التحدي الكبير ده وتوفر له كل الامكانيات المادية والفنية ، وبكده رجع المشروع تاني لدائرة الضوء ، وفعلا تم إزالة مئات المباني من بيوت و مساجد و كنايس و مباني حكومية ، وبعدها بدأت أعمال الحفر الأثري المتخصص ، وابتدت معالم الطريق الأثري القديم تتضح شيئا فشيئا ، لحد ما الطريق خرج للنور من تاني ، وبالتوازي مع ذلك تم ترميم الكباش الأثرية بواسطة المرممين المصريين واللي بلغ عددها 48 كبش بعضها كان مهمل و متكسر و بعضها جابوه من محافظات تانية ، وبعد مجهود مضني استمر لمدة سنتين نجحت البعثة المصرية في مهمتها باعادة تلك الكباش لحالتها الأصلية
بالتوازي مع ذلك أيضا، تم ترميم «معبد الكرنك» لإزالة الاتساخات وعوامل التعرية التي حدثت له عبر مئات السنين، كما تم إعادة الألوان الأصلية للنقوش الأثرية المحفورة على أعمدته الضخمة.
ميزة الطريق ده انه هيخلي السائح يقدر يخرج من معبد الأقصر و يوصل لمعبد الكرنك مباشرة أو العكس بدون الخروج من الأجواء الفرعونية ، لأن السائح سيستعمل هذا الطريق الفرعوني ، ولن يضطر للسير في أي طرق حديثة .
وقد تم الإعلان رسميا عن الانتهاء من أعمال الترميم منذ عدة أيام وتحدد موعد افتتاح «طريق الكباش» ليكون الخميس 25 نوفمبر 2021 في حفل أسطوري عالمي مهيب مُشابه لموكب المومياوات الملكية سينطلق من معبد الكرنك مرورا بطريق الكباش ووصولًا حتى معبد الأقصر، حيث المنصبة الرئيسية ومكان تواجد كبار الزوار من قادة وزعماء الدول والشخصيات العامة ، ويضم الموكب عددا من المركبات الفرعونية والعجلات الحربية وأكثر من 400 من الشباب والفتيات الذين يرتدون الزي الفرعوني فيما ترتدي الفتيات تيجانا فرعونية، وسيسير هذا الموكب الفرعوني المهيب على أنغام «ترتيلة آمون» الشهيرة ، وسيشهد الحفل قادة سياسيين دوليين ومحليين ، كما ستقوم بتغطيته كل وكالات الأنباء المصرية والعربية والأجنبية.
كذلك سيتضمن الحفل الكبير عرضا للبالون الطائر الذي سيتم تصويره بواسطة طائرات «درونز»، أثناء إقلاع وهبوط البالون في سماء البر الغربي، وذلك بمشاركة 15 شركة من شركات البالون الطائر ، كما سيتم تسيير عدد من المراكب النيلية التي تحمل بعض اللافتات المزينة بشكل معين للمشاركة في الاحتفالية الكبرى لطريق الكباش من خلال تنفيذ بعض العروض في المياه بشكل مبهج بحيث يشاهدها الكثير من الأهالي والحضور والمارين بهذا الطريق على طول كورنيش النيل بمدينة الأقصر
وبالاضافة لكل ما سبق ، سيتضمن الحفل إقامة مسرح كبير على البحيرة المقدسة داخل معبد الكرنك لتنفيذ بعض العروض الاستعراضية في حالة بهيجة، حيث يستخدم منظمو الحفل مركبت أو «لانش نهري» داخل البحيرة للتنقل وتركيب المسرح وإقامته أعلاها، ليكون بذلك أول مركب ينزل هذه المياه منذ 4000 عام.